لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > قسم الارشيف والمواضيع القديمة > الارشيف
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الارشيف يحتوي على مواضيع قديمة او مواضيع مكررة او محتوى روابط غير عاملة لقدمها


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-07-06, 10:52 AM   المشاركة رقم: 16
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2006
العضوية: 4952
المشاركات: 71
الجنس أنثى
معدل التقييم: nanaakeel عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
nanaakeel غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : شذى وردة المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

شذى لماذا تتدللين علينا وبتتركينا على أعصابناأرجوك كفيها دفعة وحدة

 
 

 

عرض البوم صور nanaakeel  
قديم 30-07-06, 12:14 PM   المشاركة رقم: 17
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس ماسي

ه

البيانات
التسجيل: Jul 2006
العضوية: 7873
المشاركات: 2,789
الجنس أنثى
معدل التقييم: شذى وردة عضو على طريق الابداعشذى وردة عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 184

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
شذى وردة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : شذى وردة المنتدى : الارشيف
افتراضي ضلالات الحب "12"

 

آسفـــــــــــــــه على التأخير.........
"12"
عادت "ليلى" والأفكار تعصف بذهنها، أحست بصداع يخترق خلايا دماغها، يلطم البقية الباقية من تحملها، أتجرأ على القبول، أتوافق أن تكون زوجة بالسر، بورقة تربطها برجل، دون شهود، دون إشهار دون أن يعلم والدها، هكذا في السر كلصة، كسارقة، كمن ترتكب الحرام....
أتقوى على هذه المجازفة الخطيرة، أتتزوج هكذا، ليس بالأمر الهين، إنه ورطة، كيف، ماذا أفعل؟!!!
وإذا رفضت عرضه، ستخسر والفرص تمر مر السحاب، و "أبو محمد" فرصة لن تتعوض، ستخسره وربما تخسر عملها معه....
"اسمعي يا ليلى من أنتِ لترفضين، أنتِ في الثامنة والعشرين، بعد عامين تقريباً ستلحقين بركب العانسات، وهم وصموكِ به منذُ زمن، ستذبلين وسيضيع شبابك وأجمل سنوات عمرك هباءاً كالرماد، كلمة "ماما" لن تسمعيها أبداً، وحين تستيقظين صباحاً ستلتفتين حولكِ لترين لا أحد، وحيدة أنتِ في هذا المكان، آآه الوحدة، الوحدة كريهة طعمها مر كالعلقم، يا ربِّ ساعديني، ألهمني الصواب، ماذا أفعل، لمَ وضعتني بين خيارين أحلاهما مر، بين نارين، نار فراقك ونار أهلي ومجتمعي الذي لن يرحمني..."
غسلت وجهها بالماء، لن تذهب عصراً إلى العمل، ستعقد هدنة مع نفسها، ستفكر..
"لا بد أن أرتاح، أن أفكر بعقلانية فرؤيته تشوشني، تُطيّر ما تبقى من عقلي إن كان موجوداً أصلاً!!!!!"
استلقت على فراشها، أغمضت عينيها المرهقتين، استرجعت تلك القصة التي حاكتها في خيالها منذُّ أن رأته، هي و "أبو محمد" معاً في منزل يظللهم....
ألسنا جميعنا نحلم، ونحيك خطوط أحلامنا بخيوط ناعمة ذهبية، لكنها لا تلبث أن تهتز و تتقطع تلك الخيوط، تتهدل كخيوط العنكبوت...
تقلبت يميناً وشمالاً على وسادتها، تلك الوسادة الخالية وصورته لا تفارقها:
- "أتقبلين الزواج مني".
============
دعكت "مريم" يدها ربما للمرة الخمسين!!!! كانت جالسة بجوار "أحمد" تساعده في حل الواجبات المدرسية.
- "مريوووم" 5-2 تساوي كم؟
- ............
- مريووووووووووووووم.
- ماذا..ماذا بك؟ لم تصرخ؟
- أسألك 5-2 كم؟
- ألا تعرف كم؟ انظر- فتحت قبضة يدها باتساع وهي ترفعها لأعلى- هذه خمسة أصابع ابعد أصبعان هكذا، كم أصبع بقى في نظرك؟
- امممممم، قلتُ لكِ ثلاثة..أرأيتِ كم أنا ذكي!!!
تأفف العبقري الصغير وهو يدون الإجابة في الكتاب، ابتسمت "مريم" ابتسامة مشوشة وعادت لشرودها.
ترك "أحمد" كتابه و أخرج من حقيبته لعبة خشبية مصنوعة يدوياً على شكل فزاعة، أخذ يعبث بها بنعومة، يمسح على عينيها ويمسدُّ شعرها المجعد، قربها من حجره وهو يهمس برقة:
- "ماما...ماما".
انتبهت "مريم" من شرودها وهي تنظر له بإستغراب ممزوج بالألم، هذه هي المرة الأولى منذُ عامين يذكر فيها والدتهم..كان صغيراً جداً في الرابعة من عمره، بكى معهم عندما رآهم يبكون، سأل عن أمه، قالوا له ذهبت، إلى أين؟ أجابهُ والده: إلى السماء، لكن السماء بعيدة كيف وصلت إليها؟ سكت الأب ولم يجب وانصرف خارجاً من البيت.
سحبته هي حينها، تحبه كثيراً، أكثر من أي شخصٍ آخر، وهو متعلق بها كتوأم روحها، مسحت دموعها وهي تحضنه، وأقسمت حينها أن تكون له أمه وأبوه وأخته وكل شئ، أقسمت أن تنسيه يتمه، أن تربيه كابنها رغم ضحالة خبرتها وصغر سنها...
ازاحت ذكرياتها، تنظر إليه، إلى بقية الغالية، ظنتهُ نسيها، ولكن من ينسى أمه؟!! شعرت بغصة، بحرقة، بألم، هي لن تستطيع أن تحل محلها أبداً مهما حاولت، سيظل ذلك الجزء السحري الغامض الذي يحيط بالأمهات مفقوداً، حنان الأم من يعوضه، وذلك الحجر الدافئ أين سيجد مثله؟!
لازال ممسكاً بتلك اللعبة بحنان، يهمس لها بشجون، اقتربت منه وهي تربت على ظهره بخفة، التفت لها، في عينيه نظرة انكسار كسرت نفسها، حولتها إلى هشيم!!!
- أ..أح...حمد...
