لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > المنتدى العام للقصص والروايات > القصص المكتمله
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله خاص بالقصص المنقوله المكتمله


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-07-12, 04:09 AM   المشاركة رقم: 31
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي

البيانات
التسجيل: Oct 2010
العضوية: 199668
المشاركات: 5,990
الجنس أنثى
معدل التقييم: الجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسي
نقاط التقييم: 3892

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الجُودْ ؛ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : أم ساجد المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 







17
~ لن تكونى لسواى ~




دلفتُ إلى غرفتى وأحكمتُ إغلاق بابها خلفى...
كنتُ ثائرة جداً وأشعر بغضبٍ شديد يعصف بى منذ علمت بالخبر التعيس...
رباه ! كيف سأحتمل وجود تلك الشقراء بمنزلى ؟
كيف سأقبل أن تحيا معى ومع معاذ تحت سقفٍ واحد ؟!
بل السؤال هو... كيف يخدعنى معاذ هكذا ؟ ألم يكن الأجدر به أن يخبرنى بعزمها على البقاء لعدة أيام أخرى دون أن أتفاجئ هكذا ؟
لكن هذه ليست أوّل مرّة... ألم يخف عنى من قبل زواجه منها ؟ والله وحده يعلم ماذا يخفى عنى غير ذلك...
رُبما لازال فى جعبته الكثير وينتظر أن يفاجئنى به !
بدلت ملابسى برداء منزلى خفيف وأرتديتُ فوقه رداء الصلاة تحسباً لمجئ معاذ فى أى لحظة ، ولم تكد تمضى عدة دقائق إلا وكان معاذ يطرق باب غرفتى...
كنت أشعر أننى سأنفجر من فرط غضبى فقررت أن يكون معاذ هو الشخص الذى سأنفجر بوجهه !
نقل معاذ بصره بين ثيابى ووجهى المحتقن من شدّة الغضب ثم قال :
" هل كنتِ تصلين ؟ "

قلت بحدة :
" لم أكن أصلى ولست عازمه على الصلاة الأن . "

قال بحيرة :
" أذن لماذا ترتدين رداء الصلاة ؟ "

قلت :
لأننى أرتدى رداءاً خفيف غير ساتر . "

تنفس معاذ بعمق ثم قال :
" سنتحدث عن هذا الأمر لاحقاً... أما الأن فأخبرينى لِم بدلتِ ثيابكِ ؟ "

قلت منفعلة :
" لأترككما تتحدثان بحرية... أليس هذا ما كنتما ترغبان فيه ؟ "

قال مستنكراً :
" كلا بالطبع... كيف تتخلين هذا ؟ "

قلت وقد أثارتنى جُملته أكثر :
" أتخيل ؟! لماذا أتظننى مجنونة أتوهم الأشياء ؟ "

قال محنقاً :
" بل إنكِ عاقلة جداً ولهذا أتيتُ لأتحدث معكِ بهدوء . "

قلت بحدة وغضب :
" بل أتيت لكى تجبرنى على الذهاب لضيفتك الشقراء . "

قال معاذ وقد نفذ صبره تماماً :
" ومتى أجبرتكِ على شئ أروى ؟ "

نظرت إليه نظرة ذات معنى وقلت :
" لا أظنك نسيت متى . "

لم يسبق لى أن أرى معاذ غاضباً وثائراً بعدما أنتهيتُ من نطق جُملتى الأخيرة...
بدا لى معاذ كقنبلة مُشتعلة ستنفجر فى أى لحظة وفى أى مكان !
راح معاذ يتلفت حوله فى ثائراً بحثاً عن أى شئ يفرغ به جام غضبه...
شعرت بالخوف وتراجعت إلى الخلف خطوتان غير أنه أدركنى قبل أن أخطو الخطوة الثالثة ، وقبض على رسغى بقبضة من فولاذ...
كانت عيناه كجمرتين مُشتعلتين من النيران المُتأججة... وكانت أسنانه تصطك ببعضها فى غضب... وأتانى حينئذ صوته قاسياً وهو يقول :
" أنا لم أجبركِ على شئ أروى... كل شئ كان برغبتكِ من البداية . "

قلت بصوت أجش من فرط الانفعال والخوف :
" لكنك ضغطتً علىّ . "

قال بسرعة وحدة :
"ورغم هذا كان بأمكانكِ أن ترفضى عرضى.. هذا لو كان يتعارض مع رغبتكِ . "

قلت بحدة :
" لا تتخيل أوهاماً برأسك وتصدقها... كلانا يعلم أن هذه لم تكن رغبتى . "

قال معاذ ناهياً الحديث :
" سنتحدث عن هذا أيضاً لاحقاً ؛ فالوقت غير مناسباً للخوض فى أمور شخصية فيما تنتظرنا تولان بالأسفل... هيا أرتدى ملابسكِ مجدداً وألحقى بى . "

قال جُملته وحرر رسغى بحركة عنيفة ثم اتجه ليغادر الغرفة بخطوات واسعة :
قلت استفزه :
" لا تنتظرنى لأننى لا أنوى اللحاق بك إلى أى مكان . "

توقف معاذ بمكانه وألتفت ليرشقنى بنظرة جمدت الدماء بعروقى ،، وجاءنى صوته هادئاً إلى حد ما وهو يقول :
" لماذا ؟ "

قلت مُفرغة غضبى دفعة واحدة :
" لأنك كاذب مخادع ، تركتنى أظن أنها ستزورنا اليوم فقط فى حين أنها تخطط للبقاء لعدة أيام والله وحده يعلم ماذا تخططان له غير ذلك ؟ "

تنفس معاذ بعمق ثم قال:
" أذن هذا ما يغضبكِ ؟ "

قلت :
" وهل تراه بالأمر الهين ؟ "

وأضفتُ مستاءة :
" كيف لى أن أتحمل وجود تلك الشقراء معى ومعك تحت سقفٍ واحد ؟

فوجئت بابتسامة صغيرة ترتسم على شفتيه وسمعته يقول :
" هل أعتبر هذا نوعاً من الغيرة ؟ "

قلت مستنكرة :
" أنا أغار عليك أنت ؟ أنت واهم لو ظننت هذا . "

وأضفت بسرعة :
" لا تغير الموضوع وأخبرنى كيف سأحتمل وجود طليقتك فى هذا المنزل ؟ "

بدا الأسى الشديد على وجه معاذ وهو يقول :
" كان الأجدر بكِ أن تقولى منزلى... وليس هذا المنزل ."

نظرت إليه فى حيرة شديدة... هل كا يتصور أننى أعتبر هذا المنزل منزلى ؟
إننى لم أجد بهذا راحة ولم أشعر نحوة بالألفة أبداً...
وكيف لى ذلك ولم يربطنى به سوى الدموع والحزن ؟ كيف لى هذا وقد لاقيتُ به أياماً مريرة ؟
رفعت نظراتى إليه وقلت :
" لكن هذا ليس منزلى . "

ضاقت عينا معاذ بشكل يوحى بالخطر وقال :
" لكنكِ زوجتى ومنزلى هو منزلك . "

وأضاف بنبرة مبهمة :
" كل ما أملكه يا أروى هو ملككِ أنتِ أيضاً بل وتحت قدميكِ . "

قلت :
" لكن هذا يناقض أتفاقنا . "

قال معاذ غاضباً :
" اللعنة على هذا الأتفاق... فليذهب إلى الحجيم... أنا لستُ مُستعداً لتنفيذه ولن أترككِ لتكونى لسواى أبداً... أخبرتكِ بهذا مُسبقاً كما أظن . "

قلت بغضب مماثل :
" لكنى لم أوافق عليه وأنت تعلم هذا . "

أقترب معاذ منى بضع خطوات حتى صار وجهه مقابلاً لى فرفع يديه إلى كتفىّ ونظر إلى عينىّ مباشرة ثم قال بنبرة باردة كالثلج :
" فى حالة واحدة فقط ستصبحين حرة مجدداً . "

وأضاف وعيناه تضيقان من شدّة غضبه :
" عند موتى . "

ابتعد معاذ بعد ذلك وتوجه إلى خزانة ثيابى وفتحها ثم أختار منها ثوباً وحجاباً وألقاهما فوق السرير ثم قال :
" أرتدى هذه الثياب وألحقى بى . "

ثم ولانى ظهره وأتجه ليغادر الغرفة قائلاً :
" سانتظركِ بالأسفل . "



