المنتدى :
المنتدى العام
جوهرالصداقة
.... يتساءل العديد من الناس عن الصداقة وأهميتها، فالبعض
يقولون إن الصداقة الحقيقية في طريقها إلى الزوال في عصر
يتميز بالماديات والضغوط المختلفة، وآخرون
يتساءلون عن كيفية إقامة صداقة وثيقة في زمن أصبح
من الصعب العثور فيه على صديق مخلص، وعن كيفية
التفرقة بين الصداقة الحقيقية وصداقة المنفعة.
يؤكد علماء النفس والاجتماع أن أبناء المجتمعات العصرية
أصبحوا في حاجة ماسة إلى تأسيس صداقة أساسها العاطفة
الصادقة والوفاق وتقارب وجهات النظر والاهتمامات.
وتجنب العلاقات الواهية التي تحكمها المصالح المتبادلة
أو مصلحة من طرف واحد.
يقول أخصائي علم النفس الأمريكي يوجين كيندي، إن
الكثيرين منا يحتاجون بين حين وآخر إلى شخص يستطيعون
أن يرووا له قصة حياتهم بالتفصيل دون الإحساس بالحرج
ويحتاجون لشخص يثقون به ولا يخجلون من مناقشة أدق
أمورهم ومشكلاتهم الخاصة معه.
ويشير الطبيب الأمريكي إلى أنه من الخطأ الاستسلام لفكرة
عدم وجود صداقة حقيقية أو أنها عملة نادرة في طريقها
للزوال بل على الشخص القيام بمحاولات جادة لإقامة
صداقة على أساس سليم.
ولكن كيف نهيء الظروف المناسبة لإقامة الصداقة وضمان
استمرارها؟
إن أول أسس الصداقة هي أن يكون الشخص صادقا مع
نفسه، ومع الآخرين، وقادرا على تفهم جوانب وأبعاد
شخصيته وخفض سلبياتها إن وجدت؛ فالأشخاص غير
القادرين على تفهم أنفسهم، وتقبل جوانب النقص فيهم، لا
يستطيعون إقامة صداقات سليمة مع الآخرين.
أما عن كيفية التفرقة بين الصداقة الحقيقية وصداقة المنفعة
والعلاقات العابرة يقول د.كنيدي إن هناك أشخاصا نمضي
معهم أوقاتا سعيدة أثناء الخروج إلى نزهة أو ممارسة
رياضية أو نشاط معين معا، وعند انقضاء النزهة أو زوال
السبب في المشاركة تصبح الصحبة غير محتملة، يصعب
خلالها تبادل الأفكار أو إجراء حوار شخصي..
إذن هؤلاء الأشخاص لا يمكن اعتبارهم أصدقاء لمنفعة
معينة.
فمن هو الصديق الحقيقي؟
اعلم أن الصديق الحقيقي هو الذي يبقى قريبا من النفس
رغم كثرة مشاغل الطرفين، فتجده إلى جوارك، أوقات المحن
المادية والاجتماعية حتى لو اختلفت وجهة نظر الصديقين
في قضية عامة أو مذهب سياسي..
ويعتقد الكثيرون أن سن الشباب هو أفضل مرحلة في العمر
لإقامة صداقات حقيقية، وإن الرابطة بين أصدقاء الماضي
عادة ما تكون أقوى من الأصدقاء الجدد، وعلماء النفس
يؤكدون أن القدرة على إقامة صداقات وقوتها لا تعتمد
سن الشخص أو طول مدة الصداقة ولكن الشباب عادة
يطلقون العنان لمشاعرهم ويستطيعون الكشف عن أحاسيسهم
بسهولة للآخرين، مما يسهل عملية إقامة الصداقات.
وقد يفضل بعض الأشخاص تجنب الصداقات خوفا من
المشكلات المترتبة على فشلها والاضطرار لمواجهة
الآلام والإحساس بخيبة الأمل أو لاعتقادهم بأن الصداقة
الكاملة مستحيلة..ومثل هؤلاء الأشخاص يفرضون على
أنفسهم عزلة اختيارية، فهم يرفضون دفع ثمن لرابطة
إنسانية لا يعرفون قيمتها الحقيقية وأهميتها الكبرى لدى
الإنسان.
فإن للصحبة آداباً قلّ من يراعيها. ولذلك فإننا كثيراً ما نجد المحبة تنقلب إلى عداوة، والصداقة تنقلب إلى بغضاء وخصومة، ولو تمسك كل من الصاحبين بآداب الصحبة لما حدثت الفرقة بينهما، ولما وجد الشيطان طريقاً إليهما.
ومن آداب الصحبة التي يجب مراعاتها:
1- أن تكون الصحبة والأخوة في الله عز وجل.
2- أن يكون الصاحب ذا خلق ودين، فقد قال : { المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل } [أخرجه أحمد وأبو داود وحسنه الألباني].
3- أن يكون الصاحب ذا عقل راجح.
4- أن يكون عدلاً غير فاسق، متبعاً غير مبتدع.
5- ومن آداب الصاحب: أن يستر عيوب صاحبه ولا ينشرها.
6- أن ينصحه برفق ولين ومودة، ولا يغلظ عليه بالقول.
7- أن يصبر عليه في النصيحة ولا ييأس من الإصلاح.
8- أن يصبر على أذى صاحبه.
9- أن يكون وفياً لصاحبه مهما كانت الظروف.
10- أن يزوره في الله عز وجل لا لأجل مصلحة دنيوية.
11- أن يسأل عليه إذا غاب، ويتفقد عياله إذا سافر.
12- أن يعوده إذا مرض، ويسلم عليه إذا لقيه، ويجيبه إذا دعاه، وينصح له إذا استنصحه، ويشمته إذا عطس، ويتبعه إذا مات.
13- أن ينشر محاسنه ويذكر فضائله.
14- أن يحب له الخير كما يحبه لنفسه.
15- أن يعلمه ما جهله من أمور دينه، ويرشده إلى ما فيه صلاح دينه ودنياه.
16- أن يذبّ عنه ويردّ غيبته إذا تُكلم عليه في المجالس.
17- أن ينصره ظالماً أو مظلوماً. ونصره ظالماً بكفه عن الظلم ومنعه منه.
18- ألا يبخل عليه إذا احتاج إلى معونته، فالصديق وقت الضيق.
19- أن يقضي حوائجه ويسعى في مصالحه، ويرضى من بره بالقليل.
20- أن يؤثره على نفسه ويقدمه على غيره.
21- أن يشاركه في أفراحه، ويواسيه في أحزانه وأتراحه.
22- أن يكثر من الدعاء له بظهر الغيب.
23- أن ينصفه من نفسه عند الاختلاف.
24- ألا ينسى مودته، فالحرّ من راعى وداد لحظة.
25- ألا يكثر عليه اللوم والعتاب.
26- أن يلتمس له المعاذير ولا يلجئه إلى الاعتذار.
وإذا الحبيب أتى بذنب واحد *** جاءت محاسنه بألف شفيع
27- أن يقبل معاذيره إذا اعتذر.
28- أن يرحب به عند زيارته، ويبش في وجهه، ويكرمه غاية الإكرام.
29- أن يقدم له الهدايا، ولا ينساه من معروفه وبره.
30- أن ينسى زلاته، ويتجاوز عن هفواته.
31- ألا ينتظر منه مكافأة على حسن صنيعه.
32- أن يُعلمه بمحبته له كما قال : { إذا أحب أحدكم أخاه فليُعلمه أنه يحبه } [أخرجه أحمد وأبو داود وصححه الألباني].
33- ألا يعيّره بذنب فعله، ولا بجرم ارتكبه.
34- أن يتواضع له ولا يتكبر عليه. قال تعالى: وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [الشعراء:215].
35- ألا يكثر معه المُماراة والمجادلة، ولا يجعل ذلك سبيلاً لهجره وخصامه.
36- ألا يسيء به الظن. قال : { إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث } [رواه مسلم].
37- ألا يفشي له سراً، ولا يخلف معه وعداً، ولا يطيع فيه عدواً.
38- أن يسارع في تهنئته وتبشيره بالخير.
39- ألا يحقر شيئاً من معروفه ولو كان قليلاً.
40- أن يشجعه دائماً على التقدم والنجاح.
والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
|