أغلقت الخط ,ولم أنم تلك الليلة لفرط سعادتي ,فهناك من يحس بي ,بنيت أحلاما عظام وأوهام جسام في مخيلتي ...هذا ما أذكره من مكالمته في المرة الأولى .
كنت كل ليلة أجلس بجانب الهاتف أحادثة إلى قبيل الفجر فيداعبني بأحاديث تطربني فحواها عن شخصيته القوية ,وأن الفتيات يعاكسنه بالأسواق لفرط جماله ,لكنه لايلتفت لأحد منهن .
وكان دائما يسألني عن دراستي ,بعد أن أحس أنني أهتم بها كثيرا ,واستمر الحال ثلاثة أشهر ,وذات مره اتصل ونبرة صوته ضعيفة قال:
_"رنيم لقد تفجرت مشكلتي "
قلت سائلة :_"ماذا حدث ؟"
فأجابني :"اليوم أصر أبي أن اذهب معه إلى بيت العميد,لعقد القرآن على ابنته فرفضت وأصر والدي على معرفة السبب لرفضي فأخبرته الحقيقة "
قلت له :"لأنها رجعيه "
فقال :"هذا السبب الأول ,وقد ذكرت له السبب الثاني "
وبفضول طفولتي سألته :_"ماهو السبب الثاني ؟!"
قال بصوت هادئ أخافتني :_" لأني أحب!!"
في ذلك العمر لم ابلغ السن ولا القدرة على التعبير بهذه الألفاظ وفصمت فتابع هو يقول :_"رنيم ....عندما حادثتك لأول مره خالجني إحساس غريب نبض من الأعماق ,حين أهاتفك أرتاح كثيرا ,وإذا سألت عن حالي اسعد,وأشعر بأن هناك من يهتم بي ,...رنيم ,أنا لا استطيع أن أصف شعوري وأنا احتاجك ولا اقدر أن أعيش بدونك وأنتظر الليل حتى تعود لنفسي روحها وذلك عندما اسمع كلماتك التي تنساب في داخلي فأرتاح وتهدأ نفسي.....رنيم أنت القوة الخفية التي ينبض بها قلبي ,...ولهذا رفضت ابنة العميد من أجلك أنت لأنني احبك .
بالرغم مني سقطت سماعة الهاتف من يدي بعد أن ارتجفت , تسارعت دقات قلبي , وحبيبات من العرق اجتمعت في جبيني,وتلاحقت أنفاسي مسرعة, سمعته ينادي فتناولت السماعة ولبيت نداءه فقال لي:_"ألم تشعري كما شعرت ..ألم تحسي كما أحسست ...أجيبي رنيم ..؟!"
فقالت له_:"أنا كذلك لكني خائفة "
وهكذا .وبعد أن علب على قلبي وخيم على عقلي أهاتفه كل ليلة , اشكوا ما بي من حب وغرام ,وما ذلك إلا خيال المراهقة ساذجة ,لم يقدم لها توجيها وإرشاد ..., واستمرت علاقتي معه عشرة أشهر أصبحت ادرس السنة أولى ثانوي وهو في السنة الثالثة في الجامعة ..خلال تلك الفترة عرف كل صغيره وكبيره من حياتي بعد أن أملئ فراغي العاطفي بكلماته وإشعاره عشت في أرض غير هذه الأرض ,أنام على اسمه ,وأنهض على اسمه قول عدنان هو الذي يطاع , وأوامره هي التي تنفذ , وكان معجبا بكتاباتي ,وكنت بدوري اكتب له الرسائل متغزلة به ,كلماتي تدور حول محور الشوق والهوى .... صورته معي أينما ذهبت ,نتبادل الهدايا والرسائل عن طريق ابنة أخته التي معي في نفس الصف .
كل ذلك يحدث وصوت من الأعماق ينطق بطلاسم ,لم استطع حلها ,لكنها تحسسني بأن ما أعمل ليس بقويم , وحين أصارحه بها ,يرسل لي قصص مترجمه ويقول لي :_"هذه الحياة التي يجب أن نحياها لنسعد .."
ذات ليلة رأيت أمي في المنام ترمقني بحنان وعاطفة وحين أهم بمعانقتها تشير إلى ملابسي بأنها قذرة ..وتكررت الرؤيا أكثر من مرة واتجهت طبعا إلى عدنان وأخبرته الخبر , فأطلق ضحكة ساخرة وقال :_"اسألي ابن سيرين "
لم اعلم أن الأقدار تحيك لك أحداث بهذه الرؤيا فمن حسن حظي وتقدير الله عزوجل , ورحمته بي أن وجدت معلمة في مدرستي تجيد تفسير الأحلام فذهبت إليها فرحت بي وبشت ...لأن رنيم وكما تقول تحمل أخلاقا عالية علاوة على مستواها العلمي المرتفع ...!!!