~ ~ ~ ~ ~



أخبرتنى إحدى الخادمات أن تولان تجلس بغرفة المعيشة لذا فقد توجهت مباشرة إلى حيث تجلس فوجدتها جالسة باسترخاء وتتصفح إحدى مجلات الأزياء وأمامها كأس عصير لم ترشف منه رشفة واحدة بعد...
ألقت تولان علىّ نظرة عابرة بمجرد دخولى إلى الغرفة ثم عادت لتتصفح المجلة مجدداً... أما أنا فتوجهت إلى التليفاز ورحت أقلب قنواته بحثاً عن قنوات الأخبار ، وحينئذ أتانى صوت تولان تقول :
" يبدو أن زوجتك مزاجهها متعكر اليوم . "

نظرت إليها متسائلاً فقالت :
" كنت ذاهبه لأبدل ثيابى بغرفتى فخيل إلىّ أننى أسمع شجاركما . "

قلت :
" لم نكن نتشاجر... كنا نتناقش . "

ابتسمت وقالت بسخرية :
" حقاً ! ولماذا لم تأتِ معك أذن ؟! "

قلت بنفاذ صبر :
" كانت متعبة قليلاً وستلحق بى بعد قليل . "

رفعت حاجبيها قائله :
" أذن فالعروس تنوى ربطك سريعاً بطفلٍ صغير . "

وأضافت ضاحكة :
" رجاءً أخبرها عن لسانى بأن هذا لن يربطكب ها برباط من حديد كما تتصور ؛ فوقتما توى هجرها لن يمعنك عن هذا شئ . "

أطلقت زفرة حانقة وقلت :
" لو كنت أنوى هجرها ما كنت لأكرر زواجى ثانية بعد تجربتنا الفاشلة . "

عدت لمتابعة الأخبار فيما أمسكت تولان بالمجله وراحت تتصفحها ثم قالت :
" زوجتك رائعة الجمال... أنت محظوظ جداً . "

أوقفت العرض وألتفت لأنظر إليها محاولاً أن استشف مغزى جُملتها لكن بلا جدوى !
عادت تولان تقول :
" تبدو صغيرة... رُبما لم تبلغ العشرين بعد . "

قلت :
" هى كذلك بالفعل . "

هزت تولان كتفيها ثم قالت :
" كما توقعت تماماً... على أى حال مبارك لك . "

وأضافت :
" لكن... هل تحبها ؟ "

فى هذه اللحظة أقبلت أروى فنهضت لاستقبلها قائلاً :
" مرحباً حبيبتى... هل صرتِ أفضل الأن ؟ "

ابتسمت أروى وقالت :
" نعم... الحمد لله . "

لمحت بطرف عينى ابتسامة ساخرة تشق طريقها إلى فم تولان كأنها تخبرنى بأننى ممثل فاشل !
بعد ذلك أنضمت سالى إلينا وخففت من توتر الجوء ، فقررت أن أتركهم وأذهب للعمل ببال مطمئن...
تقريباً ببال مُطمئن !



~ ~ ~ ~ ~

تتبــــع



 
 

 

عرض البوم صور الجُودْ ؛   رد مع اقتباس
قديم 18-07-12, 04:12 AM   المشاركة رقم: 32
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي

البيانات
التسجيل: Oct 2010
العضوية: 199668
المشاركات: 5,990
الجنس أنثى
معدل التقييم: الجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسي
نقاط التقييم: 3892

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الجُودْ ؛ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : أم ساجد المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 







18
~ من أجلك أنتَ ~



استقليتُ سيارتي مُتجهاً إلى شركتي ورأسى يعج بالآف الأفكار والهواجس طوال الطريق حتى أننى كدت أصدم شخصاً فى طريقي ... بل لقد صدمته بالفعل لكن صدمة خفيفة لم تصبه بأذي ورغم هذا قدمت له قائمة إعتذارات وعرضت عليه توصيله غير أنه رفض وأنصرف ، فيما ظللت طوال الطريق أعاتب نفسى على شرودى وتسببى فى مثل هذا الحادث البسيط .. وما كدت أصل إلى الشركة حتى وجدت محمود فى إنتظارى بغرفة مكتبى ...
كانت زيارة غير متوقعة أبهجتني كثيراً خاصة وأننى كنتُ فى حاجة لشخصٍ ما أتحدث إليه ...
وبالطبع لن أجد أفضل من محمود لكى أتحدث إليه بحرية دون خجل ..!

بادرنى محمود قائلاً :
" وصلت متأخراً اليوم على غير عادتك ... "

ابتسمت وقلت :
" لم أكن أنوي الحضور ... "

قرأت فى عينيه عدة تساؤلات غير أنها لم تخرج من بين شفتيه ..
قلت :
" حضرت تولان اليوم من تركيا . "

قال بهدوء :
" كنت أتوقع أن تأتى بمجرد أن تبدأ بالقضية لكى ترجوكَ أن تتراجع عنها وتترك لها حضانة أبنكما ."

ابتسمت وقلت :
" بل لقد جاءت لتسلمنى أحمد على طبق من فضة ..! "

تفاقمت دهشته أكثر وأكثر وهو يقول :
" ماذا ..؟ هل جننت ..؟ أى أم تلك ..؟"

قلت :
" هذا ما حدث ... لكن هذه ليست مشكلة على الأطلاق ... المشكلة الحقيقية هى أن تولان تنوى البقاء بمنزلى لفترة حتى يعتاد أحمد على المنزل وعلينا . "

قال :
" أمر طبيعى ... الأطفال لا يعتادون على الأشخاص بسهولة ."

وصمت لبرهة ثم قال :
" بالطبع هذا الوضع يضايق أروى ... أليس كذلك ..؟ "

قلت :
" طبعاً ؛؛ فهى لا تتقبل فكرة أن تظل تولان معنا ليوم أخر ... إنها مستاءة للغاية . "

قال محمود بهدوء :
" إنها تغار عليك ... "

رفعت حاجباى بدهشة وكسا وجهى الذهول وأنا أردد خلفة :
" تغار علىّ ...! "

تعجب محمود من دهشتى وقال :
" طبعاً ... ولماذا كل هذا القدر من الدهشة ؟ أليست زوجتكَ ومن حقها أن تغار عليك ؟ "

قلت مندفعاً :
" لكن أروى ... إنها ... "

ولم أتم حديثى ... لم أكن أدرى ماذا علىّ أن أقوله ...
إننى لا أعتبر محمود صديقى فحسب ... إنه أخى ... لكن أن أطلعه على أمورى الخاصة بعلاقتىب زوجتى فهذا ما لم استطعه برغم صلتنا القريبة ..!

قال محمود يحثنى على المواصلة لمّا استبطأ ردى :
" إنها ماذا ..؟ "

قلت بعد برهة :
" لا أظنها تغار علىّ ... هذا كل ما فى الأمر . "

قال محمود :
" ألم تقل أنها مستاءة ..؟ أذن فهى تغار ... وهذه ليست مشكلة على الأطلاق ... بأمكانك أن تكسب رضاها بهدية مثلاً ... النساء يحبون الهداية كما تعرف . "

وابتسم مُتابعاً :
" أعتقد أنك لديك سابق خبرة فى هذه الأمور . "

يقصد بذلك زواجى من تولان ...!
لم أرد عليه ورُبما لم أسمعه أيضاً ؛ فقد كان تفكيرى كله مُنصباً على الجُملة التى قالها للتو ..
" إنها تغار عليك ..! "
هل يمكن أن يكون استياءها من وجود تولان بدافع الغيرة ..؟
لكن ... لماذا تغار علىّ ..؟ ما الذى يدفع المرأة للغيرة من أمرأة أخري ..؟!



~ ~ ~ ~ ~ ~



توجهت إلى غرفتى مباشرة بعدما أنصرف مُعاذ وتوجه إلى عمله ...
لم أكن أرغب فى قضاء مزيداً من الوقت برفقة تلك الشقراء لذا فقد انسحبت مُتحججة برغبتى فى الأطمئنان على الصغير ...
ألقيتُ نظرة عابرة عليه فوجدته يغط فى النوم بهدوء ، فما كان منى إلا أن توجهت إلى غرفتى وأغلقت بابها خلفى ...
كنت أشعر بضيق شديد لأن مُعاذ وضعنى فى هذا الموقف وأنصرف ليتركنى مع طليقته ..!
ألقيت جسدى على فراشي الوثير وأنا ألهث بشدة كأننى قطعت مسافة طويلة ركضاً على قدميّ ..
نظرت إلى صورتي المُنعكسة بالمرآة فوجدت وجهى متوهجاً من شدّة الغضب ...
بل لقد كان بداخلى بركان ثائر لا يخمد أبداً ...
فكرت بالأتصال به ومعاتبته على تركى مع تلك الشقراء غير أننى تراجعت فى أخر لحظة ودققت بصورتي المُنعكسة بالمرآة ...
لأول مرّة أرى نفسى بهذا الحالة ... لم أكن أبداً فى يوم سريعة الغضب ... بل على العكس كنت دائماً هادئة إلى حد كبير ... فماذا دهانى الأن ..؟
لماذا أشعر بكل هذا الغضب ..؟

