ثم أمسك بكتفيها وهزها قليلا , قبل أن يمضي الى القول:
" تصورت في البداية أنك مهتمة بسعادة شيلا , ولكن الأمور تبدلت أخيرا , أليس كذلك؟".
أبعدت وجهها عنه بسرعة , لأنها لم تعد قادرة على تحمل نظراته , تهمها سعادة أختها من صميم قلبها , ولكنها تتمنى ألا تجد شيلا تلك السعادة بين ذراعي الرجل الذي تحبه هي , أقنعت نفسها بأنها محظوظة لأكتشافها مسبقا أعتزام لوغان وشيلا الزواج في المستقبل القريب , ستجد الوقت الكافي للتأقلم مع الوضع القائم والتطورات الجديدة , ستواجه الأمور بشجاعة وقوة , ولكن المسألة لن تكون سهلة أطلاقا , فمجرد رؤيتها لوغان , أعاد الحزن والألم الى قلبها المعذب , أرادت أبعاد أفكارها عنه , فتظاهرت بالهدوء
وسألته:
"أين هي شيلا الآن؟".
نظر اليها بأستهزاء ,وقال:
"أرسلتهما الى قمة الجبل , عندما قررت المباشرة في البحث عنك ".
منتديات ليلاس
أذن , فالفريق الرعابي مكتمل الأعضاء ... والمسكين ديرك أيضا مضطر للأنضمام كشاهد على أنتصارات لوغان ! يا للشقاء!وصلا الى القمة ,وبدآ يتزجلان بصمت وهدوء تامين , سخر المتزلجون الآخرون منهما , بسبب سكوتهما والجدية المرتسمة على وجهيهما , وقفا أمام المنحدر الأول , فقال لها بنبرة حادة بعض الشيء:
" أبلغتني شيلا بأنك قررت العودة الى مينابوليس".
رفعت رأسها بتحد , وقالت:
"هذا صحيح".
وجه اليها نظرات قاسية جدا , وقال لها بلهجة مهينة:
" وهل ستقبلين العرض الذي قدمه اليك ذاك الرجل؟".
لم تجبه على سؤاله , فتنهد بعصبية بالغة وقال:
" هل من الممكن مطالبتك بأطالة فترة بقائك هنا , لأجل شيلا , أن لم يكن لأي شيء آخر!".
يا لغروره المزعج! يتصور أنه قادر على تحقيق كافة أغراضه وأهدافه بمجرد المطالبة , أو السؤال.
" جيني.........".
لم تدعه يكمل كلامه , مع أن لهجته كانت حنونة جدا , قاطعته قائلة بعصبية , والدموع في عينيها:
" لا تنادني هكذا!".
أستدارت بسرعة نحو المنحدر , وأنطلقت كالسهم ... قبل أن يتمكن لوغان من أيقافها أو الأمساك بها , سمعت تحذيرا ضمنيا يصرخ في رأسها , يطالبها بالحد من سرعتها الجنونية! أحست بمتزلج يقترب منها , لا شك في أنه لوغان.
" خففي سرعتك فورا!".
شعرت للحظة بأن عليها متابعة النزول بتلك السرعة الهائلة , ولو أدى ذلك الى كسر رجلها أو يدها , أليست هذه النتيجة أفضل من تحطيم قلبها على صخرة حبه؟ لا , لن تتهور الى هذه الدرجة , توقفت بصورة مفاجئة , فكاد لوغان يصطدم بها , صرخ بأعلى صوته
وبلهجة تضج غضبا:
"ماذا كنت تحاولين القيام به ؟ الأنتحار؟".
منتديات ليلاس
أرتجف جسمها وغاب اللون من وجهها , فتحت فمها لأستعادة أنفاسها , فدخل الهواء البارد الى رئتيها كالخنجر , لم تجرؤ على النظر اليه, فمضى الى القول بالعصبية ذاتها :
" لن تجيبيني , كعادتك , فأما أن تفلتي لسانك السليط اللعين من سجنه لتوجيه الشتائم والكلمات القاسية اللذعة , وأما أن تقفي صامتة كالآن , أو تحاولي تجنبي قدر الأمكان , متى ستتوقفين عن محاربتي و....".
أوه , أنظر , ها هما شيلا وديرك!".
لوحت لهما بيدها وهي تشعر بالسرور والأرتياح , لأن وجودهما سيخفف كثيرا من الآلام التي تحس بها نتيجة أنفرادها بلوغان , ردت أختها التحية بفرح ظاهر , فيما أكتفى لوغان بهز رأسه بحذر وهدوء , وبتنبيه جنيفر من مغبة السرعة , وما أن أقتربا منهما قليلا , حتى أنطلق الآخران نحو المنحدر الثاني وأخذت شيلا تقوم بحركات بهلوانية أمام ديرك وحوله.
وفجأة ... تبدل المنظر المرح , وتحول الى شبه كارثة , سمعت جنيفر صرخة قوية من أختها, وشاهدت ديرك يتوقف بسرعة وينحني فوق شيلا , تركها لوغان وتوجه نحوهما , قبل تمكنها من فتح فمها ومناداة أختها بصوت حزين مرتجف.
أنطلقت فورا الى مكان الحادث , الذي سبقها اليه أيضا أحد أفراد الدورية المسؤولة عن سلامة المتزلجين , وقفت جنيفر صامتة قرب أختها , فيما كان الرجل ولوغان يفحصان جسمها للتأكد من سلامتها... وديرك يمسح الثلج عن وجهها , فتحت شيلا عينيها لحظة وهي تئن بصوت خافت , قال لوغان للرجل:
" يبدو أنها لم تصب ألا في قدمها".
" سأذهب فورا لأحضار زحافة وأستدعاء سيارة أسعاف".
شعرت جنيفر بأنها شخص غريب , يراقب عن بعد كابوس أنسان آخر , تركزت نظراتها القلقة على الملامح المتوترة في وجه لوغان ,وهو يتحدث مع ديرك ,لم تسمع كلامه , لأن الصدمة التي تعرضت لها بسبب حادث أختها كانت قوية وعنيفة , وصل الرجال المسؤولون عن نقل شيلا الى سيارة الأسعاف خلال دقائق قليلة من وقوع الحادث , ولكن جنيفر تخيلت تلك الفترة القصيرة وكأنها زمن طويل , أدركت أن لوغان موجود قربها , ولكن أهتمامها كان منصبا بكامله على أختها وما تشعر به من آلام.
وصل الجميع الى المستشفى , وأدخلت شيلا الى أحدى الغرف المخصصة لمثل هذه الحوادث , أحضر لوغان فنجانا من القهوة الى جنيفر وطلب منها أن تشربه , ثم توجه الى مكتب المستشفى لملء الأوراق المتعددة التي تتطلبها مثل هذه الأحوال , عاد بعد حوال ثلث ساعة , فلم تشعر بعودته , أخذ منها الفنجان الذي لم تشرب منه سوى جرعة واحدة , وقال بصوت ناعم:
" لم تشربي قهوتك , هل أنت بخير؟".
نظرت اليه بعينين زائغتين ,وسألته بحزن بالغ:
" هل أبلغوك شيئا عن شيلا؟".
" صرورا لها القدم بالأشعة , وسوف ينزلونها بعد قليل, يعتقد الطبيب بوجود كسر ي القدم , ولكنه يريد الأطلاع على صور الأشعة , قبل أصدار حكم نهائي ".