- نعم.
- .......
- ماذا تريدين؟
"أرجوك اخفض هذه العينين!!"
- أريدُ أن... لكنها لم تكمل، ضمتهُ بقوة، بأقصى قوتها، وهو لم يحتج، كان صامتاً وجسده الصغير يرسل اهتزازات عنيفة لكأنه ينتظر تلك اللحظة التي يُفرغ فيها شحناته المكبوتة، تركت دموعه تبلل ثيابها، شهقاته تُسمع بوضوح الآن، تبكي معه على أمها وعليه وعلى الأيام.......
=============
- "راشد" ما بالك، أراكِ متغيراً هذه الأيام.
هزّ "راشد" كتفيه بلا مبالاة وهو يشعل له سيجارة.
- وعدتَ للتدخين أيضاً!!!!!!!
انتظر حتى العشرة كما طريقة "خالد" في العد أو الذبح النفسي كما يسميها، ثم قال:
- أعتقد أن هذا الأمر يخصني ولا...يعنيك.
فتح "خالد" عينيه غير مصدقٍ ما يسمعه، لا بدَّ أن أخاهُ جن.
- "رشوووود" احترم نفسك، كيف تخاطبني هكذا.
- اسمي "راشد" وليس "رشود" ياااااا خلّوووود!!!!
وانصرف دون أن يترك لخالد مجالاً للتعليق، قفل عائداً إلى الصالة وهو يمرر يده على شعره بإستياء، كانت أخته جالسة تشاهد التلفاز، سحب جهاز التحكم عن بعد من يدها بجفاف، ضغط على الأزرار دون أن يستقر على قناة، كانت تنظر له بغيظ مكتوم، ليس بمقدورها أن تحتج، أن تعترض أو تعاتبه وإلا وجدت أصابعه الثقيلة مطبوعة على خدها دون إنذار!!
"لمَ هو ليس لطيفاً كراشد، لم يحادثها يوماً كشقيقة، إما يصرخ في وجهها ويأتمر عليها كما لو كانت طفلة، أو ينقطع بينهما الإرسال كما في هذه اللحظة، وجودها أو عدم وجودها واحد بالنسبة له..."
ألقى الجهاز بعيداً عنها، في آخر كرسي قابع في الصالة وسار!!! وهي تكاد تنفجر، نهضت وتناولته وعادت لتتابع المسلسل الذي كانت تشاهده، لكنها لم ترى إلا أغنية الحلقة!! شدت خصلة من شعرها كانت قد نفرت غصباً بقوة وانصرفت هي الأخرى إلى غرفتها...
وفي مكتبه الخاص، أمسك "خالد" أوراق العمل، يقلبها دون اهتمام، ركنها على الطاولة من جديد، كان يشعر بالضيق، بالملل، أو الحيرة ربما....
"هي، أجل هي من سببت لي هذه الحالة، قبل أن أراها كنتُ بخير بل بألف خير، وجاءت لتفسد راحتي، صيرتني تلك المشاكسة أكثر عصبية، وأكثر نفوراً من البيت، هذا أنا أكشف نفسي أمام "أمل" بتُّ أوصلها إلى الجامعة بحجة أو أخرى لعلي أراها ولكن هيهات، بعد الموقف الأخير أشك أن تركب معي أصلاً...لم هيَ بالذات، لم يسبق أن انجذبت لفتاة مثلما انجذبتُ لها، الفتيات هنّ من يحمن حولي، كم هنَّ طماعات، يردن في الرجل كل شئ، المال و الشباب والجمال، بإختصار كل شئ، ولا يملأ عينهن إلا التراب!!!
لنعد لها، مريم..اممم اسم جميل لكن لا يناسبها!!! لو كان بيدي لسميتها "ثقيلة الدم" "الخوّافة" أو "سارقة الدجاج" ههههههه، لقد بتُّ أحب أكل الدجاج الآن، آكلهُ بنهم، يذكرني بمواقف لطيفة فيفتح شهيتي للمزيد، أففففف، ماذا أقول أنا، لا ينقصني إلا هي لأفكر فيها، من هي ومن أنا؟!! أنا "خالد" ابنُ هذا كله، و هي "مريم" مجرد "مريم" بدون لقب، بدون مستوى، دون حتى جنسية إماراتية، لحظة لكنها تحمل ألقاباً أخرى اختاروا منها ما تشاؤون....
1. بنت الفقر!
2. أبوها سائق تاكسي!!
3. أخوها مدمن مخدرات!!!
"عظيم، يا لها من ألقاب جميلة ومشرفة!! ترفعُ الرأس فعلاً، ينقصها لقب رابع فالأرقام الفردية لا تعجبني، أتشاءم منها، ربما يلحقها لقب جديد لا ندري!!"
نقر بأصابعه على الطاولة، بطريقته المعتادة في العد لكنه لم يكمل، نهض من كرسيه وصبرهُ ينفذ شيئاً فشيئاً، أقنعه ما قاله لكنّ طيفها اللعين يتراءى دائماً أمام عينيه، صورتها لا تفارق ذهنه، تتكرر بصورة غير طبيعية، ماذا أريدُ منها، أأتزوجها، كلا كلا هذا هو الجنون بعينه، أو بعد كل ما عددته لكم من ألقاب أقترنُ بها وتصبح هي زوجتي، زوجة السيد "خالد الرميثي" وأحملُ معي ألقابها معها!!!!!!!!
سؤال يطرح نفسه من جديد: ماذا تريد بالضبط يا خالد؟؟؟
طافت أجوبة كثيرة في خاطره، قلّبها في ذهنه لكنهُ لم يستسغها، أحسًّها لا تناسبها، لاتُناسب براءتها، لا تناسبها و......كفى!!!
رنّ هاتفه الجوال، تطلع إلى الشاشة، كان "فيصل" هو المتصل، هزّ رأسه لعله يبعد أفكاره المشوشة، ضغط على الزر.
- ألو..
- أهلاً.
- أين أنت؟
- أنا في البيت.
- في البيت!! تعال، جميع الشباب في الشقة، لديّ مفاجأة بل قل مفاجآآت.
ابتسم "خالد" في خاطره، إنه يعرف أي المفاجآت يعنيها صديقه المنحرف.
- اسمع ليس لديّ وقت لتفاهاتك.
صاح "فيصل" بانفعال حتى اضطرّ "خالد" لإبعاد الهاتف مسافة لا بأس بها عن أذنيه.
- أتسميها تفاااهات، أبدل أن تشكرني لأني لا أنساك أبداً في الأفراح والمسرات!!!!! ولكنني من يستحقُّ ذلك لأنني أكلم تافه مثلك.
- فيصل، أغضبت، آنا آسف، أنتِ تعرفني لا أحبُّ مثل هذه الأمور.
- ...............
- فيصل؟؟؟؟
- .......
- هيه فيصل، "شارب غوار" لم لا ترد؟
- شارب غوار في عينك. ابتسم "فيصل"
- هههههههههه.
- ماذا قلت الآن، أ ستأتي؟!
- اممممم، لا أعتقد ولكنني سأزورك اليوم بلا شك و...سلم لي على مفاجآآآتك.
- يووووووووصل...قالها ضاحكاً.
- مع السلامة.
- مع السلامة.
وضع يده أسفل ذقنه، شارد الذهن، مبلبل الخواطر، عاد لأوراقه، أمسك قلمه وهو يحاول القراءة بتمعن، لا بد أن يشغل نفسه عنها، لا بد أن يمحوها ما أمكن، هذا إن استطاع!!!!