سألت نفسى هذا السؤال ألف مرّة وعبثاً حاولت أن أجد له إجابة ..!
كل ما أعرفه أننى غاضبة أكثر من أى وقت مضي ... وجود تلك المرآة بنفس المنزل يثير حنقى إلى أبعد الحدود ...
لكن لماذا ..؟ لا أدرى ..!
أو فى الحقيقة كانت الأجابة واضحة أمام عينىّ للغاية لكنى أرفض مجرد التفكير بها ...
إن زواجى من معاذ لا يعتبر زواجاً ... وعلاقتنا هى أسوأ علاقة قد تنشأ بين الرجل وأمرأته ... فكيف يراودني مثل هذا الشعور ..؟!
بعد فترة من الزمن سمعت طرقات على باب غرفتى ...
كانت سالى تجلس بالأسفل برفقة تولان ولا يوجد بالمنزل كله سوى الخدم ، فاستنتجت أن الطارق هو أحدهم ...
ُتوجهت إلى باب الغرفة لأفتحه فطالعنى وجه معاذ ...
تعجبت كثيراً حينما رأيته أمامى وقلت :
" لم تذهب إلى العمل ..؟! "

ظل معاذ صامتاً لبعض الوقت ... كان نظراته لى غريبة ومُبهمة المعاني ... لم يكن مُستاء بل مُنفعلاً ..!
قلت :
" ما الأمر ..؟ أهناك شئ ما ..؟ "

هز رأسه نافياً وقال :
" لا ... لا شئ ... فقط فكرت فى أنكِ قد لا يعجبك ذهابى خاصة فى وجود تولان . "

وأضاف بطريقة غامضة وهو يتأملنى ملياً :
" أعرف كم أنتِ مُستاءة من وجودها ..! "

أبتلعت ريقي بصعوبة وقلت محاولة إخفاء مشاعري :
" ولماذا أستاء من وجودها ..؟ "

أطال النظر إلىّ ثم قال :
" لا أدرى ... هذا ما استنتجته من رد فعلك على بقاءها .. "

قلت مباشرة :
" غير صحيح ... وجودها لا يعنينى فى شئ ولا يثير بنفسى أى مشاعر ... "

وأضفت بتحدِ :
" هذا الذى يصوره لك عقلك ليس صحيحاً على الأطلاق ... لا تتخيل أشياءً غير موجودة فى الواقع . "

قلت هذا الكلام السخيف الذى لا أدرى لماذا قلته وتركته واقفاً بمكانه وأنصرفت بخطوات هادئة ...
كنت أريد أن أثير غضبه وأظننى نجحت بتفوق ...


~~~~~~~~~



فى الحقيقة لم أقتنع بما قالته مُطلقاً ...
بل لقد كنت واثقاً من أنها تشعر بضيق شديد من وجود تولان وقد ظهر هذا واضحاً فى حديثها السابق معى ...
لقد قالت أنها لا تحتمل وجودها فكيف هى الأن مرحبة بها ..؟
ولماذا تنكر أستياءها الشديد من بقاء تولان لدينا بالمنزل ..؟!
لم أجد إجابة لتساؤلاتى وقررت أن أؤجل الحديث فى هذا الشأن حتى المساء ...
رأيت أروى تهبط السلم متوجهة إلى حيث تجلس تولان برفقة سالى فلم أشأ أن ألحق بها وأتجهت بهدوء إلى غرفة أحمد والذى كان مُستغرقاً فى النوم ...
دلفت إلى غرفته على أطراف أصابعى وجلست على طرف الفراش بجانبه ورحت أتأمله وهو نائماً بهدوء ...
مددت يدى إلى شعره الناعم وداعبت خصلاته برفق ثم خاطبته هامساً :
ها قد حصلت على حضانتك أخيراً يا صغيري ...
كيف استطعت الابتعاد عنك طوال هذه السنوات ..؟!
وكيف أحرم نفسى من متعة مراقبتك وأنت تكبر أمام عينىّ ..؟!
أعدك يا صغيري بألا يفرقنى عنك أى شئ فى المستقبل ...
وأعدك بأن أعوضك عن الفترة الطويلة التى تفرقنا فيها ...
لقد أعددت كل شئ لكى نبقى معاً دائماً ... وستكون أروى أماً ثانية لك بهذا البيت ... وسأخطط لكى يكون لك أشقاء وشقيقات لتلعبون وتكبرون معاً ...
كل هذا من أجلك أنت يا صغيري ...
لتعلم كم أحبك ..!
أنحنيتُ لأطبع قبلة صغيرة على جبهته قبل أن أستدير ببطئ وهدوء متوجهاً إلى باب الغرفة لأغادره ، غير أننى توقفت عند عتبة الباب لأحدق بأروى والتى كان تقف على مقربة ... تحدق بى بنظرات غريبة يغلب عليها الاستياء ...!
أرتبكت بشدّة وأنا أراها ترمقنى بتلك النظرات الغريبة ... وأدركت أنها سمعت حديثى وترجمته كما يحلو لها ..!
قلت :
" أروى أنا .... هذا الكلام لا يعنى أن .......... "

غير أنها قالت مقاطعة بحزن :
" لا تبرر شيئاً ... لست مضطراً لأن تفعل ... أعلم أنك ما تزوجتى إلا لأجل طفلك ... لكن ... إذا كنت تظن أنك ستحتفظ بى ضمن ممتلكاتك فأنت مخطئ تماماً ... "

وأضافت :
" سأنتظر حتى ترحل تولان لألملم أشيائى وأرحل بدورى ... فلم يعد لى مكان هنا بهذا المنزل .. "


~~~~~~~~~

تتبع



 
 

 

عرض البوم صور الجُودْ ؛   رد مع اقتباس
قديم 18-07-12, 04:14 AM   المشاركة رقم: 33
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي

البيانات
التسجيل: Oct 2010
العضوية: 199668
المشاركات: 5,990
الجنس أنثى
معدل التقييم: الجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسي
نقاط التقييم: 3892

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الجُودْ ؛ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : أم ساجد المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 







19
: : : أبـي العزيز : : :





عند منتصف الليل انتهت السهرة أخيراً وقررنا جميعاً الذهاب للنوم ...
أمسكت بيد أروى أحثها على الذهاب معى إلى الطابق العلوى وتبعتنا كلاً من تولان وسالى والصغير أحمد الذى كان يمسك بيد تولان ...
توقفنا أخيراً عند الطابق العلوى حيث غرف النوم وقلت موجهاً حديثى لسالى وتولان :
" تصبحان على خير . "

فأجابتنى سالى وهى تتثاءب فى حين قالت تولان بلغتها الركيكة :
" لماذا لا تذهب برفقة أحمد إلى الفراش ..؟ أظنه سيحب أن تحكى له إحدى الحكايات . "

نظرت إلى الصغير وخاطبته باللغة التركية :
" أتحب أن أحكى لك حكايا يا صغيرى ..؟ "

فإذا به يبتسم ... أى أنه موافق ..!
ابتهجت كثيراً ورحبت بالفكرة فقلت لـ أروى :
" أذهبى إلى فراشك وسألحق بكِ سريعاً . "

وحملت الصغير فوق زراعى ثم ودعت الجميع ورأيت أروى وهى تتجه نحو الجناح وتختفى بداخله وكذلك فعلت سالى ..
أما تولان فقد تبعتنى إلى غرفة أحمد ..!

