لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-12-10, 12:51 PM   المشاركة رقم: 16
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Sep 2010
العضوية: 191580
المشاركات: 862
الجنس أنثى
معدل التقييم: rs-ss501 عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 29

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
rs-ss501 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الغالي المزيون المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 

الله على صديقتك روعه ..

بس حرام توفق الروايه لـ هنا

بعدين فيه قرأ كثر لا يقرون الرواية الا لما تكتمل ..وهذا الأكثر


ارجوا الاستمرار ...فـ فيه قراء يتابعون بصمت..أنظري الي عدد المشاهدات 232


" الغالي المزيون" ..أنتظر جديدكـ

ولا تتوقفي ..


.

 
 

 

عرض البوم صور rs-ss501   رد مع اقتباس
قديم 06-12-10, 05:13 PM   المشاركة رقم: 17
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2010
العضوية: 198742
المشاركات: 18
الجنس أنثى
معدل التقييم: غلا امي يكفيني عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
غلا امي يكفيني غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الغالي المزيون المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 

رووووووعه الروايه

الصرااااحه ابدااااااااع


وننتظر اتكملها
على احر من الجمر بليز لاتتئخرين

 
 

 

عرض البوم صور غلا امي يكفيني   رد مع اقتباس
قديم 09-12-10, 02:20 PM   المشاركة رقم: 18
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Apr 2010
العضوية: 161574
المشاركات: 20
الجنس أنثى
معدل التقييم: السعيده 2008 عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
السعيده 2008 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الغالي المزيون المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 


السلام عليكم

قصه رائعه اهنئك عليها وبدايه للكتابه موفقه ارجوا الاستمرار على هذا ولك الشكر

 
 

 

عرض البوم صور السعيده 2008   رد مع اقتباس
قديم 25-12-10, 07:16 PM   المشاركة رقم: 19
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Nov 2010
العضوية: 203983
المشاركات: 22
الجنس ذكر
معدل التقييم: الغالي المزيون عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدOman
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الغالي المزيون غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الغالي المزيون المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 

مررررررررررررراحب بكل اللي تابعوني

شكرررررررررررا على تشجيعكم و لعيونكم بس راح اكمل



الجــــــــ 21 ـــــــزء:

دخلَ منير على جمال في بيته و أخذ يقول لهُ بفرح (( لقد فعلتُها يا جمال.. لقد قتلتُه و حققتُ لكَ أمنيتك و انتقمت لنا جميعاً منه )) قال له جمال بفرحٍ أكبرَ منه (( منْ الذي قتلته؟! هل هو سليم؟ )) قال منير بفخرْ (( نعم بالتأكيد.. ساعِدُك الأيمن قتل لكَ سليم و معه أكرم )) قال جمال (( هل كانا معاً في السيارة؟! و كيف ماتا؟ لقد ضربتَ عصفورين بحجر واحد يا منير )) قال منير (( بل قُل ثلاثة عصافير.. لقد كانَ معهم السائق و من مصادري علمتُ أن اسمه يزن و هو صديقُ سليم منذُ الطفولة.. لقد أطلقنا عليهم أنا و رجالي صاروخاً موجهاً فانفجرت السيارة بهم جميعاً و ماتوا محترقين داخلها )) قال له جمال (( ألم تُطلق النار على سليم؟! )) رد منير (( طبعاً.. الرصاصة التي أمرتَ بإطلاقها عليه اخترقت ظهره و إلى قلبه مباشرةً و بعد أن رأينا جثته مرتمية على صدر أكرم، و رأينا ذلك الجبان يبكي كالنساءِ عليه، بعدها أطلقنا عليهم صاروخاً و ماتوا جميعاً ولم أتحرك من هناك حتى شممتُ بنفسي رائحةَ لحمهم و هو يحترق.. و الآن ما رأيكَ بما فعلته؟؟ )) قال له جمال بانتصار و فرح (( ستكونُ مكافأتكَ كبيرةً و مجزيه و الأهم من ذلك أريدك أن توصل خبر ما فعلنا إلى خالد و عندما ينتشر الخبر في أرجاءِ المدينة اذهب إلى مآثر عند ابن خالتي و أخبرها بنبأ موته فلا بأسَ إن بكت عليه فقد كان شجاعاً حتى يتحداني أنا و بهذه الصورةٍ الواضحة، و سخريته مني قد أوردته موارد الهلاك و عندها سأزوجك منها )) قال منير (( تزوجني من؟! )) رد عليه جمال (( مآثر طبعاً، و هل هناكَ غيرها؟! )) قال منير بحزم (( أنا لا أريدُ مآثر و لا أريدُ غيرها، لقد اكتفيتُ بما لدي.. ثم ما الذي تريده من تلك المسكينة حتى تعذبها؟ لماذا تُخبرها؟ و الأهم لماذا تحاول إجبارها على الزواج من شخصٍ لا تريده.. دعها و شأنها و يكفيها ما حدث لها من قبل، و أرجعها لأبنتها )) قال جمال بسخرية (( و ما الذي تريده غير إرجاعها لابنتها يا حنون؟! )) قال منير (( أعطني مكافأتي و إجازة لمدة شهر حتى أُسافر مع زوجاتي و أولادي و أنعم بالراحة قليلاً.. و أنسى زواجي مرة ثالثة فلقد تبتُ و تابَ الله عليّ من الزواج.. فماذا قلت؟؟ )) قال جمال (( بعدَ الذي فعلته أنت تستحق.. سأضاعف راتبكَ هذا الشهر إلى ثلاثة أضعاف و سأعطيكَ إجازة لمدة أسبوعين فقط لأني أحتاجُ إليك، و الآن هيا اذهب إلى بيتك لترتاح و سأدع فتحي يأتي لك بالمال غداً.. أما أنا فيجب أن أحتفل بهذه المناسبة، و يجب أن أُجهز نفسي لأذهب لتعزية أهله ))...............


الجــــــــ 22 ـــــــزء:

كان خالد جالساً في بيته حولَ طاولةِ الغداء و هو ينتظرُ زوجته حتى يأكل معها و عندما جاءت قال لها و هو يبتسمُ بحب (( أين كنتِ؟ أكادُ أموت من الجوع )) قالت له (( ألم تسمع صوتَ البابِ يا عزيزي؟! لقد كانَ أحد رجالِ الشرطة و قد تركَ لكَ هذهِ الرسالة )) أخذَ منها الرسالة و فتحها و عندما انتهى من قراءتها تضايقَ جداً و وقفَ و الهمُ و القهرُ مسيطٌر عليه، فقالت لهُ زوجته بخوف (( ماذا حصل لكَ يا خالد؟! و ما الذي قرأته في الرسالة؟ لقد أصفرَ وجهكَ عندما قرأتها.. أخبرني ما الذي حدث )) قال لها بخفوتٍ و الحزنُ يعتصره (( لقد قتله!! )) قالت له متسائلةً بحيرةٍ (( من الذي قُتل؟! )) تلعثم ثم قال لها (( أقصدُ.. لقد ماتَ سليم )) قالت بصدمه (( سليم أخوك! من قتله؟! )) صاح فيها مكابراً (( هو ليسَ أخي، و لم يُقتل.. لقد ماتَ في حادثِ سيارة.. يجبُ أن أذهبَ إلى المركز بسرعة، فالخبرُ انتشرَ في كلِ مكان و هذا الرجلُ مشهور و أكيد أن العديدَ من الناس سيحضرون جنازته )) قالت له (( ألن تأكلَ قبلَ أن تذهب؟ )) رد عليها (( و هل هذا وقته.. لدي الكثير من الأعمال.. سأذهبُ لأُغيرَ ملابسي و أنتِ أذهبي و افتحي الباب لأني أسمعُ طرقاً شديداً )) ذهبت زوجتهُ و عندما فتحت الباب دخلَ حسام مسرعاً و اتجه لخالد مشيراً إليه بإصبعه السبابةِ بتهديدٍ قائلاً (( لقد فعلتماها معاً يا خالد.. لقد قتلتما الرجُلَ المسكين يا مجرمان.. لقد قتلتَ أخاك و لن أستبعدَ أن تقتلني أو تقتلَ صبا في المستقبل.. لقد أصبحت مجرماً يا سيادةَ النقيب )) صاح فيه خالد بغضب (( ما الذي حلّ بك؟! كيف تُدخل بيتي و تتهجم عليّ بهذهِ الطريقة؟! ثم من هو أخي الذي قتلته؟؟ أنتَ هنا و صبا في بيتك.. فمن قتلتُ و أنت حي؟! )) قال له حسام معاتباً بحزن (( ألا تعرفُ من أقصد يا خالد؟ ما الذي حدث لك.. أنظر إلى نفسك.. لم تكن هكذا في السابق.. مُستحيل أن تكون أنتَ أخي.. لقد كُنتَ أشرفَ من عرفتُ يا خالد.. لقد تحاملتَ على نفسكَ صغيراً و قُمتَ بتربيةِ صبا و أنتَ لم تصل إلى العشرينَ من عمرك عندما تركتكما للدراسةِ في الخارج، و اجتهدت حتى تصلَ إلى هذهِ المرتبةِ التي وصلتَ إليها.. أين إصراركَ على محاربةِ الشرِ و الأشرار؟! و الآن للأسف من ينظرُ إليكَ لا يرى سوى الشر في قلبكَ الأسود، و لن يحارب هذا الشرَ سواي.. سأحاربكَ أنت و صديقكَ حتى أكشفكما معاً )) رد خالد مواصلاً إنكاره (( اهدأ و توقف عن حماقتك.. فأنا لا أهُدد و لا أخافُ من أحد.. ما الذي تتكلمُ عنه؟! و منْ صديقي الذي ستكشفهُ معي؟ و الأهم، ماذا فعلنا أنا و صديقي حتى نستحقُ كلَ هذا منك؟! )) قال حسام و هو يتأففُ و قدْ نَفِذَ صبره (( أما زلتَ تتملصُ و تتهربُ يا خالد؟! أحقاً لا تعرفُ يا سيادةَ النقيب يا حامي البلاد؟! ألم تتآمر أنتَ و جمال الحسيني على قتلُِ سليم و قد فعلتُما! .. كيف طاوعكَ قلبُكَ على قتله؟! إنهُ لم يفعل لكَ شيئا.. ألأنه صرخَ و قالَ أخي تقتله؟! أين قَسمُكَ لبلدك بمراعاةِ العدل و النظام و إحقاقِ الحق و محاربةِ الباطل.. أنت الآن مع الباطل.. لقد أصبحتَ قاتلاً.. قتلته بلا سبب.. إذا نجوت في الدنيا، فإن الله كبيرٌ و لن تنجو من عقابهِ لا أنتَ و لا جمال.. عدالةُ السماءِ ستكونُ أكبر.. عبد الوهاب و جمانه اللذان قاما بتربيتهِ يشكانِ في الحادث و سأخبرهما بكلِ ما أعلم )) صاح خالد فيه و هو يبكي (( كفــــى توقـــــف يا حسام.. أرجـــــوكَ أصمت.. آآآآه، يكفينــــي عذاب الضمير حتى تأتي أنتَ و تزيدَ عليّ.. صحيح أنني أكره و لكني لا أقتل.. لقد كرهته نعم و لكني لم أقتله و لم أتآمر مع أحدٍ على قتله )) قال حسام بهدوءٍ و حزن (( لقد سمعتك بنفسي، سمعتُ كلامكَ معهم.. و جمال أمرَ منير بإطلاقِ النار على سليم )) قال خالد مدافعاً عن نفسه و هو يمسحُ دموعه (( ما سمعتهُ صحيح و لكني كنتُ أظنُ أنها لحظةُ غضبٍ من جمال و لم أعتقد أنه سيفعلها حقاً.. كنتُ أظن أنه عندما يهدأ سينسى كل شيء )) قال حسام بصرامة (( لم تفعل شيئاً و صمت، و الساكت عن الحق شيطانٌ أخرس و مثلما يستحقُ جمال العقاب، أنا و أنت نستحقهُ أيضاً لأننا سمعنا و سكتنا و بهذا نكون مشاركين في هذه الجريمة )) قال له خالد بتوسل (( أرجوك يا حسام.. أنسى هذا الموضوع و أبتعد عن جمال لأنه ليس هناك دليلٌ على قولك و قولي سوى الذي سمعناه و هذا ليس دليلاً ملموساً و لن يستخدمَ ضده.. لذلك أنسى الموضوع و دعني أحققُ فيه لوحدي حتى أجدَ الدليل إن قدرت، لأن جمال بعد أن فعل فعلتهُ أثبتَ أن له قوة لا يستطيعُ أحدٌ مجابهتها )) قال حسام و هو يهزُ رأسه بأسف (( لذلك هو يخطط و ينفذُ أمامك.. أنت الحامي و أمامك الحرامي، فتحرك و أفعل شيئاً )) قال خالد بنفاذِ صبر (( قلتُ لكَ ليس عندي دليل ضده حتى الآن، و جمال أذكى من أن يأتي إليّ و يعترف بقتله.. أنا سأذهب و يكفيني عذابَ قلبي فلا تزيدَ ألمي.. أرجوكَ اذهب من هنا و دعني لوحدي )) قال حسام (( سأدعك و لكن يجب أن تعرف أن سليم كانَ يعلم )) قال خالد مستفسراً (( ما الذي كان يعلمه؟ )) قال حسام بقهرٍ واضح (( كانَ يعلم بكل ما خطط له جمال و منير و قد سمعَ كل شيء و رآكَ و أنت تسمع و لا تنهى )) قال له خالد بارتباك (( لماذا أخبرته؟! هل جُننتْ؟! ما الذي يدريكَ أنه لم يخبر أحداً بذلك )) قال حسام (( في الحقيقة أنا لم أسمع شيئاً.. هو الذي أخبرني بكل ذلك.. لقد كان يقف خلف الباب في ذلك اليوم و قد سمعكم و أنتم تخططون و رغم ذلك لم يحاول إيقافكم )) قال خالد و الحزنُ و الندم يعتصره (( لمــــاذا؟! .. لمـاذا لم يحاول حمايةَ نفسهِ ما دامَ يعرفُ بأن جمال يحاول قتله؟!! أنا المُلام.. أنـــا.. أخبرني لماذا يا حسام؟! )) قال له حسام و هو يتنهد (( حبــهُ الذي أعماهُ هو الذي منعه.. لقد طارَ منَ الفرحِ عندما علمَ أن مآثر لا تريدُ سواه، حتى أنه لم يفكر بشيءٍ سوى البحثِ عنها.. لقد فقدَ عقلهُ مِنَ السعادةٍ و طارَ صوابه حتى لم يعد يفكرُ في شيءٍ سوى أن يجدها و يتزوجها.. هذا الحبُ المستحيل هو الذي قتله بدلاً من إسعاده.. سأذهب الآن و لكني إن نسيتُ أن جمال قد قتله فلن أنسى سليم ما حييت، و لن أنسى دموعَ تلكَ المسكينةِ جمانة و هي بالمستشفى و قد فقدت من تعبتْ في تربيتهِ 28 عاماً.. إنَ حالتها صعبةٌ و يرثى لها )) ردت عليه زوجةُ خالد هذه المرة قائلةً (( توقف يا حسام، هذا يكفي.. منذُ أن أتيتَ إلى هنا و أنت لا تفعلُ شيئاً سوى لومِ خالد على شيءٍ لم يفعله.. إنه بريء و قد أخبركَ بذلك فلماذا لا تصدقهُ و تتركهُ و شأنه؟! )) قال لها خالد بهدوءٍ غريب و هو ينظر إلى الفراغ أمامه (( اصمتي يا سراب و اتركيه، فلقد ساعدني حتى لا أهوي.. أتعلم يا حسام.. سليم لم يستطع أن يقنعني بحبهِ و هو حي و لكني الآن أحبهُ من كل قلبي.. ليس لأنه أخي بل لأنه علمني أهمَ شيءٍ في الدنيا.. علمني الأمانة.. علمني أن لا أخونَ مهنتي، و أنا أعدكَ منذُ الآن سأصونُ المهنةَ التي أعيش منها و سأنسى صداقتي لجمال و سأركض وراءهُ حتى أثبتَ أنه قاتله.. صحيح أن صحوتي جاءت متأخرةً و لكني أدعو الله من كلِ قلبي أن يغفرَ لي و يقبلَ توبتي.. أرجوكَ سامحني يا أخي.. سامحني يا حسام على كلِ ما بدرَ مني نحوك و نحو سليم و صبا، و أعدك أن أرجعَ خالدَ الشريفَ الذي يُحاربُ الشرَ كما كنتُ في الماضي، فهل تقبلُ أسفي؟! )) أبتسمَ حسام بإرتياحٍ و قال و هو يمدُ يديه لخالد (( و هل تسأل؟! تعال إلى حضني لأضمك، نحن إخوة و لا غنى لنا عن بعض.. طبعاً أسامحك و سأقف معك دائماً يا أخي الأصغر )) دفن خالد وجهه في حضن أخيه و بكى طويلاً.. بكى ندماً على كل ما حدث في الماضي و فتح صفحةً جديدةً.. صفحةً بيضاءَ غسلَ فيها كلَ أوساخَ الماضي..


