لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > سلاسل روايات مصرية للجيب > روايات أونلاين و مقالات الكتاب
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات أونلاين و مقالات الكتاب روايات أونلاين و مقالات الكتاب


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-03-11, 06:27 PM   المشاركة رقم: 21
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 32680
المشاركات: 18,283
الجنس أنثى
معدل التقييم: عهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسي
نقاط التقييم: 9761

االدولة
البلدYemen
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عهد Amsdsei غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عهد Amsdsei المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي

 
دعوه لزيارة موضوعي

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تلوستوى مشاهدة المشاركة
   شكرا على الروايه الرائعة

السلام عليكم

العفو أخي ..

تابع معنا و مع الدكتور نبيل الفصول القادمة

 
 

 

عرض البوم صور عهد Amsdsei   رد مع اقتباس
قديم 16-03-11, 01:07 PM   المشاركة رقم: 22
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Aug 2007
العضوية: 36387
المشاركات: 13
الجنس ذكر
معدل التقييم: imamnajm عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدMorocco
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
imamnajm غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عهد Amsdsei المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي شكرا

 

نبيل فاروق متألق كالعادة

 
 

 

عرض البوم صور imamnajm   رد مع اقتباس
قديم 16-03-11, 05:50 PM   المشاركة رقم: 23
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 32680
المشاركات: 18,283
الجنس أنثى
معدل التقييم: عهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسي
نقاط التقييم: 9761

االدولة
البلدYemen
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عهد Amsdsei غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عهد Amsdsei المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي

 
دعوه لزيارة موضوعي

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة imamnajm مشاهدة المشاركة
   نبيل فاروق متألق كالعادة


السلام عليكم

بالتأكيد أخي

هو هذا الكاتب الذي أحببناه دائماّ

استمت معه في الفصول القادمة

 
 

 

عرض البوم صور عهد Amsdsei   رد مع اقتباس
قديم 17-03-11, 10:58 AM   المشاركة رقم: 24
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 32680
المشاركات: 18,283
الجنس أنثى
معدل التقييم: عهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسي
نقاط التقييم: 9761

االدولة
البلدYemen
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عهد Amsdsei غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عهد Amsdsei المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي

 
دعوه لزيارة موضوعي

السلام عليكم

الثورة.. سامي

في شوارع وسط المدينة سار سامي شاردا..
حديث خالد عن الدستور، وتدخّل الأمن في تعيين الدكتور عبد الله، أيقظا في أعماقه لمحة، حاول التغاضي عنها طويلا..
بل هما لمحتان، لو شئنا الدقة..
الغضب..
والحرية..

من منظوره الخاص، كان يرى أننا نحيا جميعا في حالة غضب مستمرة..
غضب من النظام..
والأمن..
والاقتصاد..
والقهر..

غضب، صار مع مرور الوقت، يحكم كلا منا، حتى لو تظاهر بغير هذا..
ربما اعتاد دوما إخفاء ذلك الغضب في أعماقه..

غضب من ظروف اجتماعية جعلته مسئولا عن أسرته، على الرغم من وجود والده على قيد الحياة..
غضب من مجتمع لم يعد يبالي إلا بالأقوياء..
غضب من عنصرية متعصبة، راحت تنتشر من حوله في بطء..
غضب.. غضب.. غضب..

ولكن ذلك الغضب، الممتزج بالرغبة في الحرية، التي تعربد في أعماقه، ولّد داخله طاقة هائلة، تدفعه دوما إلى القيام بشيء ما..
شيء جديد..
مبتكر..
خلّاق..

لبعض الوقت مارس هواية الرسم، وحاول أن يبلغ بها مبلغا متميّزا، ثم أدرك أنه لن يبلغه، في وجود منافسين يفوقونه موهبة، فانتقل إلى مجال الكتابة، وحاول أن يرسم بقلمه، كما كان يرغب في أن يفعل بريشته..
ومرة أخرى لم يحقّق ما يصبو إليه..