 
 

 

عرض البوم صور شذى وردة  
قديم 30-07-06, 12:20 PM   المشاركة رقم: 18
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس ماسي

ه

البيانات
التسجيل: Jul 2006
العضوية: 7873
المشاركات: 2,789
الجنس أنثى
معدل التقييم: شذى وردة عضو على طريق الابداعشذى وردة عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 184

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
شذى وردة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : شذى وردة المنتدى : الارشيف
افتراضي ضلالات الحب "13"

 

"13"
الساعة الآن السابعة صباحاً بتوقيت الإمارات، استيقظت "مريم" بنشاط ، لقت أختها نائمة على غير العادة!! غريبة، هي تستيقظ منذُ بزوغ الفجر لتصقل نفسها للعمل!!! وكأنها عارضة أزياء وليست سكرتيرة ثم توقظها للجامعة بعد أن يتبقى على تحرك الباصات نصف ساعة!!!
أزاحت لحافها الوثير، واقتربت منها، هزتها بلطف أولاً ثم زادت من ضغطها:
- ليلى.
- أف، ماذا تريدين.
- أأنتِ مستيقظة؟!!
- أجل.
- غريبة، ألن تذهبي إلى عملك اليوم؟
- سأذهب. قالتها بفتور.
لازالت دافنةً وجهها في الوسادة دون أن تتحرك، توقفت "مريم" في مكانها، ترقب أختها بخوف:
- أأنتِ بخير، هل أنتِ مريضة؟
نزعت وجهها من وسادتها بإنهاك، تحسّ بالتعب، بالتعب النفسي، رفعت رأسها ببطء:
- أنا... بخير ليس بي شئ..
فزعت "مريم" من منظر تلك العينين الحمراوين، خيوط دقيقة متشابكة عبثت ببياضهما، أخفت رونقهما، أين ذلك البريق...لقد أنطفىء...
تجاهلت تلك النظرة المصدومة المرتسمة على محيا أختها، وسارت إلى الحمام، نظرت لوجهها في المرآة، لم تنم البارحة، قضته في التفكير والتفكير والبكاء...
لقد اتخذت قرارها ولن ترجع فيه، تعلم إنها الخاسرة الأولى والأخيرة، لكنهُ عين الصواب كما تقول أمها، آآآآه أمي، لو كنتِ معي لكنتِ أرشدتني، لما وقعتُ في دوامة الحيرة
، لكنتِ عرفتي ما بي، كنتِ ستنقذيني وتساعديني على الخروج من هذه المشكلة....
من يفهمني هنا؟ لا أحد، الكلُّ لاهٍ، أبي في عمله الذي لا ينتهي أبداً، و "مريم" وجامعتها، أكادُ أجزم أن "محمد" أكثرنا سعادة وأقلنا هماً!!!
ارتدت ملابسها، لازالت حتى تلك اللحظة تهتم بإناقتها، رغم يأسها، رغم حزنها، رغم القرار الذي اتخذته في ليلةٍ غاب فيها القمر، أتراها صائبة..مقتنعة بما ستقوله، ألن تندم يوماً!!!
"الفرصة تمر مرّ السحاب..أيها السحاب مع السلامة، ألقي التحية على النجوم إن تلاقيتما يوماً!!!".
شغلت السيارة، سيارته وذهبت لتواجهه وتخبره بقراراها....
=============
- أي من الفئات الخاصة سنختار؟ سألت "أمل".
- أرى أن فئة صعوبات التعلم أفضلها والمراجع متوفرة بكثرة في المكتبة. ردت "سلمى".
- كلا كلا، لقد تشبعنا من هذا الموضوع، ثم إنّ البرنامج العلاجي لذوي صعوبات التعلم صعب جداً، لا بد من إعداد خطة فردية لكل نوع من هذه الصعوبات..متى سننتهي حينها؟!! استنكرت "مريم".
- إذن؟
- اممممم، إما نختار مشكلات سلوكية وانفعالية أو فئة الموهوبين والمتفوقين عقلياً. اقترحت "مريم".
- نختار المشكلات السلوكية والإنفعالية فالموهوبون والمتفوقون بعيدون عنّا تماماً..ردت "سلمى".
صاحت "أمل" بإنفعال:
- تحدثي عن نفسكِ يا ماما، لقد طبقت اختبار "ريفن" للذكاء ونتج أن نسبة ذكائي هي....اممم لن أقول أخافُ أن تحسدوني.
عبست كلتا الفتاتين في وجهها، ضحكت من منظرهما المغتاظ ولكنها أردفت بتجاهل:
- طيب، حللنا مشكلة الموضوع، تبقّى مكان اللقاء لإنجاز المشروع.
- في بيتنا طبعاً. تكلمت "سلمى".
- لالالا، منزلكم بعيد، ثمّ أنا و"مريم" في نفس المنطقة ونفس الشارع، أي أنتِ من يتعين عليكِ القدوم لإحدانا.
- هذا ظلم.
- بل العدل، نحنُ اثنتان وأنتِ واحدة. مدت "أمل" لسانها، فلكزتها الأخيرة في خاصرتها.
- أأأخ.
- حتى تتعلمي الأدب.
- هيه، أنتن، الكل ينظر إلينا..ماذا سيقولون مجانين في الجامعة؟! صاحت "مريم".
دعكت "أمل" موضع اللكزة وهي تصرُّ على أسنانها:
- طيب سيكون الاجتماع في بيتنا.
أرادت "مريم" أن تعترض، لا تريد أن تذهب هناك، لكنها أحجمت، أين ستجلسهم؟ البيت من طابقٍ واحد، والمجلس احتله "محمد" بعد أن احترق أثاث غرفته عندما كان يدخن سيجارته وهو نائم!!! والصالة لا تكاد تخلى، هي مكان اجتماع العائلة، وحتى لو توفرت لهم غرفة فأي أسباب الضيافة تقدر أن توفرها لهما دون خجل أو تقصير...
سارت الفتيات كلٍ إلى بيتها على أمل أن يلتقين مساءاً للشروع في إنجاز المشروع....
==========
دقت باب المكتب بيدٍ مرتجفة، لقد ناداها منذُ مدة لكنها كانت تتباطئ...ماذا ستقول؟؟ الملف الذي بيدها ينتفض بل جسدها بأكمله ينتفض، يا ليتني لم آتي، ليتني لم أعمل أصلاً و لم آراه....
- ادخلي يا "ليلى".
جرّت قدميها بصعوبة بالغة، وبعينين لا ترين أعطتهُ الملف، لم ينظر إليه ووضعه على جانب كيفما كان.
- اجلسي، لم أنتِ واقفة؟
جلست دون شعور، طأطأت رأسها تُتابع حركة أصابع قدميها المُبردة بعناية!!
- هل فكرتِ بموضوعنا؟
"آه لقد أتت اللحظة الحاسمة".
رفعت رأسها إليه دون أن تحر جواباً، هي اطلقي لسانك، ألقي بما في جعبتك..أنا ومن بعدي الطوفان..أين سمعتُّها؟!!!
- هاا ماذا قلتِ يا عزيزتي..
"لو كنتُ عزيزةً عليك فعلاً لما وضعتني في هذا الموقف الصعب".
عبت هواءاً في صدرها، نظر لها بتوتر وبصبرٍ يكاد ينفد، يستعجلها بالكلام وعيناه مثبتتان على شفتيها تنتظران قرارها.
- أنا موافقة.
تنهد بإرتياح بصوتٍ مسموع، كان واثقاً بأنها ستقبل به لكن شكلها وهي والجة إلى المكتب لم يكن مطمئناً، أشعره بالخوف.
قام من مكتبه وجلس بالكرسي المقابل لها، وجهها ينضحُ بالعذاب، بالألم، لم قبلتِ يا "ليلى"؟!! صدقوني أنا لا أملك أن أرفض، سامحني يا أبي..سامحني....
- كم أنا سعيد جداً، بل محظوظ..صدقيني لن تندمي أبداً معي، سأجعلكِ تعيشين كالأميرات..
"أحقاً لن أندم؟! أتمنى ذلك".
- اسمعي اخرجي أنتِ أولاً وأنا سألحقك بعد قليل، قفي بالقرب من مطعم (.....) عند الشارع المقابل للشركة.
- .......
- اتفقنا؟
هزت رأسها بالإيجاب دون أن تعلق، أنهضت نفسها وهو يبتسم لها بإطمئنان، ودعته على أمل أن يلتقيا بعد قليل...
لحقها وتزوجا، كان زواجاً سريعاً، بورقة... مجرد ورقة لا أكثر أو أقل، دون أن يدري أحد لا أبوها ولا مريم ولا أحد!!!!
اصطحبها إلى شقة، كانت معظم الوقت ساهمة، شاردة، يخاطبها وهي تهز رأسها دون تركيز، توقفت عند باب الشقة بتردد، توقف متسائلاً، لاحظ ارتباكها فأمسك يدها، سحبتها منه بسرعة وهي تنظر لهُ شزراً، لكنها انتبهت لنفسها، إنه زوجك أيتها الغبية، أليست الورقة التي معك تشهدُ بذلك؟! لامت نفسها على تصرفاتها المراهِقة كما سمتها ودخلت معه وهي تشدًًّ حقيبتها!!
=============
- كلا كلا، أريدُ أن أذهب معك. صاح "أحمد"
- أنا لن أذهب إلى نزهة، لدي مشروع، واجب عليّ إنجازه.
- لا يهمني.
- كلنا فتيات، أتريد أن تجلس معنا، ماذا سيقولون عنك "أبو البنات!!".
صمت وهو يكاد أن ينفجر، احتقن وجهه وبدأت عيناه باللمعان، آلمها منظره لكنها أمسكت نفسها، لا تريدُ أن تعوده على تلبية كل طلباته.
- لا يوجد أحد معي هنا، سأبقى مع من؟! قالها بتباكٍ.
- أبي هنا.
- إنهُ نائم.
- نم معه أو اذهب و شاهد التلفاز، ثم إنًّ "ليلى" ستأتي بعد قليل وستلعب معك.
نظر لها بغبض وهو يعضّ أصبعه السبابة بقوة، أبعدتها عن فمه وهي تصرخ:
- لا تعد هذه الحركة مرة أخرى، أتفهم.
