كاتب الموضوع :
rosalindas
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
شعرت بالبؤس الشديد فلو اهتم قط بدراسة شخصيتها لما حكم عليها بهذه السرعة. فلم تنسى كيف نظر إليها ولم تنسى الامتعاض الكامل في عينيه.
أصيح من الواضح في الايام التالية أن ليس عند غاي وقت لها إذ تركها في وحدة مؤلمة وأكثر ما كان يؤلمها هو طريقته في تجاهلها. أصبح الولدان هادئين بصورة غريبة بعد حادثة تحطم الآنية وهذا أمر أثار الإنتباه وظنت مافيز أن السبب هو افتقادهما الى أمهما.
ذكرت مافيز حادثة الآنية على نحو سريع ولم تذكر بيار أو أمه. قالت إنها متأكدة أن الأمر حادثة عرضية وعلى جوليا عدم التفكير فيها كثيراً. أخبرت جوليا بلطف:
- لقد وضع غاي قفلاً على باب عرفة التحف.. والآن لا أحد يستطيع أن يتجول فيها. من عادة الخادمات أن ينسين إقفال الخزائن بعد تنظيفها من الغبار, ولكن من الآن فصاعداً ستهتم هورتنس بهذا الأمر.
عادت تصرفات جوليا تقريباً إلى طبيعتها في النهاية ولكن نوعاً من البرود استمر فوجدت جوليا أن من الصعب عليها تحمل هذا. افتقدت وقوفه معها ليحدثها كما كان يفعل في أكثر الاحيان حتى عندما يكون منشغلاً كثيراً.
دهشت عندما لحق بها باحثاً صباح يوم في الاسطبلات حيث كانت بمفردها تعتني بأحد الخيول.
توقف قربها ثم راح يخبرها بأن بيار وأمه سافرا الى مقاطعة بريتاني لزيارة أصدقائهما ومن ثم سيسافران الى باريس.
منتديات ليلاس
انتقلت نظراته من الحصان إلى وجهها وادركت جوليا بغريزتها أنه أتى على ذكرهما عامداً منعمداً كي يراقب ردة فعلها. أرادت بصورة مفاجأة أن ترضيه بأي شكل كان, ولو كان ذلك على سبيل إعادة الأمور بينهما إلى سابق عهدها فقط.
استعلمت بحذر: أتمنى أن يمضوا وقتاً طيباً.
لم تقل على ما يبدو الشيء المناسب لأنه هبس وقال:
- هل وراء هذه الملاحظة قصد معين؟
هزت جوليا رأسها نفياً وحاولت أخذ جانب الحذر عندما شاهدت انقباض وجهه وهمست:
- هل يجب أن تكون كذلك؟
تنهد هذه المرة معبراً عن نفاذ صبره.
- ظننت أنك بدأت تحبين بيار على الرغم من تصرفات أمه ولكن يبدو أن قلبك من حجر.
- في عمري هذا ؟
- وهذا ما لم أفهمه, لا شيء يعيب قلبك, أنت فتاة شابة طبيعية وظننت أن قلبك قد تحطم عندما هجرك بيار بهذه السهولة.
أجابت جوليا بغضب:
- أنت متعجرف مثله, من أنت لتحكم عليّ؟ لم أقع في حب بيار إذا كان هذا ما ترمي إليه, ولم أسمح له قط بمعانقتي.
بدا أن عضلات وجه غاي استرخت ولكن الشرر ما زال يتطاير من عينيه:
- اطلقي علي من النعوت ما شئت ولكن لا تنعتيني بالمتعجرف.
لم يكن ذلك عدلاً ولكنها أخذته على حين غفلة وهو أمر لم تظنه ممكناً. قالت له إنها آسفة وإنها لا تعني ذلك. رد إليها الإساؤة بأشر منها:
- لو سمحت لبيار بمغازلتك وشجعته عوضاً عن تجاهله لاكتشفت وسيلة للتجاوب معه, فأنا مثلاً تلقيت منك التجاوب عندما كنت أقوم بعناقك.
لا أحد يستطيع أن يناقش أمراً كهذا بمثل هذه البرودة! ولكن إذا كانت قواعد النقاش بدون حدود فالأحرى أن تلعب بالطريقة ذاتها!
- ربما اخترت أنت أن تفعل ذلك وأنا في غفلة من أمري يا سيد, فأنا عادة لا أتجاوب مع شخص مثلك. في المرة القادمةــ إذا كان هناك من مرة قادمةــ يجب أن تحذرني وبعدئذ ستجدني مستعدة لمواجهتك.
بدا من الاحمرار الذي اعترى وجهه ومن صوته الأجش أنه يستمتع ساخراً بفورة غضبها.
- هل تعنين أن لديك وسائل دفاع ستستعملينها ؟
ابتلعت جوليا لهابها بصعوبة وراحت تنظر إلى أرض الاسطبل. لماذا اتخذت المحادثة هذا المنحنى؟ إنها خطرة. كان غاي منتظراً كما ينتظر القط الفأر لينقض عليه. أدركت أنها بموافقتها على مجرى الحديث كانت ترمي بنفسها بين يديه, ولكن ما البديل عندها؟
أجابته بتحدّ: نعم.
فيما كان بريق عينيه يزداد عمقاً وضع يديه على كتفيها وثبتها على الجدار الأبيض اللون, وكانا في ظل الاسطبل وكأنهما بمفردهما في العالم كله.
- إذن هل نحاول القيام لتجربة صغيرة؟
صاحت به ( لا ) وأخذت تعي أنها ترتعد.
لقد كان ذلك غباءً منها فهو يستطيع السيطرة عليها في ثوان معدودة. يعرف كلاهما ذلك ولكنها لم تعترف بالحقيقة همست بصوت أجش وفي عينيها توسل:
- أرجوك غاي لا موجب لتبرهن لي أي أمر. إن أمهلتني بعض الوقت فأنا متأكدة بأني سألقي برجل آخر وستتطور مشاعري بصورة طبيعية, وعندئد تتخلص من مسؤوليتي.
- ليس عندي هذا الوقت..
رفعت عيناها وهي غير متأكدة مما سمعته, فإن كان صحيحاً ما سمعته فكيف تتصرف إزاءه؟ اغتنمت فرصة توقفه ليلتقط أنفاسه التي سحبها بقوة فأردفت:
- لن أبقى هنا أطول مما يفترض بي.
- ليس هذا ما نحاول أن نبرهنه.
|