ولكن هذا لم يوقفه، وإنما عاد يحاول، في إصرار مثير للإعجاب، في مجالات أخرى وأخرى، ليس بحثا عن موهبة خفية في أعماق نفسه، بل بحثا عن نفسه بذاتها..

وفي هذه المرة، ومع حديث خالد عن الدستور، والحقوق، والحرية، بدأ يجد ذاته..
وأدرك ضرورة أن يقرأ دستور بلاده؛ ليعرف حقوقه وواجباته..

مشكلته الوحيدة، كانت في أنه -على عكس الكثيرين من بني جيله- لا يشعر بأية متعة، في القراءة على شاشات الكمبيوتر..
كان يريد دستورا مطبوعا..

دستور يمكنه أن يحمله في جيبه، ويقرأه في أية لحظة، وأي مكان..
وبالسؤال، أخبره البعض أنه يمكن أن يجد غايته في مكتبة صغيرة، في ميدان الأوبرا، في وسط العاصمة..
وها هو ذا..

انتبه من شروده عندما بلغ تلك المكتبة، وشدّ قامته في اعتداد وهو يدلف إليها، ويسأل البائع عن نسخة من الدستور، بتعديلاته الأخيرة..

أدهشته ابتسامة البائع الحائرة، وهو يقول:
- الدستور؟! قليلون هم من في عمرك، ويأتون لطلبه..

أجابه سامي في رصانة، تحمل رنة صارمة:
- إنه دستور بلادنا.. أليس كذلك؟!

أومأ البائع برأسه إيجابا، وغمغم:
- ولكن ندرة هي من تأتي لطلبه.

صمت لحظة، ثم استدرك في سرعة:
- من الشباب.

سأله سامي في قلق، وهو يتحسّس جيبه:
- أهو مرتفع الثمن؟!

هزّ البائع كتفيه، وهو يسحب من أحد الأرفف كتابا من القطع الصغير، ويناوله إياه:
- بل هو زهيد الثمن للغاية.

أمسك سامي الدستور بيده، وسرى منها إلى جسده شعور عجيب، جعله يسأله، في حماس مفاجئ:
- ألديك نسخ أخرى؟!

وبنفس الحيرة المندهشة، غمغم البائع:
- أتريد المزيد؟!

غادر سامي المكتبة منتشيا، وهو يحمل كيسا من البلاستيك الشفاف، بداخله عدة نسخ من الدستور المصري المعدّل..
لقد حصل على نسخة لكل فرد من المجموعة، حتى خالد ونهى، مع ثقته في أنهما يمتلكان نسخ مطبوعة..

شيء ما في داخله، جعله يرغب في أن يحملوا جميعا النسخة نفسها، بنفس الغلاف، ونفس القطع.. حتى يبدوا كمجموعة مترابطة على الأقل..

ابتسم للفكرة، وهو يواصل طريقه نحو أقرب محطة لمترو الأنفاق، دون أن ينتبه إلى ذلك البدين الفظّ، الذي كان يتبعه كظله، والذي التقط هاتفه المحمول، وطلب رقما سريا، ثم قال في شيء من الغلظة:
- صفوت باشا.. الولد ابتاع عدة نسخ، من كتاب واحد..

سأله ضابط أمن الدولة في اهتمام صارم:
- أي كتاب هذا؟!

حثّ البدين خطاه، حتى اقترب من سامي، وألقى نظرة عبر الكيس الشفاف على الكتب، ثم تراجع عدة خطوات، ليجيب ضابطه:
- الدستور المصري يا باشا.

انعقد حاجبا الباشا في شدة، وهو يردّد في انفعال، وكأنه وقع على صيد ثمين:
- الدستور؟! كنت واثقا من أنهم يدبّرون شيئا.

ثم عاد يقول، في انفعال صارم، عبر الهاتف:
- لازم هذا الولد كظله يا رجب.. أريد معرفة كل شيء عنه، من عنوان سكنه، وحتى مقاس ملابسه الداخلية.. هل تفهم؟!