فقلت لها :_"أن لي صديقة رأت رؤيا" ورويت لها حلمي ...نظرت غلي بدهشة
وقالت :_"هل والتها متوفاة "
حركت رأسي بالإيجاب فقالت:_" إن صديقتك تحب أمها كثيرا,وقد اشتاقت إليها فحلمت بها لكنها لم تستطع معانقتها لأنها أذنبت ذنبا ومازالت عليه ,بدليل أن أمها تشير إلى ملابسها القذرة .."
رجفة سرت في جسدي عند سماعي لكلامها فقلت لها :_"وما تعتقدي ذنبها يامعلمه ...؟!"
ابتسمت لسؤالي وقالت :_"لا أعلم !"
وأردفت هذا دورك ..
عدت إلى البيت قلقة أفكر متسائلة ماذنبي حتى ترفض أمي معانقتي !
ولم يكن أمامي سوى عدنان .
هاتفته مباشرة فكان نائما فأصريت على نهوضه ,نهض وقال لي بصوت خشن جاف :_"ماذا لديك؟"
قلت :_" عدنان أتعرف ذنبا أذنبته لترفض أمي معانقتي ؟"
فقال :_"ماهذا الجنون , اتنهضيني من النوم لتسأليني هذا السؤال !"
وأغلق الخط بكيت كثيرا لأني ضايقته , ولأن أمي رفضت معانقتي .
"رنيم ...وفاء أنتما هنا ....ونحن نبحث عنكما !!
استدرت , فإذا المجموعة مقبلة .
فقالت رنيم بصوت خافت :_"دعينا من الموضوع الآن ...
وبع أن جلست هند ونادية قالت سامية موجهه خطابها لرنيم :_"رئيسة القسم قلبت الكلية تبحث عنك ..سألت رنيم بهدوء :
_"ماذا تريد؟!"
قالت سامية بنبرتها المشوقة :_"ألم تعلمي أن الأستاذ عدنان طلب في نهاية المحاضرة أن تتصلي عليه وحينما لم تتصل أتصل هو وطلبك من رئيسة القسم التي حفت أقدامها في البحث عنك ,فلم تجدك "
فقالت رنيم بعد أن اتجهت ناحيتي ببصرها:_" لم تقولي ذلك لي !؟"
فقالت :_"لقد خرجت من المحاضرة ولم تنته "
سألت رنيم سامية :_"وماذا يريد الأستاذ عدنان مني ؟!"
فأجابت سامية :_"لم يخبر أحدا بذلك ,فقط أن تتصلي به عن رئيسة القسم "
قالت هند غامزه :_"لعله يريد أن يعتذر منك ...!"
فانفجرت نادية ضاحكة ...,قالت:_"الأستاذ عدنان لا أظن , لعله يريد أن يكمل سخريته منها ..
فنهضت رنيم وقالت :_"سأذهب إلى رئيسة القسم لأعرف ماذا يريد "
فقهقهت كل من سامية وهند ونادية ...نظرت رنيم إليهن بإستغراب فقالت :_"لماذا تضحكن ؟! "
قالت سامية وهي تغالب ضحكها :_"انظري إلى الساعة " والتي كانت الساعة الثانية ظهرا وتابعت قائلة بعدت أن خفت موجة الضحك
"لقد قلقنا عليكما ,فلم نستطع اللحاق بالحافلة ,وهانحن جميعا هنا "
قالت رنيم :_"لا تقلقن أنا مستعدة أن أوصلكن إلى بيوتكن ...هيا بنا "
الخامسة مساء وكنت مستلقية على السرير ورنيم أمام ناظري لم استطع صبرا فاتصلت بها وطلبت منها إكمال القصة فقالت :
_"بقي الكثير فلعل الأفضل أن تأتي إلي في البيت ",أجبتها :"بودي القدوم لكن والدي يرفض ذلك "
_"وأمك هل توافق ؟","إذا كلمتها لعلها توافق "
"إذا استدعيها "
وافقت أمي على الذهاب بعد أن علمت أن رنيم وحدها في البيت , وذهبت في نفس اليوم , وكان أفخم مما توقعت , فرحبت بي كثيرا , وأجلستني في غرفة الضيافة وقدمت لي مشروبا ساخنا تجاذبنا الحديث , لكنها لم تلج في موضوعها فقلت لها :
_"رنيم هلا أكملت ما بدأناه "
صمتت قليلا وقالت بعد أن ابتسمت نصف ابتسامه أجبرت على الخروج :"نكمل "
"بعد أن رد عدنان ذلك الرد القبيح صممت أن استعين بالمعلمة , وفي الغد , ذهبت إليها مباشرة , وقلت لها :
_" معلمة إن حالة صديقتي سيئة , لقد أخبرتها بتفسيرك فتضايقت جدا وقالت :
_" اسألي معلمتك أي ذنب أذنبت لترفض والدتي معانقتي "
صمتت المعلمة قليلا وقالت :
_"رنيم ..هل لي أن أهاتف صديقتك هذه "
وألجمت فقلت بإصرار :"كلا....كلا"
قالت المعلمة إذا ما رأيك أن تكوني الرسول بيننا ؟!