رفعها من جديد وعضها، وهو ينظر لها بعناد، حاولت أن تبعدها أو تضربه ربما لكنهُ فرّ من أمامها، تنهدت بيأس وهي تلم قبضة يدها وخرجت...
حملت كيسها معها، يحتوي على بعض المراجع والحلويات!!! الجو ربيعي اليوم رغم شتوية الفصل، تأملت النجوم في طريقها، تبدو كقلوب واهنة تنبضُ من بعيد، صدت للأرض ها هي تقترب من منزل صديقتها، مرت على المزرعة بسرعة، لا تريدُ أن تذكر شيئاً، ستنسى، أجل ستحاول أن تنسى....
دقت الجرس، لم تنتظر كثيراً إذ سرعان ما فتحت "أمل" لها الباب، كأنها متيقنة من هوية القادمة، ابتسمت لها وهي ترحب بها بحرارة، بدت جميلة في زيها المسائي، تبدو كوردة "محمدي".
دخلت بتردد، بتوجس، كأنها خائفة من شئٍ ما، خائفة من أن تراه!!!!
- هل حضرت "سلمى"؟
- لقد حضرت قبلك بنصف ساعة..لم تأخرتي هكذا يا آنسة "مريوووم"؟
- أخي "أحمد" هو من أخرني، كان يريد القدوم معي.
- ولم لم تجلبيه معكِ، كان سيسلينا؟!
- خفتُ أن تسحريه فلا ينفعنا بشئ.
ردت ضاحكة وضحكت "أمل" معها وهي تسحبها إلى الداخل.
- الله، لديكم أرجوحة، منذُ زمن لم أركب أرجوحة.
- أرجوحة؟! لقد كبرنا على ركوبها، هيه أين تذهبين؟!
- سأتأرجح عليها قليلاً.
- ماذا...ليس الآن، بعد أن ننتهي من المشروع تأرجحي كما تشائين، لقد تأخرنا.
دفعتها إلى "المجلس" والأخيرة تتذمر، ألقت "مريم" التحية على سلمى لكنها صاحت فيهما:
- أنتما، لِمَ لم تناما في الخارج أفضل ها؟! والدي اتصل وأخبرني بأنه سيأخذني بعد ساعتين ونحنُ لم نبتدأ بشئ.
- بسم الله الرحمن الرحيم، لاتخافي سننهي كل شئ في ساعة. ردت "مريم" بعبوس.
جلست الفتيات معاً وهنّ يناقشن الموضوع بجدية، تداعت أفكارهن بطلاقة، وفعلاً لم تمر ساعة إلا وقد وضعن الملامح الأساسية لبُنية المشروع.
تمددت "سلمى" و "أمل" بتعب وهن يزفرن، أما "مريم" فقد وقفت بنشاط.
- أين أنتِ ذاهبة؟ سألت "سلمى".
- تريد أن تتأرجح. ردت أمل بابتسام.
مدت "مريم" لسانها:
- أجل، سأترجح هل لديكِ مانع؟
ضحكت الفتاتان، سارت دون أن تبالِ بهما، خاصة أنها تأكدت بعدم وجود أحد في المنزل كما ذكرت "أمل" فالليلة ليلة خميس، من يريد الجلوس في المنزل؟!!
الشجيرات الخضراء تحيطُ بالحديقة بكثافة، توجهت للأرجوحة أسرها شكلها، كانت كبيرة، متسعة..شدت خيوطها تستوثق من قوة احتمالها، جلست، أرخت نفسها، دفعت بنفسها إلى الوراء، إلى أقصى حدٍّ تستطيع الوصول إليه وانطلقت بقوة إلى الأمام، أحست بنفسها خفيفة كريشة في مهب الصبا، ضحكت بإنتعاش، بفرحٍ طفولي، اليوم هي طفلة بجدلتين تتطايران في الهواء و "محمد" يدفعها دائماً بقوة، تكاد تلامس السحاب وتشعر بحرارة الشمس، تريد أن تصل إلى السماء...يا تُرى كم تبعد عنّا؟!!
"آآه، كانت أيام، أيام جميلة لن تعود، إنها مجرد ذكرى نستعيدها لنرطب بها جفاف واقعنا، واقع الحرمان، واقع كل شئ أو اللاشئ، واقع اللاواقع!!!! يا أيام عودي، عودي كما في السابق، عندما كنّا أحياء".
لم تسمع "مريم" صوت الباب الخارجي وهو يُفتح ولا إلى الظل الواقف خلفها الآن، يُراقبها بإهتمام وتأمل، لازالت تطير في الهواء وذيل خمارها يتطاير معها بحبور....
هو ميزها، رغم سمرة هذا المساء، بل يكاد يجزم أنهُ لو رآها بين آلاف النساء سيعرفها من عودها النحيل، انظروا لها كيف تتأرجح، ألم أقل لكم أنها طفلة!!!
- أتريدين أن أدفعك؟!
اهتزت من وقع الكلمات التي فاجئتها، دارت بوجهها ناحية مصدر الصوت، هو..دائماً هو، وضعت قدمها بسرعة لتوقف حركة الأرجوحة، لكن حركة القصور الذاتي كانت أقوى منها والرياح دوماً تجري بما لا تشتهي مريمُ!! اختلّ توازنها وسقطت...
لم تكن السقطة مؤلمة، كانت على التُراب، منهُ جئنا وإليه نعود....
- آسف أخفتك... هل تأذيتي؟ سأل بخوف.