أجابه البدين بنفس غلظته، التي بدا وكأنها جزء من تكوينه:
- أمرك يا باشا.

واصل تعقّبه المتصل، حتى بلغ سامي مترو الأنفاق، فهبط خلفه، واستقل معه القطار نفسه..
وفي نفس اللحظة التي انطلق فيها القطار، كان صفوت في مكتب رئيسه، يقول في انفعال:
- المعلومات التي تلقيتها على التوّ، تؤكّد ما ذهبت إليه منذ البداية يا باشا.. إنه تنظيم مناهض للحكم.

قلّب رئيسه الملف الذي أمامه، وهو يقول:
- ولكن الملف شبه خالٍ يا صفوت.. هؤلاء الأولاد لم تكن لهم أية علاقة بالسياسة، في أية فترة من فترات حياتهم، والتحريات تقول: إنهم ليسوا من جماعة الإخوان المسلمين، وليسوا منضمين إلى أية أحزاب.

قال صفوت بنفس الانفعال:
- ربما كانت لهم صلة بالنظام الإيراني.

ابتسم رئيسه ابتسامة باهتة، وهو يقول في خفوت:
- إنه مجرد تخمين.

ارتفع انفعال صفوت، وهو يقول:
- راجع الملف جيدا يا باشا.. لقد فر أحدهم من كمين، بعد أن بدؤوا في الكشف عن هويته.

سأله رئيسه في هدوء:
- أكان مدانا بأية تهمة؟!

تجاهل صفوت السؤال، متظاهرا بأنه لم يسمعه، ومواصلا في انفعال:
- آخر وقف في كافيه عام يدعو الزبائن لقراءة الدستور، ومعرفة حقوقهم.

بدا الاهتمام على رئيسه، وهو يغمغم في قلق:
- حقا؟!

تابع صفوت، وقد انضم حماسه إلى انفعاله:
- في الجامعة، اجتمعوا لمناقشة عدم تعيين الدكتور عبد الله لرياسة القسم.

تزايد اهتمام رئيسه، وارتكن بذقنه على سبّابته وإبهامه، وبدأ يعيد قراءة الملف، فاعتدل صفوت، وتألقت عيناه في ظفر، وهو يقول:
- الأخطر لم يرد في الملف بعد.

رفع رئيسه عينيه، يسأل في اهتمام:
- وما هو؟!

مال صفوت نحوه، وضخّ في صوته مقدارا من الحسم، وهو يقول:
- أحدهم ابتاع عدة نسخ من الدستور المصري، منذ أقل من نصف الساعة.

ارتفع حاجبا رئيسه، وهو يهتف في خفوت:
- الدستور؟!

ثم تهاوى حاجباه لينعقدا في شدة، وهو ينهض من خلف مكتبه، فنهض صفوت واقفا بدوره، وتابعه ببصره، وهو يدور في الحجرة، في توتر ملحوظ، أيقن معه بأنه قد فاز باهتمامه، قبل أن يتوقف رئيسه، ويلتفت إليه، قائلا:
- من الواضح أنه أمر خطير بالفعل يا صفوت.

ابتسم صفوت، قائلا:
- هذا ما كنت أقوله يا باشا.

شد رئيسه قامته، وعقد كفيه خلف ظهره، وهو يقول في صرامة:
- راقب منازلهم، وتابعهم أينما ذهبوا يا صفوت، وأريد تسجيلات لكل ما يقال عبر هواتفهم، وأريد تقريرا يوميا على مكتبي.

تألّقت عينا صفوت، وهو يقول:
- أمرك يا باشا.

وفي أعماقه، انطلقت ضحكة ظافرة، راحت تحلم معه بترقية كبيرة..
بحق.

