4
: : : الواقع المرير : : :
وقفتُ أمام المرآة أجرب إرتداء فستان الزفاف الذى أشتراه لى مُعاذ من باريس ..!
كان الفستان أنيق جدا ً.. ويبدو باهظ الثمن للغاية ..
حقيقة أنا لم أحلم بإرتداء مثل هذا الفستان الرائع .. وكذلك لم أحلم بأن يقام حفل زفافى فى مثل هذا القصر العظيم .. بل وأن أقيم بجناح فاخر به وأصير سيدة هذا القصر ..!
لكن .. برغم كل هذا .. أنا لم أشعر بالسعادة قط .. لم أشعر إلا بالأسى والعجب من حال الأيام .. وأنطلقت فى أعماقى ضحكة ساخرة مريرة كمرارة الواقع الذى أعاصره .. وكمرارة الأيام التى راحت تتقاذفنى كقارب شراعى صغير تتقازفه الأمواج وتعصف بشراعه الريح ..!
من كان يصدق أن تلك الفتاه البسيطة .. التى كان أكبر حلمها هو الزواج من خطيبها ذلك المعلم الفقير .. الذى لم تكن حالتة المادية أفضل من حالتها بشئ يذكر .. فجأة يشاء القدر أن تصير خطيبة صاحب أكبر سلسلة شركات فى مصر والشرق الأوسط كله ..؟
من كان يصدق هذا ..؟!
ومن يدرى ماذا تخبئ الأيام لى فى جعبتها ؟ !
" تبدين فى غاية الجمال والأناقة . "
انتزعنى صوت الوصيفة من أفكارى ، فألتفتُ لأنظر إليها وقلتُ بلا حماس :
" حقاً ..؟ "
أكدت لى قائلة :
" طبعاً .. إنكِ تبدين أجمل مائة مرة من السيدة تولان .. رغم أن السيدة تولان والحق يقال كانت جُميلة جداً . "
سألتها بشرود :
" ومن تكون السيدة تولان هذه ..؟ "
نظرت إلىّ الوصيفة بحيرة وقالت بدهشة كبيرة :
" ألا تعرفين من تكون السيدة تولان ..؟ "
قلتُ :
" لم يحدث لى الشرف فى الحقيقة . "
ألزمت الوصيفة الصمت لفترة أطول مما ينبغى ..
فقلتُ :
" ألن تخبرينى من تكون ..؟ "
ابتلعت الوصيفة ريقها بصعوبة ثم قالت بتردد :
" لقد كنتُ أظنكِ تعرفين من هى ولم أقصد أن أكون السبب فى أى خلاف بينكِ وبين السيد مُعاذ . "
زادنى كلامها حيرة فوق حيرتى وعجبا ً فوق عجبى ..!
سألتها بعصبية :
" ومن تكون هذه الـ تولان يا تُرى ..؟ أكانت خطيبته مثلا ً ..؟ "
أرتبكت الوصيفة أكثر وأبتلعت ريقها مرة ثانية بصعوبة ..
ثم قالت :
" كلا .. إنها ليست خطيبته .. "
وصمتت لبرهة ثم قالت بتردد :
" إنها .. إنها .. زوجته السابقة . "
نظرتُ إلى الفتاة بدهشة كبيرة وقد جمدتنى الصدمة بمكانى وجعلتنى عاجزة عن الحركة ..!
زوجته ..! هل كان مُعاذ مُتزوج من أخرى ؟ ..!
لا .. لا .. لو كان سبق له الزواج من أخرى لكان نبهنى لهذا الأمر على الأقل ..
هذه الفتاة أما أنها تهذى .. أو أننى أنا من صرتُ أتوهم أشياءاً لا أساس لها من الصحة ..!
سألتها بصوت ضعيف مبحوح :
" هل .. هل قلتِ .. زوجته ..؟ "
أومأت الفتاة برأسها إيجاباً ..
شعرتُ بدوار خفيف .. وحاولتُ أن أبدو مُتماسكة وأنا أقول بصوت بالكاد خرج من حلقى :
" هل .. كان مُعاذ .. مُتزوج من أخرى ..؟ "
حينما أومأت الفتاة برأسها إيجابا ً وقالت بتردد :
" نعم .. كان متزوجاً من السيدة تولان وأنفصلا منذ ثلاثة أعوام. "
ما أن أنتهت الوصيفة من جُملتها حتى شعرتُ بمزيج غريب من الأستياء والغضب والحيرة والدهشة ..!
لماذا لم يطلعنى على هذا الأمر من قبل ..؟ ولماذا وضعنى فى هذا الوضع السخيف ..؟
عدتُ أنظر إلى الوصيفة وسألتها بصوت متحشرج :
" ولماذا أنفصلا ..؟ "
بدت الوصيفة مُترددة ، فقلتُ لها أحثها على الحديث :
" أخبرينى ولا تخافى من أى شئ ... "
قالت الوصيفة :
" أنا لم أقصد شيئاً بهذا .. لكنى لم أكن أعلم بأنكِ تجهلين هذا الأمر. "
قلتُ محاولة تبرير الموقف :
" طبعا ً مُعاذ كان سيطلعنى على الأمر .. رُبما كان فقط ينتظر الوقت المناسب . "
لم يقنعنى تبريرى لذلك الموقف السخيف الذى وضعنى مُعاذ فيه .. وكذلك لم يبدُ لى أن الوصيفة نفسها قد أقتنعت به ..!
قلتُ :
" أخبرينى لماذا أنفصلا من فضلك ..؟ "
ظلت الفتاة صامتة لبعض الوقت ، ثم قالت :
" إنهما لم يتفقا منذ البداية .. كانت السيدة تولان من بلد غريبة .. وطباعهها مُختلفة تماما ً عنا .. وسيدى لم يحتمل طباعها هذه و ..... وأنفصلا . "
سألتها :
" من أى بلد كانت ..؟ لا تبدو لى مصرية ..؟ أسمها غريب ..! "
فكرت للحظة ثم قالت :
" أعتقد إنها كانت من تركيا .. نعم تذكرتُ لقد كانت من تركيا بالفعل ؛ فقد كان سيدى يدرس بتركيا وتعرف عليها هناك وتزوجا . "
قلتُ أحثها على المواصلة :
" ثم ماذا ..؟ "
قالت :
" ثم أنفصلا بعد عام واحد تقريباً .. "
وفكرت للحظة ثم أضافت :
" نعم .. أنفصلا بعد عام واحد .. حتى أن سيدى الصغير كان عمره أيام وقتها . "
هنا شعرتُ بدوار قوى مفاجئ من شدة الصدمة .. فأستندتُ على أقرب مقعد ورحتُ أجاهد لألتقاط أنفاسى ..!
أقتربت منى الوصيفة وساعدتنى على الجلوس على المقعد الذى كنتُ أستند عليه ..
ثم قالت بقلق شديد :
" سيدتى .. هل أنتِ بخير ..؟ اللعنة علىّ ... ما هذا الذى فعلته ..؟ "
أومأتُ لها برأسى إيجابا ً لأطمئنها ، بينما كنتُ أشعر بتعب شديد فى الحقيقة ..!
سألتها بصوت واهن ضعيف :
" هل .. هل لديهما .. طفل ..؟ "
ظلت الوصيفة تنظر إلىّ بتردد ، وكأنها تخشى أن يصيبنى مكروها ً فيما لو أكدت لى الخبر ..!
قلتُ :
" لا تخافى علىّ .. فقط أخبرينى بالحقيقة لأستريح . "
تنهد الفتاة ثم قالت بوجل :
" بلى .. لديهما طفلا ً عمره ثلاثة أعوام . "
سألتها :
" وأين هو الأن ..؟ "
قالت :
" سافر تركيا مع السيدة تولان منذ ثلاثة أعوام ولم يعودا حتى الأن . "
وصمتت لبرهة ثم قالت :
" هذا الأمر يحزن سيدى كثيرا ً ؛ فهو يريد تربية سيدى الصغير بمصر وقد حاول مراراً أن يعيده وسافر له عدة مرات لكن السيدة تولان رفضت ذلك ، وكذلك تم الحكم بقضية الحضانة لصالحها ؛ لأن سيدى غير متزوج على ما أظن . "
سألتها باستغراب :
" وما شأن الزواج فى هذا الأمر ..؟ "
قالت :
" لا علم لى .. كل ما أعرفه هو أنه لابد أن يكون سيدى مُتزوجاً ولديه عائلة ليتم الحكم فى القضية لصالحه .. هكذا هو القانون بتركيا ..! "
الأن فهمت كل شئ .. وفهمتُ لِم طلب منى مُعاذ بك الزواج ..