أستدرت لأنظر إليها وقلت :
" ماذا الأن ..؟ "

أعنى بذلك أن تنصرف وتتركنا وحدنا ، غير أنها قالت ببساطة :
" سأبقى قليلاً حتى لا يشعر أحمد بالخوف . "

نظرت إليها بضيق وقلت :
" ولماذا يشعر بالخوف ..؟ إننى والده . "

قالت ساخرة :
" وهل ستطلب من طفل فى الثالثة من عمرة أن يفهم فى ليلة وضحاها أنك والده الذى لم يره منذ ولادته . "

زفرت بضيق ولم أعلق عليها ... وتركتها تجلس تراقبنى وأنا أحكى للصغير إحدى الحكايات ... والذى لم يلبث أن راح فى النوم سريعاً وبقيت أنا وتولان وحدنا ..!
أحكمت وضع الغطاء عليه وطبعت قبلة على جبينه ثم استدرت إلى تولان وقلت :
" لقد نام .. "

ابتسمت تولان وبدت شاردة إلى حد ما وهى تقول :
" أتقنت دور الأب ... أظنه سيعتاد عليك بسرعة ... "

وأضافت :
" لن أكون قلقة عليه بعدما أسافر ... إننى واثقة أنكَ ستحبه كثيراً وتهتم به ... "


نظرت إليها بمزيج من الدهشة والحيرة ... أحاول أن أفهم المغزي الحقيقى وراء جملتها ... هل تعنى حقاً ما تقول أم أنها تسخر منى ..؟
وهنا أدركت الأجابة فوراً حينما أرتعش صوتها قليلاً وأومضت الدموع بعينيها قبل أن تتابع :
" أننى فقط أخاف ... أخاف أن ينسانى فى يوم ... "

شعرت بالدهشة لتلك العاطفة المفاجئة ..!
حقاً لم أكن أتوقع منها أن تبدى أى عاطفة نحوه ... لقد قدمته لى على طبق من فضة فكيف تعتقد أننى سأصدق دموعها الأن ..؟

أتانى صوتها لينتزعنى من شرودى :
" أنتِ قاسى القلب ... كيف تحرم أم من طفلها ..؟! "

نظرت إليها مُتعجباً وقلت :
" لقد أتيت بنفسك لتعطينى أياه . "

قالت مُنفعلة :
" وما الفائدة ..؟ ستأخذة أجلاً أو عاجلاً ... القضاء كان سيحكم لصالحك خاصة وأن ظروفي المادية هذه الفترة سيئة ... "

وأضافت بأسى :
" أنا لم أتى لأعطيك أحمد كما تتصور ... لقد أتيت لأتفاهم معك ... ولأرجوك بأن تتركه لى ... إنه ما تبقى لي منك ... هل تريد حرمانى من أخر شئ بقى لى منكَ ..؟ "

قالت تولان جملتها الأخيرة ولم تستطع منع دموعها فأجهشت فى البكاء فجأة بصوت مرتفع ..!
شعرت بالتوتر وخشيت أن يسمع أحداً صوت بكاءها ...
قلت لها بصوت خافت :
" أرجوكِ تولان ... كفى ... لا أريد أن يسمعنا أحد الخدم ... "

قالت تولان بإنهيار :
" أنا لا أهتم ... كل ما يهمنى هو طفلى ... "

وصمتت لبرهة لتلقط أنفاسها ثم تابعت :
"لقد صارت لك حياتك ... وزوجتكَ ... لماذا أنت مصمم على سلبى طفلى ..؟ لماذا لا تتركه لى ..؟ فى المستقبل سيصير لك أطفال ولن تكون بحاجة لأحمد ... أما أنا فلن يصير لى أحد بعد أن تأخذه ... تعلم لا عائلة لى ولا أحد ... "

قلت :
" لكنه أبنى ... ولا استطيع أن أتخلى عنه ... لابد أن يربى معى ... "

جففت تولان دموعها وقالت :
" وهو أبنى أيضاً ولا يمكننى التخلى عنه ... لابد أن يكون معى أنا ... "

قلت :
" أنا أسف ... لابد أن تقدرى موقفى تولان . "

قالت تولان بنبرة حزينة :
" أذن لا فائدة ... لن تتركه لي ... "

قلت :
" أنا فعلاً أسف ... أعرف أن هذا الأمر صعب عليكِ ولكن ... ليس بيدي حيلة ... "

تركتها وانصرفت بعد أن أنتهيت من قول جملتى السابقة ...
كنت أشعر بالحزن من أجلها حقاً وأخشى أن تؤثر علىّ وتستعطفنى لأترك لها الصغير ... وهذا ما لا أرغبه ..!
توجهت إلى الجناح الخاص بى وبأروى بعد ذلك ... وكما توقعت كانت أروى بغرفتها وبابها مُغلق كما هى العادة ...
نظرت للساعة ... كانت عقاربها تشير إلى الواحدة بعد مُنتصف الليل ...
رُبما استغرقت فى النوم بالفعل ... لا بأس فلأتحدث إليها فى الصباح ...
أغلقت باب الجناح وهممت بالتوجه إلى غرفتى لأنام غير أننى تعديت غرفتى وأنحرفت تلقائياً إلى غرفتها ...
رُبما لم تنم بعد ..!
طرقت بابها برفق وانتظرت أن أسمع لها أى صوت وهى تتحرك ...
لكن قابلنى صمتٍ تام ...
رُبما لم تسمع طرقاتى الخافتة ... أو رًبما نامت بالفعل ..!

حسناً ... على أى حال سانتظر حتى الصباح لأتحدث إليها قبل ذهابي إلى العمل ... لابد أن أعرف حقيقة مشاعرها نحوى ...
رُبما كانت بالفعل تكن لى بعض المشاعر ... رُبما كانت تبادلنى مشاعري ...
ثم ما الذى يدفعها للشعور بالضيق من وجود تولان ..؟
إنها الغيرة بالتأكيد ... لابد أنها تغار علىّ منها ..!
كررت تلك الكلمة برأسي مرات عديدة ولست أدرى لماذا لم أقتنع بها ..؟
لقد كانت أروى تكرهنى يوم أتت إلى هذا المنزل ... فهل يمكن أن يتحول كرهها لـ حب ..؟!

بينما كنت مُستغرقاً فى أفكاري أصدر باب غرفتها صوتاً انتزعنى عنوة من أفكارى لتتجه نظراتى إلى باب غرفتها مباشرة ...
كانت تقف أمامى فى رداء النوم الخفيف ... وشعرها الطويل منسدلاً حول وجهها ..!
تفاجأت حينما فتحت الباب بهذه الثياب ودون حجاب ... ويبدو أنها لم تتوقع رؤيتى فأجفلت وقالت :
" معاذ ..! أنت هنا ..؟ كنت ذاهبة إليك .. "

تفاقمت حيرتي أكثر وأكثر وقلت :
" ما الأمر ..؟ "

أجهشت أروى فى البكاء حينئذ وقالت :
" أبى مريض للغاية ... أرجوك دعنى أذهب إليه الأن لأصطحبه إلى المستشفى ... أرجوك معاذ . "

قلت :
" حسناً حسناً ... أهدأى قليلاً وأذهبى لترتدي ملابسك بسرعة . "

ارتسمت على شفتيها ابتسامة صغيرة كأنها تعرب عن شكرها لى بهذه البسمة ، ثم سارعت بدخول غرفتها وتبديل ثيابها ..!
ولأننى لم أبدل ثيابى بعد فقد أنطلقنا فوراً بسيارتي إلى منزل والد أروى ...
ظلت أروى صامتة طوال الطريق لا تنطق بكلمة ... فقط تبسط راحة يدها وتقبضها فى توتر وما أن وصلنا إلى منزل والدها حتى سارعت بمغادرة السيارة وسبقتنى إلى الداخل بلهفة ..!

~ ~ ~ ~ ~ ~


تمنيتُ وقتها لو كنت استطيع الطيران والذهاب للأطمئنان على أبى ...
آه كم كنت أشعر بالقلق عليه ..!
كلما تذكرت مخابرة أمى لى وبكاءها المتواصل إزداد قلقي عليه وشعرت بخطورة حالته ...
وحينما وصلت إلى المنزل ورأيتُ أبى أدركت أنه يمر بأزمة صدرية ... ولم تكن هذه هى أول مرة تصيبه فيها ، لكنها كانت أشدها خطورة ..!
لم أعرف كيف أتصرف كل ما فعلته وقتها هو مشاركة أمى وأشقائي البكاء ..!
وهنا فوجئتُ بمعاذ يعطينى مفاتيح السيارة ويأمرني بالمسارعة بفتحها ثم أنحنى ليحمل أبى ببساطة وهرع به إلى السيارة ثم أتجه إلى المستشفي ..!
وما كدنا نصل حتى استقبلنا فريق الاسعاف ومن بينهم وقف شخص مألوف لي ما كدت أقترب منه حتى توقفت بمكاني حينما أدركت أنه محمود صديقه ..!
قلت لمعاذ :
" ما هذه المصادفة ..؟ "

غير أن معاذ قال :
" ليست مصادفة ... إنها هذه المستشفى ملكه وقد خابرته ليسعتد لوصولنا . "

عضضت عل شفتي السفلي فيما أقترب معاذ من صديقة وصافحه ... وهنا ألتفت محمود إلىّ وقال :
" مرحباً أروى . "

حاولت أن ابتسم وأنا أجيب تحيته غير أن الابتسامة أبت أن ترتسم على شفتي ...
قال محمود :
" بإذن الله سيطيب والدكِ قريباً ... لدينا هنا أطباء من أمهر الأطباء بالعالم كله . "

غمغمت :
" إن شاء الله . "

وأتجهت لأجلس بجانب والدتي على أقرب مقعد مُنتظرين أن يغادر الأطباء غرفة الطوارئ لنطمئن على أبي ... فيما بقى معاذ برفقة محمود وراحا يتحدثان ..!
تساءلتُ فى نفسي :
" ترى ماذا يقولان الأن ..؟ أى حوار قد يدور بينهما فى مثل هذه الظروف ..؟ "