يُتبع

 
 

 

عرض البوم صور عهد Amsdsei   رد مع اقتباس
قديم 19-03-11, 07:57 AM   المشاركة رقم: 25
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 32680
المشاركات: 18,283
الجنس أنثى
معدل التقييم: عهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسيعهد Amsdsei عضو ماسي
نقاط التقييم: 9761

االدولة
البلدYemen
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
عهد Amsdsei غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : عهد Amsdsei المنتدى : روايات أونلاين و مقالات الكتاب
افتراضي

 
دعوه لزيارة موضوعي

السلام عليكم

الثورة.. أحمد

في تكاسل -كالمعتاد- فَتَح (أحمد) عينيه في الصباح، وتثاءب في بطء، قبل أن يفرك عينيه، ويمدّ يده ليلتقط نسخة الدستور، التي أهداه إياها (سامي).

وعلى الرغم من تكاسله الصباحي هذا، لم يكن يمكنك أن تصف (أحمد)؛ إلا بأنه شاب شديد الحيوية، جمّ النشاط، لا يمكنك أن تُحصي كمّ هواياته أو اهتماماته؛ خاصة أنه كتوم بطبعه، يصعب أن تقرأ من ملامحه ما يدور بخلَده.

كان الوحيد بين رفاقه، الذي قلما تحدَّث عن حياته المنزلية؛ فهو يرى أن أموره الشخصية حِكْر له وحده، لا يجوز للآخرين مجَّرد الاطلاع عليها.

لم يكن متفوقاً في حياته الدراسية؛ ربما لأن الأسلوب الذي تُدرّس به مواده الدراسية، لم يكن يرقى إلى مستوى طموحاته الأدبية أو العلمية.

ولكنه -وبكل المقاييس- شاب ملتزم، يمكنك الاعتماد عليه، وكتمان أسرارك في خزانة صمته.

ولقد راقت له هدية (سامي) للغاية؛ وخاصة بعد كل ما حدث، وما يتابعه عبر شبكة الإنترنت، عن أخبار التحقيقات في قضية الشرطة في (الإسكندرية)، والتظاهرات هناك؛ للمطالبة بمعاقبة قاتليه أشد العقاب، وما أعقب هذا من تصريحات الداخلية، التي حاولت أن تنسب إليه شتى التهم، وكأن هذا يبيح لهم قتله، بهذه الوسيلة الوحشية، اللا آدمية، والمسعورة.

لم يفهم أبداً ما الذي يحاول الأمن الوصول إليه بالضبط، بحمايته الهستيرية هذه، لرجال تجردّوا من إنسانيتهم، وتمادوا في جبروتهم، إلى حد قتل شاب أعزل، أمام عشرات الشهود، دون ذرة من الرحمة أو الشفقة.

أي دور يلعبه الأمن بالضبط؟ خدمة الشعب وحمايته، أم عبودية النظام، وبلوغ أحطّ الأساليب، في سبيل هذا؟!

مطالعته للدستور تؤكّد أن الشرطة في خدمة الشعب، وليس النظام الحاكم..
وهذا أمر، ينبغي أن يكون طبيعياً ومنطقياً؛ فالنظام زائل، والشعب باقٍ..
هو يدرك هذا..
ورفاقه يدركون هذا..
والدنيا كلها تدرك هذا..

ولكن العجيب أنه، لا النظام ولا أمنه يُدركون هذا..
كلاهما راهَن على أمر يخالف كل منطق وعقل..
كلاهما راهن على أن دوام الحال ليس من المحال..
ويا له من رهان خاسر!

بلغ هذه النقطة؛ فنفض عنه التكاسل دفعة واحدة، ونهض من الفراش، وهو يحمل نسخة الدستور التي لم تفارقه، وهو يمارس طقوسه الصباحية المعتادة، وحتى خرج إلى الشرفة ليكمل مطالعتها في الهواء النقي، كما يعشق..
وهناك، لمح ذلك الرجل..

كان يجلس على مقعد صغير إلى جوار ذلك الكشك، المواجه لمنزله، على الجانب الآخر من الشارع، ويتطلّع إليه مباشرة، في اهتمام واضح..

