الفصل الأول
كان زيكي يدندن وهو يقود سيارته فعرفت كريستي أنه يدندن لحن آخر أفلامه , انه اشهر الملحنين في عالم السينما , وعندما سيعرض هذا الفيلم على شاشات السينما , ستردد كل الشفاه هذا اللحن الجميل .
التفت زيكي نحوها فجأة وسألها مبتسما .
" أتريدين الزواج مني ؟ "
لقد سبق وطرح عليها هذا السؤال عشرات المرات . فضحكت كريستي .
" سنتكلم غدا في هذا الموضوع " أجابته ضاحكة .
كان هذا جوابها الذى اعتادت أن ترد عليه في كل مرة .
منتديات ليلاس
" لا , كريستى , أريد أن أعرف جوابك الآن نعم أم لا , وإذا جاء جوابك بكلمة لا , فإننى سأختفي من حياتك إلى الأبد "
إنها المرة الأولى التى يبدو فيها حازما . ولم تعرف كريستي بماذا تجيبه , وعرفت بأنه جاد في تهديده .
" إنه الانفصال إذا "
" انا لا امزح كريستي "
تلألأت الدموع في عينيها , لقد غير زيكي موقفه , فمنذ أربعة سنوات لم ينفصلا عن بعض . كانا يظهران معا فى كل الحفلات والمطاعم والاجتماعات .
وتساءلت ماذا سيحصل لها بدون زيكي ؟ انها ستضيع لا محالة , ولكن هل تستطيع أن تقبل الزواج منه وهي لا تحبه ؟ بالتأكيد انه رجل ساحر وكل النساء تتمنى الزواج به , وهي متمسكة به لأنه اصبح يشكل جزءا من حياتها وهي لا تريد أن يتخلى عنها .
" كريستي , فلنضع النقط على الحروف , الا تستطعين أن تحبينني ولو قليلا ؟ " سألها بلهجة حادة .
كانت السيارات تسير ببطء على الشارع المزدحم . وكانت كريستي كزيكي تضع نظارة سوداء وكان زجاج السيارة الغامق يبعد عنها فضول الصحفيين والمصورين .
" أنا أحبك كثيرا يا زيكي ... ولكن .. "
" ولكن ماذا ؟ " ثم صمت قليلا وعاد فسألها .
" هل تشكين بردة فعل كيت ؟ "
" ان كيت يحبك أيضا "
كان كيت ابن كريستي وعمره خمسة أعوام , وكان يحب زيكي , ولا يتوقف عن الضحك عندما يكون برفقته .
" انا احبه كثيرا " اقرا لها زيكي وهو ينظر إلى الإزدحام .
" إننا نقضى اكثر أوقاتنا معا , يا كريستي فلماذا لا نتزوج ؟ انا بحاجة إلى عائلة , وبحاجة لأن تصبحي زوجتي , ويصبح كيت ابني "
" ولكن كيت له والد آخر "
" انه السبب , إن زوجك السابق هو سبب رفضك للزواج مني "
" كان زواجي الأول فاشلا . وانا لا ارغب فى أن أعيد التجربة "
لقد ترك زواجها الأول أثرا عميقا في نفسها . فأقسمت أن لا تتزوج مرة ثانية . وأن لا تقع في حب رجل آخر , لأن الحب يجعل الشخص الآخر ذا سلطة قوية عليها , وهي لا تريد أن يفرض الرجل سيطرته عليها , انها الآن حرة في أن تعيش كما يحلو لها دون أن يملى أحد عليها تصرفاتها .
وزيكي رجل عاقل , وليس من هذا النوع المستبد , انه رجل محترم ولطيف , ويحترم حرية الآخرين , ولكنه قد يتغير بعد الزواج كانت السيارة متجهة نحو مونت كارلو .
" انا لست لوغان غراي , وانت لم تعودي تلك الفتاة في الثامنة عشرة من عمرها , فكم مضي على تعارفنا ؟ اكثر من اربعة سنوات .. وانت تعلمين بأننى لن امنعك من ممارسة نشاطك المهني " قال لها زيكي بحدة . ثم تنهد واضاف .
" لقد انتظرتك طويلا يا كريستي . وبدأت افقد صبري انت لم تكوني سعيدة مع لوغان غراي , فلا تعتقدي أن كل الرجال مثله "
وتوقف زيكي على الاشارة الحمراء ونظر اليها , لكنها ظلت تحدق في الطريق امامها . فبالنسبة لها الزواج مرادف لكلمة الخطر , ولقد ادركت هذه الحقيقة وكانت لاتزال صغيرة .. وعندما اضاءت الاشارة الخضراء ظل زيكي ينظر اليها . فضحكت كريستي وقالت له :
" لقد اخترت الوقت الغير مناسب لخوض هذا الحديث الجدي !"
فتابع زيكي قيادة سيارته واجابها .
" انا فضلت الحديث وانا مشغول اليدين , كي لا اضطر لأن اضمك بين يدي .. وهكذا ونحن في السيارة اكون واثقا من انك لن تلجئي للهرب "
" اوه , زيكي ! " تنهدت محتارة بين الضحك والدموع , ثم اضافت :
" انا لا استطيع ان اتخذ مثل هذا القرار بمدة خمسة دقائق , كما وانني لا احبك كما يجب , وانت تعرف ذلك "
" ولكنك تقولين دائما بأنك تشعرين بالسعادة الى جانبي "
اجابها زيكي .
" نعم , هذا صحيح "
" ونحن نقضي اكثر اوقاتنا معا والافضل ان نتزوج . فهذا نفس الشئ "
كانت كريستى تعلم بأن هذا شئ مختلف وارادت ان تصرخ لكنها نظرت إليه وسألته :
" زيكي , هل تحبني حقا ؟"
تردد زيكي قبل أن يجيب ثم ابتسم ساخرا .