لم ترد، لا زالت جالسة على الأرض. وصل محاذتها، ركع بجانبها، لكنها ابتعدت عنه وهي تحاول النهوض، ضغطت بمقعد الأرجوحة لتستند عليه لكنه خانها وارتفع لأعلى فوقعت من جديد، ارتسمت على شفتيه ابتسامة لم تغب عن عينيها، مسحت يديها عن التراب على جانبي عباءتها وهي تتحاشى النظر إليه، لم تنسى موقفهما الأخير، أتُراه نسى، ثم كيف يقول لها "أتريدين أن أدفعك" أين يظنُّ نفسه؟؟!
- هل أنتِ بخير؟ كرر سؤاله.
لم تجبه وشرعت في التحرك إلى حيث صديقاتها، سار ناحيتها ووقف قبالتها مانعاً إياها من إكمال طريقها.
- لا أدري هذا الغرور والتكبر ما مصدره؟!
- لو سمحت ابتعد عن طريقي.
- لم لا تردين هاا؟
- أنا لا أردُّ على.... وأطبقت فمها بخوف وكأنها انتبهت لنفسها، لا تريد أن تكرر ما حدث، زلة واحدة تكفي!!!
- على هذه الأشكال..أكمليها..
نكست رأسها وهي تعضُّ على شفتيها، حين تراه لا تعرف أن تنطق جملتين بصواب، دائماً لسانها يزلقها في مشادات كلامية لا تعرف سببها.
نظرت له خلسة من زاوية عينيها وهي ترمش لتتأكد من تعابير وجهه، لم تنطلِ عليه هذه الحركة لكنها أعجبته.
"ليس غاضباً...هذا جيد".
- لو سمحت، إنهم ينتظروني.
- اممممم، سأدعك إذا قلتِ "سعيدة برؤيتك مرةً أخرى"!!!!!!!!!!!!!!. قالها بتشدق.
هذه المرة كادت أن تسقط على رأسها فوراً من هول ما تسمعه.
- قوليها..
- لن أقول شيئاً، من فضلك ابتعد. صاحت.
- لن تقولي، إذن لن أتحرك وأنا التزم بكلمتي دائماً.
نظرت حولها بإرتباك، ماذا يقول هذا المجنون؟!! "أمل" تعالي... يا ليتني لم آتي إلى هنا.
- "أمللللللللللللللللللللللللللللل".
- تهدديني بالصراخ، فلتأتِ "أمل" إن استطاعت أن تفعل شيئاً.
- أنت ماذا تريد؟ هاا..هل أنت معتوه؟! غرست أصبعها في رأسها إشارةً إليه.
- أجل أنا كما قلتي والمعتوهون يفعلون أي شئ، مرفوع عنهم القلم!!! وضم ذراعيه بتصميم.
إنها تعرفه جيداً، تعرف من هو "خالد"، لم يقصر في توضيح ذلك أبداً.
- أقول ماذا؟
- قولي "سعيدة برؤيتك مرةً أخرى"!!
- لكن هذا..هذا لا يجوز، ليس من... حقي. قالتها بإستعطاف.
- لم تعقدين المسألة، أنا أعطيكِ هذا الحق، ماذا سيضركِ إن نطقتها. "دعيني أتخيل ولو مرة أنكِ تبادلينني نفس الشعور..الشعور!!! ماذا تقول؟؟!"
"الأمر ليس بهذه البساطة، إنهُ أصعب مما تتصور، إنها ليست مجرد كلمات، بل هي أحاسيس، آه لو كنت تعرف، ولكن أنى لشخصٍ مثلك أن يفهم".
مرت بضع دقائق، خالتها دهراً، هي صامتة بيأس وهو ينتظر...شئ يشدها إلى عينيه كلما أبعدت وجهها أنجذبت إليهما من جديد...
- أنا...تعثرت حروفها بإرتباك.
- نعم. نظر لها مباشرةً وهو يكاد يرى انعكاس صورته في عينيها!!
أطرقت خجلاً وهي تكمل:
- س...عيدة.
- لماذا أنتِ سعيدة؟ "يا لهذا السؤال!!"
هزت رأسها وهي تضع يداً على خدها الذي تضرج حمرةً:
- أنا..أنا لا أقدر.
- ...........
تنفست ببطء وعمق وهي تحاول أن تهدأ من انفعالاتها لكأنها تريد أن تفهمه شيئاً آخر، يختلف عمّا تنطقُ به قسمات وجهها:
- أنا لا أحب أن أنافق أو أخدع الآخرين..
انطفأت ابتسامته، تأملها لثوانٍ، لم تقلها، أصعبٌ أن نكذب على أنفسنا، لمَ لمَ لمَ، كان بإمكانكِ أن تغيري الكثير، كلمة واحدة كانت ستغير مجرى حياتي وربما حياتكِ للأبد، لا تخدع نفسك يا "خالد"، هي لا تحبُّ الخداع، ماذا تُريد منها أن تقول: منذُ أن رأتك وهي لاتنام لأن طيفك اللعين لا يفارق مقلتيها!!!! اخرس واحتفظ بالبقية من كرامتك....
ابتعد عنها بصمت، دون حركة، دون كلمةٍ زائدة، أما تراهُ الآن هو الحزنُ مرتسمٌ على وجهه الأسمر؟!! سارت دون أن يتسنى لها أن تحلل تعابيره أكثر، شعرت بغصة، برغبة في العودة، لتصرخ بقوة:
" أيها المغرور لو تعرف كم أنا سعيدة..سعيدة جداً برؤيتك رغم كل شئ!!!!".

 
 

 

عرض البوم صور شذى وردة  
قديم 30-07-06, 06:56 PM   المشاركة رقم: 19
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري
نور الامل
عضو مجموعة الطوارئ


البيانات
التسجيل: May 2006
العضوية: 4832
المشاركات: 12,244
الجنس أنثى
معدل التقييم: نونو عضو له عدد لاباس به من النقاطنونو عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 125

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
نونو غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : شذى وردة المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

مشكورة شذى وردة ..........
قصة رااااااائعة ياليت تكمليها بسررررررررررعة
...

 
 

 

عرض البوم صور نونو  
قديم 31-07-06, 06:20 PM   المشاركة رقم: 20
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس ماسي

ه

البيانات
التسجيل: Jul 2006
العضوية: 7873
المشاركات: 2,789
الجنس أنثى
معدل التقييم: شذى وردة عضو على طريق الابداعشذى وردة عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 184

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
شذى وردة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : شذى وردة المنتدى : الارشيف
افتراضي ضلالات الحب "14"

 

"14"
عادت "ليلى" في الثامنة مساءاً، وقت انتهاء دوام عملها في الشركة!!! دخلت بإنكسار، تحسُّ بنفسها ليست هي، شئٌُ بداخلها انكسر، رأت والدها مستلقياً في الصالة يشاهد التلفاز وبجانبه "أحمد"، التفت إليها وناداها:
- ليلى..
توقفت، لا بد أنهم عرفوا، علموا بأمري، وجهي يفضحني، كلا كلا، تزوجتُ تواً من أخبرهم؟؟! تزوجت!!! أرجوكِ اصمتي....
أشار لها بأن تقترب، مشت بتردد، حين تفعل شيئاً خاطئاً تشعر بأن الكل يعرفه، كلهم ينظرون لك لكي يرجموك!!!
- خذي.
أعطاها علبة بيضاء مُغلفة بعناية.
- ما هذا؟!
- اليوم عيد ميلادك أنسيتي؟!
اليوم عيد ميلادي أم يوم زواجي؟! لقد نسيت....نظرت لوالدها بحب وألم، لم تنسني يوماً وها أنا ذا أخدعك، سامحني يا أبي سامحني...
قلبت العلبة بيديها وهي تشعر بالغثيان، لا تستطيع أن تقف أمام والدها الآن بعد كل ما حدث، تشعر بالقذارة!!
غمغمت له شاكرةً وألمٌ جديد يعتصرُ قلبها، ركبت الدرج تنظر للعلبة بشرود، بحرقة، بدمعة، لم تسمع توسلات "أحمد" الحارة لكي تفتح العلبة أمامه ويرى ما بها، كل ما تراهُ الآن سراب، مجرد سراب، كل ما في الحياة سراب، أنا حقيقة و "أبو محمد" سراب!!! ماذا أقول...
دخلت غرفتها، وضعت العلبة في درج الطاولة المجاورة لسريرها، لم تفتحها، لم تشأ ذلك، نظرت لأختها الصغيرة، كانت ضامة رجليها إلى صدرها، مطرقة رأسها، يبدو كما لو كانت مستغرقة في التفكير بشئٍ ما، إنها حتى لم تنتبه لدخولها!!!
لم تكن بها طاقة لشئ، لا للحديث مع أحد ولا لأي شئ...دلفت إلى الحمام...
"أأحبه فعلاً، هل سمعت نفسها تهمس بأنها تحبه!!!! كلا كلا مستحيل، كيف تحب شخصاً مثله، إنهُ جلف والنساء يحببن الأجلاف..أين قرأت هذه العبارة؟!"
مستحيل، مستحيل أبعد كل ما قاله وفعله أحبه، أجننتِ يا مريم!!! لا يوجد شئ اسمه حب، هذه كلمة نقرأها، نسمعها ونشاهدها في الأفلام والقصص...الحب ترهات، ترهات جميلة لكنها تبقى كذبة، ألم أقل لكم أنها ترهات؟!!
لكن ماذا أفسر ما أشعر به الآن، لم أتحرّق لرؤيته، لم أشعر بالسعادة حين يكلمني حتى ولو كان معظم كلامنا شجار؟!!
لم أنجذبت له بالذات دون غيره من الرجال، لم هو بالذات، لم؟!!
يكفي يا "مريم" لقد استرسلتِ كثيراً، توقفي هنا وعودي إلى الوراء قليلاً، من أنتِ ومن هو!!
ما هذا الكلام، إنه ليس بأفضل مني بشئ، أتعنين ماله، المال ليس كل شئ والفقرُ ليس عيباً...لو كان الفقرُ رجلاً لقتلته...ثم نحنُ أفضل من غيرنا..نأكل ونشرب، صحيح أن الكماليات قد لا تتوفر لدينا لكن الحمد لله كل ما نحتاجه من ضروريات مُتاح..
"كفي عن التفكير به، كوني عاقلة، بنات آخر زمن!!!!".
=============
دارت "أمل" حول نفسها بحبور، تكادُ تطيرُ فرحاً بل تتلاشى كالأثير، اليوم فقط كلمها، خاطبها وجهاً لوجه!!!
استندت بعمود السرير، وقلبها يكادُ يقفز من صدرها، تخشى أن تسقط أو تتهاوى، إنها لا تصدق، لاتصدق إطلاقاً أنّ شفتيه لا مست حروف اسمها، صحيح أنه ناداها "أخت أمل" لكن لا يهم، فأن تنتظر كلمة ممن تحب هو أقصى ما يتمناهُ القلب....
أغمضت عينيها ببطء، ببطءٍ شديد، تريد أن تسترجع صورته على مهل، تطلب من خلايا دماغها الرمادية أن تسترجع كل حركة، كل همسة، كل خلجة من خلجاته، لا تريد لطيفه أن يختفي، عامان..عامان عمرُ هذا الحب الأخرس وقد آن له أن يتكلم، لقد مللت وملّ صبري مني....
- أخت "أمل"؟
التفتت إليه، كان خلفها مباشرة، ينظر إليها بتلك النظرة التي طالما أحالت عظامها إلى ماء، ازدردت ريقها وهي تشتم نفسها لأنها لم تنظر إلى وجهها في مرآتها قبل خروجها من المحاضرة "أأبدو جميلة؟!".
- ن..عم. ردت بهمس ذاهل.
ابتسم..."أرجوك يكفي!!!".
- أبإمكانك أن تزوديني بقائمة المراجع التي استعنتم بها في بحث "الطفل التوحدي"، سأستعين بها لمشروع التخرج، إذا سمحتِ طبع...
ردت بسرعة دون أن تتيح له الفرصة لأن يكمل:
- بالطبع، ليس لديّ مانع.
"لو طلبت عيني لما تأخرتُ بالإجابة أبداً" فتحت حقيبتها ويدها ترتجف، وفي كل ثانية تنظر له وهي تبتسم بإرتباك، والمشكلة أنها كلما حاولت أن تمسك ال "Disk " كان ينزلق من بين أصابعها، نظرت له بحيرة وهي تكادُ تبكي:
- أعطني كتبك..
سلمتهم إياه بحياء، وأخيراً وبجهد لا يُطاق أخرجت "الديسك"، ستغضب منها "مريم" و "سلمى" بلا شك، ولمَ أخبرهم أصلاً، لديّ نسخة منه في حاسوبي!!
تناولهُ منها بيده الأخرى، اتسعت ابتسامته وأردف:
- على فكرة كان عرضكم رائعاً.
"أسمعتموه ماذا يقول؟! قال عني رائعة.... رائعة!!!!" كادت أت تذوب في وقفتها، قرّب منها الكتب لكنها لم تنتبه، ناداها بلطف، فرفعت رأسها:
- أخت "أمل" تفضلي كتبك أم..لا تريدينها.
أخذتهم منه وهي تتحاشى أن تصطدم بيده، ودعها مكرراً شكره، أخذت تراقب طيفه وهو يبتعد شيئاً فشيئاً، ليت الزمان يجود عليّ بمثل تلك اللحظات.....
تناهى إلى مسمعها أصوات شجار قطعت خواطراها، بدأت تعلو شيئاً وشيئاً وهي تقترب من باب غرفتها، هرعت للباب تفتحه، كان "خالد" ممسكاً بزمام قميص "راشد"، أبعدها ذلك الأخير وهو يصرخ:
- أنت لا شأن لك بي، أتفهم.
- تُريد أن تنفصل عن شركة والدي وأسكت.
- والدي لم يمانع.
- ماذا تريد أن يقول لإبنه العاق وهو يتركه بعد أن كبّره وأعطاه من سنين خبرته الشئ الكثير.
- عاق!! لو سمحت تحدث عن نفسك أولاً قبل أن تتحدث عن غيرك.
- ماذا تقصد ها؟ سأله وقد تمكن الغضب منه.
سار عنه دون أن يجيب. زفر "خالد" وهو يحاول أن يتمالك نفسه:
- "راشد" ستعود إلى الشركة، أتسمع.
توقف "راشد" وردّ بثبات:
- لن أعود.
- لا تضطرني إلى أن أفعل أشياء ستضرُّك كثيراً.
هوى قلبه إلى الأعماق، تفتت كقطع الزجاج، لا تضعف يا "راشد" لا تضعف أبداً:
- افعل ما بدا لك.
- فرح يا "راشد" فرح...
- ...................
"رحماك يا ربي، الهمني الصبر..الصبر فقط".
- لقد كبرت وأصبحت أكثر جمالاً.
- .........
" لا تنطق اسمها بلسانك القذر".
التفت لأخته وهو يسألها بسخرية:
- كم أصبح عمرها الآن؟!
لم تجب "أمل" تنظر لأخيها الذي امتقع وجهه فجأة.
أكمل ببرود:
- ربما نسكن في هذا البيت ، أفكر أن نأخذ الطابق الثاني بأكمله، سأعطيك غرفتي بالأسفل.
"يكفييييييييييييي".
همّ بالصراخ، بالاعتذار، بتقبيل يده ربما!! لايهم.
- مبروك، سأكون سعيد جداً لأجلك، ففرح تستحق الأفضل دائماً!!!
نظر له بتعجب، أجادٌ هو في ما يقوله، لا بد أنّ شيئاً جرى له، هذا ليس "راشد" الذي أعرفه أبداً.
- أنا لا أمزح كما المرات السابقة.
- وأنا جاد في تهنئتي.
- سيكون زواجي نهاية الشهر القادم.
- أكرر مباركتي يا أخي ال..عزيز.
وانصرف بطعنةٍ وداعية!!!!
وقفت "أمل" مبهتة بينهم، تسمع حوارهما وهي لا تكادُ تصدق، ترثي أخاها، لقد قتله، قتلهُ ذلك المجرم، أيُّ أخٍ هذا، أما يسري في شرايينه دمٌ أم ثلج؟!
- أنتَ لا ضمير لك.
نظر لها بشرود دون أن ينتبه لما تقوله، لا زال مصدوماً من ردة فعل أخيه.
- نعم..ماذا قلتِ.
- أقول أنت لا ضمير لك.
ابتسم بتهكم، أخذ يبحث في جيبه عن علبة سجائر دون أن يرد عليها، شعرت بالغيظ أكثر:
- لا أحد يطيقك هنا، أنا أكرهك، الكل يكرهك، وستموت هكذا دون أن يحبك أحد.
فلتت السجارة من يده، نظر لها بغضب أخافها لكنها لم تتحرك، لازالت واقفة:
- اذهبي إلى غرفتك وإلا خسرتي وجهكِ هذا.
نفذت ما قال صاغرة، من هي لتجادله؟! أما هو فقد نظر إلى حيثما ذهب "راشد"، تأمل الممر للحظات، هزّ رأسه ثم تحرك...
وفي الجانب الآخر، في المزرعة، استند "راشد" على السور، وضع يديه على جبهته، يشعر بحرقة تعصف بكيانه، أحس بنفسه ضعيفاً مسلوب القوى كهذه النملة التي تمشي بصعوبة على كم قميصه الآن:
" سامحيني يا "فرح" سامحيني، لكل إنسان قدرة على التحمل، لكنني لم أعد أقدر, سامحيني أيتها الغالية..."
=============

 
 

 

عرض البوم صور شذى وردة  
 

مواقع النشر (المفضلة)
facebook




جديد مواضيع قسم الارشيف
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 08:08 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية