المنتدى :
الشعر والشعراء
الآن فهمتكم
الآن فهمتكم .. قصيدة رائعة جديدة للدكتور عبد الرحمن بن صالح العشماوي، حيث يعبر فيها عن بعض أنواع الظلم الذي تعيشه كثير من البلاد الإسلامية من قبل حكامها ومسؤوليها
فهمْـــتُكمْ بعدَ أعــوامٍ وأعْـــــوامِ
الآنَ أدْركتُ ،تفــريـطِي وإِجْـــرامي
الآنَ أدْركتُ معــنى أنَّكـــــــم بشرٌ
لكمْ حقــوقٌ ، ولســـتُم محـضَ أنعامِ
فهمـتكم يا بَني شعـبي وقـــــدْ لعِبتْ
بكُمْ جنــودي وقـــــوَّاتي وأَزْلامـي
نعم ، ملأْتُ سجــوني من أكَارِمــــكمْ
وكَانَ تعـــذيبُــهم رمْــزاً لإقْـدامي
حكمتُ بالسِّجــنِ تأبيــداً لطائــــفةٍ
أَصْلَيْـــتُها في سجــوني نـــارَ آلامِ
ولَمْ تَـدَعْ سَـعْيَـها للدِّيـنِ طائــــفةٌ
أُخـرى ، فأصْـــدَرْتُ فيها حُـكمَ إعْدامِ
جَعَــلْتُ أرضكُم الخضـراءَ مُعْـــتـقَلاً
حقَّـقتُ فــــــيهِ بسيفِ الظُّلْمِ أحلامي
أطْـلَقْتُ فيـكم على ظُـــــلْمٍ جَلاَوِزَتي
ما بـــينَ لصٍّ وكـــذَّابٍ ونــــمَّامِ
نعمْ ، جَعَلْـتُ بيـــوتَ اللهِ خــــاوِيةً
مِـنْ كُــــلِّ داعٍ وصــــوَّامٍ وقـوَّامِ
حتى الأذانُ تــوارى عــن مآذِنِــــكم
وعن وســائل إعــــلاني وإعــلامي
أمَّا حجابُ العذارى فهــــو مُعْـــضِلةٌ
حَاربْتُـــها بإهــانـــاتي وإرْغــامي
نَعَــم ، جعلتُ منَ الطُّغــــيانِ لافِــتةً
فـــيها معَـالِمُ مِنْ قَـــسْـري وإلْزامي
لكِنَّني الآنَ يا شعـبي وقــد سَلَــــفَتْ
أيَّامــكم بمآســـــيها وأيَّــــامي
أقولُــها ، ونجــومُ الليــــلِ تَشْهَدُ لي :
فهِـــــمْتُكم ، وإليكم فــضْلُ إفْــهامِي
فهِـمْتُـــكم ، فلـــقدْ صرْتم عَــمَالِقـةً
وكُنتُ أبـــصرُ فيكم شـــكلَ أقـــزامِ
فهــمتها الآنَ ، إنِّي قـــدْ ظَـلَمْتُ ، ولـمْ
أرْحـم فـــــقيراً ، ولمْ أَلْطُفْ بأيْـــتامِ
ولمْ أقــــدِّمْ طـــعاماً للجـــياعِ ، ولم
أقـــــدِّمْ المــاءَ للمُسْـــتَنجدِ الظَّامي
ولمْ أقــــدِّمْ ثيـــاباً للعُــــراةِ ، ولم
أمنح تلاميـذكم حِـــــبراً لأقـــــلامِ
فهِمْتُكمْ ، فافْهَـموني ، وافْهموا لُغـــــتي
وقابـــلوا لُؤمَ أخــــلاقي بإكــــرامِ
إنّي سأفتَــــحُ أبـــوابَ العــطاءِ لكـم
وســوفَ أُصـــــــدِرُ للإصلاحِ أحكامي
هــيَّا ، ضعوا في يدَيْ أيـــديْ تعاونُكــم
يـــا أخـــوتي وبني عـــمِّي وأرْحامي
إنِّي صحوتُ على نورِ الصَّباحِ ، وقـــــدْ
طـــوَيتُ عِقْـــــدَينِ في ظُلْمٍ وإظـلامِ
فهمتكم ، أيُّــها الشعــبُ الذي دعَسَــتْ
أحلامَه في طــريقِ الجَــــوْرِ أقــدامي
الآن أدْركـــتُ أنِّي كـــنتُ في نفـــقٍ
منْ غفْــــلَـــتي وضــلالاتي وآثـامي
أَنْهى الحـــــديثَ ، ولمْ يفـطن لخطبـتهِ
إلاَّ الصَّــدى و الّلَظى في قَـــلْبِه الدَّامي
وجَلْجَـــــــلَتْ صرْخةُ المستـهزئينَ بهِ :
فــــــاتَ الأوانُ ، فلا تركن لأوهــــامِ
نســيْتَ أنَّ لـنـا ربًّــا نلــــوذُ بـــهِ
إذا تَــــطَاوَلَ فـينا جــــورُ حُــــكَّامِ
|