أعجبتني الفكرة هززت رأسي بالإيجاب فقالت المعلمة :
_"كم تبلغ من العمر ؟!"
قلت :"السادسة عشر ..عفوا أستاذتي , فهي تسأل عن نوعية الذنوب التي تمنع أمها من معانقتها ".
فقالت :"الذنوب والله المستعان كثيرة ,منها الكبير والصغير ولعل الذي قي عمرها قد لا تحافظ على الصلاة , أو لا تهتم بطهارتها , أو تتساهل في أمر حجابها , أو ترافق صديقات السوء أو تخضع في القول "
سألتها : "كيف تخضع بالقول ؟!"
قالت:"بأن تلين وترفق صوتها على مسامع الرجل الأجنبي ,والذي لبس بمحرم لها فتضاحكه وقد تحادثه بالهاتف لا سمح الله , وهناك من ابتلين في المعاكسات , فتقع في شباك الرذيلة "
حينما قالت ذلك شعرت أن أكداس من الحجارة تسقط فوق رأسي وكأني شجرة سقطت أوراقها دفعة واحدة ,سألتها برجاء :
_"كيف تقع في الشباك يا معلمتي ؟!"
قالت :_"تتساهل في الحديث مع أي رجل أجنبي والذي يخدعها بحديث معسول , وكلمات رقيقة ,يكلمها عن الحب ويعدها بالزواج , وتنطلق هي بالحديث بعد أن تفجرت عاطفتها ,قد يستغل ذلك بان يسجل حديثها ,وبعد ذلك يطلب منها الخروج معه فإن هي رفضت ابتزها وهددها بما لديه من الصور أو رسائل أو أشرطة وإن هي خرجت وقعت في شباك الفضيحة "
ملئت المرارة فمي ,واغرورقت عيني بالدموع ,وبكيت بصمت ,قطعت المعلمة حديثها وسألتني :
"مابك ؟"
لم أجبها وذهبت حيث تناولت حقيبتي اتجهت إلى فناء المدرسة وجلست امام بوابة المدرسة , حتى حضر السائق وخرجت ,عدت إلى البيت وأنا مذهولة ,أكلم نفسي :
_"إن خدعوا فعدنان لا يخدع وإن ابتزوا فعدنان لا يبتز,عدنان إنسان رائع ,ليس منهم ليس منهم "
أخرجت من مكتبتي أوراقه الخاصة قرأتها , وضممتها إلى صدري وقلت صارخة :
_"كلا ...كلا...الجميع إلا عدنان "
دق جرس الهاتف وكان هو ,رددت عليه وصوتي مختنق ,علم بتضايقي ,فهو يعرف رنيم عن ظهر قلب فقال لي بصوت حنون :
_"رنيم ..خففي لا تصدق الأحلام كثيرا "
قال ذلك ظنا منه أني مازلت متضايقة على الرؤية وبدوري لم أخبره فصمت .
فقال :"رنيم لدي فكرة , مارأيك برحلة إلى الشاطئ "
قالت صارخة :"ماذا تقول ؟!"
...أقول رحلة ..اذهبي مع السائق , وأنا وحنان ابنة أختي نكون بانتظارك ....
في تلك اللحظة استيقظ شبح الخوف في نفسي , وتجلت أمامي وصية أمي ,وحديث معلمتي ..قلت هاذية :
_"لماذا أنا ....بالذات , ماذا تريد مني ؟!"
قهقه ...وقال :
"رنيم ...ألا تعلمين ما بيننا ,أعتقد أنك مازحة بحديثك هذا هاه ..,ما قلت ,أم تريدين أن نأتي إلى البيت ونأخذك ؟"
.......تردد في أذني صدى المعلمة حين قالت :
_"وفي نهاية المطاف تخرج معه ,ثم يرميها بعد أن سلب منها أعز ما تملك "
...عشت صراعا في تلك اللحظات , بدأت أتمتم وأقول :
_"عدنان ..لا , عدنان ...لا"
وكان يظن أني أحادثة فقال:
_"ولماذا , متى تريدين أن نسعد في هذه الحياة , لقد خنقتنا تلك القيود والأعراف ,هذه فرصتنا هيا وافقي "
....أصبحت أردد كالبلهاء "عدنان لا...,عدنان ...لا"
فقال:"رنيم ...يظهر أنك متعبه , اذهبي ونامي , وغدا نكمل اتفقنا ...هيا
وأغلق السماعة ...
زحفت إلى فراشي زحفا والصراع قائما على أشده ..
"هل عدنان يفعل كما روت المعلمة ؟هل سيبتز ؟ويخدع يوما؟!!
أم يظل بحنانه وعطفه ....
"لا....لا ...عدنان يختلف عنهم كثيرا ..قلت ذلك بعد أن غلبت علي عاطفتي ,وتناولت صورته ووضعتها تحت وسادتي , ثم نمت نوما قلقا فزعا ........
تراءت لي والدتي من جديد أقبلت نحوها , وكانت ثيابي جديدة تأملتني وأشارت ناحية ثيابي ,وقالت :
_"بدليها "
فقلت برجاء :"إنها جديدة "
فأشارت إلى جيبي , أدخلت يدي فيه , فتحسست صورت عدنان ..ونهضت من نومي فزعة على رنين الهاتف ..
تناولت السماعة ,فكان عدنان , ادعى أنه يريد أن يطمئن على راحتي , فشكرته ثم قال :
_"هل أنت من اتصل الساعة الواحدة ؟!"
نفيت ذلك , فقال :
_"هناك فتاة اتصلت , واعتقدت أنها أنت فقد كنت خارج البيت , أعتقد أنها عبير ,عن أذنك ربما تكون بانتظاري "
وأغلق السماعة ...
....وكان بإدعائه الأخير أراد أن يشعل نار الغيرة في نفسي التي كانت في شغل شاغل عنه , في تلك الساعة ...
.......أعدت شريط ذكرياتي معه ,من البداية حتى هذه اللحظة التي اتصلت به ..
كان عطوفا معي .,حنونا , يحبني أكثر من أبي , ويهتم بي أكثر من الخادمة , يرسل لي الرسائل المتفجرة عاطفة ,وأنا أقدم له الهدايا الثمينة في كل مناسبة و ما الخطأ , أين الذنب ...
أليست ليلى أحبت قيس , وبثينة أحبت جميل , وعفراء أحبت عروة ...
..أشرقت شمس ذاك اليوم ورأسي يكاد يغرق في خضم من الحيره .., فصممت على أن أصارح المعلمة على أنها صديقتي ..
...وفي نهاية اليوم الدراسي , توجهت إلى المعلمة , وطلبت منها أن تسمعني , فقالت أن وقتها ضيق وطلبت مني زيارتها ..
وافقت مباشرة , وقلت :
_"أي وقت تحبين "
نظرت إلي بدهشة وقالت:
_" ألا تستأذني والدك "
أجبتها واثقة :
_"والدي يوافق, وعموما ليس في البيت "
قالت وهي مازالت مندهشة :
_"ووالدتك "
قلت :"رحمها الله "
تأملتني بعمق ,فأحرجت من نظراتها ...تنهدت وقالت :
_"حسنا ..في أي وقت يناسبك أهلا بك ..."
ابتسمت بعد أن غلبت علي براءتي وقلت :
_"أستطيع أن أزورك السادسة مساء ؟!"
قالت :"مرحبا بك في السادسة "
...وفي السادسة كنت أستعد للخروج , دق الهاتف فلم أرد وخرجت .
...رحبت بي المعلمة , وأجلستني بجانبها , ولم أكن أعرف من أين أبدأ , فأراحتني حين قالت :
_"ماذا لديك يارنيم ؟!"
وبعد أن اجتهد في ضبط انفعالاتي قلت ك
_"حديثك أمس تأثرت به كثيرا , وأخبرت صديقتي بفحواه , وأن المعاكسات تجر خلفها الويلات , لكنها رفضت ذلك وقالت :
_"بل هو حب شريف , وعلاقة طاهرة , وما لمجنون عنا ببعيد , وكيف أن الناس مازالوا يتغنون بشعره , إنه حب عفيف نقي لا تشوبه الشوائب "
قالت المعلمة وقد اتسعت عينيها :
_"وهل صديقتك تعاكس ؟!"
...ارتجفت إنها لا تعاكس و بل علاقة شريفة بينها وبين شخص يدعى عدنان .."
فأخرستني بصرخة مدوية أطلقتها ..سرت على أثرها قشعريرة في جسدي ,
وقالت :
"أهو عدنان ...صاحب القصائد الغزلية السخيفة ,والمكالمات الليلية ؟"
سألنها متعجبة :"كيف عرفته ؟!"
فقالت المعلمة التي لم تنتبه لسؤالي بدقة :
_"لكثرة خداعة ومكره على الفتيات الجاهلات , وهاهو الآن يراقب للقبض عليه .."
"دارت بي الأرض ,واهتزت الأشياء من حولي , وخيم السواد على بصري ,نهضت من مكاني , وأصبحت أسير بلا هدف وأقول :
_"كلا , إن مابينهما حب شريف وصادق , وعلاقة طاهرة لايامعلمة ولعلك لم تفهمي طبيعة مابينهما !!"
قالت المعلمة بحزم :
_" رنيم أين شرف العلاقة , وهي تحدثه بالحب وهو أجنبي عنها , وأي طهارة تلك التي تدعيها , وقد تدنست الفتاة بالسائل والمكالمات ..
...لا يارنيم ..ما بينهما علاقة محرمة , تأثم عليها , هذا مع وجود خطر رسائلها مع هذا الفاسق , الذي يستخدمها في أمور يهواها ..
....قليلا ...قليلا , مع كل كلمه تنطقها المعلمة بدأت أفيق , ويتحكم عقلي بقيادتي ....
...أحسست بحجم القضية , وضخامة المشكلة , وصعوبة الموقف , ومرارة الواقع ..
..في تلك اللحظة شعرت أنني أهوي في قاع بعيد مظلم ....
..استدرت إلى المعلمة سألتها برجاء :
_"ماالعمل ؟!!"
قالت وقد بدا الاهتمام يرسم خيوطه في وجهها :
_"هناك اقتراح لا أعلم هل هو مناسب أم لا "
...وبفرحة الغريق لرؤية لمركب النجاة قلت :
_" ماهو ؟؟؟"
قالت :"شخص يدعى لؤي , يعمل بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , .وجي أبو محمد يعرفه , ويعرف أنه مهتم بالمدعو عدنان , فلعل صديقتك , تحدثه , وتطرح قضيتها , وبإذن المولى يجد لها حلا ...فما رأيك ؟!"
قلت لها :" وهل تقول كل شئ "
قالت :"كل شئ ..."
فقلت وأنا أفكر ما سأقوله :
_"حسنا .."
وأخذت رقم المدعو لؤي ...ومباشرة حينما ذهبت إلى البيت اتصلت وطلبت محادثة لؤي هذا , فكان هو من رد علي ..
فقلت له :"هل لي أن أتحدث في مشكلة خاصة ؟!"
فقال مستعجلا :"وما نوعها؟"
فقلت بمرارة :"معاكسات "
قال : "إذا المشكلة ستأخذ وقتا طويلا , وأنا مشغول ألآن في قضية مماثلة , فهلا اتصلت في وقت لا حق ؟!"
_"حسنا...,متى اتصل ؟؟"
_"بعد ثلاث ساعات , عفوا أعطيني اسمك الأول لكي تكوني في جدول المكالمات اليوم "
قلت له :"رنيم "
قال صارخا :"رنيم ...أنت رنيم "
انتفضت وصمت .
أعاد السؤال :"أأنت رنيم هانئ "
فأجبته بأنه خرجت من أقصى , أقصى القلب .
قال لي :"هداك الله أخيتي ماذا فعلت ؟!"
قلت له بعد أن تعالت ضربات قلبي ...
_"ماذا تقصد ؟!"
قال بنبرة هادئة حزينة :
_" ماهكذا يا مسلمة , لم ينبغي أن تنخدعي إلى هذا الحد , وأن يصطادك عدنان بشباكه القذرة "
قلت له بدهشة :"كيف عرفت "
قال :"من عدنان نفسه الذي نشر رسائلك على الملأ , فهو فخور بأنه استطاع خداع ابنة مسئول كبير في الميناء ...
صمت قليلا ,وتنهد وتابع :
_"ألم تعلمي أن مكالماتك في جهاز تسجيل لديه , وسوف يستخدمها في الوقت المناسب , كما حاول مرات عديدة .."
انفجرت باكية في سماعة الهاتف , ومن خلال شهقاتي أرسلت توسلاتي قائلة :
_"أرجوك , أتوسل إليك أنقذني ...أرحمني ...."
وغرقت في نوبة بكاء طويلة لم يستطع أن أتكلم خلالها ,وما لبثت أن أغلقت السماعة ..
....انقضت 24 ساعة على هذه المحادثة وأنا أشبه بجثة هامدة إلا من قلب ينبض , ودموع تنزف
...تشوهت أمامي جميع الصور التي حفظتها ذاكرتي , ماعدا صورة عدنان وهو يحمل الرسائل ل والأشرطة ....
لم أستطع أن أستمر في هذا الوضع ...
فأعدت الاتصال بلؤي ...بعد أن أيقنت أنه لا مفر من مكالمته لأخرج من هذه الغابة المظلمة ..
وقلت له :"أنا حائرة , ضائعة ,يتيمة الأم , مهملة الأب ..
..."لا عليك –بإذن الله – سأساعدك , ولكن أولا أن تعترفي أن ماقمت به خطأ , وتندمي على ذلك , بل وتعاهدي الله على عدم العودة لمثله أبدا ...وتتوبي , وتحفظي شرفك ,وعائلتك ...من أن تمسه أيدي آثمه ...فتلطخه ..."
استمر في الحديث عن التوبة وشروطها , فشرح الله قلبي لها ..ثم اتفق معي على خداع عدنان , ليقع في المصيدة فطالما استطاع النجاة منها ..وكنت أنا الأداة بحكم أنني أستطيع ذلك ...وقد وعدني لؤي باسترجاع كل ما يخصني من عدنان , وأنهيت المكالمة ..
لأول مرة منذ شهر ارتاح وتنشر الراحة جناحيها في صدري ....
..ولم ألبث إلا ويعلو رنين الهاتف , فكان كما توقعت ,..عدنان ..
عقدت العزم على البدء في حياكة الشبكة لصيده , وكان حديثه جاف معي بسبب خروجي بدون علمه و واشتغال الهاتف , فاسترضيته ...
..فرفض إلا خروجي معه ..فأخبرته بالموافقة ..تفاجئ بالخبر , ولكنه لم يخفي فرحته , وأسمعني قصائده . وتغنى بجمالي وتفكيري الحديث المتقدم ..
..ومن خلال حديثة انقشع في سماء عدنان ما تبقى من سحب حول شخصيته الموهومة..
أبغضته بغض الأم لقاتل أبنها , وكنت بطبيعة الحال أخفي هذا الشعور ..وجاء اليوم الموعود ...
وكان لؤي يطمئنني , ويؤكد لي أنه سيتابع السيارة ...
حضر عدنان , وركبت معه , وتظاهرت بالسعادة , أما هو فالأرض لا تسعه من شدة فرحة بالغنيمة , تحركت السيارة , وجابت أسواق المدينة و حتى انتهت إلى زقاق ضيق ..وطوال تلك المسافة التفت يمنة ويسرة أبحث عن لؤي الذي لا أعرف شكله ولونه ...ثم أوقف السيارة أمام بيت صغير خالي من السكان , وقال لي بعد أن أطفأ السيارة ...
"تفضلي يا حبيبتي , يا أغلى ما في الوجود "
فقلت تبعا لما رسم لي "أنا خائفة هلا أجلته إلى يوم آخر .."
قال مداعبا :"وما يمنع هذه المرة , ومرة أخرى , هيا ....فهناك مفاجئة لك "
فقلت : " أرجوك يا عدنان أجل الموعد لمرة أخرى "
قال وهو يحاول ضبط أعصابه :"رنيم هيا , لا تجعلي الفرصة تفوت "
_"عدنان أريد أن عودة إلى البيت "
قال كاتما غضبه :" رنيم انزلي , هيا حبيبتي "
كنت أنتفض كورقة خريف جافة وقلت :
"أنا خائفة , أريد العودة "
فنزل واستدار ناحيتي , وهو يلتفت يمنة ويسرة , وفتح الباب وأمسك بيدي محاولا إخراجي بالقوة ...
..وفي هذه الأثناء انقض ثلاثة شباب عليه من الخلف وأخذوا يشبعونه ضربا وصفعا ..أما أنا فقد بلغ مني الخوف مبلغه ولم أستطيع المقاومة للإغماء ...
...أفقت ..فتبينت أمامي طيف أبيض يتحرك , وسمعت أحدا يناديني ...أدرت ببصري فشاهدت رجلا ..ركزت بصري لعلي أعرفه , فتذكرت مباشرة عدنان وخروجي معه , سمعت الرجل يناديني مرة أخرى , دققت في ملامحه ,فعرفت أنه أبي .
نهضت .. وألقيت إليه بجسدي ضممته بقوة , أعاتبه على إهماله .. تركني أعيش كاليتيمة..ضممته لأشبع ذاك الفراغ العاطفي بداخلي , وانفجرت باكية ..
أخذ يربت على كتفي , وقال محاولا تهدئتي :
_"لا عليك يا بنتي , لم يحدث مكروه , ولله الحمد "
كاد قلبي أن يتوقف انخرست , وتابع بقوله :
_"أخبرني شخص بالهاتف يدعى لؤي أنه رآك تفقدين الوعي في أحدى المحلات التجارية .."
فعلمت أنه لم يعرف شئا , وعدت إلى بكائي ...
قال بلين :
_"كان يجب أن تأخذي الخادمة أو إحدى صديقاتك كي لا تتعرضي لمثل هذا الموقف , عموما لا بأس عليك و وقد طمأنني الطبيب "
ثم ما لبث قليل وخرج إلى عمله , بعد أن أوصى الخادمة بالمكوث معي في المشفى
في اليوم التالي ..أحضرت الخادمة ظرفا كبيرا , وقالت :
_"هذا لك "
تناولت الظرف , فكان من لؤي , وقد أعاد من عدنان كل رسائلي ..وصاحبها جوارب وقفازات سوداء , وكتاب بعنوان :
"قبل أن ينخدش الزجاج ", ومصحف "
ومن ذلك الحين , ورنيم تغيرت ,نزعت الثياب التي رفضت أمي معانقتي بسببها , وليست ثياب الفضيلة والعفاف , وعرفت بعد قراءتي لكتاب الله , أين تكون السعادة الحقيقية , والراحة الأبدية ..
تبدلت كليا ...وانضممت إلى قافلة الصحوة ...وقطار الالتزام ... أحببت الله , وارتحت بمناجاته ...وجدت نفسي بين كلماته ... والحمد لله على ذلك , وأدعوه أن يقبض روحي وأنا على هذا الطريق ...
...فقلت لها :"وعدنان ...أقصد الأستاذ عدنان ...ألم يحاول الاتصال ؟"
هزت رأسها نافية وقالت :
_"أبدا , ولم أعرف عنه شئ إلا في هذا الفصل الدراسي "
صوبت نظري إليها ...تأملتها بشدة وتذكرت حالتها مع الأستاذ عدنان أثناء المحاضرة .. ابتسمت وقالت :
_"مابك؟"
جاريتها بالابتسامة وقلت :
_"كنت أسترجع حالتك أثناء محاضرات الأستاذ عدنان ..."