لم تكن المرة الأولى، التي يلمحه فيها، في الموضع نفسه، وبالنظرة نفسها؛ فمنذ عدة أيام، يتّخذ نفس المجلس، من الصباح إلى قرب غروب الشمس، دون أن يرفع عينيه عن الشرفة لحظة واحدة.. لمحه (أحمد)، وإن تظاهر بعكس هذا، وراح يقرأ الدستور بضع لحظات، ويراجع بعض مواده، الخاصة بالحريات، ثم لم يلبث أن عاد إلى الداخل، وأغلق الشرفة..

أو أنه -في الواقع- تظاهر بهذا..

فمن خلال فرجة ضيقة، راح يراقب ذلك الرجل؛ ليتأكّد من أنه على حق؛ فالرجل بالفعل لم يرفع عينيه عن الشرفة أبداً..

وعلى الرغم منه، شعر (أحمد) بمزيج من الخوف والقلق، يتسلّل إلى أعماقه..
ذلك الرجل تنقصه لافتة مضيئة، تشفّ عن هويته الواضحة؛ فهو نسخة طِبْق الأصل من المخبرين، كما تصوّرهم أفلام السينما..

ضخم، أسمر، غليظ الملامح، له شارب ضخم، يبدو من ضخامته أنه يحاول أن يخفي به ضعفاً آخر، ينغّص لياليه..

ولقد أثار هذا خوف وقلق (أحمد) أكثر..
فلماذا يراقبه مخبر من الشرطة؟
لأي سبب..

راح يراجع تصرفاته، خلال الشهر الماضي كله؛ فلم يجد فيها ما يمكن أن يكون سبباً لهذا..
أي سبب!!

واصل مراقبة الرجل لنصف ساعة كاملة، قبل أن يعود إلى حجرته، ويلتقط هاتفه المحمول؛ ليقول عبره هامساً، وكأنه يخشى أن يسمعه الرجل:
- (خالد).. هناك أمر مقلق.

سأله (خالد) في اهتمام:
- أي أمر؟!

أجابه بنفس الهمس المتوتر:
- هناك مخبر يراقب منزلنا، منذ ما يزيد عن الأسبوع.

لم يتلقّ جواباً لبضع لحظات؛ حتى إنه هتف في صوت عصبي خفيض:
- (خالد).

أجابه (خالد) في رصانة، حملت رنة قلق:
- أنا هنا يا (أحمد)، ولكنني أتساءل: لماذا يراقب هذا المخبر منزلكم؟!

قال ( أحمد ) في توتر:
- ولماذا أسألك، لو أنني أعلم؟!

صمت (خالد) لحظات أخرى، ثم قال في حزم:
- ليس هذا من حقه، ما دمتَ لم ترتكب شيئاً.

انقلب توتر (أحمد) إلى لهجة عصبية، وهو يقول:
- لسنا هنا في حوار حول الحقوق والواجبات.. إنه هنا، وأريد أن أعرف ما الذي ينبغي أن أفعله في هذا الشأن..

أجابه (خالد) على الفور:
- واجهه.

ارتدّ (أحمد) في دهشة، وهو يقول مستنكراً:
- أواجهه؟!

أجابه (خالد) في حماس:
- نعم.. واجهه، وسلْه لماذا يراقب منزلكم.. لا تخشَه؛ لأن هؤلاء يكتسبون قوتهم من ضعفنا، وجبروتهم من خوفنا.. إنهم أشبه بخفافيش الكهوف، يعملون فقط في الظلام؛ فلو أضأت الضوء، فروا واختفوا.

هزَّ (أحمد) رأسه في عصبية، وهو يقول:
- لست مستعداً لسماع محاضرتك الفلسفية هذه الآن.. أخبرني بأسلوب منطقي؛ للتعامل مع الموقف.

سأله (خالد) في حدة:
- ولماذا تسألني أنا، ما دمت ترفض فلسفتي؟!
هتف (أحمد) في تلقائية عصبية:
- لأنك زعيمنا.
بدَت دهشة (خالد) واضحة في صوته، وهو يقول:
- أنا؟!

هتف به (أحمد)، وهو يحاول خفض صوته بقدر المستطاع، على الرغم من انفعاله:
- ألست من بدأ كل هذا؟ ألست من أثار لدينا فكرة الدستور والحقوق؟ ألست من طلب منا دراسته وفهمه؟
لم يسمع (صفوت) باقي العبارة، وهو يراجع تسجيل المحادثة، وبرقت عيناه، على نحو أشبه بعيني الصياد، عندما تقع طريدته في الفخ، وغمغم في ظفر:
- آه.. هو الزعيم إذن!

أضاف المعلومة -التي بدت له شديدة الخطورة- إلى ذلك التقرير، الذي أعدّه لتقديمه إلى رئيسه، وحمل الملف في ثقة وزهو، واتجه إلى مكتب هذا الأخير، وطرق الباب طرقة واحدة، ثم دخل مباشرة..

كان رئيسه منهمكاً في حديث تليفوني هام؛ فأشار إليه بالجلوس، وهو يقول عبر الهاتف:
- لا تقلق أبداً يا سيادة النائب.. مظاهرات (الإسكندرية) و(القاهرة) محدودة، وجاري السيطرة عليها.. لا.. لا تشغل جنابك بهذا..

البلد في قبضتنا تماماً، وسيادة الوزير لديه خطة مضمونة، للقبض عليها بقبضة من حديد.. اطمئن.

أنهى المحادثة، وأطلق زفرة متوترة، ومسح عرقاً وهمياً عن جبهته، وهو يقول:
- هذا الولد، الذي قتلوه في (الإسكندرية)، أصبح صداعاً كبيراً في رءوسنا جميعاً.. الناس تتعامل كما لو أننا قتلنا (عنترة بن شداد)..

غمغم (صفوت):
- هوجة عيال يا باشا، سنرصد أسماء القائمين عليها، ونعمل على اعتقالهم جميعاً.

لوّح رئيسه بكفه، قائلاً:
- الأمر ليس بهذه البساطة يا (صفوت).. هناك ناشطون عديدون، انضموا إلى تلك المظاهرات، وأسماء لامعة، يصعب المساس بها.

عقد (صفوت) حاجبيه، وهو يقول في صرامة:
- لا يوجد من لا يمكن المساس به.

أومأ رئيسه رأسه، وهزَّ كتفيه، ولوّح بيده في وقت واحد، على نحو لا يحمل أي معنى بعينه، وجلس خلف مكتبه، وهو يقول، ولم يفارقه توتره بعد:
- ماذا لديك؟!

وضع (صفوت) الملف على مكتبه، وربَت عليه في اتّعاظ، وهو يقول:
- اكتملت الصورة يا باشا.

أمسك رئيسه الملف، وهو يسأله:
- هل توصّلت إلى جديد؟!

أجابه (صفوت) في زهو:
- رصدنا كل تحركات تنظيم (الدستور) الجديد يا باشا، واليوم عرفنا من هو زعيم.

وأشار إلى اسم (خالد) على الملف، مضيفاً:
- هذا.

ألقى رئيسه نظرة مطوّلة على الأسماء، ثم رفع عينيه إليه، والتقط نفساً عميقاً، لم ينجح في إخفاء أو تخفيف توتره، وهو يقول في حزم:
- نفّذ يا (صفوت)..

وعادت عينا (صفوت) تلتمعان..
لقد بدأ التنفيذ..
أخيراً.

يتبع

 
 

 

عرض البوم صور عهد Amsdsei   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الثورة, الثورة المصرية, الدكتور نبيل فاروق, عهد amsdsei
facebook




جديد مواضيع قسم روايات أونلاين و مقالات الكتاب
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 03:14 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية