المنتدى :
القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
ظلام الجحود .......
السلام عليكم ....... تلك تجربتى الاولى فى كتابة القصة القصيرة بينكم ...... ارجو ان تحوز على اعجابكم .......
تحسست الام الضريرة الطريق مبتسمة كعادتها ......... وقد زادت تجاعيد وجهها وقارها ............ سيرها فى طرقات المنزل الصغير دون خوف من تعثر او وقوع كان دليلا كافيا على ثقة تلك المرأة العجوز بربها ............
فهاهى تستيقظ على صوت نداء الحق فى الفجر لتوقظ ابنها الوحيد ليصلى كما عودته ......... لطالما كانت منبع لحنان جارف يغمره دون انتظار اى مقابل ........
وصلت الام الحنون الى فراش ابنها وربتت على كتفه قائلة : " محمود ....... ابنى يالا ياابنى الفجر بيأذن "
فتح ( محمود ) عيناه راميا امه بنظرة ضيق لم تراها ليس لانها ضريرة ولكن لانها ام لاترى فى ابنها الا كل ماهو جميل .......... رماها بالنظرة تلك متأففا وهو يقول بغضب : " سيبينى نايم ياامى ....... انا تعبان وهبقى اصلى الصبح ".
انزعجت الام من رد ولدها وقالت بخضوع يصارع ايمانها بربها وشعورها بالمسئولية تجاه ولدها : " طيب يا ابنى انت حر ".
جاء الصبح ولكن بلا اى ضوء لينير حياة الام .......... تقوم هى بكل الواجبات لابنها وتحاول قدرالامكان ان تسعده مقابل جحود وقلب اعمى البصيرة وليس البصر ..........
ففى يوم التخرج كانت هناك لتؤازر ابنها فلم ينتبه حتى لوجودها الا بعد ان اخبرته عند عودتهم ........... وفى يوم حصوله على شهادة الدكتوراه ذهبت لتحتضنه بملابسها البسيطة التى وافقت من صميم قلبها على ان تكون بسيطة مقابل تأنق ولدها فخشى الابن ان يراه اصدقاءه مع امرأة لايظهر منها سوى كل وقار وتواضع ............
تزوج الابن وترك الام فى بيتها وحيدة لايرعاها احد ........ وذهبت هى بحنان الام اليه لتطمئن عليه فقابلته الزوجة ...............
الزوجة بلامبالاه : " اهلا ياماما "
الام مبتسمة بتلك الكلمة التى حلمت بسماعها من زوجة ابنها : " اهلا بيكى يابنتى ........ ياترى ( محمود ) مريحك ولا مضايقك ........ قوليلى وانا اجيبلك حقك " .
قالتها الام بقصد اضفاء بهجة المزاح من الام مع ابنتها ............ ولكن ابنتها قابلتها بعاصفة .......... فقد علا صوتها بغضب الدنيا وهى تقول : " هو انتى جايه يوم عشان تخلينا زعلانين من بعض ........ فيه ام كده فى الدنيا ؟ "
ارتبكت الام كثيرا وهى تشعر بالذنب الذى لم ترتكبه قائلة بحزن دفين : " انا اسفه يابنتى ........ والله ماكان قصدى ".
اندفع الابن وهو يخشى على غضب زوجته معنفا امه المسكينة قائلا : " ايه بس يا امى ........ بتزعليها ليه بس منك ........ هى كانت عملتلك حاجة يعنى ؟ "
اتسعت عينا الام فى الم ظاهر بديلا عن ضوء تعرف منه الاشياء ........... جلست الام من هول الصدمة وهى تذرف الدمع ......... ومر شريط من الذل الذى كانت تلقاه من ابن جاحد لايقدرمعنى كلمة ( ام ) .......... تذكرت كيف كان يعنفها حينما كانت تظهر امام زملاؤه وهى ضريرة مما يسبب له كل الاحراج عندما يرى نظرات الشفقة التى يصوبها جموع الناس لقلبه ......... تذكرت كيف تحملت الام السنوات فداء ابنها الوحيد .........
حملت الام حقيبة ملابسها الفارغة وهى تترك بيت ابنها بانكسار وهوان كجائزة نهاية خدمتها ........ وانطلقت وسط نظرات الضيق التى يبثها ولدها لها ......... ليس ضيقا لرحيلها ولكن ضيقا لمشاكل واهية سببتها بينه وبين محبوبته الرقيقة ....!!!!
************************************************************ *
امسك الابن يد امه الباردة التى اسلمت الروح منذ ساعات بعدما جاءه خبر وفاتها ........ كانت راقدة على فراشها جثة هامدة تبدو وكأنها ماتت بعد صراع كبير مع مرض لم يرحم وهن جسدها ......... كانت عيناها مغلقتان وبدا وكأنهما تحبسان الاف الدمعاتالتى لطالما وفرتهم حتى لا تسبب الضيق لابنها الوحيد ...........
كانالابن يبكى كمن لم يبكى من قبل ......... لقد فقد سنده الحقيقى فى الحياة وهى غاضبة عليه .......... تأملها راقدة حتى استقرت عيناه على ورقة صغيرة كانت دائما تلفها حول عنقه .......... امسك الورقة بتردد وفتحها وقرأ مافيها :
" ولدى الحبيب ...... اغضبتنى فأسعدتك ......... اتعبتنى فارحتك ......... قسوت على فابتسمت لانك سعيد ....... لا تقلق ......... لم اكن يوما سبب ضيق لك فى دنياك ولم اكون سبب عذابك فى الاخرة .......... انا راضية عنك ولست غاضبة منك ........ ولكن كفاك الما ان تعرف حقيقة لم ارد يوما ان تؤرقك ........... عيناى اللتان كنت تخشى منهما ........... عيناى اللتان كنت تخجل ان يراهما اصدقاءك ........... كنت صغيرا يابنى وتعرضت لحادث افقدك بصرك ......... وتبرعت بكل حب بعيناى لك ......... فعشت انا ضريرة وعشت انت مبصر ......... وكلى فداك "
وانطلقت صرخة الم حقيقى من الابن الضال ................. صرخت اوضحت مدى ظلام الجحود فى قلبه ..............
تحياتى
|