ماتت الإبتسامة على شفتيها وقالت :
_" حالتي !"
وتنهدت وتابعت :"لم يعلم بها إلا الله "
سرت القشعريرة في جسدي وسألتها :-
_"وماذا أنت فاعلة , وخاصة أنه طلب منك محادثته عند رئيسة القسم "
فوضعت رأسها بين كفيها وهزت وقالت :
_"لا أعلم , أخاف أن ينبش الماضي ..ويبعث في يباب القديم "
فقلت لها مطمئنة :
_"لا أعتقد , فقد مضى زمن على الواقعة , ثم أن مكانه حسا س جدا , ولا يسمح له بأي حديث خارج المادة العلمية "...
...رفعت رأسها ...وقد اغرورقت عيناها بالدموع وقالت :
_" ها أنت عرفت مكمن السر , وحلقت حولك طيور الماضي ..بالله يا وفاء , أليس لهذا الحلم الشجي من نهاية ؟.."
...فقلت وأنا أحاول أن أخفف من وطأة ألمها :
"أولا أحمدي الله أن لك مبدأ تسيرين عليه وأساس متين تقفين فوقه ..
ثانيا : لا تسبقي الأحداث , وتوكلي على الله "
تنهدت بعمق ...وقالت:
_"بورك فيك , ومع ذاك فالذكرى القديمة مازالت تشعل في قلبي لهيب الحزن , وتبعث بين ضلوعي لحنا يروي حكاية أليمة .."
وعدت إلى البيت بعد أن قضيت ثلاث ساعات مع رنيم , وتفكرت في حالها إن وضعها حرج جدا مع الأستاذ , انتظرت الغد بشغف , ثم قدم الغد , وكان مقعدي بجانب معقد رنيم وبدأت المحاضرة الأولى , وما لبثنا حتى أقبلت الموظفة , تطلب قدوم رنيم إلى رئيسة القسم ...
وبارتباك بسيط لم يلاحظه غيري لبت رنيم الطلب بعد أن استأذنت من الدكتورة , ومضى الزمان بطيء...ثقيل ...كم من الهواجس تنهش عقلي ..وقطار من العلامات الاستفهام يقف في ساحة تفكيري ...جميعها تتساءل ماذا ؟..
وقبيل نهاية المحاضرة عادت بوقارها وهدوءها جاءت وأخيرا ...انتهت المحاضرة وولت الدكتورة , فالتفت إلى رنيم وقلت لها متلهفة :
_" طمئنيني !"
قالت ..بعد أن أخذت نفسا عميقا ... :
_"اعتذرت له على أسماع رئيسة القسم "
فضربت بشدَة على الطاولة بيديّ وقلت :
_" لا....لا هذا ظلم ...أنت لم تخطئي ..."
ابتسمت نصف ابتسامة تهكم وقالت:
_"أرسل سيلا من الشتائم والسخرية ووصفني بالدونية والوضاعة في التفكير ...اتهمني بمحاولة إشعال فتيل الفوضى بين الطالبات ...والتعالي على أمر أستاذ المادة ...؟!"
"وأنت ..ماذا قلت ؟!"
"صامته , لم أتكلم ببنت شفه ..وفي النهاية طيبت رئيسة القسم خاطره بكلمات , وأمرتني بالاعتذار فرفض اعتذاري ...وقبل اعتذار رئيسة القسم بدلا مني "..
..."ألا تعتقدين أن مايفعله الأستاذ انتقام لما حدث في الماضي "
..."لا ياوفاء ...لا يجب أن اتهمه بذلك , ولعل الأيام القادمة تنبلج منها الحقيقة "
...لكن الأيام القادمة هادئة بالنسبة لرنيم فالأستاذ تجاهلها بالكلية , وبها استطاعت أن تضبط نفسها ...
السماء ملبدة بالغيوم , والرياح تهب بشدّة , ومع ذاك لم تنزل قطرة مطر واحدة وكأنها –السماء- امرأة في حالة وضع شديد تنتظر قدوم طفل يخفف ألآمها ....
ومحاضرات مادة الأدب الأندلسي , أمامي فغدا موعد الامتحان الشهري , وأحس أنني لا أملك أي استعداد نفسي للمذاكرة , فاتصلت هاتفيا برنيم فوجدها أسوء مني حالا ....
_"ما العمل ؟!"
فقالت :مارأيك نحدد جزء معين , ثم نراجعه بالهاتف "
أعجبتني الفكرة , وتواعدنا بعد أربع ساعات ....
وهكذا حتى انتهينا من المادة بسلام , وكان النوم قد غزا أجفاني ....فانسحبت , وذهبت إلى فراشي ..ثم استيقضت باكرا , وراجعت بعض الأوراق , ثم اتصلت برنيم لأطمئن عليها لأتفاجئ أنها لم تنم طوال الليل تذاكر المادة ....
