24- بين الأبيض والأسود
صورة من جوجل
لا يتوقف العقل عن التفكير ، ولا يتوقف عقلي بالذات عن إعادة شريط الذكريات وكأني بها سوف أصلح الكون وأصلح أخطاء نفسي .
كنت يومها مهووسة بتلك الروايات الرومانسية ، ربما لذلك وقعت بحب الإحساس بالحب ، أن يكون الإنسان محبوبًا لذاته وليس لما يملك، وواقع حياتي جعلني أتوق لحب إنسان .
ربما من يقرأني سيشعر بالروتين أو بالملل مما تخطه أصابعي ، وربما تشابهت الأحداث التي اسردها بالتي تكتبها أي فتاة عشوائية في هذه الدنيا.
بعد تجربتي الصادقة من طرفي، تم جرحي، كما سردت سابقًا لأجل المال بمسمى الحب والزواج .....
تلاشت جزيئيات الأحداث ، وانجلت ، لتصدمني أحداث لم أتوقعها من قبل..
فتلك الليلة التي لم أنساها قد رسمت جزءًا من مستقبلي ، كنا يومها في موسم التخييم أنا وعائلتي وطاقم أطفال خالاتي ، بل طاقم شباب وشابات أبناء خالاتي ، تجمعنا كالأيام الماضية ، وكأنك ترى الزمن يعود من جديد ، وبات اختلافنا في اكتمال نضوجنا .
جلس جميع أفراد العائلة حول النار ، لنستمد من لهيبها الدفء ، وشملتني نظراته من الطرف الآخر وكأنه يستمد دفئه من التطلع بوجهي ، كان يتطلع لي عبر وهج النار ، أحسست بالرعب من تلك النظرات لم استلطفها ، اعتبرتها جرئه غير مبررة ، وكان لسان حالي يقول (( ليست الطيور على أشكالها تقع بل الوقاحة على أشكالها تقع ، أمام مرأى العائلة ونظراته هكذا ))، منتهى الوقاحة كان تصرف ابن خالتي.
وتصرفي كان رد فعل طبيعي لأي إنسانه ، غادرت المكان ولم أكمل المتبقي من ساعات التخييم مع العائلة ، وبررت تصرفي ببرود أعصاب بأني متعبه ومرهقة ، وقدت سيارتي بسرعة لم ابلغها يومًا ما . ولساني تعلم بتلك النصف ساعة لمغادرتي المخيم حتى وصولي للمنزل، أبشع عبارات الخروج عن الأدب.
كيف يتجرأ إنسان ما على رفع نظره بكل تلك الوقاحة والغرور .
وبعد يومين بالضبط من تلك الذكرى، تقدم لخطبتي...........
وتشتت الذكريات وتشبثت بي لأقرر أمر تحويل تلك الذكريات إلى واقع أعيشه ،كنت بأشد التردد ، كنت بحاجة إلى أب لأقتات من حكمته القليل، ولم أجد إلا أبو محمد ، أبي رغم انه ليس من لحمي ودمي ، أبي الذي لم اعرفه يومًا إلا عبر تلك الكلمات التي يكتبها لي ، أب لم يتوقف عن سؤاله عني ، فبفضله أنا اليوم قوية .
وحانت لحظة القرار ، التي استهلكت نفسي ومشاعري . وبات بيدي قرار أن اجتاز عتبة الماضي، أن اهرب من تلك الذكريات السوداء، لأسطر ذكريات بيضاء جديدة .