بعد فترة من الزمن انصرف محمود فأقترب معاذ منى وجلس بجواري صامتاً ...
نظرت إلى ساعة الحائط وكانت تشير إلى الثانية والنصف بعد منتصف الليل ... أى أن أبى قضى بغرفة الطوارئ ما يقرب من ساعة كاملة ..!
أطلقت تنهيدة قصيرة وقلت :
" ألم يتأخروا بالداخل ..؟ أليس من الأفضل أن يخرج أحد الأطباء ليطمئننا على حالته ..؟ "

أطرقت أمى بأسي وراح لسانها يلهج بالدعاء فيما شعرت بيد معاذ تربت على يدي وسمعته يقول هامساً :
" لا تخافي عزيزتي ... سيصير بخير إن شاء الله . "

ألتفت لأنظر إلى معاذ الذى كان ينظر إليه مُبتسماً ،، فقلت بخجل شديد :
" شكراً لك ... على ما فعلته اليوم ... حقاً أنا شاكرة لك .. "

ابتسم معاذ وقال :
" أى شخص بمكاني كان سيفعل ما فعلته ... لستِ بحاجة إلى شكري على أى حال .. "

فى تلك اللحظة أقبل محمود مُشرق الوجه وقال :
" لقد تم نقله إلى إحدى الغرف ... إنه بحالٍ أفضل الأن .. حمداً لله على سلامته . "


~ ~ ~ ~ ~ ~



ما أن دلفنا إلى غرفته حتى سارعت أروى إلي والدها المُستلقى على الفراش وأنحنت عليه تقبله وهى تحمد الله على سلامته ...
وقالت :
" كدت أموت قلقاً عليكَ ... الحمد لله أنك صرت بخير . "

ظللت واقفا عند باب الغرفة بجانب محمود الذى قال :
" سيبقى اليوم بالمستشفى للعناية ... يجب ألا يتحرك سوي للضرورة القصوي حتى لا تحدث مضاعفات ... "

وأضاف هامساً :
" لن أخفي عليكَ ... الطبيب أخبرنى أن حالته ليست مستقرة تماماً ... وأن صدره بحالة سيئة ... "

نظرت إلى والد أروى وقلت هامساً أيضاً :
" أأمل أن يصير بخير وألا يلحق مكروهاً به ... فأروى شديدة التعلق بوالدها ... أدركت هذا منذ أول لقاء لنا . "

دقق محمود النظر إلىّ وقال :
" كيف ألتقيت بأروى ..؟ إننى حتى الأن لا أعرف كيف تعرفتما ..؟ "

نظرت إليه بإرتباك ولم أدري بم أجيبه ... فيما كان محمود ينظر إلىّ بأهتمام شديد وينتظر أجابتي ...
قلت أخيراً :
" والد أروي يعمل لدي بإحدي الشركات و ....... "

بترتُ جملتى حينما قالت أروي موجهه حديثها إلىّ :
" ألا يجب أن نغادر الأن يا معاذ ..؟ "

تبادلت النظر مع محمود الذى قال مُسرعاً :
" سنحتجز والدكِ لدينا يومين حتى نطمئن على حالته ... "

أقتربت أورى منا وقالت بقلق :
" لماذا ..؟ هل هناك خطراً عليه ..؟ "

قال محمود نافياً :
" لا يوجد أى خطر ... فقط الأطباء يريدون الأطمئنان عليه ومتابعة حالته عن كثب . "

أطرقت أروى برأسها قائلة :
" أرجو أن يكون الأمر كذلك . "

ورفعت رأسها بعد برهة ثم قالت لي :
" هل تسمح بأن أكون رفيقة لأبي ..؟ إذ أن أمى يجب عليها أن تعود إلى المنزل لتطمئن أشقائي وتبقى معهم ... "

لم أكن أرغب فى العودة بمفردي خاصة وأن هناك حديثاً لم ننته منه بعد وكنت أريد الانتهاء منه اليوم غير أننى لم أملك سوي الموافقة ...
قلت :
" حسناً أروى ... سأرسل إليكِ السائق بما تحتاجينه من ملابس بعد قليل . "

ابتسمت أروى بسعادة وقالت :
" شكراً لكَ معاذ ... "

ابتهجت كثيراً حينما لاحظت التغير الشديد فى معاملة أروى لي ...
قلت :
" من الأفضل أن أنصرف الأن ... "

ونظرت إلى والدة أروى وقلت لها :
" سأصطحبكِ فى طريقي ... هيا بنا . "

استدرات والدة أروى إلى زوجها وراحت تودعه فيما نظرت أنا إلى أروى وقلت لها :
" أنتبهى لنفسك أروى ... "

ابتسمت أروى وأومأت برأسها فقلت :
" سأمر لأطمئن عليكم غداً . "

ثم غادرت المستشفى برفقة أم أروى وعدت وحيداً إلى منزلي ..!


~ ~ ~ ~ ~ ~


تتبع

 
 

 

عرض البوم صور الجُودْ ؛   رد مع اقتباس
قديم 18-07-12, 04:21 AM   المشاركة رقم: 34
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي

البيانات
التسجيل: Oct 2010
العضوية: 199668
المشاركات: 5,990
الجنس أنثى
معدل التقييم: الجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسي
نقاط التقييم: 3892

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الجُودْ ؛ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : أم ساجد المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 







20
: : : بقايا عطرها : : :





عدت إلى المنزل وحيداً بعدما أوصلت والدة أروى فى طريقي ..
كان الجميع نيام بطبيعة الحال والمنزل ساكناً لحد الكآبة .. مررت فى طريقى بغرفة رئيس الخدم وطلبت منه أن يوقظ إحدى الخادمات ويرسلها إلى غرفة أروى لتضب لها بعض ثيابها وترسلها إلى المستشفى .. ومن ثم توجهت إلى الجناح الخاس بى وبأروى ..
كنت أشعر بإرهاق شديد وبدأ النعاس يتسلل إلى جفوني فهممت بدخول غرفتي لكن شئ ما أجبرني على التوقف .. إذ أننى لمحت بطرف عينى باب غرفة أروى المفتوح ..
إنها أول ليلة أبات فيها وحيداً بالجناح منذ تزوجت أروى ..
إنه فراغ هائل ذلك الذى أشعر به الأن .. على الأقل وجودها بجانبي يريحنى قليلاً ..
تُرى ماذا تفعلين الأن يا أروي ..؟

توقفت عند باب الغرفة فأقتحمت أنفي رائحة عطرها التى تعبق الغرفة ... أغلقت عينىّ واستنشقت نفساً عميقاً فتسلل الهواء إلى أنفي مصحوباً بعطرها الرقيق الهادئ ..
آه .. كم أشتاق إليك الأن يا أروى ..!
كيف طاوعنى قلبي على تركها تبات بالمستشفي ..؟ ألم أكن قادراً على ملازمتها بالمستشفي بأى حجة ..؟!
ترددت قليلاً قبل أن أخطو أول خطوة بداخل الغرفة .. قد يكون ما أفعله تطفلاً مني وأقتحاماً لخصوصيتها .. لكن .. أليست زوجتي ..؟!
ألا يحق لي حتى أن أتفقد أشياءها ولو من بعيد ..؟

دلفت إلى الغرفة ببطئ ووقفت فى منتصفها أتأمل كل شئ بها .. جدرانها الوردية .. طاولة الزينة .. خزانة الملابس .. فراشها الغير مرتب والذى يوحى بأنها كانت على وشك النوم ..
أتجهت إلى الفراش وجلست على طرفه ثم مددت يدي إلى الغطاء المخملى المُلقى عليه وتحسسته برفق .. ثم رفعته إلى أنفي واستنشقت بقايا عطرها العالقة به ..
قد يكون الذى أفعله فى هذا هو الوقت هو درب من الجنون .. لكن .. لم استطيع مقاومته بطبيعة الحال ..!
لمحت بطرف عينى ذلك الكتاب الذى كان مندثراً تحت الغطاء بأهمال .. وما أثار دهشتى هو أنه كان كتاباً فى القانون ..!
عجباً ..! على حد معرفتى بالفتيات فهن جميعاً مغرمات بالروايات .. ومن العجيب أن تكون إحداهم لديها إهتمام خاص بالقانون ودراسته المعقدة ..!
على الأقل علمت عن زوجتي شيئاً .. يا للسخرية ..!

