" لا تطلب من النّاس مالا تفعله " .
يُعتبر فن التعامل بأي وجه كان وبأي مكان مطلب معيشي , وعلى أختلاف البشر وأختلاف بيئاتهم وأفكارهم ومبادئهم لكن التعامل فن يجمعهم , إن كانت نفسك تهمك بالمرتبة الأوّلى فعليك أن تهتم بغيرك بالمرتبة الثانية , فأنا أطلب من غيري الاحترام إذا عليّ احترام غيري , أنا أطلب التقدير إذاً عليّ تقدير غيري أنا أطلب عدم الإزعاج والألحاح فعلي أن أكون كذلك مع غيري وهكذا بقية الأمور .
وأعتقد أن هذه هيّ مشكلتنا الاساسية في التعامل , وهي الأنا والنظرة المهوسة بالذات بكل متطلباتها , فلا يمكن مُطلقاً أن تنتظر كلمة جميلة ولبقة وأنت سليط اللسان , لا يمكن أن تكون إنسان ثرثار وكثير الكلام وتنتظر من النّاس الهدوء أو الانصات لك , ابتغي لنفسك ما تبتغي لغيرك , فلو أجدت الإصغاء ولم تقاطع وأشعرتهم بالاهتمام بما يقولون سيعطونك كما تعطيهم ...حاول أن تركز على الأشياء الجميلة التي تملكها وأظهرها لكي يردّ عليك الآخرين بمثلها .
مهم جدّا في فن التعامل أن تكون شخصاً ذا قدرة على التأثير مهما كان سلوك وتفكير الشخص أمامك , وأن تكون شخصية ذات تأثير يعني أن تكون لبقاً و جذاباً ولا أعني هنا الجاذبية أيّ الوسامة على أن الكثير يُفسر الجاذبية باللبس الغريب أو المُبالغة بالألون , لكن الجاذبية تكمن في البساطة والنظافة والهندام المنسق , ستكون جذاباً إن استخدمت حاسة الاستماع والانصات بشكل صحيح , ويعتقد البعض أن الجاذبية تكمن في الثرثرة وكثرة الكلام , وهذا يا صديقي يجعل مستوى الانجذاب ينخفض لديك , وكلما كنت منصتاً ومتحدثاً بارعاً على حسب الوقت والظرف المناسب كلما كنت أكثر عقلانية وتستحق الاحترام وتمهد تربة خصبة من العلاقات الإنسانية الجيّدة , والبشاشة أمر مهم فكن شخصاً مبتسماً دائماً فهيّ كرت عبور لقلوب الملايين من النّاس حتّى الذين لا تعرفهم , ولا تكن مزاحاً بشكل مبالغ كي لا تفقد احترامك , كذلك ضبط الميول شيء مهم إذ أن الشهوات والغرائز تسبب مشاكل مع الآخرين ولا أتحدث عن رغبات جنسية فقط , بل عن أي ميول يعتمد بالأوّل والآخير على الإنضباط .. مثل النظرات أو اللسان أو رغبة الإنفعال والعواطف فالتحكم فيها هو قياس للجاذبية , أيضاً الحزم يُعتبر وجاهة وجاذبية ولو إن البعض يظنّ أن كلمة " نعم " تنتسب لطيّبة القلب والتضحية , ولكن ليس كل نعم تعني تضحية ! أصحاب الشخصيات المثيرة هم الذين يحافظون على ثقتهم وإرادتهم ويقولون نعم في مكانها ولا في مكانها وهذه تسمى شجاعة وقدرة على احترام الإنسان لقيمه ولا يُعتبر نهائيّا غروراً أو عناد خصوصاً حينما يتزن في الرفض أو القبول , ستكون جذاباً حينما تحترم نفسك ولا تستهن بالآخرين ,و هناك من يعتقد أن الظرافة والسُّخرية ظاهرة تلفت الأنظار وتأتي بالجاذبية وربّما يكون صحيحاً بعض الشي لكن لا تظنّ يوماً أنها ستدوم ! إذا أن الاحترام والوقار من الخارج والتقية والرعاية من مافي الباطن وحفظ الكلمة يترك طابعاً نفسيا لدى النّاس إذا أن الرصانة تُشترى ولا تُقاس بأي تصرّف .
" الكلمة الطيّبة جنّة دنيوية "
يقول لقمان الحكيم لابنه " لتكن كلمتك طيّبة وليكن وجهك بسط تكن أحبّ إلى النّاس ممّن يعطيهم العطّاء " .