الجــــــــ 23 ـــــــزء:

كان عبد الوهاب جالساً في صالةِ منزله و الدموعُ تشقُ طريقها ببطءٍ على وجهه، فدخلت عليه زوجته جمانة و جلست أمامهُ مباشرةً و قالت بضيق (( يجب أن تتصرفَ يا عبد الوهاب، بدلاً من هذه الدموع اذهب و أرجع لي ابني )) مسحَ عبد الوهاب دموعهُ بكفِ يدهِ و قال لها و هو يتنهدُ بقوة (( ألم تسأمي من ترديدِ هذا الكلامِ كلُ دقيقة؟! افهمي يا جمانة.. ابننا قد ماتَ و لن يرجعهُ شيءٌ بعد موته لا أنا و لا سواي.. أعرفُ أن الصدمةَ كانت شديدةً عليكـِ و لكن يجبُ أن تهدئي و تأخذي الأدويةَ التي وصفها لكـِ الطبيب )) قالت له صارخةً بصوتٍ حاد (( لماذا آخذ الأدوية؟ هل تعتقد أنني مجنونةً يا عبد الوهاب حتى تأخذني إلى الطبيب النفسي عندما أمرضُ قليلاً؟! ثم تعالَ إلى هنا.. ألم تنصدم أنت لفقدِ ابننا يا عبد الوهاب؟! )) قال لها محاولاً تهدئتها (( لم يقل أحدٌ أنكـِ مجنونة يا عزيزتي، و لكنكـِ أصبتِ بانهيار حاد و كان لابدَ من إحضار الطبيب النفسي حتى يعالجكـِ.. ثم من قال بأني لم أنصدم، أنا فقط أردتُ أن أقولَ أن الصدمةَ كانت عليكـِ أشدَ و أقوى )) نظرت إليه بغضبٍ و قالت له (( ما الذي تلمح له؟ و لماذا تقولُ أن الصدمةَ أشدُ و أقوى عليّ؟! )) قال لها (( لماذا عندما أقول لكـِ كلمةً تحولينها إلى تحقيق؟! )) قالت له بتهديد (( جاوبني و لا تتهرب، سليم ليس هنا الآن.. لقد ذهبَ ولن يساعدك أحدٌ في الهروبِ مني )) قال لها (( و هل أجرؤُ على ذلك.. مادمت تصرين سأتكلم.. أنت قمتِ بتدليلِ سليم كثيراً.. إنه يفعلُ ما يريدُ بسببكـِ ، و هو على غيرِ عادةِ باقي أولادنا يفعلُ عكسَ ما آمرهُ به و يفعلُ فقط ما يحبه.. كما أنهُ عنيدٌ لا يسمعُ كلمةً لأحد و لا تصدقيهِ عندما قال لكـِ أنهُ قد نسيَّ مآثر، لقد كانَ يريدُ استغفالكـِ و جعلكـِ أمامَ الأمرِ الواقع.. صحيح أنه رجلٌ كريم و شهم و عطوفٌ أيضاً و لكنه مغرور يعتقدُ أنه يستطيع الحصول على كل ما يريد و لهذا فقدناه في شبابه )) قالت له جمانة و قد زاد غضبها منه (( على الأقل هو شاب و ليس عجوزاً أو مخرفاً )) قال لها عبد الوهاب بدهشة (( من العجوزُ و المخرف؟! )) ردت عليه (( و هل هناك غيرك؟! ابني سليم ليس مغروراً.. إنه واثقٌ من نفسه، لذلك هو فعلاً يحصلُ على ما يريد، و الأهم من ذلك نحن لم نفقده و ابني لم يمت، و إن كنتَ قد صدقتَ ذلك فأنا لم و لن أصدقَ أبداً و إن لم تذهب الآن للبحث عنه، سأخرجُ وحدي لفعل ذلك )) قال عبد الوهاب بنفاذِ صبر (( لماذا لا تصدقين و قد ذهبنا و تعرفنا على سيارتهِ و ممتلكاتهِ التي نجت من الاحتراق؟؟ )) قالت جمانة بإصرار (( لأني لم أرى جثته و لن أصدق أنه ماتَ حتى أراها )) ثم أشارت لقلبها وقالت بحزنٍ قطع قلب زوجها (( إنه حيٌّ يا عبد الوهاب.. صدقني أنا أحسُ به هنا.. إنهُ هنا في قلبي.. إنه حيٌّ و يتألم و لا أعرف إذا كان سيستحمل آلامه و جراحه، لذلك يجبُ أن نجده و بسرعة )) قطعت الخادمة حديثهما و هي تدخل قائلةً (( سيدتي.. هناك رجلٌ في الخارج يطلبُ مقابلتكما معاً، هل آذن له؟ )) قال لها عبد الوهاب بغضب (( ألم أملأ أنا عيناكـ حتى تستأذنيها هي بدلاً من استئذانِ رجل البيت؟! )) قالت له جمانة ببرود (( أنا التي أمرتها، فهل لديكَ مانعٌ يا رجلَ البيت؟؟ )) ابتسم عبد الوهاب باستسلام و قال (( لا طبعاً يا حبيبتي.. لم أكن أعلم أنكـِ من أمرها بذلك )) قالت له بتسلط (( الآن قد علمت )) قال لها (( و قد رضيت.. ماذا أريدُ أنا أكثرَ من راحتكـِ يا عزيزتي )) ابتسمت جمانة برضا ثم قالت للخادمة (( هيا اذهبي و ادخليه.. ألا تعرفين من هو؟ )) قالت الخادمة (( لا، لم يقل )) قال عبد الوهاب (( حسنا اذهبي بسرعة فقد تأخرتي عليه )) بعد قليلٍ دخلَ عليهم ضيفهم و بعد أن صافحهم و جلس قال لهم (( البقية في حياتكم )) قالت له جمانة (( البقاءُ و العزةُ لله.. و لكن من أنت؟ هل أنتَ أحدُ أصحابه من هنا؟ هذا غريب لأنه لم يكلمني عنك! )) رد عليها عبد الوهاب (( إنه النقيب خالد، رئيس مركز الشرطة في المدينة و يبدو أنه قد جاءَ إلى هنا بصفته محقق ليخبرنا بالمستجداتِ التي طرأت في القضية.. أليس كذلكَ يا سيادةَ النقيب؟؟ )) قال له خالد و هو يحسُ بالخجل (( طبعاً لا يا عمي.. ما جئتُ إليكم إلا بصفتي أخاً لسليم.. صحيح أن الأوانَ قد فاتَ على اعترافي هذا و لكني فعلاً جئتُ معزياً لكم، لقد فقدتم ولداً و فقدنا أخاً و نحن معترفونَ بإخوته )) قالت له جمانة بقهر (( و أين الدليلَ الذي كنتم تنشدونه يا آل أحمد؟ )) قال خالد بأسفٍ و ندم (( الدليلُ كان موجوداً منذُ البداية.. لقد عرفته أنا و لكني تجاهلته و عرفهُ حسام و صبا و اعترفا به قبلي.. لقد أخبرنا أبي قبل مماته أن لنا أخاً في إيطاليا )) قال عبد الوهاب (( و ما يدريكَ أن سليم هو المقصود؟! )) قال خالد (( لقد رأيته عندما كان في النادي و قد كان يلبس قميصا بدون أكمام، و هناك فوق كتفه اليمنى توجد علامةٌ مثل الوشم كانت فيه منذ أن ولد و هي بالضبط كما وصفها أبي.. المهم، لقد أتيت أليكما حتى أخبركما بخبرٍ يمكن أن يساعدنا في هذه القضية )) قالت جمانة بسرعةٍ و لهفة (( هل وجدت لي ابني؟؟ )) صاح بها عبد الوهاب بغضب (( كفـــــى يا جمانة، عقلي سوف يطيرُ من رأسي بسببكـِ ، لديكـِ الآن باقي أبنائكـِ و أنا فأهتمي بنا.. ألا تحبينا مثل حبكـِ لسليم؟! )) قالت جمانة (( طبعاً أحبكم يا عبد الوهاب.. إن حب الزوج يختلف عن حب الأبناء و أنا كما تعرف أجلس دائماً لوحدي في البيت، أنت مشغولٌ بسفرياتكَ و الله وحده يعلم إن كنت متزوجاً علي أم لا )) قال لها بدهشة (( رجعتِ إلى غيرتكـِ مرةً أخرى!! لدي أنت فكيف تكون في قلبي ذرةُ شجاعةٍ حتى أجرؤَ على مجرد التفكيرِ بغيركـِ.. اطمئني لن تكون هنالكَ واحدة بعدكـِ يا جمانة )) صاحت به (( يا ويلــي، إذن هناك واحدة قبلي! )) قال لها مجارياً إياها (( ليس هنالك لا قبلكـ و لا بعدكـ.. أنا لديكـ حجة ضدي و لكن لا تنسي أولادكـ و بناتكـ فهم لهم الحق فيكـ )) قالت جمانة (( أولادي تزوجوا و اشتغلوا عني بزوجاتهم و أولادهم و لا يأتونَ عندي إلا كل أسبوعين و بناتي مع أزواجهن و كل واحدة في بلد مختلف و لا أراهن إلا مرةً كل شهرين أو ثلاثة، و أمجد قد انتقل إلى هنا منذ زمنٍ و هو لا يسألُ عني كثيراً و لم أرهُ منذُ سنة و لم أسمع صوته منذُ 6 أشهر و لم يكلف خاطرهُ برفعِ سماعةِ الهاتفِ و الاطمئنان عليّ، رغمَ اتصاله الدائمِ بكَ يا عبد الوهاب )) ثم أكملت بعد أن امتلأت عيناها بالدموع و هي تتذكر سليم (( أما سليم فهو مختلف عنهم جميعاً، فرغم أنه أغنى واحدٍ من أولادك و رغم أن أمواله أصبحت أكثرَ من أموالك إلا أن ذلكَ لم يغنه عن أمه.. إنه و رغم مشاغله يأتي دائماً لزيارتي، كل يوم كنت أراه، كان لا يمضي يومٌ إلا و يأتي إلي و يقبلُ يديّ و رأسي.. كان لا يأكل إلا معي و يجلس ليحكي لي عن كل ما حصل له و عن ما يفرحه و ما يقلقه، إنه حنونٌ و عطوف.. إنه أعطفُ عليّ منكَ يا عبد الوهاب )) تنهدَ زوجها و قال لها (( لا ينافسني أحدٌ فيكـِ غيره، و لكن ماذا أقول غيرَ أن تصمتي و تدعي الرجلَ يتكلم )) قال خالد (( على العموم لا أدري إن كانت المعلوماتُ التي لديّ مفيدةٌ أم لا )) قال عبد الوهاب بتفهم (( أخبرنا عنها و نحن سندرسها معك )) قال خالد (( المختبرُ عندنا فحصَ كلَ الموادِ المحترقةِ و وجدَ فيها أشياءً تخصُ سليم، صورٌ و أوراقٌ و غيرها و الأهم لقد عرفنا لمن اللحم المحترق في السيارة )) قالت جمانة بلهفة (( لمن هو، هل هو أكرم أم يزن؟ )) قال عبد الوهاب (( و هل نسيت سليم؟! )) قالت جمانة بثقة (( قلت لكَ سليم لم يمت)) قال خالد بضجرٍ من نزاعهما المستمر (( توقفـــا عن هذا و اسمعاني لأني أريدُ أن أذهبَ فلدي الكثيرُ من الأعمالِ.. الجثةُ لم تكن لأي واحدٍ من هؤلاءِ الثلاثةِ )) صاحَ عبد الوهاب وجمانة بدهشةٍ في نفسِ الوقتِ (( لمن إذن؟! )) قال خالد (( للقطة )) قال عبد الوهاب و الدهشةُ مازالت مرسومةً على ملامحِ وجههِ (( أيُ قطةٍ هذهَ التي تتكلمُ عنها و كيف وصلت لسيارةِ ابني؟! )) قال خالد (( يبدو أن سليم كان يملكُ قطة فلقد رأيتُ صورتها مع أشياءه الناجيةِ من الاحتراق من السيارة.. إنها قطةٌ بيضاءَ كبيرةِ الحجم ولها شعرٌ كثيفٌ يصلُ إلى قدميها، لقد كانت هذه القطة تجلس تحت عند المقعدِ الذي كان سليم يجلس فيه و يبدو أنها هي التي احترقت في السيارة )) قالت جمانة بأسف (( يا إلهي، إنها لولو يا عبد الوهاب.. يا للقطة المسكينة.. لقد كان سليم يحبها و يدللها كثيراً و سيحزنُ عندما يعلمُ بموتها.. و لكن أيعني هذا أن ابني حيُّ يرزق؟! )) قال خالد وهو يهز رأسه بأسف (( للأسف لا.. لقد نجا من حادث السيارة، و لكني لا أعتقد أنه نجا من حادث الطبيعة )) قال عبد الوهاب (( أيُ حادث؟؟ )) قال خالد مفسراً كلامه (( الذئــــاب.. ذئابُ الصحراء، إنها أخطر الحيوانات الصحراوية على الإطلاق..... للأسف يا عمي يؤسفني أن أخبركم أن الذي وجدناه في السيارة غير الممتلكات و القطة هو دمُ سليم، فهناكَ في السيارة بقعُ كبيرةٌ من الدماء، وبعدَ فحصها تبين أنها دماءُ سليم و يبدو أنها ناتجة عن إصابته برصاصة و لقد نزف كثيراً، و إن كان قد نجا من الرصاصة فلا أعتقد أنه نجا من الذئاب )) قالت جمانة (( إذن هو لم يمت في السيارة؟ )) رد خالد (( نعم، هذا صحيح )) قال عبد الوهاب بصدمةٍ شديدةٍ (( حادث السيارة كان مدبراً.. إذن ابني مات مقتولاً!! )) قال خالد (( نعم، لقد كان مدبراً )) قالت جمانة و هي مازالت تتعلق بخيوط واهنة من الأمل (( ليس هنالك دليلُ على أن الذئاب قد أكلته.. إن كان مصاباً فهنالكَ أصحابه و أكيد أنهم سيعملون على حمايته )) قال خالد وقد مزق قلبه حالها (( للأسف يا خالتي، لقد أتيتُ اليوم لأخبركم بأننا وجدنا ملابسهُ وملابس أصحابه ممزقة هناك في الصحراء على بعد 2 كم، يبدو أنهم قفزوا من السيارة و مشوا حتى وصلوا إلى هنالك فهجمت عليهم الذئاب ولم نجد منهم حتى عظمة واحدة، لم نجد سوى ثيابا ًممزقة مليئة ً بالدماء و ذئبٌ جريح، أعتقد أنهم حاولوا المقاومة و لكنهم بلا سلاح و لذلك لن يغلبوا الذئاب مهما حاولوا لأنها جائعة و هي أكثر منهم عدداً و أقوى أيضاً )) قال عبد الوهاب بيأس ٍ كبير (( إذا في النهاية قد ماتوا أيضا و لم ينقذهم أحد )) و دمعت عيناه و هو يكمل بحرقة و ألم (( ليتني لم أخبره عن والديه وإخوته.. ليتنا سكتنا و لم نتكلم يا جمانة.. لقد كان سعيداً معنا و نحن تسببنا في حضوره إلى بلادنا الأصلية، إلى أبنائها الذين قتلوه.. هيا يا سيادة النقيب أخبرني من قتله؟ و هل كان حادث السيارة مدبراً أم أن الرصاص هو الذي تسبب في اصطدام السيارة؟! و بماذا اصطدمت و هي في الصحراء القاحلة؟!! )) قال خالد (( اهدأ يا عمي، السيارة أصيبت بصاروخ و أنا أشك في رجل معين فهو الذي يمتلك مثل هذه الأسلحة )) قال عبد الوهاب بغضب (( أليس ذلك مخالفا للقانون إذ لا يصح لفرد أن يمتلك الأسلحة؟! )) قال خالد شارحا (( طبعا و لكنه كان يدافع بها عن البلاد في الحرب التي حدثت منذ عشر سنوات و لقد نجت البلاد بفضله بعد الله سبحانه و تعالى و بعد الحرب سلم أسلحته للجيش و لكن منذ سنة و بعد عدة حوادث، أصبحت الشرطة و جهات الأمن تشك بامتلاكه للأسلحة و لكن ليس هنالك دليل ضده حتى الآن فهو حذر جدا و لقد راقبناه منذ أشهر و لكن دون فائدة )) قال عبد الوهاب بقهر و حزن (( دلني عليه حتى أعلمه معنى فقد الولد.. أليس لديه أولاد حتى يحس بنا و بالنار التي أكلتنا بسببه )) قال خالد (( لا أستطيع، لأنني كما أخبرتك من قبل ليس لدي دليل ضده و لكني أعدك أن أركض وراءه حتى آتي بالدليل و عندها سيعاقب و يأخذ جزاءه )) قالت جمانه (( ليس ذلك هو المهم.. المهم هو ما علاقته بسليم و لماذا قتله؟! لماذا و هو لم يفعل له شيء؟ )) قال لها خالد (( سليم يركض وراءه منذ أن أتى إلى هنا.. الرجل عصبي و سليم يلحقه و يستهزأ به و بسببه دخل هذا الرجل إلى المستشفى مرتين )) قالت جمانة مدافعة عن سليم (( سليم ابني لا يفعل مثل هذه الأشياء، هذا الرجل كاذب لا تصدقوه )) قال عبد الوهاب (( كفي عن هذا، ألا تعرفين سليم، و لكن أن صدقنا أن سليم فعل هذا به فلماذا.. من غير المعقول أن يفعل هذا بدون سبب )) قال خالد ببساطة (( بسبب مآثر )) قال عبد الوهاب متسائلا بحيرة (( تلك التي يريد أن يتزوجها؟! هل فعل معها شيء؟! هل تحرش بها و أغضب الرجل، و ما دخل هذا الرجل بها؟! )) قال خالد (( لا تجعل تفكيرك يذهب بعيدا، سليم لم يفعل شيئا من هذا القبيل، و لكن الرجل خالها و هو رافض لفكرة زواج سليم بها رغم أن الفتاة موافقة )) قالت جمانة (( و من هي هذه الساحرة حتى تأكل عقله بهذه الطريقة و تجعله يقدم نفسه للموت من أجلها.. عندما أتى سليم إلى هذه البلد وعدني أنه سيرجع و يتزوج ابنة خالته، لقد أنسته هذه المرأة ابنة خالته التي أحبها )) قال خالد (( المرأة ليس لها ذنب.. سليم هو المذنب )) قال عبد الوهاب مدافعاً عن ابنه (( أرادها في الحلال فهل يقتل لذلك؟!! )) رد عليه خالد (( طبعاً لا، و لكن طريقته في طلب يدها كانت خطأ و لذلك غضب منه الرجل و حاول قتله و أعتقد أنه نجح )) قال عبد الوهاب بصبر (( لماذا لا تحكي لنا كل الذي حدث من البداية حتى نفهمكَ جيداً و عندها نقرر )) تنهد خالد ثم قال بضيق (( لم أكن أريد أن أخبركما و لكن يجب أن تعلما.. )) و هكذا حكي النقيب خالد لعبد الوهاب و جمانة كل ما حصل لسليم بداية بحب سليم لمآثر من أول نظرة عندما رآها في إحدى محلاته التجارية، و تحذير أكرم لسليم من خال تلك الفتاة؛ ذلك الخال المتسلط و الذي لا يرحم من ينظر لحرماته و ممتلكاته.. ثم مقابلة سليم لرحاب -أخته و زوجة خال مآثر في نفس الوقت-... و كذلك أخبرهم عن المشاكل التي حصلت بسبب صد رحاب لسليم و بسبب تجرأ زوجها على أم سليم -أي جمانة- ثم تهديد سليم لهم بتدميرهم و تشتيت عائلتهم لأنهم لم يحترموا أمه و قاموا بشتمها من دون ذنب اقترفته،... أكمل خالد كلامه قائلاً (( و بعد كل ذلك و بعد أن أشعل سليم الغضب في نفس الرجل طلب منه و بكل وقاحة يدَ مآثر، فثار الرجل و طرده ، وتفاجأ كثيراً لأن سليم بعدَ أن شتمه و هدده بتدمير حياته و عائلته أتى و بكل بساطة و برود ليطلب يد ابنة أخته، و عندها قرر مطاردة سليم و الانتقام منه )) ثم أخبرهم خالد عن حادث احتراق القصر و الذي نجا منه سليم بأعجوبة.. و عن ضرب رجال سليم لمنير أكبر أعوان ذلك الرجل و القضية التي حدثت بينهما في المركز و أخيراً قال لهم عن تهجم سليم عليه و على رحاب في المستشفى.. قال عبد الوهاب بصدمةٍ شديدة (( سليم يمدُ يدهُ على امرأة!! مستحيل أنا لا أصدق ذلك )) قال خالد (( لقد ضربني أنا أيضاً.. الحقيقة أنها هي التي استفزته، فقد أخبرته أن زوجها قد زوج مآثر بسببها و أنها قد رحلت إلى الأبد و عندها فقد سليم سيطرته على نفسه و مد يده و ضربها و لكنها سامحتها و كانت تريد أن تأتي لمصالحته و التأسف منه لولا أن سبقها القدر إليه و هذا أيضاً بسبب زوجها الذي أطلق عليه صاروخاً بعد أن أصابه بالرصاص )) قال عبد الوهاب بنبرة توسل حزينة (( لماذا لا تخبرنا يا أبني من هو حتى نستطيع التصرف )) قال خالد بثقة (( سنتصرف و لكن بحكمة و من دون تسرع )) بكت جمانة بشدة و بصوتٍ عالٍ ثم قالت (( كل هذا حصل و لم يحاول سليم إخبارنا، لقد تعذب ابننا بسبب هذا الرجل كثيراً )) ثم وقفت و اتجهت لخالد و أمسكته من قميصه بشدة و قالت (( هيـــــا، تكلم أخبرني من هو حتى أقتله و أشفي غليلي )) أبعدها عبد الوهاب عنه ثم قال له (( سامحنا يا أبني أنها مرهقة جداً و ترفض أن تأخذ الدواء.. هيا الآن اذهب و أفعل ما تراه مناسباً، و تأكد أننا معك و إذا كنا قد فقدنا سليم فإنا قد كسبناكَ يا ابني )) واصلت جمانة صراخها بقوة و هي تتملص من يدي عبد الوهاب و أخذت تصرخ و تقول (( اتركني أذهب ابني لم يمت.. ارجعوا لي سليـــــــــــم.... أريـــــــــــــد أبني... اقتلوا المجرم الذي حرمنـــــــــا منه.. رحل سليم رحل و لن يعــــود..آآآآآآآآآآآآه )) دخل أليهم أبنائهم بعد أن سمعوا صراخ أمهم فقال يعقوب الأخ الأكبر (( خذ المفتاح يا قاسم و اذهب و أشعل السيارة سنأخذها إلى المستشفى.. تعال يا وحيد و ساعدني لنحملها معاً )) و عندما خرجوا بها، دخل أمجد إلى المنزل وقال لأبيه (( ماذا يفعل النقيب خالد هنا؟! و ما بها أمي؟! لماذا تبكي بهذه الطريقة؟؟ )) ثم وضع يده على كتف والده و أكمل مازحاً (( أين ذلك المحتال سليم؛ لا يستطيع إسعادها إلا هو )) نظر إليه عبد الوهاب بحزن ثم قال له بعد صمت لم يدم طويلاً (( لقد مات يا أمجد.. والدتك تبكي لأنها فقدته )) اتسعت عينا أمجد بدهشة و قال بصدمة شديدة (( مــ... من مات؟؟ ... سليــــــــم!!! )) اقترب منه والده ثم أخذه في حضنه وقال له (( آسف يا أمجد لأنني أخبرتك بهذه الطريقة.. اهدأ و تصرف كرجل، أعرف أن الصدمة شديدة و لكن أنظر إلى أمك، أنها منهارة و بحاجة لنا كلنا حتى نقف بجانبها و لقد كانت تسأل عنك، هيا لنذهب إليها )) ابتعد عنه أمجد و بكى بقوة و هو يقول (( لااااااااااااااااا.. مستحيل أن يكون قد مات.. سليم لم يمت.. أنا متأكد، لا تصدقهم.. لقد تكلمتُ مع جمال الحسيني بنفسي.. تكلمت معه منذ يومين و لقد وعدني أن لا يؤذيه.. مستحيييييييييييييييييييل )) ثم خرج من المنزل و أخذ يركض بسرعة فقال خالد (( هل أتبعه.. أخاف أن يحاول إيذاء نفسه )) قال له عبد الوهاب (( لا تخف عليه إخوانه سيتبعونه و لكن قل لي من هو جمال الحسيني هذا؟ هل هو القاتل؟! ))
هذه المرة سكت النقيب خالد و لم يجب عليه و إنما خرج و جعله وحيداً في البيت...