أفقت فجأة مما أنا فيه حينما دلفت إحدي الخادمات إلى الغرفة .. نهضت من مكاني فجأة فأجفلت الفتاة وتراجعت وقالت :
" أتيتُ لأضب أغراض سيدتي كما أمرت . "

قلت :
" حسناً .. "

وسارعتُ بمغادرة الغرفة والتوجه إلى غرفتي شاعراً بخجل شديد من نفسي ..
استلقيتُ أخيراً علي فراشي بعدما بدلت ملابسي وجلست لفترة أحملق فى السقف الفاتح وقد أبى النوم أن يعرف طريقه إلى عينىّ فبقيتُ فريسة للأفكار التي لا ترحم ...
وراح ذاك السؤال يتردد على عقلي بلا كلل : إلى متي سيظل وضعنا هكذا ..؟
متى ستشعر أروى بتلك النيران المُتأججة بصدري ..؟
لابد أن أصارحها بمشاعري حين تعود ..
فقط حين تعود ..


~ ~ ~ ~ ~



بعدما انصرف الجميع غط أبى فى النوم فجلست عند قدميه ورحت أتأمله وأحمد الله فى سري على أنه تجاوز تلك الأزمة على خير ..
آه .. كم أشعر بالراحة الأن ..!
لم يكن مبعث راحتي مُقتصراً على سلامة أبى فحسب .. فما يشعرني بالراحة أيضاً هو موقف معاذ اليوم معنا ..
لم أكن أتوقع أن يفعل ما فعله .. لقد أنقذ حياة أبى ؛ فلولاه ما كنا لنستطيع نقله إلى المستشفى بسرعة كما فعل .. كما أننا لم نكن لندخله مستشفى باهظة التكاليف كالتى نحن بها الأن ..
كلما تذكرت هذا شعرت بالخجل من نفسي ..
يبدو أننى أسأت فهم معاذ .. وأننى حكمت عليه حكماً خاطئاً ..
لكن .. ألم يكن هذا رداً طبيعياً على عجرفته ومعاملته الغليظة معى فى أول لقاء لنا ..؟!
كلما تذكرت هذا أشعر بالتشتت والحيرة ..
شتان بين معاذ المتعجرف الذى طردني من قصره .. ومعاذ زوجي الذى يحاول التودد إلىّ بشتى الطرق ..!

أويتُ إلى فراشى بعدما أطفأت الأنوار إلا من ضوء خفيف يبدد عتمة الغرفة ثم استلقيتُ على فراشي ووضعت ذلك الغطاء الأبيض على جسدي ثم أغلقت عينىّ فتراءت لي صورة معاذ ...
تذكرت لمسته ليدي اليوم ... آه ... ما أجمله من شعور ..!
لأول مرّة أشعر بأن لي شخص أعتمد عليه وأغلق عينىّ تماماً بأطمئنان وهو بجانبي ... ولأول مرّة أجد من يأزرني ويواسيني فى أوقات حزني ...
ابتسمت بسعادة وتنهدت براحة لم أذق لها طعماً طوال حياتي ... ورحتُ فى النوم ببساطة ...

فى تمام الثامنة استيقظت من نومي على صوت سعال شديد ..
قفزت من فوق فراشي قفزاً وهرولت إلى سرير أبى والذى كان يسعل بشدة فيما كان وجهه شاحباً يحاكي وجوه الموتي ..
أصابنى الهلع عليه خاصة حين رأيت تلك الدماء التى تلوث الشراشف وأدركت أن مرض أبى خطيراً بحق ..!

وضعت حجابي فوق رأسي كيفما أتفق وهرعت إلى الخارج لأستدعي الطبيب المناوب الذى سارع إلى أبي برفقة إحدي الممرضات ..
وأخيراً هدأ أبى وخفت سعاله واسترخى فى سريرة وتراخت جفونه بهدوء وراح فى النوم ..
نظرت إلى الطبيب بوجل وقلت :
" ما الأمر ..؟ هل هو مريض لهذه الدرجة ..؟ ألن يشفي من هذا الألتهاب الرئوي أبداً ..؟ "

لست أدرى لِم بدت لي نظرات الطبيب مقلقة .. بدا لي كأنه يشك بأن يكون مرضه غير ما نظن ..
قال :
" يبدو أن حالته خطرة فعلاً .. لست أريد أن أقلقكِ ولكن رُبما تجاوز الأمر الألتهاب الرئوي .. سنقوم بالتحليلات اللازمة لأتأكد من شكوكي أولاً . "

ولم أجرؤ على سؤاله عن تلك الشكوك ..!
شعرت بضعف شديد ينتابني فجأة .. وأصطبغت الدنيا أمامى باللون الأسود ..
أنزويت بإحدي أركان الغرفة أبكى كـ طفلة صغيرة .. تمنيتُ من كل قلبي أن يشفى أبى .. دعوت الله وتضرعت إليه ألا يكون الأمر خطيراً ..
يا رب استجب لي ..


~ ~ ~ ~ ~



أفقت من نومي متأخراً فى الساعة الثانية عشر ظهراً ..
سمعت أصوات كلاً من سالى وتولان فنهضتُ من فراشي وأرتديتُ ملابسي مسرعاً ..
لابد أن أروي استيقظت باكراً ورُبما كانت تنتظرني الأن ..
أسكت بهاتفي وطلبت رقمها فتعالى صوت هاتفها من الغرفة المجاورة ..!
يبدو أنها نسيت هاتفها هنا بالأمس ..
توجهت إلى غرفتها وحملت هاتفها ووضعته بجيب سترتي ثم غادرت الجناح فطالعني وجه تولان مباشرة ..
قالت :
" كنت آتية لأيقاظك .. فقدنا الأمل فى أن تستيقظ من نفسك .. "

استدرت متجهاً إلى السلم وأنا أقول :
" يبدو أننى استغرقت فى النوم ولم أشعر بمرور الوقت . "

قالت تولان بسخرية وهى تتبعنى :
" وماذا عن عزيزتك أروي ..؟ هل استغرقت فى النوم هى أيضاً ..؟

تجاهلت جملتها وهبطت إلى أسفل ووجدت سالي تنتظرنا برفقة أحمد لنتناول فطورنا جميعاً ..
أعتذرت لها وقلت :
" سأتناول طعامي برفقة أروي اليوم . "

وأخبرتها عن مرض والد أروي المفاجئ فأبدت أسفها لذلك فيما بدت السعادة على تولان وقالت :
" ومتى ستعود من المستشفي ..؟ "

قلت :
" ستعود وقتما يشفى والدها .. أرجو أن يكون هذا قريباً .. "

ابتسمت وقالت بنبرة ساخرة :
" لا تقل أنك أشتقت إلي عروسكَ الجميلة .. "

وأضافت بخفوت :
" على حد علمي لقد انتزعت قلبك واستبدلته بقالب ثلج . "

تجاهلت حديثها تماماً وأنصرفت متجهاً إلى المستشفي ..
مررت بطريقي إلى غرفة أروي بغرفة محمود فلم أجده فتوجهت مباشرة إلى غرفة أروي ..
وبالغرفة وجدت محمود جالساً برفقة أروي التى كانت عيناها متورمتين من البكاء ..
لم أفهم ما الذى كان يبكيها ولكني حينما ألقيت نظرة على والدها استوعبت أن حالته كما هى .. دون تحسن ..!
استأذن محمود منا وأنصرف فيما بقيت أنا وأروي وحدنا ..
سألتها :
" ما الأمر ..؟ لماذا تبكين ..؟ "

قالت أروى :
" يبدو أن مرض أبى خطير .. لقد انتابته نوبة أشد خطورة اليوم .. والطبيب قال أنه لابد أن يتم عمل بعض التحليلات حتى يتم تشخيص حالته . "

سألتها :
" ألم تقولي لى أنه مصاب بألتهاب رئوي ..؟ "

قالت بنبرة تقطر حزناً :
" رُبما تجاوز الأمر ذلك . "

قلت :
" لا أرجو ذلك .. بإذن الله سيصير بخير .. لا تقلقي .. "

نظرت إلىّ أروى برجاء كالغريق الذى يتعلق بأى شئ يبقيه على سطح الماء ..
كررت :
" سيكون بخير إن شاء الله .. وستمر هذه الأزمة ككل مرة .. "

لكن ما أخبرنا به الطبيب فى المساء بعد ظهور نتائج التحاليل جعل الأمل يخفت بقلوبنا ..
فالأمر ليس مجرد إلتهاب رئوي .. بل هى خلايا سرطانية بالرئة مُنتشرة وخطيرة ..!