ما لشي المُشترك بين الناجحين عمليّاً واجتماعيّا ؟
إنّها القدرة على التحدث بشكل جيّد , القدرة على امتلاك أكثر المفردات أثراً , القدرة على استخدام ثورة الكلمات , و جميعنا نملك الكلمات لكن للأسف أغلبنا لا يستخدمها كما ينبغي وإن استخدم فهو يستخدم القليل .
اللغة العربية من أغنى اللغات وأميزها في انتقاء المفردة وأعظم المعاني , لكن لماذا لا نستخدم المفردات اللينة التفائلية ؟
مثلاً تقول أنا أكره جارنا .. مع إنّك تقدر تقول أنا ما أميل لجارنا أو أنا ما أرتاح له .. أو مثلاً تقول أنا أحقد على رئيسي بالعمل لكن ممكن تقول أنا عندي ملاحظات على رئيسي أو أتضايق منه بعض الأحيان.
كلنا يا مستعيني الأعزاء مطالبين بالبحث في المفردات التعبيرية الصحيحة , أنا أحاول دائما أنت أنتبه من هذه الناحية وألاحظ نفسي والحمد لله بديت أتحسن في إختيار المفردات , وكلنا نملك قدرة تغيير الكلمة بمجرّد تغيرنا للقاموس اللغوي اللفظي اللي اعتدنا عليه , إنت ممكن في لحظة وبكلمة وحدة تغير حيّاة شخص , الكلمة الطيّبة الصادقة تبعث الثقة فيك وفي الآخرين ,و نجاحك في إيصال الكلمة الطيّبة يعتمد أيضاً على جعل الكلمة جزء من الطرف الآخر و أن تجعل الطرف الآخر جزء من كلامك لإنّه بيخلق احساس جميل من الألفة والود .
أيضاً حثنا الدين الحنيف على حفظ اللسان وهو أيضاً مهارة وفن و إتقان , وحفظه قيمة جدّاً مهمّة في الحوار مع النّاس, ومع كامل الأسف الكثير يقع في المحظور من الكلمات واللي تسبب حساسية ومشاكل ولو كانت بدون قصد , وأكدوا علماء علم الاجتماع أن اللسان لازماً على صاحبه حتّى لو كانت الكلمة عفوية ومن غير تعمد إذ أن اللسان زِمام الإنسان , وكما قال لقمان الحكيم " ومن لا يملك لسانه يندم " .
" الجدال مناخ يضيع بينه الحقّ والباطل " .
قد يتحوّل الحوار إلى نقاش , لكن غير مقبول بتاتاً أن يتحوّل الحوار إلى جدال , إذ أن الدخول في الجدال يعني أن الطرفين خاسرين ,كما أن المناخ الجدالي بالعموم يُثير الغثيان خصوصاً حينما يكون بين المثقفين والمتعلمين , ومهما كانت نقطة النقاش والحوار عليها أن تبقى بعيدة عن الجدال .
العالم العربي يشهد بنفسه على نفسه أنه فاشل في إدارة حوار وطني أو حوار اجتماعي وربّما تربوي أُسري , ودائماً ما يكون الأختلاف في الأفكار والمعتقدات هو السبب في عرقلة طاولة الحوار .
إذا حسيت انك بتدخل في جدال مع أخر , فإستمع له إلى النهاية وخله يبدأ الكلام , ولا تعتبر ياصديقي هذا ضعف , لإنك ستكون الأقوى هنا , فإذا فسحت المجال لطرف الثاني وأعطيته فرصة التحدث , بتقدر تكتشف نقاط القوّة والضعف في رأيه فتابعه بحرص واهتمام وأجزم لك انك الرابح الأكبر , وتأكد عدم أحراجه بأي طريقة كانت لإنه لن يقبل وجهة نظرك إذا فندت رأيه أو احرجته , بالأخص إن كان غير مستعد لتقبل أي فكرة أو رأي , فسد نقاط الضعف لديه بحقائق أفكارك بدون أن تثبت انه مخطئ ولا تقاطعه بالكلام أو تخرج عن إطار النقاش , مهما كان الخطّ المتجاوز من قبله , وإذا جاء دورك لا تستعرض مهارتك الكلامية .. وأفضّل طريقة " الصدق , الهدوء , الاختصار , عدم التعصب أو الإنفعال " وتذكر أن التنازل عن الأمور البسيطة " التوافه " وأيضاً بلا شك بدون الاستغناء عن مبادئك يساعد في كسب أي حوار تدخل فيه .. وتقدر تحوّل الجدال إلى نقاش ودي .