 
 

 

عرض البوم صور الغالي المزيون   رد مع اقتباس
قديم 25-12-10, 07:19 PM   المشاركة رقم: 20
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Nov 2010
العضوية: 203983
المشاركات: 22
الجنس ذكر
معدل التقييم: الغالي المزيون عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدOman
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الغالي المزيون غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الغالي المزيون المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 

الجــــــــ 24 ـــــــزء:

و في الصحراء الشاسعة و بالضبط في إحدى القبائل البدوية و أمام إحدى الخيمات كان أكرم جالساً يبكي بحرقة و حزن شديد و كان بجانبه يزن يتأفف من بكائه، فصرخ يزن بوجه أكرم وقال له (( كفــــــــــى.. توقف الآآآآآن.. أنت رجل يجب أن لا تبكي هكذا كالنساء! .. ستموت من كثرة البكاء.. ثلاثة أيام و أنت تواصل بكائك دون انقطاع... إن لم يفلح جمال في قتلك سأقتلك أنا )) وقف أكرم و رمى بـِ يزن على الأرض بقوة ثم جلس فوقه و قال له بشدة اندهش لها يزن (( كيف لا تريدني أن أبكي و سليم منذ ثلاثة أيام وهو لا يتحرك، لا أعرف إن كانت غيبوبة أم أنه مات.. طبيب هذه القبيلة يقول إنه حي و أنا أراه ميتاً.. إنه أخي قبل أن يكون صديقي و إن كان حياً فالنزيف سيقتله.. إنه ينزف منذ أن أتينا إلى هنا.. هل تعتقد أني كنت أحب إيطاليا حين كنت أسافر إليها للعمل.. لا يا أحمق لأني أحبه قبلت بالوظيفة معه.. ألا تحبه يا يزن؟ هيا أجبني.. ألا تحبه؟! ألم تفكر كيف سيكون موقفنا إذا رجعنا و لقينا أمه و أباه.. كيف سنقول لهما أنه مات و نحن نجونا ؟ كيــــــــــــــف؟؟! )) قال له يزن و هو يحاول النهوض (( ابتعد عني و كف عن الصراخ بصوت عالي لأني اسمع جيداً.. الآن ظهر صوتك الشجي.. ألم تجد وقتاً لتظهر فيه قوتك إلا عليّ أنا.. لم أكن أقصد يا عزيزي كنت خائفاً عليك فقط، ثم لا تنسى أن سليم جلب هذا لنفسه.. و أهم من كل ذلك عليك أن لا تنسى أننا نجونا لذلك يجب أن نكف عن البكاء و دعنا نفكر كيف نرجع إلى إيطاليا لأنني جننت عندما تبعتكما وحياتي أثمن من أن أخسرها معكما )) قال أكرم (( عندما قفزنا من السيارة قبل أن تنفجر مشينا يوماً كاملاً حتى وجدنا هؤلاء البدويين و لقد كانوا أذكياء عندما تركوا ثيابنا بجانب تلك الذئاب و عليها بعض الدماء أكيد أن خبر موتنا قد انتشر و لكنني لن أذهب إلى أي مكان من دون سليم مهما حصل )) قال يزن (( ألا يكفينا ما جاءنا من سليم، دعنا نذهب و إذا كان حياً فليساعده هؤلاء البدويون و ليعيدوه إلى جمانة )) أمسكه أكرم من شعره و شده بقوة ثم قال له (( يا أناني.. أنت هكذا دائما تريد النجاة بنفسك.. يا ناكر الجميل لولا سليم لكنت الآن في الشارع دون عمل تأكل منه ودون زوجة تقبل بك )) قال يزن (( آآآآآخ إنك تؤلمني.. اترك شعري و انهض من فوقي.. ثم من قال لك إني متزوج، أنا أعزب )) صاح أكرم (( يا كاذب.. أنت متزوج و لديك طفلة عمرها سنة و نصف )) قال يزن بدهشة (( من أين علمت يا ساحر؟! أنا متزوج بالسر و لا أحد يعلم .. هل تراقبني؟؟ )) قال أكرم (( طبعاً لا.. أوليس لديّ عمل غيرك؟ زوجتك اتصلت تشتكيك إلى سليم؛ لأنك تسهر كثيراًً و تتركها و حيدة و وعدها سليم بتأديبك )) قال يزن (( آه.. لهذا جعلتماني سائقاً لكما أيها الخبيثان )) قاطعهما رجل و هو يدخل و أخذ ينظر إليهما بدهشة فأحرج أكرم و نهض من فوق يزن ثم قال له (( نعم ماذا تريد؟ )) قال الرجل (( شيخ القبيلة يطلبكما و يقول إن رفيقكما قد بدأ يتحرك.. فإن كنتما تريدان رؤيته تعالا ورائي )) قال له أكرم (( حسناً اسبقنا و سنأتي خلفك )) ذهب الرجل و ألتفت أكرم إلى يزن وقال له (( اسمع يجب أن نغير اسم سليم عندما يسألوننا عن أسمائنا )) قال يزن (( لماذا؟ من سيتبعنا إلى هنا؟! إن هذا المكان بعيدٌ جداً عن العاصمة )) قال أكرم (( و ما الذي يدريكَ أن جمال لا يعرفُ هؤلاء القوم؟ أو أن هؤلاء القوم لا يعرفون سليم أو حتى سمعوا بإسمه؟ عندها لن يتأخروا عن تسليمه إلى جمال.. إن لجمال سطوة كبيرة و لو علم أن سليم حيّ سيتبعنا إلى آخر الدنيا.. نحن لن يبحث عنا أحد و لكن سليم هو المقصود لذلك فليكن اسمه... عزيز.. فما رأيك؟؟ )) قال يزن باستسلام (( ليس لي إلا أن أتبعك، و لكن ألا تعتقد أن سليم بحاجة إلى مستشفى؟ أنا متأكد أننا إن ذهبنا إلى المدينة فإن عبد الوهاب سوف يحمينا من بطش جمال؛ فلذلك أخرج الجوال الذي في جيبك و أتصل بعبد الوهاب.. و الآن ما رأيك بخطتي؟؟ )) قال أكرم بغيض شديد (( رأيي أنك أحمق و لا ترى أبعدَ من أنفك.. ماذا كنتُ أقول لك منذ قليل عن جمال؟! أنا فعلاً سأتصل بعبد الوهاب و لكن فقط لأطمئنه عن ابنه و لن أخبره عن مكاننا.. هنا نحن بأمان و عندما ينهض سليم، هو الذي سيقرر ماذا نفعل )) قال يزن في نفسه (( ما زال هذا الغبي يترجى أن ينهض سليم.. تلك الإصابة و ذلك النزيف الشديد يستطيع قتلَ فيل فما بالك بإنسان.. يا إلهي ما الذي فعلته في حياتي حتى تكون نهايتي مع هذا العنيد المكابر!! )) سحبه أكرم من يده و قال له (( كف عن التفكير فلن يغير شيء رأيي.. هيا لنذهب و نرى سليم و نقابل هذا الشيخ )) و ذهب أكرم و يزن و قابلا الشيخ و شرحا له كل ما حدث لهما و بالطبع قام أكرم بتغيير أسم سليم إلى عزيز، و مرت الأيام و كان أكرم بجانب سليم يرعاه و يهتم به و هو ما بين البكاء و الانتظار....