" آه , النساء ! دائما يسألون هذا السؤال .. نعم , انا احبك منذ المرة الأولى التى رأيتك فيها "
فجأة هبت نسمة هواء , وطارت خصلة من شعرها على وجه زيك , وعندما اراد أن يرفعها احاط هذه الخصلة باصبع يده وكأنها محبس زواج فانقبض قلب كريستى وتنهدت .
" انا لا اطلب منك أن تحبينني , بل يكفيني ان تعيشى معي انت وكيت الى الأبد .. وسنكون نحن الثلاثة سعداء معا "
وعندما وصلا الى الكازينو , قال لها زيكي :
" سأتركك تفكرين , والآن أريد أن اجرب حظي في لعبة الروليت"
دخلا معا الى الصالة , وكان زيكي يبدو لطيفا ومرحا على عكس كريستى التى تبدو مثقلة بالهموم . هل هي تحلم ؟ .. انها المرة الاولى التى يخلع فيها زيكي قناعه ويظهر جانبا من شخصيته الحقيقية .
كان هناك الكثير من الناس حول طاولة الروليت . ولم تستطع كريستي ان تنسجم مع اللعبة , بينما كان زيكي مركزا كل انتباهه.
لقد ولد في لاس فيغاس مدينة الألعاب التى تعتمد على الحظ وعندما بلغ الخامسة عشرة من عمره كان يلعب على البيانو في احدي بارات هذه المدينة , وكان أهله لا يزالون في لاس فيغاس وكثيرا ما كان يزورهم .
كان يحب المدينة , والبارات والليل ... وكان يمل كثيرا في الريف.
كانت كريستي تفهمه , فهي ايضا تحس بمثل احساسه . وعندما كانت تدخل الى المسرح وتشاهد الستائر الحمراء , تتحول فورا الى امرأة اخرى . ولم تشعر بمثل هذه النشوة بالنسبة للسينما ابدا .
مع انها لعبت دور البطولة في ثلاثة افلام ناجحة . وكانت تتمنى ان تترك شاشة السينما وتحصر عملها بالمسرح . ولكن مدير المسرح اللندني وجد لها دورا , بعد ان حاول اقناعها بأن ترك السينما من اجل العمل فى المسرح هو ضرب من الجنون .
كان زيكي قد راهن على الرقم ستة , وعندما توقف الروليت عند هذا الرقم وربح زيكي , التفت نحوها .
" سعيد في اللعب , وتعيس في الحب " قال لها ساخرا .
اراد ان يستغل فرصة الحظ التي فتحت له . فعاد الى اللعب مرة ثانية وكانت كريستي جالسة بقربه , وكل الموجودين ينظرون إليها , لأن صورتها كانت دائما على غلافات المجلات والجميع يعرفها .
على عكس زيكي فإن وجهه لم يكون معروفا عند اكثر الناس .
كانت كريستي تنزعج دائما لأنها لا تستطيع ان تقوم بأي شئ دون أن تكون موضوع فضول المتسكعين .
منتديات ليلاس
لم تكن هذا المساء النجمة الوحيدة في الكازينو , لقد كانت تجلس هناك ايضا المغنية كارول هافن برفقة فارسها الاخير . كانت هذه المغنية قد تجاوزت الخمسين من عمرها , وكان اكثر الشباب الذين تخرج معهم لا يتعدون الخمسة والعشرين سنة .
كان الشاب رفيق كارول ينظر دائما إلى كريستي فقالت في نفسها يا لكارول المسكينة ! .
" سأذهب الى البار " قالت كريستي لزيكي .
" حسنا " اجابها وهو منشغل بلعبته بحيث انه لم يفكر بشئ آخر . وعندما جلست خلف البار , انضم اليها رفيق كارول . ونظر اليها بطرف عينه .
" مرحبا ! كيف حالك يا جميلتي ؟ " سألها الشاب مداعبا .
" ستتسائل كارول الى اين ذهبت " اجابته كريستي وهي تنظر اليه . ثم اضافت بسخرية :
" انتبه ! فإذا لم تكن عاقلا فإن ماما كارول ستغضب منك ! "
فأحمر لونه فجأة واجاب :
" انها عندما تبدأ باللعب لاتعد تهتم بأي شئ آخر . وهي لم تلاحظ غيابي , ان ثوبك رائع جدا ! "
كانت كريستي تلبس ثوبا من الحرير الأزرق , تتدلي من عنقها سلسلة فيها قطعة ذهبية مرصعة بالزفير , ويبدو أن محدثها اعجب بها كثيرا .
" ان الطقس هنا حار , ما رأيك لو نخرج قليلا ؟ "
" هيا , ارجوك دعني بسلام " اجابته بعنف .
فغضب الشاب وقال لها :
" لا تغضبي هكذا ! "
فادارت له ظهرها ولكنه امسك بذراعها . فصرخت كريستي .
" دعني , ايها .. "
" ماذا يجري هنا ؟ " سأل زيكي وهو يقترب منهما .
وانقض بسرعة على الشاب وبلحظة اصبح الرجلان على الارض بعد أن اوقعا عدة كؤوس من البورسلان . وبدقائق قليلة حضر كل رجال الأمن الموجودين في الكازينو . كان ثوب كريستى قد تمزق اثناء العراك , وتفاجأت بفلاش الكاميرا التى صورتها وهي تعيد ترتيب نفسها .
" اوه , لا " صرخ زيكي .
( نهاية الفصل الأول )