" أبتهج ودَع سوء الفهم "
يقول حسن علوان " الأمر لا يتعلّق بالضّحك أو البُكاء بالإشادة أو بالإدانة والشتّم .. الأمر يتعلق أولاً بالفهم , فهم ما يجري ولماذا يجري بهذهِ الطريقة " .
من أكبر الأخطاء التي يقع فيها البعض هو سوء الفهم لهم , ولا يمكن الأعتقاد أن النّاس " دبش , أغبياء , ماتفتهم " فممكن يكون الشخص نفسه سبب رئيسي في عدم فهم الآخرين له , فمدلولات المفردات تعمل بشكل مهم في إيصال الكلام , بعيد عن الألفاظ اللي تحمّل أكثر من معنى , أو الجمل الغريبة , أوالإبتعاد عن السلالة واللطافة والسهولة في الكلمة .
أتذكر كانت لدينا في مرحلة الإبتدائي مُدرسة لغة إنجليزيّة إلى اليوم أتذكر كيف طريقة تدريسها لإنّها فعلاً كانت قريبة وكانت تعرض علينا المعنى والمفردة والتصوّرات بأسهل مايكون , على عكس مدرسة درستنا في المرحلة الثانوية كانت تجيب الهمّ وهي تشرح مادّة الإنجليزي كأنها تلّقن كلام من الكتاب بدون لا تضيف أيّ خبرة خاصّة أو تعابير أو حاجات تحسّسنا أن المادة ماهي بمادة حشو فقط !
الشاهد من ما قيل .. أن بعض المدرسين والأستاذة يملكون قدرة في إيصال أفكارهم بشكل يسير و سهل ويتخرج ويتفوق على يدهم مئات الطلاب , والعكس صحيح, إذاً أحياناً سوء الفهم يكون من الذي طرح أفكاره وليس من المستمع ..
نقاط بسيطة تُساعد في عرض أفكارك بدون التعرض لسوء الفهم :
-الوقت عامل مهم جداً جداً جداً , فربّما يكون الوقت غير مناسب للمتلقي , ربّما يكون غير متهيئ أو مستعد للاستماع أو الأخذ والعطاء .
- الصوت العالي والصوت المنخفض يشكلون مشكلة في المراد إيصاله , فعليك الإعتدال في صوتك , لإنك ماراح تقابل أشخاص متشابهين في السن أو الحالة النفسية أو البيئة أو المعتقدات والأفكار , فالإتزان في الصوت يُناسب الجميع بلا تخصيص أو استثناء .
- لغة الإيماءات والجسد هي صورة صادقة , فالتعابير تقود النّاس إلى التركيز على ما تقول , فحاول دائماً أن تكون لغة الجسد لديك تُثير اهتمام الآخر , من طريقة جلوسك , من تحريك يديك , تعابير وجهك " نظراتك , ابتسامتك " كلّها تساعد في فهم الطرف المقابل , وتذكر أن لغة الإيماءات هيّ اللغة الوحيدة التي يتفق العالم عليها .
- اختر كلماتك بعناية .. وحاول أن تجعلها كلمات بسيطة وسهلة بدون أن تكون لها أكثر من دلالة ومعنى .
- لا تدخل في حوار أو حديث مع شخص لديه ظرف طارئ مهما كانت أهمية الحوار لديك , والعكس صحيح فلا تدخل في حوار وأنت تمرّ بظرف طارئ , لإنكما لن تكسّبا شيء غير موقف " يفشل " فأجلا الحديث لوقتٍ لاحق.
مداخلات الحلقة :
لولو ليلاس
- الو السلام عليكم
- وعليكم السلام والرحمة
- كيف حالك .؟
بخير . يسلمك.
- هل تتقن فن التعامل مع الناس؟ وهل لك طريقة خاصة في ذلك ؟
الى حدا ما... بحسب الشخصيات.
- كلمة أخيرة للمستمعين ؟
الناس مثل الالوان بعضهم ناصع ومشرق وبعضهم كئيب وداكن ..
ولن تعرف معدنهم حتى تشاركهم أسوء التجارب...
لي عودة مع مداخلات الاعضاء
تحياتي لكم اختكم سارونه