الجــــــــ 25 ـــــــزء:

و بعد أسبوع، كان أكرم جالساً خارج الخيمة، فجاءه يزن و جلس بجانبه ثم قال له (( ألا تريد أن تأتي إلى الغدير؟؟ إن هناك فتاة جمالها لا يوصف.. إنها أجمل من القمر.. ليتها تقبل بي.. هيا تعال معي و أخرج من هذه القوقعة البائسة.. سليم لن ينهض ثق بي )) غضب منه أكرم و قال له (( ألا تخجل من نفسك يا رجل؟! ما نحن هنا إلا ضيوف و يجب عليك مراعاة الآداب و الحشمة.. ثم أنت رجلٌ متزوج، أرعى زوجتكَ و ابنتك أولاً يا مهمل ثم فكر في غيرهما )) قال يزن (( لو كانت زوجتي بجمالها لما خرجتُ من عندها )) رفع أكرم حاجبه و قال (( لماذا؟ هل هي قبيحة لهذه الدرجة )) قال يزن (( طبعاً لا.. إنها جميلة و لكنها غيورة جداً و تحب المشاكل، لذلك هربتُ من عندها.. و لكن هذه.. آآآآه منها.. إنها جميلة جداً و لها عينان رماديتان و شعر أسود حريري و نظرة لم أرى أحلى و لا أجمل منها و بشرة بيضاء رقيقة و.... )) قاطعه أكرم (( أصمت لا تكمل.. و كأني أستمع لسليم و هو يمدح مآثر.. هل انتقلت ساحرة سليم إلى هنا؟! يبدو أنك تريد أخذ بعضاً مما لدى سليم.. ألا يكفيكَ أن تنظر إلى ما حصل له حتى تتعض.. البدو لا يرحمون، سوف يصلبونك و يحرقونك و أنت حيّ.. ثم ما يدريكَ أنها غير متزوجة؟؟ )) قال يزن بسرعة (( إنها لا تلبس خاتم.. تعال معي و أخطبها لي و هي عندما ترى يزن الجميل و الوسيم سوف تطير من الفرحة و تعلن موافقتها الفورية )) قال أكرم (( و هل يجب على كل متزوجة أن تلبس خاتم.. أنا لن أذهب إلى أي مكان، يكفينا ما حصل لنا من وراء سليم و بسبب ملاحقته لتلك المرأة أنظر أين نحن الآن لا زوجة و لا ولد.. لا أم و لا أب .. وحيدون بين قوم لا نعرفهم و لا نعرف طباعهم و الأدهى من ذلك تذهب أنت و تلاحق بناتهم.. أعقل و تأكد بأن هذه الفتاة إن لم ترفضك لوجهك الجميل فسوف ترفضك لأنك متزوج )) قال يزن (( من سيخبرها بأني متزوج ؟! )) رد أكرم (( أنا )) ثم قال له (( انظر سليم بدأ يفيق )) فاقتربا من سليم و أخذا ينظران إليه، فبدأ سليم بتحريك عينيه ثم أخذ يهذي بكلمات لم يفهمها يزن.. قال يزن (( ماذا يقول يا أكرم؟؟ )) قال أكرم بحسرة و هو يضرب كفيه ببعضهما (( إنه يهذي بها.. بعد كل الذي حصل لنا، ما زال يفكر بها.. إنه يهتف باِسمها بدلاً من أن يذكر اسمي و أنا الذي سهرتُ الليالي أبكي عليه )) قال يزن و هو يقفز بفرح (( دعه فهذا ما يعجبني فيه، أنا غبي فلو كنت عنيداً مثله لكنت الآن متزوجاً من أربع نساء.. سوف أجعل هذا البطل المغوار يخطب لي و لن أسمح لك بأن تأتي معنا )) قال أكرم (( و من أخبرك بأني أريد أن آتي معك؟ لقد أخبرتك من قبل بأني لن آتي معك لأي مكان.. يا خسارة تلك الدموع التي ذرفتها عليك يا سليم )) قال له يزن (( لم يدفع لك أحد لتبكي عليه، ثم أن الرجل حي و لم يمت.. ها هو يجلس.. تعال لحضني يا عزيزي ستكون ولي أمري في هذا الزواج )) و أخذ يزن سليم يزن في حضنه...


الجــــــــ 26 ـــــــزء:

استمر سليم في فراشه لمدة 3 أيام و هو لا يستطيع النهوض و أكرم يعتني به، فدخل عليهما يزن و هو يركض و قال لأكرم (( أكـــــــرم.. هيا تعال معي و أنظر إلى...... )) قاطعه أكرم و هو يضع يده على فمه قائلاً (( اخرس و هيا نتكلم في الخارج فأنا لم أصدق أن ينام سليم حتى تأتي أنت و تخرب علي كل شيء )) خرجا معاً و عندها قال يزن (( ماذا بك كل ما جئت لأكلمك قلت لي سليم نائم ؟ كنت فقط أريد أن أريك خطيبتي )) و قال أكرم (( أنت لم تخطبها بعد و أنا لا أريد رؤيتها و لدي أعمال أهم منك و منها.. أنا مرهق لذلك كف عن مضايقتي كلما مرت هذه الفتاة من أمام خيمتنا )) ابتسم يزن بلؤم ثم قال (( وكيف علمت أنها مرت من هنا؟ هل أحببتها أيضاً أيها الثعلب الماكر؟ )) قال أكرم بحزم (( لا لم أحب أحداً و لن أفعل.. و لقد عرفت أنها مرت بسببك فأنت تقفز كالقط عندما تراها.. ثم إنني مشغول لذلك اتركني و اذهب و أتمنى أن يمسكك أحد الرجال هنا حتى تتأدب و تترك الفتاة في حالها )) قال يزن (( ما الذي يشغلك الآن.. أنت لا تفعل شيئاً سوى الجلوس بجانب سليم و إطعامه وتبديل ملابسه.. ألا تمل؟! ألم تزغ عينيك قليلاً و تتوجه نحو أحدى هذه الجميلات؟! )) رد أكرم (( لا لم تزغ عيني.. أريد أن أتصل بعبد الوهاب لأخبره أننا أحياء و أن ابنه ما زال على قيد الحياة )) ذهب يزن عنه بعد أن يئسَ من محاولة إقناعه فدخل أكرم و جلس بجانب سليم الذي كان فاتحاً عينيه فقال أكرم بحنان (( هل تستطيع التكلم أم ما زالت الإصابة تؤلمك.. أرجوك أجبني فقد مللت من الانتظار )) قال سليم بضعف (( أحس بألم شديد و بأني لا أستطيع الحراك.. و لكن أين نحن يا أكرم.. هل وجدنا مآثر و كيف وصلنا إلى هنا؟! )) قال أكرم بغيض (( نحن لم نخرج للبحث عنها حتى نجدها.. و ليس المهم أين نحن، المهم أنك بخير.. لقد كنت أن تقتلني من الفزع.. لقد خفت عليك كثيراً، أرجوك عدني بأن تنساها.. إنها سبب مآسيك، هل تعدني هيا أجب.. على الأقل حتى تشفى )) ثم نظر إلى سليم الذي أغلق عينيه و توقف عن التنفس فقال أكرم بخوف لا مثيل له (( ســـــليــــــــــــــــم.. ماذا حصل لك أرجوك أجبني )) ثم خرج أكرم مسرعاً و عاد بطبيب القبيلة الذي أخذ محاولة معالجته و مرت ساعة كاملة كان الطبيب عنده و أكرم ينتظر في الخارج و هو يمشي ذهاباً و إياباً ، فجاء يزن وهو يركض و قال لأكرم (( ماذا حصل مرةً أخرى؟! )) صرخ أكرم في وجهه و الدموع تجري على وجهه (( اذهب من هنا.. ما الذي أتى بك أيها الخائن؟ أنت لا تهتم سوى بنفسك.. إنه يموت و أنا هنا عاجز عن إبعاد الألم عنه.. إن الألم يعتصره و هو يعجز عن تحريك جسمه و لا يفعل شيئاً سوى السؤال عنها.. اذهب و اتركني.. ليت الرصاصة أصابتني.. ليت الصاروخ قتلني قبل أن أراه و هو يتعذب و يموت أمامي )) أمسكه يزن بقوة من يديه و أخذ يهزه و يقول (( ارحم نفسك يا أكرم.. سليم سيكون بخير.. إنه قوي و لقد استحمل من قبل و سيستطيع الاستحمال الآن.. أتوسل إليك توقف.. هيا اهدأ سيكون بخير بإذن الله و أنت ستساعده )) ثم أخذ يزن أكرم في حضنه و جلس معه يهدئه و ينتظر.. و عندما خرج الطبيب من عند سليم قال لهما (( لا تخافا عليه.. إنه قوي و لا يحتاج سوى إلى يومين يرتاح فيهما و بعدها سيقوم و يمارس حياته بشكل طبيعي )) قال أكرم بخوف (( إذا كان صحيحاً ما تقول فما الذي حدث له؟ و هل سيصبح مشلولاً؟! )) قال الطبيب (( طبعاً لا.. لن يصبح مشلولاً.. هو الآن متعب فقط، و يبدو أن الجرح ملتهب لذلك تأتيه حالات يعجز فيها عن الحركة و لكني نظفت له الجرح و طهرته ببعض الأعشاب و يجب عليكما أن تغيرا له قطعة القماش التي لففت بها جرحه كل يوم و وفرا له الراحة التامة حتى يشفى بسرعة، و إياك يا أكرم أن تحاول مكالمته عندما يصحو.. دعه يرتاح؛ فالراحة مفيدة له )) قال أكرم (( حسناً، سنفعل كل ما أمرتنا به و شكراً لك )) و عندما ذهب الطبيب قال يزن و هو يحك رأسه بحيرة (( لماذا لا ينقل له بعض الدم؟! إنه ينزف منذ أن أتينا إلى هنا و أعتقد أنه بحاجة لنقل الدم له )) رد عليه أكرم (( إنه مجرد رجلٍ تعلم عمل الأدوية من الأعشاب على يد جده أو والده ، و لو قلت له هذا الكلام لظنك غبياً لا تفهم شيئاً.. سأذهب لأتصل بعبد الوهاب )) ثم أخرج الجوال من جيبه و أتصل برقم عبد الوهاب الذي كان جالساً في المستشفى بجانب سرير زوجته جمانه و معه كل أولاده.. عندما رن الجوال و نظر إليه عبد الوهاب اندهش بشدة حتى لاحظه جميع من حوله، فقال له ابنه قاسم (( ماذا بك يا أبي؟! الهاتف يرن! .. لماذا لا تجيب قبل أن تنتبه أمي؟؟ )) لم يجبه عبد الوهاب و إنما خرج من الغرفة و تركهم في حيرتهم، فتبعه أمجد و قال له (( من المتصل و لماذا أنت متوتر لهذه الدرجة يا أبي ؟؟! و لماذا لم تستطع الرد أمامنا و أمام أمي؟!! )) قال عبد الوهاب بألم وهو يمسح دموعاً نزلت من عينيه (( إ... إنـ... إنه رقم سليم.. هل من المعقول أن يكون أبني ما زال حياً؟؟؟ )) قال أمجد (( من؟! سليم؟؟! .. مستحييييييييييل!! كل الدلائل تشير إلى وفاته يا أبي.. و لكننا لن نخسر شيئاً أجب قبل أن ينقطع الاتصال )) ضغط عبد الوهاب على الزر الأخضر في هاتفه و وضعه على أذنه ثم قال بصوتٍ ضعيف (( نــ---- ـعم.. من المتصل؟؟ )) رد عليه أكرم (( كيف حالك يا عمي.. أنا أكرم هل عرفتني؟ )) قال عبد الوهاب (( نعم عرفتك يا أبني.. أرجوك ما دمت حياً فأخبرني هل أبني حي أم إنه ميت؟ أخبرني فقلبي ما زال يدمي بسببه )) قال أكرم (( هذه المرة قلوبنا جميعاً تدمي بسببه.. إنه حي يا عمي و لكنه مصاب برصاصة اخترقته من ظهره و استقرت في صدره و لكننا استطعنا إخراجها و هو مرهق بسببها و طريح الفراش و لا يستطيع الحراك و لكنه الآن تحسن قليلاً رغم أن الألم يسحب روحه منه و روحي معه.. لقد اتصلت حتى أقول لك أننا أحياء و لكني لن أخبرك أين نحن حتى يشفى أبنك تماماً و عندها هو سيقرر ماذا سنفعل )) قال عبد الوهاب بغضب (( لا يمكنك أن تفعل هذا بي و بأمه، إنها مريضة جداً و هي الآن في المستشفى.. أرجوك و ألا أرسلت الشرطة ورائك حتى يرجعوه لنا.. هيا يا أكرم كن شجاعاً و أخبرني عن مكانكم حتى نأتي إليكم و لن يستطيع أحد أن يمسكم بسوء.. هيا تكلم فلقد أرهقتني، أين أنتم؟؟ )) قال أكرم بعناد (( لن أخبرك و أرجوك لا تقل لأحد أن سليم حيّ حتى لا يتبعنا جمال.. لن يستطيع أحد منكم حمايتنا منه، و حتى لو أخبرت الشرطة فلن تستطيع إيجادنا.. نحن هنا بأحسن حال و ابنك مصاب و يحتاج للرعاية و أنا أحاول بكل جهدي أن أوفرها له.. لقد أردت فقط أن أطمئنك، لذلك إلى اللقاء يا عمي )) قال عبد الوهاب بسرعة (( انتظــــر.. دعني أكلم سليم )) رد أكرم (( لا أستطيع إنه في غيبوبة و لن ينهض حتى يومين )) قال عبد الوهاب (( حسناً دعني أكلم يزن )) قال أكرم (( لماذا، حتى يخبرك أين نحن.. لن أدعك تكلمه أبداً )) قال عبد الوهاب بهدوء (( لا بأس، كما تريد.. إذن إلى اللقاء )) ضحك أكرم ثم قال بدهاء (( لا تظن أني غبي يا عمي.. أنا أعرف أن جوالك يحتوي على جهاز تتبع موصول بجوال سليم و بواسطته تعرف أي مكان يذهب إليه، و قد اعتقدت في البداية أن سليم قد مات و ما دام أنه حي فسوف تشعله الآن.. لا تنسى أنني ساعد سليم الأيمن و أنا أعرف عنه كل صغيرة و كبيرة في حياته، لذلك لن تهزمني مهما حاولت )) قال عبد الوهاب (( و ماذا ستفعل يا ذكي؟! لن تستطيع منعي من تشغيل الجهاز.. سأتبعك أينما كنت و سأرجع أبني )) قال أكرم بانتصار (( سأكسر الجوال بكامله و عندها لن تقدر أن تتبعنا.. المهم يجب أن يظل خبر موت سليم كما هو، حتى جمانة لا تخبرها عنه.. إلى اللقاء يا عمي )) و أقفل أكرم الخط فقال له يزن بلهفة شديدة (( متى سيأتي عمي لإنقاذنا يا أكرم؟ )) رمى أكرم الجوال و كسره بقدمه بقوة ثم قال بحزم (( لن يأتي أحد لأننا لا نحتاج لإنقاذ ))....