_"رنيم ألم تنتهي من المادة البارحة ؟!"
_" نعم , ولكن وكما تعودت أحب أن ألم بأي مادة فأستعين ببعض المراجع التي في حوزتي "
_"ستجهدين !"
_"لا عليك .. فاليوم الأربعاء , وسآخذ قسط من الراحة بعد عودتي "
_"حسنا "وأغلقت الهاتف .
.....وحانت الساعة , وبدأ الامتحان , وكانت المفاجئة ...
فقد طلب منا إكمال قصيدة ذكر منها بيتين عن مالا يقل عن عشرة أبيات , وشرح مفصل لقصيدة لم تشرح ...
ضجت القاعة بالاستنكار ...ورفضن الطالبات الإجابة على السؤال الثاني ...واتفقن على ذلك , وحذرن كل طالبة من الإجابة ...
أبلغت المشرفة رئيسة القسم , والتي اتصلت بالأستاذ ...فهدد الأخير بخصم نصف درجة السؤال الأول لمن تضرب عن إجابة السؤال الثاني ...فحمي الوطيس , وبلغ الأمر مبلغة ....
...جلت ببصري على الطالبات الجميع غاضب , ,ورأيت رنيم جالسة تدون وقد بدا عليها الاهتمام عليها ..
...في الواقع كانت القصيدة سهلة الألفاظ , ولكن طريقة الأستاذ لم نعتد عليها ..وشرحت ما شاء الله أن أشرح , ثم سحبت الأوراق منا سحبا , وما أن خرجت المشرفة , حتى ارتفع صوت أسماء بقولها :
_"لن نسكت على هذا الظلم , وعلى الجميع أن يتحد لشكوى ...مفهم "
ضجت القاعة بأصوات الطالبات مرددات بالموافقة , وتوجهت إلى رنيم تطلب منها كتابة الشكوى , وكنت أراقب الموقف من بعد , ورنيم في شغل عما يحدث فقد أمسكت بورقة الأسئلة والكتاب تتأكد من إجاباتها .. ولم تع إلا وأسماء تسحب الكتاب من يديها وهي تقول :
_"هيا اكتبي لنا شكوى الآن "
نظرت رنيم إليها ...وعدلت من وضع نظاراتها وقالت:
_" ومن قال أني سأكتب شكوى "
قالت أسماء "أنا , ألم تقولي تريثوا , وها نحن تريثنا فماذا جنينا , ثم ألا تذكري موقفك معه , وكيف يسخر منك أمام الطالبات "
قالت رنيم :"الآن ....تذكرت موقفي !"
وسحبت كتابها من أسماء وذهبت ..
اتجهت مباشرة ناحيتها , فابتسمت حينما رأتني وأشارت إلى الباب ...
خرجنا معا ...سألتها عن الامتحان فقالت :
...أسهل مما توقعت , والحمد لله إجابتي راضية عنها ولا أعرف إ، كانت سترضي الأستاذ ..
_"يعني ذلك أنك شرحتي القصيدة الخارجية ؟!"
_"شرحتها , وذكرت قائلها والمناسبة لكن أخطأت في السؤال الأول فقد خانتني الذاكرة فلم اذكر سوى تسعة أبيات , وعوضت النقص بستة أبيات من قصيدة أخرى لنفس الشاعر ...ولا أعلم إن كان سيقبلها أم لا ...وأنت مافعلت ؟"
_"...الأبيات كاملة ..ولكن لم أوفق في شرح القصيدة كثيرا "
ثم قضينا اليوم في المحاضرات وقد تغيبت عدة طالبات على رأسهن أسماء ...وقبيل نهاية اليوم ..وبينما أنا ورنيم جالستان في مقصف الكلية .. أقبلت نادية وهي تلهث وتقول :
_" خبر ...هام ....خبر هام "
وعندما وصلت ..جلست على أحد المقاعد القريبة ...وقالت بصوت متقطع :
_"..لقد بلغ الأمر مبلغة ...فأسماء تطالب بحذف السؤال الثاني أو إعادة الامتحان ..ورئيسة القسم تدعي بأن أستاذ المادة حرّ في وضع الأسئلة ولا يحاسب ...
وقد علم الأستاذ بالأمر ..فقد سربت أحد الدكتورات الأمر إلى زوجها الدكتور الذي بدوره أخبره , فقامت قائمة الأستاذ عدنان وطلب من رئيسة القسم أسماء الطالبات المعترضات لكي يخصم منهن درجة السؤال الثاني سواء أجبن أم لم يجبن عقاب لهن ...فهدأت رئيسة القسم الوضع وطيبت من خاطر الأستاذ , وفي النهاية اتفقت رئيسة القسم مع دلو عتها أسماء بوضع ملصوق على بيانات الطالبة في الورقة الامتحان خوفا من معرفته لبعض الطالبات "