~ ~ ~ ~ ~ ~

تتبــع



 
 

 

عرض البوم صور الجُودْ ؛   رد مع اقتباس
قديم 18-07-12, 04:41 AM   المشاركة رقم: 35
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي

البيانات
التسجيل: Oct 2010
العضوية: 199668
المشاركات: 5,990
الجنس أنثى
معدل التقييم: الجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسيالجُودْ ؛ عضو ماسي
نقاط التقييم: 3892

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الجُودْ ؛ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : أم ساجد المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 







21
: : : حائرة : : :






حينما وصلت إلى المستشفى ودلقت إلى الجناح الخاص بوالد أروى رأيتها - كـ المعتاد فى الأونة الأخيرة - تغوص بإحدي المقاعد الوثيرة ، تغلفها هالة من الصمت والحزن ..
نظراتها الشاردة تهيم بأرجاء الغرفة فى وجل وتستقر فى النهاية على ذلك الكهل النحيل الذى لا يكاد المرء يميز بين صحوته ونومه ،، فهو فى الحالتين مُسبل العينين شاحب الوجه لا يقوى على التكلم ..!
مرت عشرة أيام على دخول والد أروى المستشفى وبدأت حالته فى التدهور رغم العلاج المكثف الذى يخضع له والذى يقول عنه الأطباء أنه لا جدوى له بالنسبة لحالته وأن رحمة الله به هى وحدها القادرة على شفاءه .. فقط رحمة الله به ،، ونعم بالله العلى العظيم ..
أقتربت بخطوات بطيئة من أروى التى لم تبد كأنها تشعر بوجودى وأتجهت لأجلس بجانبها فى هدوء .. دون أن تلتفت لتنظر إلىّ ..
قلت :
" كيف حاله اليوم ..؟ "

أطلقت أروى تنهيدة مريرة وقالت بأسي :
" كـ كل يوم .. لا تحسن ولا أمل فى ذلك . "

قالت ذلك وأراحت ظهرها على المقعد ثم أطبقت جفونها على عينيها وأطالت الصمت ..
قلت :
" إنها إرادة الله على كل حال .. "

تمتمت بصوت يكاد يكون مسموع وهى لازالت على ذات الوضع :
" ونعم بالله .. "

كانت ترتدى رداً واسعاً قطنياً ينسدل من فوق رأسها حتى قدميها ،، لا يظهر منه سوى وجهها الغارق فى الحزن وكفيها النحيلين كجسدها ..
مددت يدي إلى يدها وربتُ عليها قائلاً :
" لابد أن تكوني أكثر تماسكاً أروى .. من أجل والدتكِ وأشقائك الصغار .. "

قالت بصوت خافت :
" أحاول بكل جهدي أن أفعل .. "

وأضافت :
" وما أصعب ذلك ..! "

فتحت عينينها وأتجهت بنظراتها إلى والدها وبدت كأنها تود أن تملأ عينيها بصورته وتختزنها بداخلها ..
ثم قالت :
" لا أتخيل أن أفقده هكذا .. لا أتخيل أن استيقظ ذات لأجدني يتيمة .. "

وألتفتت لتنظر إلىّ فجأة ثم قالت :
" أظنك تعلم صعوبة أن تكون يتيمياً ؛ فأنت جربت هذا الأمر .. "

هزتني جملتها وأصابتنى فى الصميم ..
لقد فقدت والداىّ فى حادث وأنا بعد فى العشرين من عمري ..
كنت مُتعلقاً بهما بشدّة وجاء نبأ وفاتهما بمثابة صدمة إلىّ ولشقيقتي .. خاصة حينما بدأت مطامع كل من حولي تتضح شيئاً فشيئاً ..
وبدأ الجميع يطالب بحقه فى الميراث بعدما عدنا مباشرة من المقابر .. كأن الجميع كانو ينتظرون ذلك الحدث بفارغ الصبر ..
وفى غضون أسابيع تم تقسيم الميراث على الجميع ولم يبق لنا سوي شركة واحدة فقط ،، مهددة بالأفلاس فى أى وقت ،، فما كان مني سوى أن عملت ليلاً ونهاراً حتى استطعت الوقوف على قدميّ مجدداً وأنشأت فروعاً عديدة لشركتنا التى هى الأن من أكبر الشركات فى الشرق الأوسط كله ..
ولكن .. كل هذه الأموال لا تغني عن لحظة واحدة أقضيها فى كنف والداىّ .. إنه اليتم .. فما أقساه من شعور ..!

أنتزعت نفسي من أفكاري بغتة ونظرت إليه قائلاً :
" حينما توفي والداىّ كنت وحيداً .. لكنكِ لست وحيدة أروى .. ولن أسمح أبداً بأن يتسلل إليكِ هذا الشعور طالما أنا حي أرزق .. "

حدقت بى بنظرات يغلب عليها الحيرة والشك قبل أن تهز رأسها رافضة لكلامي وتقول :
" غير صحيح .. أننى وحيدة .. بل إننى لم يسبق لى الشعور بالوحدة سوي فى وجودك بجانبي . "

صدمني حديثها كثيراً .. لم أكن أتخيل أن هذا هو شعور أروى نحوي .. لهذه الدرجة تكرهيننى يا أروى ..؟!

تابعت أروى حديثها :
" دعنى أكون صريحة معك ؛ إن زواجنا مجرد مسرحية بمجرد أن يسدل الستار تنتهى ولا يعود لها وجود .. "

وأضافت :
" كل ما بيننا محكوم عليه بالفشل إن أجلاً أو عاجلاً .. كان هذا أتفاقنا منذ البداية .. ألا تذكر ..؟ "



~ ~ ~ ~ ~



بعد انتهائي من حديثى أختلست نظرة إلى وجه معاذ المحمر ،، ونظراته الغاضبة ..!
رأيته يبسط كفه ويقبضة محاولاً السيطرة على غضبة وأعتقد أنه نجح فى ذلك فقد خرج صوته هادئاً إلى حد ما وهو يقول :
" دعينا نؤجل الحديث عن هذا لوقتٍ أخر . "

كنت أريد من حديثى السابق أن أفهم وضعي بالنسبة له .. أن أسمع منه كلمة تطمأننى .. أردت أن أسمعه يقول أنه لن يتخلى عني .. وأنه ما تزوجني لذلك السبب ..
لكنه لم يتكلم ولم يبعث بقلبي إلا بمزيداً من القلق ..
رُبما لازال يحب زوجته التركية .. ورُبما كانت عودتها سبباً فى صحوة مشاعره نحوه .. بل ورُبما تواجدي بالمستشفي أتاح له الفرصة لكي يتفقان على كل شئ ..
رُبما ..!

فى المساء أنصرف معاذ وكعادته أصطحب والدتى وأشقائى معه .. فيما بقيتُ أنا مع والدي .. أراقب أنفاسه طوال اليوم وأخشى أن أغفو للحظة فاستيقظ على فاجعة موته ..
كانت الساعة العاشرة مساء حينما مرت إحدي الممرضات على الغرفة لتعطي أبى الدواء ..
ساعدتها فى إنهاضه لكى يتسنى له شرب الدواء ثم انصرفت وبقيت أنا جالسه بجواره ،، أراقب نظراته الشاردة وشحوب وجهه وأقاوم العبرات المُختنقة بعينىّ ..
وهنا أتاني صوت أبى خافتاً وهو يقول :
" لا أريد أن أري كل هذا الحزن بعينيكِ .. أظنني سأرتاح بالموت .. فالموت راحة لي من كل شئ . "

حاولت ألا يكون صوتي مُرتعشاً وأنا أقول :
" لا تقول هذا أبي .. بإذن الله ستتحسن صحتك وتصير بخير .. إن رحمة الله واسعة . "

قال أبى :
" والموت رحمة لي أيضاً .. "

وصمت لبرهة ثم أضاف :
" أظننى فقط خائف من عقاب الله لأننى مددت يدي ذات يوم وأختلست .. ولأننى أضطريتكِ لأن تتزوجي من معاذ .. "

أطرقت برأسي أرضاً وتركت دموعي تتساقط على الأرض فى صمت فيما تابع أبي :
" لكن زواجكِ منه لم يكن خطأ كبيراً .. أظنه يحبكِ أروى .. "

رفعت نظراتي المُتفاجئة إليه فابتسم ابتسامة شاحبة وقال :
" كان كريماً معنا جداً .. لا أظنه يبعثر نقوده هباء .. هذا أكبر دليل على حبه لكِ .. "

صمت أبى لبرهة وتلاحقت أنفاسه وراح يسعل وهو يقول :
" لا تفرطي بزوجكِ وحافظى عليه .. "

هنا راح سعاله يقوي وأنفاسة تختنق فقلت بخوف :
" لا تقل شيئاً أرجوك .. أنت معتب للغاية . "

لكنه واصح حديثه بصعوبة وقال بصوت مُتقطع خافت :
" والدتكِ وأشقائكِ أمانة فى عنقك أروى .. لدي ثقة بأنكِ ستصونين أمانتي .. طالما كنت جديرة بالمسؤولية .. "

توقف أبى عن الحديث وقد انتابته حالة من السعال المتواصل ..
كنت لازلت أرتدي ثيابى الساترة فهرولت إلى الخارج لأستدعي الطبيب وكالمعتاد وقفت أراقبهم وهم يحاولون إنعاشة ويعيدون له هدوء أنفاسة ..
لكن .. هذه المرة بدت النوبة أكثر صعوبة .. وطالت مدتها أكثر من اللازم ..
وأخيراً هدأ سعاله واسترخي أبى فى نومته واسدل خفونه على عينيه .. وران الصمت التام ..!