الجــــــــ 27 ـــــــزء:

مضت الأيام على الأصدقاء الثلاثة و هم ما زالوا مكانهم، و تماثل سليم للشفاء....
و في يوم من الأيام كان أكرم راجعا إلى خيمتهم و هو يحمل صحنا كبيرا مليئا بأنواع الطعام فجاء إلية يزن و قال له (( جئت في الوقت المناسب أكاد أموت من الجوع.. هيا اترك الطعام في الأرض و دعنا نأكل )) قال له أكرم (( يا طماع ألا يفيك ما أكلته مع الرجال؟ )) قال يزن (( لم آكل إلا قليلا لأن هؤلاء الرجال سريعون جدا )) رد عليه أكرم (( لو لم أرك بنفسي و أنت تلتهم كل ذلك الطعام لصدقتك هيا اذهب من أمامي، هذا الطعام لسليم يجب أن يتغذى جيدا حتى يستعيد كامل عافيته )) دخل أكرم إلى الخيمة و وضع الطعام في الأرض ثم التفت إلى المكان الذي كان يجلس فيه سليم و لم يجده فخرج إلى يزن وقال له بخوف (( ألحقني يا يزن... سليم ليس في فراشه يبدو أن أحدا قد قام بخطفه )) قال له يزن بملل (( و من الذي يمتلك ذرة عقل و يفكر في خطفه.. يبدوا أن رئيسنا قد بدأ يفكر مثلي.. لقد ذهب منذ نصف ساعة إلى الغدير عله يجد بديلا عما فقد )) صاح به أكرم (( كيف سمحت له بالذهاب و هو في هذه الحالة.. ثم يجب أن تعرف أن سليم متزن و عاقل و لا يفكر مثلك مع أنني أتمنى من كل قلبي أن ينساها و يجد غيرها فهو منذ ثلاثة أيام لم يأتي بسيرتها )) قال يزن بثقة (( لنذهب و نرى ماذا يفعل عند الغدير و هل هو متزن و عاقل مثلما تقول عنه أم أنه مثلي أنا، و هناك سأعرفه على خطيبتي )) قال أكرم بغيض (( أما زلت مصراً على أنها خطيبتك؟! لن يذهب سواي فقط، و سأذهب لأرجعه إلى هنا و ليس لأرى إن كان مثلك أو لا و لا تحاول أن تلحق بنا، أره خطيبتك هنا عندما تمر من أمام الخيمة )) ذهب أكرم وحده و لم يلحق به يزن و عندما وصل إلى الغدير وجد سليم جالسا هنالك بجانب الصخور و أمامه تلة كبيرة و هو ينظر إلى أعلاها.. فجلس بجانبه و قال له (( أنت هنا و أنا أبحث عنك، هيا لتأكل.. ما كان يجب عليك أن تخرج من الخيمة، ما زلت متعبا )) لم يرد عليه سليم و إنما استمر في النظر إلى أعلى التلة فقال له أكرم (( ما الذي تنظر إليه في الأعلى؟ لماذا لا تكلمني )) قال سليم بشرور (( إليها )) ثم التفت إلى أكرم و قال له (( إنها هنا لقد رأيتها فوق التلة )) قال أكرم بهلع (( يا إلـهي من هي التي هنا؟! لقد تماثلت للشفاء فبماذا تهذي الآن؟! هيا نرجع إلى الخيمة فأنا لا أرى فوق التلة إلا مجموعة فتيات من هذه القبيلة، فدعنا نرجع و لا تفعل مثل يزن، سيقتلنا هؤلاء البدويون بسببكما )) قال سليم بعناد (( لن أذهب معك إلى أي مكان سأصعد فوق التلة وسأقابلها.. آه لو رأيتها يا أكرم ما زالت مثل السابق جميلة و بريئة، تلك النظرة الحزينة قد زادت في عينيها.. سأذهب لأكلمها )) أمسكه أكرم من يده وقال له متوسلا (( أرجوك يا سليم أعقل ولا تصعد إلى الأعلى.. صقر هناك فوق سيطلق عليك النار إن شاهدك تلاحق الفتيات و خصوصا أن وضحى أخته بينهن )) قال سليم (( من هو صقر هذا؟! )) قال أكرم (( إنه ابن شيخ هذه القبيلة و هو متعجرف جدا و يضايقنا دائما أنا و يزن و يكرهنا كثيرا فلذلك لن يصدق أن يجد حجة علينا و ....... وضحى هي ابنة الشيخ، إنها أجمل من مآثر كثيرا )) قال سليم (( أنا لم أسألك عنها و لا يوجد من هي أجمل من مآثر إلا إذا كنت قد أحببتها يا صديقي فأكيد ستكون مثلما يقولون القرد في عين أمه غزال لذلك أنت تراها بهذا الجمال )) غضب أكرم ثم قال (( اسمع أيها المحتال.. أنا أقول عنها هكذا حتى تحبها أنت و ليس أنا و هذه الفتاة تأتي كل يوم و تسأل عنك و كانت تدخل و تراك دائما و لو تراها ستنسيك مآثر أنا متأكد من ذلك )) قال له سليم بتهديد واضح (( ابتعد من هنا قبل أن أضربك و لا تكلمني مرة ثانية عنها.. هل أنت مجنون منذ قليل تنهاني من الصعود حتى لا أرى وضحى و يقتلني أخاها ثم تأتي لتقول لي أنها ستنسيني مآثر.. لا توجد من ستنسيني مآثر.. لم و لن توجد هل فهمت؟؟ هيا ابتعد عن طريقي، سأصعد و أرى مآثر )) قال أكرم و هو ما زال يمسك بيد سليم (( و لكن ما الذي سيأتي بمآثر إلى هنا؟! إننا في إحدى القبائل البدوية و نحن بعيدون جداً عن العاصمة )) قال سليم (( لقد حاول خالها إبعادها عني و لكنه لم يستطع فلقد وجدتها و سأطلب يدها هنا و أتزوجها )) قال أكرم مستمراً في محاولة إقناعه (( تفكيرك المريض يصور لك أنها هنا.. ما هذه إلا مجرد أوهام.. أرجوك هيا لنعد للخيمة و هناك سنفكر كيف ستقابلها هيا )) أبعده سليم عنه و قال له بغضب (( هل تحاول مجاراتي في الكلام.. ابتعد هيا من أمامي )) و ذهب سليم و صعد إلى التلة و لم يستطع أكرم منعه، و عندما وصل سليم إلى القمة كانت هناك واقفة مع مجموعة من الفتيات فأخذ ينظر إليها و هو سعيدٌ جداً لأن القدر جمعهما مرة أخرى و لأنه سيكلمها عن كل ما في قلبه و سيشرح لها كل ما حصل له حتى يستطيع الزواج بها، و في غفلة منه و في لحظة سهو و قد شرد ذهنه تعثرت قدمه و سقط من فوق التلة إلى أسفلها و بالتحديد فوق أكرم الذي كان واقفاً ينتظره فنهض سليم و قال بارتياح (( الحمد لله لم أصب بسوء )) صرخ أكرم من الألم وقال (( آآآآخ يا سليم لقد كسرت لي يدي إنها تؤلمني بشدة أحس أنني سأموت من الألم لقد قتلتني )) أمسك سليم بفمه و قال له (( اسكت سوف تفضحنا.. لم أكن أقصد.. أنا آسف يا أكرم، هيا سأساعدك للوصول إلى الخيمة، و سنأتي بطبيب القبيلة ليعالجك.. أنا آسف يا صديقي أرجوك سامحني.. هيا انهض سأساعدك هيا )) قال أكرم (( آه يا يدي.. ما الذي جعلك تسقط؟ ليتني لم أنتظرك.. احملني حتى نصل إلى الخيمة )) قال له سليم (( لا تطمع كثيراً.. يدك المكسورة وليست رجلك و أنت تستطيع المشي )) قال أكرم (( هي السبب في كل مصائبنا.. حتى و هي بعيدة ما زال النحس يواصل ملاحقتنا بسببها )) قال له سليم (( لقد وصلنا إلى الخيمة و الأفضل لك أن تصمت بدلا من أن أضربك و تفقد وعيك و عندها سأحملك هيا ادخل واجلس هنا.. سأذهب لأحضر الطبيب لا تتحرك من هنا )) ذهب سليم و أحضر طبيب القبيلة و عندما حضروا عاين أكرم و قال له (( يدك مكسورة بالفعل.. ما الذي حصل لك؟ )) قال له سليم (( لقد تعثر على يده فانكسرت )) قال الطبيب (( هذا مستحيل فلو تعثر لالتوت ذراعه فقط و لما انكسرت هيا قولا الحقيقة حتى استطيع مساعدته )) سكتا قليلا ثم قال سليم بلؤم و بعد تفكير (( لا بأس ما دمت تريد معرفة الحقيقة، فنحن لم نرد عمل المشاكل لذلك كتمناها.. و لكن هل يجب أن تعرف؟! )) قال الرجل (( نعم يجب أن أعرف )) قال سليم مكملاً خطته (( عدني أن لا تخبر أحداً )) قال الرجل (( أعدك بذلك.. هيا أخبرني فقد أضجرتني )) قال سليم و هو يتصنع التردد و الخوف (( إنه صقر )) قال الطبيب بدهشة (( من؟! ابن الشيخ، مستحيل!! )) قال سليم مكملاً كذبه (( ليس هو بالضبط و لكننا كنا جالسين نتحدث بجانب الغدير لوحدنا، فمر هو من هناك و كان يسحب حصانه ورائه، فتعمد المرور بجانبنا حتى أن حصانه داس على يد أكرم فأصبحت مكسورة كما ترى.. يا لك من مسكين يا صديقي.. لو لم نكن ضيوفاً عند هؤلاء القوم الذين أكرمونا لكنت انتقمتُ لك.. و لكن ماذا نفعل ما نحن إلا ضيوف لا حول لنا و لا قوة )) قال الطبيب بغضب و حمية (( يجب أن يعلم الشيخ بما فعل ابنه حتى يعاقبه فنحن لا نعامل ضيوفنا بهذه الطريقة )) قال سليم (( لقد وعدتنا بأن لا تخبر أحداً )) رد الطبيب (( طبعاً وعدتكم و لكن هذا أمر يخص القبيلة و لا يجوز إخفاءه عن الشيخ.. أما أنت يا عزيز فخذ هذه الأعشاب و قم بتسخينها و ضعها في يد أكرم على موضع الكسر، و كل يوم سأعطيك مثلها لتضعها له حتى يشفى )) قال سليم بحيرة (( حسناً سأفعل مثلما تأمر و لكن من عزيز؟! )) قال الطبيب (( أنت.. أوليس أسمك عزيز؟ )) قال سليم (( أنا عزيز؟! .. لا، إنك مخطئ.. أنا سليــ... )) قاطعه يزن و هو يدخل قائلاً (( طبعاً هو عزيز و لكن مرضه و الحمى التي أصابته جعلته ينسى عدة أشياء.. أعطني هذه الأعشاب و أنا سأتولى رعاية أكرم )) خرج الطبيب من عندهم و هو يقول (( اذهب لترتاح يا عزيز و ستتذكر كل شيء بإذن الله )) قال سليم ليزن و ملامح الحيرة مازالت واضحة على وجهه (( من المجنون فينا، أنا أم أنت و الطبيب؟؟ لماذا تنادونني باسم عزيز؟! )) قال يزن (( أكرم هو المجنون.. خوفه من جمال صور له أنه لو علم بأننا أحياء لتبعنا إلى آخر الدنيا ليقتلنا و لذلك غير أسمك إلى عزيز و أخبر به كل من في القبيلة أما نحن فليس لنا أهمية و جمال لن يبحث عنا، و لكن أخبراني ما الذي حدث و لمن هذه الأعشاب و لماذا أكرم محمر من الغضب و الدهشة؟! )) صاح أكرم بغضب في وجه سليم (( لماذا كذبت أيها المحتال؟! الرجل المسكين لم يفعل شيئا و لكن يبدو أن أحد الفيلة قد داست علي، عفوا أقصد إحدى الذئاب.. ماذا سنفعل الآن، سيقتلنا ذلك الرجل.. صقر دائما يتبختر و يمشي و هو يمسك بتلك البندقية الطويلة و أكيد أنه سيترصدنا بعد هذا الكلام الذي قلته )) قال يزن لأكرم (( هل داس سليم على يدك و اتهم صقر؟؟ )) قال أكرم بغيض (( لقد وقع بكامله فوقي و كسر يدي ثم اتهم صقر )) ضحك يزن بقوة ثم قال (( احمد ربك أن يدك هي التي انكسرت و ليس ظهرك، فمع ثقل وزن سليم و ثقل دمه أعتقد أن كسر يدك شيء بسيط، و لكن كيف وقع عليك؟! )) قال أكرم (( العاشق الولهان صور له جنونه أن مآثر كانت تقف فوق التلة، فصعد إلى فوق و عندما لم يرها وقع من الصدمة فوقي و حطم عظام يدي )) قال يزن مشجعا (( أحسنت يا سليم، يجب عليك أن تتبع قلبك مثلي تماما.. ثم أن صقر المتعجرف يستحق ما حصل له، و لكني أعتقد أنك شخص منحوس فأينما تذهب تتبعك المصائب و المشاكل لذلك تصرف و ساعدنا حتى نعود إلى ديارنا )) قال له سليم (( اخرس أنت لم يطلب أحد رأيك.. أما أنت يا أكرم ليكن في معلومك بأني لم أنصدم لأني لم أرها، بل انصدمت لأني رأيتها.. إنها هنا معنا في نفس القبيلة و لن يمنعني شيء من الوصول لها )) قال يزن و هو يقفز و يصفق بفرح (( حسنا، هيا لنتفق.. سأعرفك على خطيبتي و أنت تعرفني على مآثر.. و لكن هل أنت متأكد أنك تريد الزواج منها أم أنها على حد قول السيدة جمانة مجرد نزوة عابرة و تنتهي )) قال سليم بصرامة (( و هل تعتقد أني مثلك حتى ألعب بمشاعر الفتاة؟! ثم تعال إلى هنا، أي خطيبة تتكلم عنها و ما الذي تفكر فيه؟! أنت رجل متزوج و لديك التزامات أنت مهملٌ فيها، فكيف تفكر في الزواج مرة أخرى قبل حتى أن تستقر في زواجك الأول؟؟ .. و أنا فعلاً أريد الزواج من مآثر، و موضوع الزواج بالنسبة لي أمرٌ جاد و لا مزاح فيه )) قال يزن و هو يحرك يديه و كأنه يطير (( الفتاة التي أريدها مختلفة، إنها أجمل من مآثر بكثير.. آه لو تراها يا سليم فسوف تغير رأيك بكل الفتيات.. على الأقل هي عزباء مثلي و ليست مطلقة و لديها طفلة أيضاً.. كيف فكرتَ في الزواج بمطلقة؟ لو كنت أملك مثل أموالك لما تزوجت أبداً، لكنت جعلت الفتيات يركضن ورائي دون أن التفت لهن )) قال له سليم ناصحاً له بهدوء (( أنت متزوج يا يزن و لست أعزب، لماذا تصر دائماً على أنك أعزب؟ لماذا لا تعترف بها؟ هي الملامة و إلا لما كانت رضيت بشخص مثلك )) قال أكرم و هو ما زال يتألم من يده (( إنه خائف من أبيك، فقد هدده إن تزوج من وراءه فإنه سوف يشنقه ثم يقطعه بيديه )) قال سليم ليزن (( لماذا لم تخبر أبي حتى يخطبها لك؟؟ )) ابتسم يزن و قال (( لقد أخبرته و لكنه رفضها لأن أخاها في السجن و متهم بقضايا سياسية، و لكن لأني أحبها تزوجتها من وراء والدك الذي سمع إشاعة عن زواجي فضربني بشدة و اضطررت عندها لأن أخفي الأمر عنه و لم أخبركما أيضاً و لكني متزوج منذ 3 سنوات و عندي طفلة عمرها سنة و نصف أسميتها ليليان )) قال له سليم معاتباً (( ما دمت تحب زوجتك و ابنتك، فلماذا تريدُ الزواج مرة أخرى؟؟ )) قال يزن باستهتار (( لأني أحب التغيير )) قال لهما أكرم (( شيء رائع.. إذن اذهبا معاً إلى الغدير و كل واحد منكما يبحث عن ضالته حتى يجدها و أعطياني هذه الأعشاب لأتداوى بنفسي، هيا أخرجا من هنا و أنت يا سليم لا تكلمني أبداً، حتى أني لا أريد رؤية وجهك مرة أخرى )) قال له سليم و هو يرفع حاجباه معاً ليزيد من عصبيته (( عندما يزول غضبك ستبحث عني و ستشتاق لي، فأنا متأكد أنك لا تستطيع العيش بدوني.. ستموت إن لم تراني أليس كذلك يا عزيزي؟! )) صاح أكرم بغضب (( لا.. ليس كذلك.. و أنا لست عزيزاً لك و لا لغيرك.. اخرج هيــــا لا أريد رؤيتك أمام وجهي )) خرج سليم من عنده وسحب يزن من يده حتى يتركاه وحده مع غضبه........


