تذكرت جنيفر أن تشكره على أحضارها الى البيت, ولكن أهتمامها كان مركزا بصورة تامة على أختها المعذبة , أغلق لوغان الباب الرئيسي وراءه , فتخلت شيلا عن الهدوء المصطنع , مدت يدها بعصبية الى المنشفة التي تلف بها رأسها
وقالت:
" يجب أن أسرح شعري قبل أن يجف تماما".
" من هو ديرك هاملتون , يا شيلا؟".
ردت عليها , متظاهرة , بأن المسألة عادية للغاية:
"مجرد فنان , كان هنا في الصيف الماضي لأعداد بعض اللوحات الزيتية ".
أقتحم الأولاد الثلاثة وداين باب المطبخ في تلك اللحظة , فقالت لهم:
" كم مرة قلت لكم أن تبقوا الكلب خارج البيت , عندما يكون ملوثا بالوحل على هذا الشكل؟".
تسمر ألأولاد في مكانهم , بسبب اللهجة القوية القاسية التي لم يعتادوا عليها سابقا , سيطرت شيلا على أعصابها , وقالت لهم بصوت أقل حدة:
" هيا! أخرجوه من هنا فورا!".
أطاعها الأولاد بسرعة , ولكن جنيفر تضايقت من ملامح الأرتاك والذهول التي بدت على وجوههم الصغيرة البريئة , تطلعت نحو أختها , فلاحظت أنها ندمت على تصرفها القاسي معهم :
" شيلا؟".
منتديات ليلاس
قالت لها أختها بحدة , وبشيء من المرارة:
" أسمعي! كل ما في الأمر أنه أبدى أهتماما ببعض لوحاتي , أنا لم أطلب منك أن تحدثيني عن برادلي وعليه, أرجو أن... لا أريد التحدث عن هذا الموضوع!".
أحست جنيفر لأول مرة في حياتها بوجود صمت متوتر بينهما... صمت لا تعرف كيف تتخطاه أو تتجاوزه , فيما أختها تعرف ولكنها ترفض.
لم تكن المهام الموكلة اليها صباح اليوم التالي , كموظفة أستقبال في الفندق , صعبة , أو معقدة ,ولكن كثرة عدد المتزلجين ومطالبهم المتعددة , لم تمنحها فرصة للراحة , كانت تتوق طوال الوقت لرؤية نزيل الغرفة 228 , ولكنه لم يقترب منها أو يتصل بها ,وما أن بدأت تتحدث مع كارول , المسؤولة عن الأتصالات الهاتفية , حتى لاحظت أن رجلا يتأملها بدقة وعناية , كان متوسك الطول , بدينا الى حد ما ,وذا شعر أسود كثيف , أعتذرت من زميلتها ,وتوجهت نحوه باسمة لتسأله عما أذا كان بحاجة الى أي شيء.
أنتبهت في تلك اللحظة الى أن لوغان دخل القاعة , وأخذ يتفحص الموجودين بسرعة ,وصل الى الرجل قبلها ,ومد يده لمصافحته قائلا:
" أسعدت صباحا , يا ديرك".
" أوه, أنه ديرك هاملتون! تأملت الرجلين وهما ينظران الى بعضهما بكثير من التحدي , أذهلتها الطريقة التي تأمل بها لوغان ذلك الرجل , لم ينظر اليه بود أو بعداء , بل بدا وكأنه يدرس أحتمالات النجاح والخسارة في حال حدوث تصادم بينهما , قال له لوغان بلهجة عادية:
" أحببت أن أراك لأعرف متى تبدأ رحلتك الى جبال التيتون ".
" عندما يكون ذلك مناسبا".
كان جوابه يوحي باللامبالاى... وكذلك وجهه عندما تطلع نحوها, تأمل وجهها وشعرها مرة ثانية , بدون أن يظهر عليه أي أهتمام بها كأمرأة , وقال:
" أنت جنيفر".
أستغربت جدا كيف أنه عرفها , وهزت رأسها بالأيجاب, أضاف قائلا:
" شاهدت لوحة زيتية عنك , لم تتمكن شيلا من أعطاء لون شعرك حقه كاملا , أنه ذهبي كأشعة الشمس, تتخلله ومضات الغسق النارية , لم يكن اللون النحاسي , الذي أستخدمته أختك, مناسبا ومطابقا , فلون شعرك أرق وأنعم من ذلك بكثير , وهو يناسب نعومة ملامحك".
أحمر وجهها قليلا بسبب هذا الأطراء غير المتوقع ,ولكنها وجهت نظرة تحذيرية الى لوغان ردا على أبتسامته الساخرة , وشعرت بأنقباض شديد
عندما سمعته يقول:
" قد تكون الملامح كذلك يا ديرك , ولكن الفتاة نفسها ليست كذلك".
تجاهل ديرك ملاحظته ومد يده نحوها لمصافحتها قائلا:
" أنا ديرك هاملتون , ربما أخبرتك شيلا عني؟".
منتديات ليلاس
كانت كلماته ولهجته تحمل أكثر من مجرد سؤال عادي , صافحته وقالت:
" لا, آسفة , لم تخبرني".
لاحظت في وجهه مسحة خفيفة مما يشبه الألم ,فأضافت على الفور:
" قالت لي أنك كنت مهتما ببعض اللوحات التي أعدتها , هل شاهدت صورتي آنذاك؟".
نعم , كان شعرك أطول بكثير مما هو عليه الآن ,ووجهك ضاحكا بطريقة خلابة وجذابة جدا".
كان لا يزال يتأملها بدقة وروية ,وكأنه يقارن بين اللوحة والواقع , أبتسمت جنيفر وقالت له, وهو يقف أمامها الآن وجها لوجه:
" أوه, نعم , كان ذلك قبل سنوات عديدة".
تأملت جنيفر الرجل الواقف أمامها , فلاحظت أن ملامحه لم تكن وسيمة بل قوية وحادة , ألا أنه لم تكن في وجهه تلك الجاذبية الساحرة , التي تضج بها ملامح لوغان , ومع ذلك, كان يبدو رجلا يمكن الأعتماد عليه, نعم , أنه رجل يعتمد عليه.
"لوغان! هل توقفت شيلا عن العمل هنا؟".
رد عليه لوغان ببرودة ودهاء واضحين:
" فضلت أن تحل جيني محلها... في الوقت الحاضر , على الأقل".
لاحظ ديرك وجنيفر التشديد على الجزء الأخر الأخير من الجملة , والأيحاء الجلي بأن الفنان نفسه هو سبب التغيير الحاصل حاليا , نظر اليها ديرك مجددا , وكان أهتمامه هذه المرة شخصيا ... بما في ذلك ولاحظته عدم وجود خاتم خطوبة أو زواج
سألها بهدوء:
" ما رأيك بالفنانين , يا جنيفر؟".
"يجدر بي أن أحبهم , فأختي منهم".