يا لى من غبية ..! كيف أقبل هذا الوضع السخيف ..؟
لا .. أنا لن أقبل بهذا أبداً .. لن أكون مجرد وسيلة لنيل ما يريد ..!
نزعتُ عنى فستان الزفاف وأبدلته بإحدى الأثواب التى أشتراها لى مُعاذ مُؤخراً وأتجهتُ إلى الطابق السفلى حيث ينظرنى مُعاذ بغرفة المكتب ..
حينما دلفتُ إلى الغرفة كان يقف عند المكتبه وبيده كتابا ً يتصفحه ..
ألقى علىّ نظرة عابرة ثم قال :
" هل نال الفستان إعجابكِ يا تُرى ..؟ "
قلتُ بحدة :
" إنه رائع .. لكنه للأسف لا يليق بأمثالى . "
عقد حاجبيه بشدّة ثم قال :
" ما معنى هذا ..؟ "
قلتُ :
" معناه أنه كان الأجدر أن تجد لكِ زوجة تليق بكِ بدلاً من أبنة أمين الخذانة المُختلس . "
أعاد مُعاذ الكتاب إلى المكتبه وألتفت لينظر إلىّ قائلا ً باستغراب :
" أروى .. ما هذه النبرة الغريبة ..؟ "
قلتُ بأنفعال :
" وبأى نبرة ت حب أن أتحدث بها إلى رجل مخادع مثلك ..؟ "
قال بنفاذ صبر وغضب :
" أخبرينى ماذا حدث يا أروى ولا تقولى كلاما ً قد تندمين عليه ..؟ "
قلتُ مُنفعلة :
" ألم يكن الأجدر بك أن تخبرنى بأنك كنت مُتزوجاً بدلاً من أن أصدم بهذا الخبر أمام الوصيفة ..؟ "
هز مُعاذ رأسه مُتفهما ً وبدا كما لو كان قد فهم الأمر فقال بهدوء :
" أذن فقد عرفتِ هذا الأمر . "
وأضاف وقد ضاقت عيناه :
" وما مشكلتكِ الأن ..؟ "
قلتُ بعصبية :
" لماذا لم تخبرنى بهذا من قبل ..؟ "
قال :
" وهل كان هذا ليغير أتفاقنا ..؟ "
قلتُ :
" أتفاقنا لم يكن على أساس أن أكون مجرد أسم فى البطاقة العائلية لكى تستطيع ضم أبنك لحضانتك . "
قال مُعاذ بهدوء :
" أذن فقد عرفتِ هذا أيضاً .. يبدو أن الوصيفة أخبرتكِ بكل شئ . "
قلتُ بعصبية وأنفعال :
" دعك من الوصيفة الأن ورد علىّ .. "
قال معاذ بحدة :
" نعم كان أتفاقنا هو أن نتزوج وأن يكون أسمك فى البطاقة العائلية .. ولا أظنكِ كنتِ تعتقدين أننى طلبتُ الزواج منكِ لأننى مُتيما ً بك ِمثلا ً. "
قلتُ بعصبية أشد :
" أنا لم أقل هذا ولم أعتقد هذا الأعتقاد الساذج .. لقد كنتُ أعلم أنكِ تريد الزواج لغرض معين لا أعلمه .. لكنى لم أكن أتخيل أن يكون هذا هو السبب وراء زواجك منى .. "
قال :
" هل يؤلمكِ السبب إلى هذه الدرجة ..؟ "
قلتُ :
" نعم يؤلمنى كثيراً .. ويؤلمنى أكثر الوضع السخيف الذى وضعتنى فيه أمام الوصيفة .. "
قال بهدوء :
" إذا كان مظهركِ يهمكِ أمام الوصيفة إلى هذا الحد فسأطردها وآتيكِ بأخرى . "
قلتُ بأستياء شديد :
" بهذه البساطة تريد طردها ..؟ طبعاً ولِم لا ..؟ شخصاً مثلك كيف يتسنى له أن يشعر بأولئك الناس الذين يجاهدون للحصول على قوت يومهم ..؟ كيف ستشعر بهم وأنت طوال حياتك لم يقرصك الجوع ولم تشعر بالبرد وتتمنى لحظة دفء واحدة .. كيف ستشعر بهم وقد ولدت وبفمك ملعقة ذهب كما يقولون ..؟ "
قال بغضب :
" إنكِ لا تعرفين شيئاً عنى لتحكمى علىّ مثل هذا الحكم يا أروى . "
قلتُ بحدة :
" ما أعرفه عنك حتى الأن يكفى لأن يجعلنى أفكر فى التراجع عن فكرة الزواج منك .. حتى لو كان زواجنا مقتصر على شهادة الزواج . "
ظل صامتاً لفترة من الزمن ثم قال :
" وما معنى هذا ؟؟؟ "
قلتُ بحسم :
" معناه أننى أرفض تماماً أن أكون مُجرد سلم تصل من خلاله إلى ما تريد . "
ران صمت تام على الغرفة بعدما أنتهيتُ من جُملتى ، وبدا لى كما لو أن مُعاذ قد تجمد بمكانه بعد جُملتى تلك ..
رُبما صدمه تراجعى عن أتفقنا بهذا النحو .. أو رُبما لم يستوعب الأمر بعد ..!
الشئ الوحيد الذى كنتُ مُتأكدة منه فى هذه اللحظة هو أن جُملتى أثارت غضبه وجنونه ..!
فقد رأيته يتحرك من مكانه بعد فترة ويقترب منى ببطئ شديد .. والشرر يتطاير من عينيه .. وأسنانه تصطك ببعضها من شدة غضبه ..
وأتانى صوته بعد ذلك وهو يقول بنبرة هادئة إلى حد ما :
" أفهم من هذا أنكِ لن تتزوجيننى ..؟ "
أردتُ أن أجيبه لكن صوتى تعرقل بحلقى ولم يخرج واضحاً .. وحين أومأتُ برأسى إيجاباً رأيتُ وجهه يتقد إحمراراً .. وسمعته يقول بنبرة حادة :
" لكنى وفيتُ بوعدى لكِ وتنازلتُ عن المحضر . "
أبتلعتُ ريقى بصعوبة وقلتُ :
" بأمكانك أن تقدم بلاغاً أخر ضد أبى وتزعم أنه أختلس مرة أخرى وتعيده إلى السجن . "
قال بغضب :
" طبعاً يمكننى ذلك .. بل ويمكننى ما هو أكثر من ذلك .. لكنى لا أظنك ستقبلين بأن يلقى أباكِ فى السجن مجدداً .. والله أعلم أى تهمة سألفقها له ..! "
قلتُ مُنفعلة :
" هل أعتبر هذا تهديداً ..؟ "
قال بصوت أجش :
" أعتبريه كما تشائين . "
قلتُ بأنفعال وغضب :
" فلتذهب أنت وتهديداتك كلها إلى الجحيم . "
وكانت جُملتى هذه هى القشة التى قسمت ظهر البعير ، فتحول وجه مُعاذ إلى اللون الأحمر القانى من شدة غضبه وأنتفخت أوداجه بشدة وضرب بقبضته باب الغرفة بقوة ..
ثم قال بغضب :
" فات الأوان على هذا الحديث يا أروى .. وهذا الزواج سيتم يعنى سيتم .. شأتِ أم أبيتِ سيتم .. هل تسمعين ..؟ "
~ ~ ~ ~ ~
كان حفل الزفاف بعد أيام قليلة .. وبطبيعة الحال رضختُ للأمر الواقع ..
لكن بشرط .. أن يتم طلاقنا بمجرد أن يحصل مُعاذ على حضانة أبنه ..!
وتزوجنا فى حفل زفاف رائع .. أروع مما تتخيلون ..
لن أنكر أننى أنبهرت بالحفل وبكم الحضور ..
الجميع كان آتياً لمشاهدة العروس الجديدة .. الزوجة الثانية لرجل الأعمال الشهير ..!
ولو أنهم يعلمون الحقيقة ..
لو أنهم فقط يعلمون ..!
حاولتُ بقدر الأمكان أن أكون مرحبة بالضيوف وبكل من أتى إلىّ لمصافحتى والتعرف على ّ ..!
أقارب مُعاذ كثيرون للغاية وأصدقائه – من الفتيات والرجال - لا حصر لهم ..
وهذا الأمر أثار عجبى وحيرتى ..!
فلماذا أنا بالذات الذى تزوجها ..؟ لماذا لم يتزوج من إحدى صديقاته ، رغم أنهم جميعا ًً على ما يبدو من الطبقة الراقية المُشرفة التى تليق به كثيراً ..؟
وطبعا ً لم أجد جوابا ً لهذا السؤال ..
لكن رُبما كانت الأيام القادمة تحمل لى أجابة مُقنعة لكل التساؤلات التى تدور برأسى .. ورُبما كانت تحمل لى المزيد من الغموض ..!
حقيقة لا أدرى ..!
بعدما أنتهى الحفل ، توجهنا إلى الجناح الخاص بنا .. والذى كان يحتوى على غرفتى نوم مُنفصلتين وغرفة معيشة ومطبخ وحمامين ..
ألقيتُ بجسدى على أقرب مقعد للباب بتعب شديد ..
لقد كان يوما ً حافلا ً بالفعل .. وقد نال التعب منى وبلغ مبلغه ..!
أنتهى مُعاذ من إغلاق الباب خلفه وألتفت لينظر إلى ّ ..
كان يرتدى بذلة حالكة السواد .. وكان يبدو جذاباً جداً ..!
قال :
" هل أنتِ مُتعبة ..؟ "
أجبته بصوت خافت :
" نعم .. لم أرتاح منذ الصباح . "
ظل مُعاذ صامتا ً لبعض الوقت ثم قال :
" تبدين رائعة الجمال . "
نظرتُ إليه باستغراب وقلت :
" شكراً لك . "
قال :
" الجميع انبهروا بكِ اليوم . "
تنهدتُ وقلتُ بسخرية :
" الجميع انبهروا بالزوجة الثانية لرجل الأعمال الشهير وليس بى . "
قال بحيرة :
" وهل هناك فرق ..؟ "
قلتُ :
" طبعاً .. هناك فارق كبير .. فلو أنهم يعلمون أن تلك العروس ليست سوى زوجة فى البطاقة العائلية وصورة مؤقته لنيل ما تريد لأختلف رأيهم بدرجة مائة فى المائة ..! "
لستُ أدرى لِم أثارت جُملتى غضب مُعاذ بذلك الشكل الغريب ..؟ فقد رمقنى بنظرة مُخيفة ، وعينان يتطاير منهما الشرر ، قبل أن يقول بصوت جاف :
" تصبحين على خير يا أروى . "
وتوجه إلى غرفته وأغلق بابها خلفه ..
ظللتُ لفترة من الزمن أنظر إلى الباب الذى أغلقه خلفه ، قبل أن أتوجه بدورى إلى غرفتى وأغلق بابها خلفى .. بل وأوصده أيضاً ..!
نزعتُ عنى فستان الزفاف وألقيته على أقرب مقعد بإهمال .. ثم أزلتُ مستحضرات التجميل عن وجهى .. وبدأتُ أنزع الأكسسوارات التى بشعرى ..
وحينما انتهيتُ من ذلك نظرتُ لصورتى المنعكسة بالمرآة وأطلقتُ تنهيدة طويلة ..
إننى الأن زوجة مُعاذ .. والمفترض أن أكون الأن أسعد فتيات العالم ؛ لأن رجلاً مثل مُعاذ بك فضلنى أنا عن الكثيرات ..
ولأننى أنا من فزتُ به ..!
ولأننى من أقيم لها حفل زفاف رائع كهذا ..!
لم أتمالك نفسى عند هذا الحد .. وضحكتُ بشدة ..
ضحكتُ من الواقع المرير ..
ضحكتُ من سخرية الأيام بى ..
ضحكتُ من حظى السئ .. ومن أحلامى التى انهارت ..
ضحكتُ حتى أدمعت عينى ..
ثم بدأتُ فى البكاء ..
بكاء مرير أليم ..
وعبرات ساخنة الواحدة تلو الأخرى ..
وقلب بائس حزين ..
ونفس مُحطمة ..
وكرامة مهدورة ..
هذا هو اليوم الذى تحلم به كل فتاة ..!
وهذا أيضا ً هو اليوم الذى سأجاهد لكى أمحوه من ذاكرتى تماماً ..!
~ ~ ~ ~ ~
تتبـــع