الجــــــــ 28 ـــــــزء:

و في إحدى الخيمات البعيدة، كانت وضحى ابنة الشيخ جالسة و بجانبها ساحرة سليم كما يسميها أكرم.. قالت وضحى لمآثر بخبث واضح (( أريد أن أسألك سؤلاً شخصياً فهل تمانعين يا مآثر؟ )) قالت مآثر بثقة (( اسألي ما شئت فليس لدي ما أخفيه )) قالت وضحى و هي تتعمد إحراج مآثر (( كم مرة تزوجتي؟ و طفلتكـ التي تتحدثين دائماً عنها، هل هي معكـ أم أخذها والدها بعد أن طلقكـ؟ )) قالت مآثر بحزن بعد أن تذكرت ابنتها التي تركتها خلفها بغير رضاها (( تزوجت مرتين.. زوجي الثاني مات في حادث، أما والد لينا فهو حي و عندما طلقني تنازل لي عن ابنتنا لينا، و أنا أسكن عند خالي جمال فهو الوالد لها و لقد عوضها عنه وصار الأب و الأخ لها.. مات والدي عندما كنت صغيرة فأشرف جدي أي والد أمي على تربيتي حتى أصبح عمري 18 سنة، عندها انتقلت لبيت خالي حتى تزوجت و لقد عدت لبيته بعد أن تطلقت و ثم تزوجت مرة ثانية لأعود لبيت خالي و قد أصبحتُ أرملة )) قالت وضحى بشماتة (( المطلقة ليس لها حظ في الزواج إلا نادراً جداً، و أنت أضعتي منكـ هذه الفرصة، فمن يصدق أن يتقدم أخي صقر لخطبتكـ و ترفضين!! لا يوجد في القبيلة كلها من لا تتمنى أن يخطبها صقر، و طبعاً لولا أنني كلمتُ أبي لكنتِ الآن زوجته لأن خالكـ جمال موافق عليه )) قالت مآثر بضيق (( المطلقة ليست عاراً على الدنيا حتى تعامل كسلعة من يأتيها أولاً يأخذها.. ثم لماذا تحاولين تذكيري دائماً بأنكـ السبب في أنني لم أتزوج أخاكـ.. هيا تكلمي بصراحة ماذا تريدين؟؟ )) قالت وضحى بوقاحة (( أريد عزيز )) قالت مآثر متسائلة (( ضيفكم الذي أنقذه رجال قبيلتكم؟؟ )) قال وضحى بفرحٍ و لهفة (( نعم هو، فما رأيكـ فيه؟؟ )) قالت مآثر بسرعة (( إنه أحمق! )) ردت وضحى بصدمة (( ماذا؟! أحمق! هل قابلتيه حتى تصفيه بالأحمق؟ )) قالت مآثر و هي غير مبالية (( ألا تقصدين ذلك الأشقر )) قالت وضحى بحب و هيام (( نعم هو.. إنه وسيم جداً و كل فتاة في القبيلة تتكلم عنه.. ثم كيف عرفت من أقصد وأنت لا تخرجي من الخيمة إلا معي؟! )) قالت مآثر (( ألا تذكرين عندما كنا في التلة، عندما صعد لأعلى و أخذ ينظر إلينا ثم وقع على صديقه و كسر له يده.. و بعد ذلك و بكل وقاحة أتهم صقر، و لقد أجبر الشيخ أخاكـ أن يتأسف على شيء لم يفعله.. اعذريني لكن من يفعل مثل هذه الأعمال ما هو إلا أحمق و أبله )) قالت وضحى (( نعم أذكر.. لقد صعد للتلة.. هل رأيت عينيه الزرقاوان؟ )) ردت مآثر (( لا، أنا لم أرى ملامحه و لا أعتقد أني أريد أن أراه.. هل تريديني أن أكلمه لكـ ؟ لا تنسي ما فعله لأخاكـ )) قالت وضحى بلهفة (( نعم أرجوكـ.. و أخي يستحق ما حصل له لأنه يضايق صديقيه دائماً.. لا تنسي أنكـ متعلمة و ستعرفين كيف ستتكلمين معه )) قالت مآثر بعد تفكير (( لا بأس سأساعدكـ هذه المرة.. سأذهب و أسأله إن كان جاداً و يريد الزواج بكـ أو أنه يلعب )) قالت و ضحى بتهديد (( احذري أن يغركـ جماله و تحاولي خطفه، لأنكـ عندها سترينَ وجهي الثاني )) صاحت بها مآثر (( لا تهددي لأني لا أخاف.. و اطمئني الرجال لم يعد لهم مكان في قلبي بعد موته )) قالت وضحى بتساؤل (( موت من؟! )) تنهدت مآثر بقوة ثم قالت (( لا يهم، سأذهب الآن لعزيز حتى أكلمه )).....


الجــــــــ 29 ـــــــزء:

كان أكرم جالسا وحده في الخيمة بعد أن خرج عنه أصدقائه و تركوه يندب حظه فقال (( ليتني تركته يصعد لوحده و لم أنتظره في الأسفل.. آآآآه يا يدي، إنها تؤلمني بشدة.. لو كنت الآن في العاصمة لذهبت للمستشفى و تخلصتُ من الألم.. كل هذا بسبب سليم فلو لم يتجرأ و يتنازع مع جمال لما كنا هنا و لم يكن ليحصل لي كل هذا )) ثم سمع صوتاً أنثوياً رقيقاً من وراءه يقول له (( لو سمحت )) فالتفت وراءه، و عندما رأى مآثر واقفة أمام الخيمة، اتسعت عيناه بدهشة و أخذ ينظر إليها و فمه مفتوح من الدهشة ثم قال في نفسه (( إذن سليم لم يكذب، لقد كان صادقاً بأنه رآها، و لكن ماذا تفعل هنا؟! هل من المعقول أن يكون الشيخ هو ابن خال جمال الحسيني؟!! )) قطعت عليه أفكاه و هي تقول له بضيق واضح (( ماذا بك؟! لماذا اندهشت هكذا؟ هل هذه أول مرة تشاهد فيها امرأة تقف أمامك؟! )) صاح أكرم بجفاء (( لمــــــاذا؟! هل تعتقدين أن كل رجل يراكـ يجب أن يقع في حبكـ؟؟ ألا يكفيكـ ما حصل بسببكـ أنت و ذلكـ الأحمق؟!! لقد سلبت منه عقله فأصبح كالمجنون يركض وراء المشاكل.. إن نجونا من مشكلة أدخلنا في كارثة.. إليكـ نصيحة مفيدة مني، إذا جاء إليكـ صديه بقوة و ارفضيه.. الأفضل لكـ أن تصدميه قبل أن يصدمكـ، لأن أمه غير موافقة عليكـ و لن توافق أبداً.. إنها متسلطة و قوية و لن تقدري على العيش معها لساعتين فما بالكـ بعمر بأكمله )) ثم أشار لها بيديه للخارج و صاح بها (( هيا اذهبي من هنا قبل أن يأتي.. هيــــــا و أفعلي كما أمرتك )) قالت مآثر و هي مندهشة من المجنون الذي تراه أمامها (( ماذا بك أيها الأبله؟! عن ماذا تتكلم؟؟ أنا لم أفهم كلمة واحدة مما قلت.. يبدو أن هنالك سوء تفاهم.. أنك غبي جداً.. أنا لم آتي للتكلم معك و إنما أتيت لمقابلة عزيز )) قال أكرم (( من الغبي و الأبله؟! )) ردت عليه بعصبية (( أنت بكل تأكيد، و هل يوجد غيرك أمامي؟ هيا أخبرني أين ذهب عزيز و دع عنك هذه الهراء لأني لم أفهم منك و لا كلمة )) قال لها أكرم باستنكار (( بعد كل الذي أصابنا بسببكـ مازلت تتظاهرين بعدم الفهم!! أنظري ليدي، لقد كسرها بسببكـ )) انتفض أكرم بعد أن صرخت في وجهه بقوة من غضبها عليه ثم قالت له (( أخـــــــــــــرس.. لا أريد أن أرى شيئاً أيها المجنوووووون!! كل الذي أريده أن أقابل عزيز حتى أسأله عن شيء فأين هو؟؟ )) قال أكرم باستهزاء (( إن صدق الكل كذبة عزيز، فأنت لن تصدقيها.. هيا أذهبي من هنا و ابتعدي عنا و اتركينا في حالنا.. أنا لم أصدق أنه نجا من تلك الإصابة حتى تأتي أنت و تعيدينا لحالة الهلع التي عشناها.. هيا أخرجي من هنا.. لا يوجد عندنا عزيز و لا سليم و لا غيرهم )) انصدمت عندما سمعت بإسم سليم و أخذت تنظر إليه بدهشة و هي تحس بقلبها سينفجر من سرعة دقاته حتى تصورت أن الواقف أمامها قد سمعها من شدتها، ثم انفجرت الدموع من عينيها و أخذت تبكي بشدة و بصوتٍ عال و قالت بصوت متقطع ((هــ... هــل كنت تعرف سليم؟! .. إ... إذن أنت من الـ.. العاصمة... هل كنت صديقه؟ .... لقـ... لقد مات أبشع ميتة.. مـــا... مات بسببي أنا.. لقد عاهدت نفسي أن لا أتزوج بعده لأني لن أجد مثله أبداً.. لقــ.. آآآآآآه لقــد قتله خالي بعد أن تسلل حبه إلى قلبي المحطم.. لقد قتله بسببي أنا، و جاء منير إلى هنا ليفجعني بموته و لكني لن أسامح خالي و منير أبداً )) ثم مسحت دموعها بيديها بقوة و قالت له بإنكسار أحزنه كثيراً (( لماذا عاملتني بجفاء هكذا؟! هل كنت تعتقد أني أريد خطف صديقك عزيز؟! هل خفت أن يكون مصيره مثل سليم و يموت بسببي؟؟! أم خفت عليه لأني مطلقة؟ لا تخف مني لأن قلبي مات بعد موت سليم.. لا تخف لأن عزيز يحب وضحى و هي تحبه، أنا جئت فقط لأسأله إن كان جاداً و يريد الزواج بها )) سكت أكرم بدهشة و عدم تصديق بعد أن سمع اعتراف مآثر بحب سليم و علم أن مآثر تعتقد أنه قد مات و الأدهى من ذلك أنها جاءت لتخطب له من دون علمها من يكون ثم قال متسائلاً بغباء ليس في وقته و من دون إحساس (( عزيز يحب وضحى؟!! )) وصل غضب مآثر منه إلى درجاته القصوى، فقالت له بغيض شديد (( نعـم، و هذا ليس حراماً ما دام أنه سينتهي بالزواج و ماداما لم يفعلا ما يغضب الله.. أما أنت أيها الوقح، فلقد اتهمتني باتهامات لم أفعلها لذلك خذ هذا فأنت تستحقه )) و ضمت أصابع يدها اليمنى مع بعض و ضربته بأقوى ما عندها على أنفه فتفجرت الدماء بشدة، فصرخ أكرم من شدة الألم و خافت مآثر ثم هربت عنه بسرعة.. فقال لها (( انتظـــــــــــري.. لا تذهبي اسمعيني.. آآآآه يا أنفي.. يا ويلي ماذا فعلت؟؟ سيقتلني سليم إن علم بالذي فعلته.. يجب أن لا أخبره.. إنها لا تعرف أن سليم حي، لا و الأدهى أنها جاءت تخطب عزيز لوضحى و هي لا تدري أن عزيز هو سليم.. إنها تحبــــــه! لقد جرحت مشاعرها، إنها تبكيه بشده.. و لكنها كسرت أنفي بقبضتها.. يا إلـــــــهي!! إن الدماء تغطي ملابسي البيضاء.. يجب أن أتصرف، أنفي يؤلمني بشدة.. أني أرى سليم يتوجه نحوي، يجب أن أوقف النزيف حتى لا يعلم بما حصل و أعجل بنهايتي )) فأخذ قطعة قماش كانت بجانبه و وضعها على أنفه و ضغط عليها بقوة ليوقف النزيف.. فدخل سليم و يزن، فصاح به يزن (( إنك تنزف بشدة يا أكرم!.. ماذا حصل لك و من الذي قام بضربك على أنفك؟؟ )) قال أكرم بألم واضح (( لم يحدث لي شيء.. إنه مجرد جرح بسيط.. لقد سقطت على إحدى الصخور )) قال سليم باهتمام و قد خاف على صديقه (( انظر إلى نفسك و الدماء تغطيك.. دعني أرى هذا الجرح.. مستحيل أن يكون كل هذا من سقوطك على إحدى الصخور، فمتى نهضت؟ هيا أعترف من هجم عليك؟؟ )) قال أكرم في نفسه (( يا لي من ضعيف.. ضربة من يد امرأة هزيلة تفعل بي كل هذا!! لو علما أن امرأة ضربتني لسخرا مني طوال حياتي، و لو علم سليم أن مآثر ضربتني بعد أن أبكيتها لقام بزيادتي )) ثم صرخ عندما ضغط سليم على أنفه و قال له (( احذر، إنك تؤلمني.. أتريد أن تكسرها لي؟! ستشوه جاذبيتي و وسامتي )) قال له سليم (( للأسف لقد تشوهت وسامتك و جاذبيتك يا مثير فهي فعلاً مكسورة، و لكن أما زلت مصراً على إنك لم تضرب و إنها مجرد سقطة على أحد الصخور؛ لأني لا أرى أية صخور هنا و لا أعتقد أنك خرجت من الخيمة أليس كذلك؟؟ )) صاح به أكرم بغضب مصطنع حتى لا يكتشف الحقيقة (( هل تكذبني؟! إذن برأيك أني كاذب؟؟ ثم تعال إلى هنا، ألم آمرك أن لا تكلمني؟؟ لماذا تكلمني؟ هيـــــا ابتعد عني لا أريد سماع صوتك و لا أريد رؤيتك أبداً )) قال سليم بسخرية حتى يغيظه كعادته (( بصراحة يسرني أن لا أكلمك و أن لا أسمع نواحك و صراخك.. و لكن يجب أن يعتني أحد بك.. هيا الآن استلقي و أرفع أنفك للأعلى حتى يتوقف النزيف ))....