قلت :
" ماذا ..؟ هل انتهت النوبة ..؟! "

فقابلتنى نظرات الطبيب والممرضات بنظرات يائسة وأعلن الطبيب :
" البقاء لله .. لقد توفي المريض .. "


~ ~ ~ ~ ~ ~



عدتُ فى المساء مُنهكاً فاستلقيتُ إلى إحدى المقاعد الوثيرة بغرفة المعيشة وراحت نظراتي ستسبح فى الغرفة الواسعة والأثاث .. وكان تفكيري أبعد ما يكون عن ذلك ..!
كنت محبطاً للغاية بعد حديث أروى اليوم .. وبعد ما أبدته نحوي من شكوك ومخاوف وعدم ثقة ..
كنت أتمني أن يكون رأيها بي مختلفاً وأن تكون هذه الأيام قد أعطتها ولو نفحة ثقة بي .. ولكن يبدو أنني كنت مخطئاً فى البداية حين قررت أن أضغط على أروى لكى تتزوجني ..
ولكن .. لم يكن لدي خيار أخر .. كانت ستتزوج بمجرد أن يخرج والدها من السجن .. ولو لم أضغط عليها ما قبلت الزواج وصارت زوجتي ..
هى لازالت متوهمة أننى ما تزوجتها إلا لضم أبنى إلى حضانتي .. رغم أن هذا ليس السبب على الأطلاق ..
لست أدرى كيف لم تسأل نفسها فى يوم ..؟ لماذا لم أتزوج أى فتاة أخري رغم مقدرتي على ذلك ..؟ لو فقط طرحت هذا السؤال على نفسها رُبما استطاعت أن تصل إلى السبب الحقيقى .. وهو حبي لها ..!
رغم أننى لست ممن يقعون فى الحب بسهولة ولكن شيئاً ما جذبنى إليها كما لم أنجذب لفتاة قبلها .. شئ ما أجبرني على أن أفعل ما فعلت لكى تصير زوجتي .. كل ما حدث لم يكن لدي فيه أى خيار .. كنت مأموراً من قلبي على ما أفعل وليتنى ما فعلت ..!
لدي شعور قوي بأنى دمرت حياة أروى ؛ فأنا سلبتها خطيبها الذى كانت تحبه وأجبرتها على الزواج مني ..
ترى هل أخطأت فى هذا بالفعل ..؟
وهل بأمكاني أن أعيد تصحيح الخطأ ..؟ وكيف السبيل إلى ذلك ..؟

أفقت من أفكاري على صوت تولان تقول :
" مساء الخير .. هل حضرت أخيراً ..؟ "

أعتدلت فى جلستي وقلت :
" كما ترين . "

قالت :
" كيف حال والد أروى ..؟ "

قلت :
" على ما هو عليه .. "

ران الصمت لفترة قبل أن تقطعه قائله :
" ومتى تنوي أروى العودة إلى المنزل ..؟ "

قلت :
" لا علم لي .. لا استطيع أن أطلب منها ألا ترافق والدها .. طالما كانت متعلقة به للغاية .. أرجو أن يشفي قريباً . "

قالت :
" أرجو ذلك ؛ فالجميع هنا متأثرون بمرض والد أروى .. فأروى متغيبة عن المنزل وسالي حزينة لأجله وأنت تعود من عملك إلى المستشفي يومياً ثم تعود إلى المنزل متعباً .. حتى أنك صرت لا ترى أحمد سوى فى المساء وهو نائم . "

قلت :
" إنه مجرد ظرف طارئ ولن يلبث أن ينتهي ذات يوم . "

ونهضت من مكاني قائلاً :
" سأذهب لأنام .. لي عملاً باكراً فى الغد . "

قالت تولان :
" لن يضيرك لو انتظرت خمس دقائق أخري .. أريد أن نتحدث قليلاً .. وأن نتوصل لحل .. "

توقفت بمكاني وقلت :
" حل لأى شئ ..؟ "

قالت :
" لهذا الوضع الذى نحن به .. "

قلت :
" تقصدين حضانة أحمد ..؟ "

قالت :
" بل أقصد وضعنا نحن .. "

فاجئنى حديثها وقلت :
" لو كان بيننا شئ يمكن أن نتحدث عنه فهو أحمد .. وغير ذلك لا أظن أنه يهمني فى شئ . "

قالت بأسى :
" لهذه الدرجة صرت تكرهني ..؟ "

قلت بنفاذ صبر :
" لست أكرهك ولا أحبكِ .. ليس لدي أى مشاعر نحوك سواء بالحب أو الكره .. "

قالت ثائرة :
" وماذا عني أنا ..؟ ماذا عن مشاعري وحياتي ..؟ لقد تقبلت فكرة أن تموت مشاعري فى ابتعادك عني لكتك بسلبك لطفلي تنهي حياتي تماماً . "

قلت :
" هل ستعودين لهذا الحديث مجدداً ..؟ لقد ظننت أننا انتهينا منه .. "

قالت :
" أنا لم أتي إلى هنا إلا لأطلب منك أن تترك لي حضانة أحمد .. هذا هو السبب الوحيد الذى أتى بى إلى هنا .. ولكني بمجرد أن رأيتك أكتشفت أننى لن استطيع أن أبتعد عنك ثانية .. "

قالت ذلك وسرعان ما أنخرطت فى البكاء ..!

قلت :
" لا تعودي للبكاء ثانية .. رجاء كفي تولان . "

قالت تولان مُنتحية :
" لم أعد استطيع الأحتمال .. أنا لازلت أحبك معاذ .. لا أتخيل فكرة زواجك .. مكانك معي أنا وليس معها هى .. إننى أم طفلك . "

قلت :
" فات أوان الحديث بهذا الأمر .. أنا لست مستعداً للتخلى عن أروى . "

كفت تولان عن البكاء وراحت تجفف دموعها وهى تقول :
" لم أطلب منك أن تتخلى عنها .. "

نظرت إليها مندهشاً وحائراً ..
قلت :
" أذن ..؟ "

فقالت :
" تظل هى زوجتك وتردني لعصمتك . "

لم أتفاجئ فقط .. لا بل صُعقت هذه المرة ..
نظرت إليه فى انتظار أن تتراجع عما قالته أو تعيده لأتأكد مما قالته ، ويبدو أنها قد قرأت أفكاري فقالت :
" دعنا نتزوج من جديد وهى لازالت بعصمتك .. بأمكاننا أن لا نخبرها .. أخبرها بأننى سافرت وأخذت معى أحمد واشتري لى منزلاً صغيراً ولا تأتي إلىّ سوي كل أسبوع مره .. سأكتفى بهذا فقط لنكون معاً .. أنا وأنت وأبننا .. أرجوك لا ترفض معاذ .. رفضك هذا قد يقتلني .. فلم يعد لدي أمل بالحياة سوي هذا الأمل .. إنه أملى الوحيد فلا تقتله .. "

لم أدرى بماذا أجيبها ..؟ وماذا يجب أن أقول ..؟
نظرت إليه .. كانت تنظر إلى بأمل وخوف .. تتوسل إلىّ بنظراتها ألا أخذلها ..
بعثرت نظراتي بالغرفة وغرقت فى التفكير .. لم يكن تفكيرى بما قالته بتاتاً .. فأنا لا يمكن أن أفعل هذا بأروى وبنفسي .. لا يمكن أن أخدع تولان وأتزوجها فى حين أن حب أروى قد ملأ قلبى بأكمله وفاض منه فلم يعد لها مكاناً شاغراً به .. لكنى كنت أفكر بطريقة أخبرها بها برفضى دون أصدمها .. ولكن لا جدوى ..!
يبدو أننى لزمت الصمت لفترة أطول مما ينبغى .. ويبدو أن تولان قد فسرت صمتي على أنه قبول فإذا بها تتجه إلى فجأة وتغمرني بزراعيها وهى تقول باكية :
" كنت واثقة أنك ستقبل .. كنت واثقة أنك مازلت تحبنى مثلما أحبك . "



~ ~ ~ ~ ~ ~

تتبــع




 
 

 

عرض البوم صور الجُودْ ؛   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
من وحي الاعضاء, ام ساجد, انت ملكي وحدي
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 01:11 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية