تصرف لوغان معها بعد ظهر اليوم التالي كسيد مهذب يحترم ضيوفه ويرعى أمورهم , تحدث معها طوال الوقت بود وحنان , شارحا لها بأسهاب الأعمال التي تتم في المزرعة.... ومفسرا بأيضاح وأناة كافة الأشياء التي كانت تسأله عنها , ألا يشعر بالغيرة , أو حتى بالأنقباض , لوجود ديرك مع خطيبته؟
أنهيا جولتها وعادا بأتجاه البيت , ولما أصبحا بعد بعد مئة متر تقريبا , شاهدا ديرك يدخل الى سيارته وينطلق بها بسرعة , راقبت جنيفر وجه لوغان بطريقة خفية , فذهلت لعدم وجود أي رد فعل يذكر في ملامحه أو نظراته , أدركت في تلك الآونة , وبالدليل القاطع مدى القساوة المرعبة التي يمكن للوغان ممارستها ... عندما يريد تحقيق أمرما.
ترجلا عن حصانيهما قرب الأسطبل الكبير , وأوكل لوغان مهمة الأعتناء بهما الى أحد أبناء المشرف على العمال , ولما دخلا البيت , كان وجه شيلا يشع سعادة وفرحا ,نظرت الى لوغان بعينين براقتين
فسألها بصوت هادىء حنون:
" ماذا حدث؟".
لم تكن جنيفر راغبة أبدا في الأستماع الى جواب شقيقتها, فقالت:
" عن أذنكما , سأذهب لأعداد القهوة".
شعرت وهي تغادر الغرفة أن شيلا لم تلاحظ دخولها أو خروجها
وسمعتها تقول:
" لم أكن أتصور الأمر بمثل هذه السهولة , لم ترف له عين عندما شرحت له الموضوع من كافة جوانبه , قال أن يتفهم الأمر , وأذا كان ذلك يسعدني.....".
منتديات ليلاس
أغلقت جنيفر باب المطبخ في تلك اللحظة بالذات , أشفاقا على مشاعرها , تعذبت... تألمت... وكادت تبكي , مسكين ديرك... هذا الأنسان الطيب الذي يمكن الأعتماد عليه! أنه فعلا يستحق بعض شفقتها على عواطفها , فهو مثلها ... ضحية الحب الضائع والأمل المفقود.
حبست نفسها في المطبخ مدة طويلة , بحجة أعداد العشاء , وعندما أصبح الطعام جاهزا كان صداعها الناجم عن كبت مشاعرها وأحاسيسها قد بلغ أشده , أنهمرت دموع المرارة من عينيها الحزينتين , لعلمها بأنهما يفضلان عدم وجودها معهما....
أغمضت عينيها قليلا في ظلمة غرفتها , فيما كانت الأصوات الخافتة التي تصلها من قاعة الأستقبال تنهمر على رأسها كالجارة , وتطعن قلبها وجسمها كالخناجر الحادة , نامت بعد فترة من الزمن ,ولاحظت عندما أستيقظت أن الساعة بلغت الحادية عشرة ألا ربعا , لم تسمع أي صوت في البيت , سوى صوت الصمت الرهيب وتنفس شيلا , ظلت مستلقية في فراشها بدون حراك , تحاول أقناع نفسها بالأستسلام الى النوم , لم تشعر بصداعها ,ولكن الفراغ كان يقض مضجعها ويحرمها من لذة الراحة والطمأنينة.
قامت من سريرها بهدوء وذهبت الى المطبخ لأعداد فنجان من الشاي وتناول قطعة من الحلوى , تمنت لو كان بأمكانها الهرب تحت جنح الليل ,وعدم الأضطرار لمواجهة لوغان وشيلا في الصباح ,ولكنها قررت البقاء , وهي لا تدري ما أذا كان ذلك جبنا أم شجاعة , أحست وكأنها فقدت قدرتها على التحكم بشعورها وأرادتها... وكأن عقلها لم يعد يستوعب أمورا بسيطة كهذه , تقزمت حادثتها المخجلة مع برادلي أمام هذه القوة المدمرة لحبهاالحالي من جانب واحد.
صفر أبريق الماء , فقفزت من مكانها مذعورة متضايقة , بدأت تصب الماء المغلي فوق كيس الشاي الصغير القابع في قعر فنجانها , و...
" تصورت أنك نائمة".
أستدارت بسرعة نحو باب المطبخ بفزع وذهول , ثم تمالكت أعصابها وقالت:
" أردت.... أردت أن أشرب فنجانا من الشاي .... و... ".
" أنتبهي! أنتبهي!".
ولكن الفنجان وقع من يدها المرتجفة , وأفرغت محتوياته الحارة على أصابعها , قفز لوغان الى جانبها
ثم أمسك بيدها وقال:
" هل أنت بخير؟ دعيني أرى يدك".
حاولت سحبها من بين يديه , ولكنها كانت أضعف من أن تقدر على ذلك , تأمل وجهها الحزين وهو يفحص يدها , فأحست بالنار تشتعل في كافة أنحاء جسمها , وعندما ألتقت نظراتهما , حدق بها طويلا ثم راح يردد أسمها همسا.... قبل أن يضمها الى صدره.
أرتعشت بأستسلام , فيما كانت مقاومتها الضعيفة تنهار بسرعة لم تكن تتوقعها من قبل , طوقت عنقه بذراعيها ... وذابت , تململت بأنزعاج عندما رفع رأسه , حاول عقلها صد عواطفها وأحاسيسها عن التجاوب مع عناقه ,ولكنها كانت تعلم أنها له... يفعل بها ما يشاء
تمتم بصوت أجش:
" أوه , جيني , جيني! أريدك , كم أريدك!".
تسمرت بين يديه , وتوترت أعصابها بشكل مذهل , قال لها قلبها أنها سخيفة غبية ... تصورت في لحظة جنون أنه يحبها! طالبها قلبها بالتوقف فورا عن مبادلته عناقه ... فهو خطيب أختها! حاولت أبعاده عنها صارخة:
" لوغان , توقف , أرجوك! دعني, أتركني!".
لم يتركها , بل عاد يعانقها وهو يقول لها بصوت ناعم رقيق:
" لا تحاريبينني , يا جيني غلين".
منتديات ليلاس
ضربته على صدره لتتحرر من قبضته القوية ,وعندما فشلت في تحقيق ذلك , أنهمرت الدموع الحارة من عينيها , أمسك بيديها , ثم قال لها عاقد الجبين:
" ماذا دهاك؟ ماذا فعلت معك؟".
كانت دموع الذل والهوان تبلل وجهها , والغضب العارم يعصف بقلبها ومشاعرها , صرخت به:
" قلت لك أتركني ! أتركني أيها الوحش, أيها المخادع!".
سألها بحدة وبصوت حاد:
" ماذا حل بك ؟ هل جننت؟".
" لا , بل عدت الى صوابي".