الجــــــــ 30 ـــــــزء:

في وقت العشاء كان سليم و يزن جالسان في الأرض حول صحن الطعام و أكرم كان يجلس بعيداً عنهما و قد رفض الأكل خوفا من سليم، فقال يزن لسليم (( حرامٌ عليك يا سليم.. يبدو أنه غاضب منك.. اذهب لتصالحه، لقد بكى عليك كثيرا عندما كنت مريضا و لو مات أباه و أمه لما بكى عليهما ثلاثة أيام متواصلة، لقد أحسست أن رأسي سينفجر من كثرة بكاؤه و أيضاً كان يضربني و يهينني كلما حاولت إقناعه بتركك و الهروب عنك.. هيا اذهب إليه و طيب خاطره فالطعام لم يدخل إلى فمه منذ الصباح.. سيموت إن لم يأكل )) قال سليم و خوفه زاد على أكرم (( حسناً سأذهب إليه و لكن ألا تعتقد أن أنفه قد تورم كثيرا.. إني أخاف أن يكون صقر هو الذي هجم عليه بعد أن اتهمته بكسر يده و أنت تعلم أن أكرم جبان جدا، فحتى لو قتلناه لن يعترف و لن يقول لنا من فعل به هذا )) قال يزن بلؤم (( إذا لنجبره على الاعتراف.. هيا تعال لنستفزه فلدي فكرة رائعة )) قال سليم (( اتركه و شأنه يكفيه ما فيه.. و لكن فكرتي أجمل سأذهب و أكلمه عن مآثر و هكذا سيطيب خاطره )) قال يزن (( و هل يوجد ما يرفع ضغط أكرم أكثر من سيرة مآثر! )) ذهبا إليه و عندما جلسا بجانبه توتر كثيرا و أراد النهوض فأمسكه سليم و أجبره على الجلوس ثم قال له (( قل لي ما الذي حدث في غيابنا؟ ماذا بك و لماذا ترتجف هكذا؟! )) قال له أكرم و هو يتصنع القوة (( من يرتجف؟ أنــــا ؟! هل تعتقد أني خائف منك؟ إذا كانت وحوش الصحراء لا تخيفني فهل تعتقد أن ضعيفا مثلك يخيفني؟؟.. طبعا لا )) قال سليم بسخرية (( وحوش الصحراء التافهة تخيف الشجاع أكرم!! من ظلمك و قال هذا؟! أنت يا بطل تخاف من ظلك و لو سمعت في الليل صوت ذئب حتى من دون أن تراه لن يأتيك النوم حتى الصباح )) قال أكرم وهو ما زال يتصنع الشجاعة أمامهم (( ماذا أفعل إذا كنتَ غبياً و لا تفهم؟؟ هكذا أنت دائما يا سليم لا ترى أبعد من أنفك.. أنا لا أنام حتى أحرسكما أنت و يزن، حتى لا يدخل الذئب إلى الخيمة و نحن نيام، فأنتما مثل الدببة لا يهزكما شيء و عندما تضعان رأسيكما في الفراش ينعدم الإحساس عندكما حتى الصباح.. و لذلك يجب على أحد أن يحرسكما و يقوم بحمايتكما من الذئاب )) قال يزن بصوت عال و كأنه توصل إلى اكتشاف خطير (( لقد عرفت من فعل بك ذلك.. لقد عرفتها يا أكرم و سأكشفك أمام سليم )) قال سليم بدهشة (( عرفـــــتها؟! هل ضربتك امرأة يا أكرم.. امرأة تسببت لك بكل هذا النزيف؟! )) خاف أكرم كثيرا و تصبب العرق على وجهه و قال (( مـ.. من.. من هي التي عرفتها؟؟ لا أعرف عن ماذا تتكلم و من هي التي تقصدها )) ثم أمسك يزن من قدميه و قال له (( أرجوك يا يزن.. أرجوك لا تفضحني.. لا تخبر سليم لم أكن أقصد أن أغضبها )) ثم التفت لسليم و قال له (( إنها تحبك يا سليم و قد جاءت لتسأل عنك و لكني قسوت عليها فغضبت و فعلت هكذا )) ثم أغمض عينيه و قال بتوسل أدهش سليم (( هيا أفعلها و اضربني في أي مكان و لكن لا تضرب بقوة و ابتعد عن أنفي لأنه ما زال يؤلمني.. هيا أفعلها بسرعة )) قال سليم و هو يهزه حتى يفتح عينيه (( ماذا تريدني أن أفعل يا غبي؟! هيا أفتح عينيك و قل بصراحة، ما الذي فعلته و جعلك متأكداً أنك تستحق الضرب؟؟ هيا تكلم و إلا ضربتك حتى من دون أن تستحق )) قال أكرم مدافعاً عن نفسه (( أنا لم أفعل لها شيئاً.. عندما تأتي إليك و تشتكي مني لا تصدقها لأنها كاذبة و مدعية.. إنها تدعي حبك و أنها بعد موتك لن تتزوج بغيرك، أنا فقط حاولت حمايتك و إبعادها عنا لا غير و هي بكت و فهمت الموضوع خطأ يا عزيز )) التفت سليم ليزن و قال له بضجر و قد نفذ صبره (( لم أفهم شيئاً من هذا الأحمق.. هيا قل لي أنت ماذا حدث و ما الذي تعرفه؟؟ )) قال يزن و هو فرح بإكتشافه الخطير (( الأمر بسيط و لا يحتاج لقول.. الذي حدث باختصار هو وضحى )) استغرب سليم ثم قال (( وضحى؟! و ما دخلها بالموضوع؟؟ )) قال يزن و هو يرفع يديه للأعلى شارحاً بأسلوب مسرحي (( إنها واقعة في حب الفارس المغوار عنتر بن شداد.. عبلة تحب عنتر.. أقصد وضحى تحب سليم.. لا لا لا.. بل أقصد عزيز، فهي كما تعلم يا سليم لا تعرف اسمك الحقيقي )) قال له سليم بصرامة و الشرر يتطاير من عينيه (( إن لم تكف عن حماقتك و تنسى أمر تلك الغبية المسماة وضحى، سوف ألكمك بشدة على أنفك حتى تجلس لتنوح بجانب أكرم كي لا يكون وحيداً في بكائه و نواحه.. تكلم جيداً و بسرعة و من دون ألغاز أو حكايات تافهة، و لا تأتي بذكر وضحى فلا ينقصنا الآن إلا هي.. أنا ما هربت من إيطاليا إلا بسبب ابنة خالتي، و الآن و بعد أن تخلصت منها تأتي هذه الـ وضحى حتى تزيد مشاكلي و أنا لم أرها أبداً في حياتي.. هيا تكلم بسرعــــــــة )) قال يزن (( حسناً لا تغضب المسألة سهلة.. عندما كنت مريضاً، كانت وضحى تأتي كل يوم لتسأل عنك و تحاول معرفة كل شيء عن فارسها الأشقر.. يبدو أنها جاءت إلى هنا لتسأل عنك و وجدت أكرم.... و بما أن أكرم غاضب منك فقد صب غضبه عليها و أخذ ينازعها و يحاول إبعادها عنك، فغضبت جداً و ضربته بقوة على أنفه انتقاما من تعامله معها بهذه الطريقة.. أنت لا تعرف المرأة عندما تغضب فهي تستطيع القتل من دون أن يرف لها جفن لذلك هو خائف الآن من أن تعلم بما فعله معها و تحاول الانتقام منه لصالح حبيبتك الجديدة وضحى ابنة شيخ القبيلة.. سليم تزوجها و عندما يموت والدها ستصبح الشيخ بدلاً منه، ما رأيك؟؟ و لكن أولاً أضرب أكرم لأنه أهانها )) قال سليم بقهر من غبائه (( رأيي أن صفعة قوية في رأسك يا يزن سوف تعيد لك رشدك.. هبا تكلم يا أكرم و قل أن هذا الكلام غير صحيح.. ثم لماذا تأتي لتسأل عني و أنا لا أعرف حتى كيف هو شكلها )) قال يزن (( يا غبي إن فتاة البادية الخلوقة يجب أن تكون خجولة، لذلك هي تسأل عنك و لا تسعى لمقابلتك شخصياً.. و لكن إن أردت مقابلتها فأنا سأدبر لكما موعداً.. هيا ماذا قلت؟؟ )) أمسكه سليم بقوة من قميصه و سحبه إليه قائلاً له بصرامة (( ماذا تريد أن يقول عنا الناس يا أحمق؟! .. هل أنت مجنـــون؟! ثم لماذا تريدني أن أقابلها؟ إذا كانت كما تقول عنها، فذلك شأنها و أنا لا دخل لي بما تحس و تشعر، و أنا لن أخون الناس الذين أنقذونا و ساعدونا.. هؤلاء بدويون أيها الغبي ماذا تريدهم أن يقولوا عنا؟!! )) قال يزن و هو يختنق (( اتركنــــي، كنت أعلم أنه إذا أصيب أكرم أو مات فسوف تنتقل قبضتك من قميصه إلى قميصي.. كح.. كح.. كح أنا أختنق! الآن تريد أنت ترعى الذمة؟ أنت لا تريد ملاحقة وضحى لأنك لا تخون!! إذن ماذا تسمي ملاحقتك لمآثر و هي هنا في هذه القبيلة؟؟ )) زاد غضب سليم منه و رفعه لأعلى قائلاً له (( أنسى مآثر و لا تذكرها على لسانك بسوء و إلا لسوف يأتيك ما هو أشد من قبضة القميص.. إنها ليست منهم و أنا لم ألتقي بها بعد و إذا لاحقتها فلأني أريد الزواج بها )) قال يزن (( الذي يريد الزواج بفتاة يذهب لخطبتها و لا يلاحقها.. أنت بذلك تجلب المشاكل لها و تجعل سمعتها سيئة.. ماذا سيقول عنها من يراك.. أعتقد أن ما عندها من سمعة سيئة يكفيها، فهي مطلقة مرتان.. الأول طلقها و رماها و الثاني لم يستحملها فطلقها ثم أصابه النحس فمات و..... )) قاطعته لكمة قوية من سليم على وجهه قبل أن يكمل افترائه على مآثر، فوقف أكرم بضيق محاولاً تهدئة سليم قائلاً له (( اهدأ يا سليم هل جننت؟؟ إنه لم يقصد ما قال، هو فقط خائف عليك.. أنت تعرف أنه فضولي و يحب التدخل فيما لا يعنيه، أرجوك سامحه و سيحس بغلطه )) قال سليم بحدة (( ابتعد الآن من أمامي قبل أن أضربك معه )) ابتعد أكرم و آثر السلامة عندما رأى غضبه، و هو خير العارفين أن سليم عندما يغضب لا يرى شيئاً أمامه، فأخذ أكرم يرتجف بشدة و هو ينظر إليهما و هما يتقاتلان، ثم قال بصوت راجف و ضعيف (( تستحق ما يحصل لك يا يزن.. كم مرة حذرتك منه و لكن طبعك الفضولي هو الذي أوصلك إلى هذه المواصل.. يا إلهــــــي!.. لن يكف سليم عن ضربه حتى يكسر كل عظامه.. يا ويلي لو علم سليم بما فعلت.. سيقتلني بالتأكيد.. يجب أن أختبئ تحت فراشي و أنام.. أحس أن جسمي يشتعل ناراً، يبدو أنني أصبت بالحمى.. و لكن ماذا أفعل بيزن و سليم؟ لقد نهض يزن و هاهما يتقاتلان معاً.. آه يا رأسي.. رأسي يؤلمني بشدة و الدنيا تدور بسرعة حولي.. آ آ آ آ ه )) و سقط أكرم مغمياً عليه.. و عندما سمع يزن و سليم صوت وقوعه توقفا عن الشجار و الـتـفتا إليه و ركضا إليه ثم صرخا في نفس الوقت (( أكــــــرم !! )) فجاء سليم و رفع رأس أكرم و ضمه إلى صدره ثم أخذ يهزه و بخوف لا مثيل له قال (( أكــــرم.. ماذا حصل لك يا صديقي؟!! أرجوك أجبني.. كان يجب أن لا نزعجه.. كان يجب علينا أن نؤمن له الراحة )) قال له يزن بقسوة (( أنت السبب في كل ما حصل.. في البداية نحن هنا بسببك.. ثم قمت بإغضاب أكرم و بسببك أيضاً لم يأكل و هو هنا خائف من جمال لذلك عندما ضربوه لم يعترف بالفاعل و كل ذلك بسببك أيضاً و الآن قمت بضربي و لو لم أكن أعرف فنون القتال لمتُ تحت يديك.. إن ضربك مؤلم يا سليم.. تضربني لبعض كلمات قلتها عنها.. ماذا لو قلت عنها شيئاً أكبر من الطلاق.. ماذا كنت ستفعل بي؟!! )) أدخل سليم يده في جيبه و أخرج منها مسدس شخصي وقال له بصرامة (( كنت سأقتلك بهذا و لن أرحمك.. كف عن مضايقتي بكلامك.. و إياك أن تخرج كلمة واحدة سيئة عن مآثر و إلا ستخرج رصاصة من مسدسي المحشو بست رصاصات و ستستقر هنا تماما )) و وضع سليم فوهة المسدس فوق جبين يزن و عندها خاف يزن وجحظت عيناه و قال (( أنا أسحب كل ما قلته عنها.. أنا أعترف أنه كان افتراء و لم يكن لي الحق التدخل في خصوصيات الآخرين.. نحن أصدقاء يا سليم و لن نسمح لواحدة مثلها أن تفرق بيننا أليس كذلك يا عزيزي؟ )) قال سليم و هو مازال موجهاً المسدس إلى يزن (( أنا لا أعرفك.. أعد ما قلت الآن هيا )) قال يزن و هو يرتجف (( هل أنت جاد؟! )) رد سليم بثقة (( و هل تريد أن تجرب؟؟ )) قال يزن بخوف أكبر (( لا .. لا أريد أنا آسف سامحني.. إنها فتاة طيبة و تصلح لك أتمنى أن تقتلها عندما تغضب منها.. أقصد أتمنى لكما السعادة معاً سوف أساعدك حتى تتزوجها و لن أتكلم عنها بسوءٍ أبداً.. هيا ابعد هذا المسدس عني )) أدخل سليم المسدس في جيبه ثم قال في نفسه (( ههههههههههههه... لقد عرفت كيف أؤدبه.. ماذا سيفعل عندما يعلم أن المسدس خالٍ من الرصاص؟ )) ثم قال له (( حسناً يا صديقي العزيز.. هيا احمل معي أكرم إلى فِراشهِ و أحضر لي ماء بارداً و بعض قطع القماش يجب أن نعمل له بعض الكمادات إنه يحتاج إلى العناية .. سنعتني به حتى الصباح )) قال يزن (( ألن نأكل إني جائع )) وضع سليم يده على رأسه وقال (( يا إلهـــــي .. أنت لا تنسى الطعام أبداً، منذ قليل يا شره كنت أحاول قتلك.. المفروض أن تنسى نفسك و لا تفكر في الأكل.. أكرم حساس أكثر منك فلو أنه هدد بالقتل لما أكل لمدة شهرين.. يا لــــك من عديم إحساس.. أكرم يموت هنا و أنت تريد الأكل هيا احمل هذا الطعام من هنا لا نريده و لن آكل حتى يتعافى أكرم )) قال يزن (( من حقه عليك أن تفعل له هذا فلقد سهر عليك طوال أسبوعين أو حتى يزيد عن ذلك، أما أنا فحتى لو مت فلن يبكي علي أكثر من دقيقتين و لن يفكر في حضور جنازتي.. لذلك هيا نضعه في فراشه و لا بأس إن لم تأكل أنت فبطني تتسع لكل ذلك الأكـل ))......


الجــــــــ 31 ـــــــزء:

و في خيمة وضحى ابنة الشيخ.. كانت مآثر جالسة في فراشها و هي تفكر فيما حدث بينها و بين أكرم و قالت في نفسها (( ماذا فعلت لذلك الرجل المسكين.. أنا نادمة بشدة.. و لكنه أغضبني.. إنه غبي! لقد تكلم كثيراً و لم أفهم منه شيئاً.. لماذا صرخ في وجهي بذلك الشكل عندما رآني و كأنه يعرفني؟؟ لقد جرحني و أنا لم أفعل له شيئاً لذلك لن أندم أبداً على ما فعلته به فهو يستحق ))
و في الصباح دخلت وضحى على مآثر و هي نائمة فأخذت تهزها و تقول (( هيا انهضي يا مآثر.. لقد طلع الصبح انهضي و كفي عن الكسل )) نهضت مآثر و قالت لها و هي تتثاءب (( ماذا تريدين ما زالت الساعة السادسة و النصف )) ردت وضحى (( قلت لك مائة مرة أنا لا أعرف و لا أفهم هذا الشيء الذي تضعينه في يدك.. كل الذي أعرفه أن مهمتكـ فشلت في المرة السابقة لذلك عليكـ إنجاحها الآن )) قالت مآثر بكسل (( أي مهمة ؟! )) ردت وضحى (( هل نسيتِ؟ ألم أطلب منك أن تكلمي عزيز بشأني و أنت لم تجديه لذلك عليك التحدث معه اليوم )) قالت مآثر (( آه نعم لقد تذكرت و لكني لم أجده في الخيمة أمس لقد كان هناك ذلك المزعج الثرثار، صديقه الذي كسر يده.. و بصراحة إنه شخص بغيض لا يود لأحد أن يقترب من التافه عزيز و أنا لا أريد أن أقابله )) قالت وضحى (( لا تقولي عن عزيز بأنه تافه.. إنه رجل بمعنى الكلمة و لو استمر في الحياة معنا فسيصبح فارسا لا يشق له غبار.. المهم لن تذهبي إلى الخيمة لأنه ذهب إلى الغدير منذ الفجر.. اذهبي أنت لإحضار الماء من الغدير و هناك كلميه )) قالت مآثر و هي تبتسم (( كل هذا الدفاع الرائع له.. أنا متأكدة أنه لا يستحق.. و لكن أنا أخاف أن أجد أخاكـ هناك أو أي أحد و عندها ستحصل لي مشاكل أنا في غنى عنها )) قالت وضحى (( لا تخافي جميع شباب القرية ذهبوا للصيد و لن يرجعوا قبل يومين أو ثلاثة.. والدي و بعض الرجال الكبيرين في السن هم الموجودون حالياً و جميعهم لا يذهبون إلى الغدير لا يوجد هناك سواه و معه صديقه الثاني أما البغيض الذي لا تريدين رؤيته فهو في الخيمة و لا يستطيع الخروج )) قالت مآثر (( كل هذا بسبب كسر بسيط في يده يا له من شخص ضعيف! )) قالت وضحى (( لا تظلميه يا عزيزتي إنه مريض.. يقولون أن أنفه نزف بشدة في الأمس.. و جاء عزيز إلى أبي و أشتكى أن أحداً من رجال القبيلة قد هجم على صديقه و هم خارجون عنه و قد أصابه في أنفه و جلس المسكين ينزف كثيراً حتى أنه أصيب بحمى شديدة كادت أن تقتله بالأمس )) ارتبكت مآثر و قالت لوضحى (( ألم .. ألم يقل عزيز للشيخ من هو الذي هجم على صديقه؟ )) قالت وضحى (( لا.. لم يقل لأن ذلك الجبان صديقه رفض البوح باسم الذي فعل به ذلك و أنا أشك أنه أخي صقر لأنه توعد بالانتقام منهم.. الآن لا تضيعي الوقت هيا اذهبي )) قالت مآثر في نفسها (( يا الله! .. لم أكن أقصد إيذائه.. لقد كاد أن يموت هذا الرجل بسببي.. آه لم أكن أعتقد أن ضربتي قوية بهذا الشكل )) ثم قالت لوضحى (( حسناً سأذهب و لن أتأخر )) و توجهت إلى الغدير....

الجــــــــ 32 ـــــــزء:

كان سليم جالساً عند الغدير و قد ضم قدميه لصدره و أحاطهما بيديه وقد أخد يفكر بحزنٍ شديد في قطته التي ماتت في الحادث، قائلاً لنفسه (( لا أصدق أن لولو المسكينة ماتت في الحادث، لو لم يكن ذلك الرقيق أكرم مصاباً بالحساسية من الحيوانات لكنت أخبرت يزن أنها كانت بجانب قدمي تحت عند المقعد و لو لم أصب لكنت أنقذتها بنفسي.. لقد كنت أحبها كثيراً.. كيف لا أحبها و هي هدية غالية من بنات أخي الجميلات، آآآآآآه كم كنت أكرهها عندما أحضرنها لأول مرة عندي.. كنت لا أرى أمامي سوى مخلوق صغير، بشع و قذر لا يعرف سوى اللعب و المواء، لكن عندما أهملتها و مرضت و رأيت دموع صغيرتاي و قد نزلت بسببي، عندها فقط أحسست بقيمتها و أحببتها لحبهما لها.. و من يومها و منذ ثلاث سنوات أصبحت أطعمها و أحممها بنفسي.. كيف سأعود و لا أجدها تنتظرني عند الباب؟!! )) ثم وضع قدميه داخل الماء و أخذ يحركهما و كان يفكر في كل ما حدث له منذ أن أتى لبلده و أخذ يقول (( يبدو أن يزن كان صادقا، أنا تسببت بكل هذا لنفسي و لأصدقائي.. لولا عنادي و إصراري على مضايقة ذلك المضجر المتعصب جمال لما كنت هنا.. يبدو أنني كنت أحلم فالحمى كانت مسيطرة علي.. هل من المعقول أن يكون الذي رأيته مجرد خيال مثلما قال أكرم؟! يبدو أنه كذلك..آآآآآآه و لكن حتى خيالها جميلٌ مثلها.. يا لي من أناني أفكر فيها في كل وقت و نسيت صديقي أكرم.. لقد كدت أفقده الليلة الماضية يجب أن أذهب إليه لأطمئن على حاله و يجب علي معرفة من قام بضربه و عندها سيرى و سأعلمه كيف يجرؤ على ضرب أخي )) و كانت مآثر قد اقتربت و أصبحت خلفه بعدة أمتار و رأته و هو يضع قدميه و يحركهما فوق مياه الغدير فصاحت به (( أبعد قدميك عن الغدير أيها الأبله.. إنها مياه للشرب و أنت تلوثها.. لا أدري كيف أحبت وضحى شخصاً بغبائك.. هيا أخرج قدميك بسرعة قبل أن ألتقط إحدى الأحجار و أرميك بها )) رفع سليم قدميه عن الماء ثم قال في نفسه (( يا إلهي.. الحمد لله إنها هي و لكن يبدو أنها لا تعرفني لقد جاءت لتكلم عزيز و لا تدري أنه سليم سوف أجاريها و ليكن ما يكون )) ثم قال لها (( هل تعرفينني حتى تكلميني بهذه اللهجة؟ المفروض أن تقولي لو سمحت و بدون أي تهديدات )) قالت له بحدة (( و المفروض يا متفلسف أن تقول أنا آسف و لن أكررها )) قال لها بغرور أغضبها (( لم أتعود أن أتأسف من أحد، فأنا أعتقد أن التأسف من المرأة يكسر كبرياء الرجل.. لماذا أنت عصبية بهذا الشكل؟؟ يجب أن تحاولي التعرف علي أولاً، ثم إذا لم أعجبكـ اصرخي كما شئت )) قالت له محاولة الانتقام منه بعد أن عرفت رأيه في المرأة (( و هل لك كبرياء يا سيد عزيز حتى ينكسر؟! ثم لماذا أتعرف عليك ماذا بينك و بيني؟؟ و أنت لا تعجبني حتى قبل أن أراك و أكلمك، و لقد اكتشفت عندما تكلمت معك الآن أنك مغرور و متكبر و فعلاً إلى الآن لا أصدق أن امرأة بجمال وضحى اغترت و أحبت شخصا بمثل غرورك و صلفك.. أنا لم آتي إلى هنا أصلا لكي أكلمك إنما جئت كي أسألك سؤلاً واحداً ثم أذهب فإن أردت أجب و إن لم ترد فهذا شأنك )) قال لها و هو مندهش من تحول مآثر الرقيقة إلى وحش كاسر بسببه (( حسناً لا بأس و لكن اعلمي أن وضحى لم تغتر بي فأنا أستحق أن تركض النساء ورائي ألا ترين شعري الجميل بالإضافة إلى وسامتي و أناقتي.. ألم يغركـ هذا أنت أيضاً؟! )) صاحت به (( اصمـــت و لا تتكلم يا حقير.. لو كنت آخر رجل في الدنيا فلن تستطيع خداعي أنا أعرف الرجال أمثالك.. اصمت و اسمع سؤالي و عندها فقط تكلم )) قال لها و هو يضع يديه على أذنيه من شدة صوتها (( حسنـــــاً.. اهدئي.. يبدو أن خالكـ جمال قد أحسن تربيتكـ و هذا يسعدني فلقد ورثت منه كل صفاته الشنيعة.. أنا لست حقيراً.. فقط أردت أن أمازحكـ.. عندما رأيتكـ في العاصمة كنت أشد رقة و لكن لا بأس المرأة تحتاج إلى القوة حتى تدافع عن نفسها من الرجال الفاسدين أخلاقياً مثلي و لكنكـ لم تري وجهي إني أكلمكـ من ظهري و وجهي إلى الغدير فهل تسمحين لي يا عزيزتي بالاستدارة )) ردت عليه وهي مندهشة (( لا أصدق كم أنت وقح! طبعاً لا أسمح، و لا تناديني عزيزتي ..ما جئت إلا لأسألك إن كنت تريد الزواج بـ وضحى.. أنا لا أريد رؤية وجهك القبيح يا متكبر.. هيا أجبني.. نظراتك لـ وضحى عندما تمر من أمامك ما معناها؟ هل أنت جاد و تريد الزواج بها أم أنك متعود أن تكلم كل امرأة تلقاها مثلما كلمتني الآن؟ هيا بماذا أجيبها هل ستأتي لتطلب يدها؟ )) قال لها و هو يتصنع الاهتمام (( بالطبع يا سليطة اللسان يعزُ علي أن أردكـ خائبة و لكن قولي لصاحبتكـ التي أرسلتكـ أنني لا أريد الزواج بها.. حتى أنني لا أعرف كيف شكلها.. إن هناك امرأة أخرى في حياتي و لقد عاهدت نفسي أن لا أتزوج غيرها.. هيا اذهبي و قولي لها ذلك )) قالت له و هي تبتسم بسخرية (( أتعرف، لقد استراحت قبل أن تغش بواحد مثلك.. و لكن بداعي الفضول لا أكثر من هي هذه التعيسة، الغبية، المشئومة التي قبلت بك؟ يا لهـــا من مسكينة! يبدو أنها لا تعرفك على حقيقتك، إن كانت لديك الجرأة فقل لي الآن من هي؟؟ )) انتهى صبر سليم من شدة شوقه و لهفته لرؤيتها فنهض و استدار ليواجهها ثم اقترب منها وجها لوجه و قال لها بحنان و عطف و هو يكاد يموت شوقاً ليسبح في بحر حزن عينيها الرماديتان اللتان أسرتاه في سجن بعيد من أول نظرة لهما (( إنها أنـــــــتِ.. أنتِ التعيسة و الغبية و المشئومة التي أريد.. أنت المسكينة التي غششت بواحد مثلي.. أنت حبي التي سلبتني كل شيء قلبي و عقلي.. لقد وجدتك بعد أن رحلتي و تركتني كالمجنون بعد أن أخذتي عقلي معكـ و لن يمنعني الآن شيء من الزواج بك .. ))

هــــــــا قد رحلــــــــتي و فــــــي فـــــــــــــــــــــؤادي
مـــــــــن عيــــــــــــــــونكـ ألـــــــــــــف ذكـــــــــرى
يجتاحنـــــــــــي منهــــــــــا هــــــــــــــــــواكـ
فأنحنـــــــــــــــــــــي حزنـــــــــــاً و قهـــــــــــــرا
هــــــــا قد رحلـــــــــتي فكيـــــف لـــــــــــــــــــي
أن لا أفجــــــــــــــــر مـــــــــــا كتمــــــــــــــــــتُ
لأمـــــــــــــــلأ الأفــــــــــــاق شعـــــــــرااااا
مــــن ذا يلـــــوم العاشـــــق المجنـــــــــــووووون
إن غنــــــــى العـــــــذاب و لم يـــــــدع للناس ستـــــرا
هـــــــم أيقظـــــوه
و كـــــان مشغـــولا بحبـــــك
هائمـــــــــــــــــــــا قلبــــــــــــا و فكــــــــــــراااا
هـــــم أخرجــــــــوه مـــن النعيـــــــم إلى السعيـــــــــر
و أشربــــــــــــــــــــوه الكـــــــــأس مـــــــــــراااااا
قالـــــــــــوا لـــــــــــــه دع قيـــــــــــــــــــــــدهااااا،
دع سجــــــــن عينيهـــــــــا و غـــــــــــــــــادر
مــــــا دروا من أنه قـــد كـــان في عينيك حــــــــراااااا
مقطع من أناشيد: موسى مصطفى

نظرت إليه بصدمة شديدة و قد اتسعت عيناها و دقات قلبها تتسارع لدرجة أحست معها أنه يسمعها، ثم انهمرت الدموع غزيرة على وجنتيها فأخذت تبكي بشدة و قالت له بصوت مبحوح و انكسار قطع قلبه (( أ.. أنـ.... أنت حـــيّ.. مستحييييييل )) ثم وضعت يدها على وجهه لتتأكد من وجوده أمامها و أكملت (( أنت لم تمت! لقد قالوا بأنك مت )) قال لها سليم بألم و هو يمسك بيدها و ما زالت عيناها تجذبانه لبحرهما الحزين (( نعم أنا حي و لم أمت و لن يفرقني عنكـ شيء سوى الموت )) أبعدت يدها عنه و قالت بحزن أكبر (( لا تذكر الموت على لسانك فهو الذي أبعدني عنك )) ثم ركضت عنه بعيداً و هي تبكي بشدة فصرخ يناديها (( مآثـــــــــر.. انتظري لا تذهبي أريد أن أكلمكـ.. أرجوكـ عــــــــــــودي )) و لكنها ذهبت بسرعة.....

 
 

 

عرض البوم صور الغالي المزيون   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
من اجل عينيها, الغالي المزيون
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 10:46 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية