كاتب الموضوع :
نونو
المنتدى :
الارشيف
,’,’,’ الفصـل الأخيـــر ’,’,’,’,’
كان العزا من اشد العزاءات حزنا.. ما جفت عين وحدة عن الدمـع.. كل نسوان الفريج تلايموا في الصـالة اللي حجزها جراح واللي تكفلووا بالعزا من صوبهم.. لان بيت النهيدي محد يعرف عنهم شي.. وخصوصا امه اللي طلعت من المستشفى ولا احد يدري وين راحت.. وقامت بالواجب ام جراح وام زياد وام مسـاعد..
ظلت جثة مشـعل يوم كامل في المستشفى من بعدها بالليل- ككل ليل اهو ظل يسهر فيه يشكي لنجوم الليل باللي في قلبه- اندفن في بقعة ارض.. ومن اللي تناقلوا الصبيان.. ان ما عمرهم لقوا دفن سهل مثل هالدفن.... واخيـرا يا مشـعل لقيت الوطن اللي بيضمك ولا بتفارقه ولا بتحس انك غريب عليه او انك منبوذ..
سمـاء وعت بعد يوم من دفن اخوها من صدمتها العميـقة.. بدت بعزا نحيــب اهلكت كل اللي حواليها وخصوصا ام جراح.. لكن بعد ما واساها الجميـع وخبروها بالعذاب اللي يمكن تحمله لاخوها ببجيها.. كفاها الدمع اللطيف اللي يعبر عن عاطفتها وفقدانها.. وترجع لرب العالمين في قظاااه.. وفاتن اللي اعتنت بها اشد عناية تحملت كل اللي يصير في سماء وكانه حلو وبادر على قلبها.. لان مناير كانت غير متواجدة لحزنها المنفرد وحالتها النفسية الصعبـة واللي احتفظت بها بهدوء وانعزال وصمـت..
عزا الرياييل تحمله كل من مسـاعد وجراح وبوزياد اللي كان عليهم الاثـر العميـق من الصدمة.. لان مشـعل كان في شعلة بشبابه الجميل.. الكل تذكر ويهه الحزين والجميل وحياته اللي شقى فيها.. حتى ان ام زياد بوسط بجيـها تحمدت الله على راحته.. لانه ما لاقى في حياته اللي يخليه يفرح او يتهنى او يرتاح.. كان قاعدة تحقيق احلام كل من ابوه وامه متجاهلين احلامه او رغباته الخاصـة..
كل من الشباب عاش الوضع بصعوبة.. واكثرهم جراح.. اللي كل ما يذكر مشـعل ويذكر اللي صار ينهار ويبجي.. وخالد هو اللي يواسيه او مسـاعد.. يذكرونه ان الموت وواجب على انسان والواحد ما يبجي الميـت الواحد لازم يفهم من موت احد ان الموووت ماله اي تاريخ ا موعد.. والانسان اذا ما تجدم بعمل الخير بيروح لربه من غير اعمال او انجاز او اجد .. وتيمعوا شبيبة الحارة كلهم وهم يعزوون بعض بوفاة واحد كانو ينتظرونه مثل نجم سهيل بربيع الليل.. لسبب او ثاني.. كان مشعل يمثل الحلم الجميل اللي تمنوه في حياتهم لكن فقرهم منعهم.. لكنهم ما درو انهم كانو يمثـلون لمشـعل الحلم اللي بيخليه يعيش هاني القلب..
بو مشـعل ما بان الا بعد يوم كامل من العزا.. وطلب شوفة بنته سماء.. الا انها رفضت هالشي بحجة انها ما عندها اهل.. وكانت حالته تبجي العيون وهو منكسر ظهره لخـسارة ولده الشاب..
شباب يا عيوني يا مشـعل.. ما لقت عينك من حلو الدنيا الا بسيطها.. ومرارها حملك يا وليدي وسط ترب .. الله يعين قلوب ذاكرينك يا نظر عيني.. ويقوي قلوبنا على فرقاك..
كانت هذي هي الجملة اللي مرت في قلب ام جراح اللي ما تعرف الصبي زين.. الا انها تذكر حماس جراح يوم كانو صغار وقت لا ذكر مشـعل وشلون بيكون الوضع اذا رد من اميـركا..
اما فاتن فهـي في حالة من الصمت كحالها في هالامور.. تهتم بالصغيرة والكبيرة.. تشيل الكل.. يمكن هالمرة اخف من وفاة ابوها.. لان مسـاعد شالها في اللحظة الصعبة وقت ما تمنت احد يكون موجود عشـانها .. ومو اي احد.. حبيب عمرها اللي ما تتمنى غيـره..
ظلت تذكر مشـعل بابتسامة تحرق قلبها وتخليها تذرف دمعة ساخنة فتيي لها مريـم وتسكنها..
غريبة حال الدنيا اللي ترد الناس لمحبتها في الموت.. حد لاحظ منكم.. ان الموت على كونه مفرق الا انه يجمع بالناس..؟؟؟ يفرق احباب عن احبابها ولكن يجلب العزا من الشرق والغرب ويرجع الدم لعلاقاته... سبحان الله. ماكو شي وجده الله في الكون الا وله سبب ومنفعة.. رحمك الله يا مشـعل..
في اليوم الثالث للعزا والاخير كان من المقرر ان يكون هناك عشى للمعزين بالليل.. لكن محد ياب للحريم اي خبر او طاري عن هالموضوع.. ومريم كانت حاذفة تلفونها في جنب اللي كان كل من لؤي ومسـاعد يخبرونها ان الغدى بيوصل لهم على الساعة 12 لكن من يرد؟؟؟
وكانت فاتن في مطبـخ القاعة اللي حجزوها وهي تضبط الجاي للحريم.. يوم شافت تلفون مريم يـرن.. فحاولت انها تضربه على السايلنت ويرن بروحه لكنها بالغلط ضغطت عليه مرتين فتسكر الخط في ويه المتصـل.. وكان بالصدفة لؤي ..
ولؤي وهو واقف يم مسـاعد عند باب ديوانية الرياييل: علامها هالغبية تسكره في ويهي..
مسـاعد وهو ياخذ تلفون لؤي: خلني انا بتصل فيـها..
ويرن التلفون مرة ثانيـة وفاتن توها بتطلع من المطبـخ وهي تشوف ان المتصل لؤي. وقبل شي شافت حوالي 5 مسد كولز بس من عنده اهو.. الظاهر ان السالفة خطيـرة.. بس اهي ما تقدر توصل لمريم لانها ما تدري اهي ويـن.. فجاوبت اهي على الخـط..
فاتن بصوتها المجهد . ان كان شي يفضح فاتن في الحزن اهو صوتها.: ألوو
مسـاعد اللي ما ميز الصوت: الو.. مريم وينج انتي ما تردين على التلفون
عرفته على طول فاتن لان قلبها رجف يوم تسمع الصوت:.... انا مو مريم... انا فاتن...
سكت مسـاعد وهو يناظر التلفـون وحس بهذاك الاحساس يوم ضمها اول ما خبـرته عن مشـعل.. الرفض والرغبة.. لكن شي فيه خلاه ينعم باحساس الراحة:.. فاتن شلونج؟؟؟
فاتن وهي تكابد ابتسامة على شفاتها: الحمد لله ابخيـر.. وانتو؟
مسـاعد: الحمد لله.. وينها مريـم؟
فاتن وهي تتلفت: مادري وينها.. كانت هني من شوي.. بروح اناديها
مسـاعد وهو يوقفها: لا لا لا... ما يحتـاج.. بخبرج انتي...
فاتن: شصاير؟
مسـاعد وهو يناظر لؤي اللي يبتسم بخبث في ويهه بشزر: سلامتج بس خبري الوالدة ان غدى الحريم الساعة 12 بيوصـل..
فاتن: الساعة 12؟؟
مسـاعد: أي الساعة 12 (تظايق من ابتسامة لؤي والتف عنه) لا تنسين تخبرينهم
فاتن: ان شاء الله ما بنسى..
مسـاعد وهو يكابد رغبته انه يظل يتكلم وياها: يالله.. مع السلامة
فاتن وهي تحس بالحزن لرحيـله: الله يسـلمك..
سكر مسـاعد عن فاتن وهو يناظر التلفون بشوق.. اكبر غبي اهو انا اللي اسكر عنها الخط وانا مشتاق لها بالحيـل.. وعطى لؤي تلفونه.. وقبل لا يروح ناداه لؤي..
مسـاعد وهو يرف بعيونه: لؤي الله يخليـك..
لؤي وهو يمسك يد مسـاعد: اذا انت تبيها لا تضيـعها مسـاعد..
مسـاعد وهو يلتف عنه: مو وقته هالكلام؟
لؤي وهو يوقف في ويه مسـاعد: مساعد.. يا اخوي ويا حبيب قلبي.. حط عينك بعيني... متى بيكون وقت هالأمور؟؟؟ ما تخبرني متى؟؟؟ شوف مشـعل لوين وصـل؟؟؟ مات وارتاح من هالدنيا وبلاويها.. لكن انت يا مساعد حي.. وفاتن بعد .. ليش تضيعون هالفرصة على نفسـكم.. ليش ما تتعلمون من الناس ومن اللي يصير بهالدنيا؟؟ كل هذي دروس يا مسـاعد فليش ما قاعدين تفهمونها؟؟
سكت مسـاعد وهو يناظر لؤي بحيـرة.. كل اللي قدر عليه اهي الابتسامة والابتعاد عن لؤي وعن كلامه..لان الدروس هذي ما تقدر تتخطى حواجز وحوايط الكبرياء والغرور او مرحلة التيقن ان الصفحة الاخيـرة مالها اي وجود.. النهاية المفـتوحة اهي المتوقعـة.. ولمن طاعة القلب بهالوقت الحرج؟؟ لمن؟؟
راح لؤي لداخل يشوف ان جان احد محتاجه فالتفت الى جراح اللي كان قاعد تحت خالد ويمهم بو زياد وبومشـعل وهم بحالة من الصمـت العميـق... دخل لؤي بكل احترام وشموخ وراح وقعد عن جراح على جهة اليمـين..
اللي التفت له خالد.. فهمس له: متى بييبون الغدى؟؟
لؤي: احنا ما عندنا غدى.. شي عشا بالليل؟؟
خالد وهو يمسـك بطنه:يوعان حدي..
جراح وهويناظر خالد: يوعان رد البيت؟
خالد وهو منزل عيونه: لا لا .. بتم...
جراح وهو يبعد عيونه الحزينة والمتعبة: لا رد البيت خالد.. اكل لك شي وتعال مرة ثانية..
خالد: انت ما تبي شي؟
جراح وهو حاط ذقنه على ذراعه اللي لامه ريليه: لا .. ما بي شي...
خالد وهو يستعد: نص ساعة وراد لكم..
لؤي: اوكي تحمل في روحك..
طلع خالد من المسـجد وهو متوجه للبيت.. اما جراح فظل على صمته ولؤي معاه وهو يراقب صمته وسكوته.. يمكن سكوت جراح نابع لكونه الوحيد اللي جابل جثة مشـعل بأول ما صار الحادث.. حتى ان ظروف الحادث كانت لدرجة من الغموض ان الواحد ما عبل على نفسه يسأل شلون صار او شالسالفة؟؟
لؤي: جراح.. انا ادري فيك ان قلبك شاقي بهاللحظة.. والله يعينك على فرقى مشـعل.. لكن انت ما يصير تحط كل هالاشياء في قلبك وتسـكت.. تكلم يا جراح.. قول اي شي.. ما يصير تكبت.. ترى بصير فيك شي والله ما يرضى بأذية النفس!!!
جراح وهو يذرف دمعة ساخنة من عينه بهدوء ملائكي: شقول لك يا لؤي.. خلاص.. انا ما عاد فيني كلام.. انا مو واحد ولا اثنين اللي تحملت اللي يصير فيهم.. انا تحملت ثلاثة.. والحمد لله ان مسـاعد قام بسلامة.. لكن اللي صار فيهم الضررر ناس عزاااز على قلبي .. اولهم ابوي.. وبعدين مسـاعد.. والحين مشـعل... (يناظر لؤي بنظرة حزينة) تذكر شنو كان مشـعل يا لؤي..؟؟
حط لؤي يده على جتف جراح ويواسيه: قول انا لله وانا اليه راجعون... كان يومه يا جراح ولا انت ولا انا كنا نقدر نسوي اي شي.. تصبر وصبر قلبك.. تراه قضاء الله.. بس اللي انا مو فاهمة.. انت شلون كنت هناك في موقع الحادث؟؟؟ ورحت وياه بالاسعاف للمسـتشفى.؟؟
قعد جراح يتذكر.. ويذكر كل اللي صار معاه للؤي.. بروح محروقة وقلب ملتهب.. قبل ثلاثة ايام.. وبالضبط على المغرب انتبهت دورية شرطة تمر على الشوارع الى سيـارة مقلوبة عن ثكنه رمـل.. جريبة من منطقة الشاليهات ولان المنطقة شبه الخالية فمحد انتبه لها.. وخبرت الدوريات وعممت على طول المحطات هالشي.. وبعدين طلعت مروحية تكشف عن الموقع وبالصدفة كان جراح توه راد البيت ودرى بللي صار بالضبط وخبرته فاتن ان مشـعل يا عند البيت وخبرهم انه بروح يضبط الامور في الشاليـه ولحد ما ينتهي يتحملون في سمـاء.. لكن شي في نبرة فاتن من بعد ما راحت عنهم امهم حذر او خوف خلى من جراح يتحرك صوب هناك.. مع انه ما يدل لكن اللي يسـأل ما يضيـع.. وسأل سمـاء عن بيت الشالية وهي عطته المواصفات الدرب.. مع انها الحت انها تروح وياه الا انه رفض وما خلاها.. لان قلبه كان حاس مثل ما كان قلبها اهي حاس بالخوف والوجس على أخوها..
جراح وهو يكمـل السرد للؤي:... سفطت عند الشارع.. كان هناك فوظى.. مطافي وهيلكوبتر.. وزحمة وصفارات الاسعاف داوية المكان.. توجس قلبي.. وطلعت من هناك.. وسألت احد عن اللي صاير.. قال لي ان سيارة كاديلاك منقلبة.. (ساحت دمعة جراح وتهجد صوته) عاينو اللي فيها وطـلع صبي متوفـى..
سكت جراح وهو يبكـي بحر قلبه. ما يدري ليش يبجي جذي.. معروف ان قلب الريال يجلده الله بالصبـر.. لكن في موت مشـعل اللي لقاه جراح في موت نفسه.. يمكن الشباب؟؟ ويمكن الاحلام؟؟ او يمكن شي اهو اكتشـفه عن مشـعل وخلاه يعرف بمدى ظلـمه..
لؤي وهو يمسـح على جتف جراح: بسك يا جراح.. ترحم على الريال.. ترحم ولا تبكـي.. قول انا لله وانا اليه راجعون.. ارتاح يا جراح من هالدنيا ومن بلاويها..
جراح وهو يكمل وحالته مزدرية من الحزن الملوع:.. قعدت خمس دقايق وانا اطالع في ويهه بالمستشفى.. لاني تعرفت على السيارة فخذوني عشان اتعرف على الجثة.. خمس دقايق وانا اطالع ويهه يا لؤي... كان يبين عليه الألم.. كان يبين عليه انه في عنا.. وما له احد.. ماله احد في ذيج اللحظـة..
سكت لؤي عن جراح اللي كان في حالة مزدرية.. ما يدري ليش .. ولكن باول يوم عزا ما كانت حالته جذي.. ولكن من امس لليوم واهو معتفس.. يمكن صحى من الصدمة.. او يمكن وعى على شي دايما الانسان يلاقيه في نفسه.. الصحوى.. او يمكن الاعتراف بحق النفس على النفس... او يمكن اكتشف شي خلاه يحس بالضعف النفسي وينسى الجلد والصبر؟؟
جراح وهو يسحب نفس ويطلعه بتنهيدة:... وكل هذا في صـوب.. واللي عرفته عنه في صوب ثاني... في صوب ثاني يا لؤي... مشـعل مو بس مظلوم.. مشعل ذنبه في رقابنا كلنا.. كلنا يا لؤي.
لؤي وهو مستغرب: شلي عرفته يا جراح؟؟؟ شكان فيه مشـعل..
جراح وهو يناظر لؤي بحسـرة:.. مشـعل كان...
ويققطعه مسـاعد اللي يا عندهم وهو يعـرج وبشكل متوتر يتقرب من بو مشـعل فسكت جراح وتم يراقب الوضع..
بو مشـعل كان ساكن فترة ويوم خبـره مساعد باللي كان ياي له قام على طوله وطلع من المسيد بسـرعه ووراه بو زياد ومسـاعد.. جراح مسح دموعه وقام ويا لؤي على طـوله.. واللي بقو في المسيد بعد وياهم.. محد كان داري بشي من اللي يصيـر.. ولكن وحده مساعد يعرف..
مشى بو مشـعل بسرعة في الشارع لان المسيد كان قريب من البيت.. وكان مشيه يبين حاله من الطوارئ.. خانت حيله ريال توه متوفي ولده الشباب ويمشي بسرعة يكابد مصيبة ثانية صايرة في بيـته..
اول ما دخل البيت لقى الخادمة وهي واقفة برعب تحت بالصالة
بو مشـعل: وينها ماما
الخادمة وهي تبجي: She is in meshal's room
بو مشـعل وهو يهـز راسه:.. لا حول ولا قوة الا بالله..
وكان الصراخ عالي والكل يسـمعه .. ويوم راح فوق لقى سلوى تكسر في اغراض غرفة مشـعل وكانها في حالة جنونية.. وقف دقايق وهو يراقب حالها المينون وشكلها المخيف وكانها كانت ضايعة في ظلمات ظلمها .. ورجعت اخيرا للدنيا عشان تلاقي خبر وفاة نور عيونها مشـعل..
سلوى اللي التفتت الى زوجها:.. كله منك يا حسييييييييييييييين. كله منك.. ضيعت ولدي ياحسين.. ضيعتني وخليتني اضيع ولدي.. وين القى ولدي يا ناس وين القاه؟؟ قبره ما دله يا حسين. مادل قبر ولدي يا حسييييييين.. وين ولدي.. يمة يمة وليــدي .. وليدي يمة..
راح لها بو مشعل ولمها ودمعة عينه ساكـبة ويهديها..
بو مشعل: بسج يا سلوى.. استغفري ربج.. ولدج ارتاح من هم الدنيا وعناها..
سلوى وهي تتنافض في حظن زوجها: مابي.. مااااااااااااابي راحة وماااااابي دنيا بلياك يا مشـعل.. يمة مشـعل. .رد لامك يا مشـعل.. رد لي يا يمة رد لي.. ياربي لا تعاقبني في ولدي.. لا تعاقبني في ولدي يا ربي.. ربي استغفرك .. ربي استغفرك وخذ روحي ورد ولدي للدنيا..
والتفتت الى صورة مشـعل الي كانت على الطاولة.. والمفجع في الصورة انها كانت كبيرة وترسم ابتسامته الناصعة الجميلة.
طاحت على الأرض سلـوى وكبر السن بان عليـها بهول مصيبة ولدها:.. يمـة ما بغيت هالدنيا الا لك... الا لك يا يمة... يمة ليش تروح عني؟؟ ما بغيت هالدنيا يا يمة الا لك.. لك يا وليـدي.. تروح وانت بعز شبابـك.. ااااااه.. من لي من بعدك.. من لي من بعدك يا الحنووون.. حنيت علي بزماااني القاسي... اااااااااه يا ولدي... اااااااااااااااه عليك.. راح ولدي يا حسين.. يا حسين ولدنا راح.. رااااااااااااااح رااااااااااااااااااح..
جالت حسرات ام وابو على ولد يمكن ما عرفو منه الا كل الطيبة.. وما لقو منه الا كل البر وكل الايمان وكل العفة والطيبة والطهارة في قلب شاب امنياته ما تعدت رضا الوالدين.. وانه يلقى حبيبه حلم فيها من نعومة اظافره.. عشان يصحى من هالحلم بعايلة متقطعة.. وحبيبة يقدر عليها الرب انها تكون من نصيب ريال ثاني.. ويعيش اكثر فترة فوظوية بحياته ويلاقي مصيـره في حادث سيارة وينهي حياته..
جراح اللي كان واقف ويا مسـاعدعند باب بيت بو مشـعل: شصاير مسـاعد؟
مسـاعد : مريم في بيـتكم وخبرتني انها شافت ام مشـعل تدخل البيت وهي بحالة مو طبيعية وقلت لبو مشـعل وهو ياها.. لانه كان يدورها وين طول هالفـترة..
لؤي وهو متظايق: الله يعينهم... فقد ولد بهالعمر؟؟ ولا ولد مثل مشـعل؟؟ عزيز وغالي... الله يعينهم
مسـاعد وهو يناظر لؤي وجراح بنظرة غريبة.. يعني الصبي كان صغير.. لكن شالساحر في مشـعل الي يخليهم يحسون جذي:.. الله يعين الجميـع على فرقا الاحباب... زين انا رايح البيت والعصـر برجع المسيد..
لؤي: يالله انا ويـاك..
مـساعد: لا انت خلك وخذ مريم وياك..
لؤي : شلون مريم ترد؟؟ وغدى الحريم؟؟ وامي ونورة؟؟
مسـاعد الي تظايق: اووووووه بس عاد.. نسيت.. كله تسأل.. ياهل انت تسأل هالكثر؟؟؟
وبحيـرة كل من جراح ولؤي راح عنهم مساعد وهو يمشي .. رافقته عيونهم المستغربة والمتحيرة من تصرفه وعصبيته؟؟
لؤي بهمس: اي اي صرخ علي.. ياهل انا تصرخ علي جذي؟
جراح وكأنه تفهم ليش صرخ مسـاعد .. يمكن لانه فكر باللي يفكر فيه مسـاعد:.. كلن متعذب بهالدنيا.. لا تصعب الامور على الناس يا لؤي.. خل الناس تكابر باحزانها..
لؤي وهو مسـتغرب:.. شفيك انت بعد تتكلم بالسنسكريتية؟؟
جراح وهو يناظر بيتهم المجابل بيت النهيـدي:..واحد ثاني غيري يحس بالألم والقهر ليش ان كل شي صار من وراه.. لكن مادري ليش احس انه لو صار ما كنت بتظايق بالعكس.. كنت بفرح وبيفرح الجميع وياي!!
لؤي للي ضاع: انا ضايع.. شقاعد تتكلم عنه..
جراح وهويناظر لؤي:... تصدق ان مشـعل كان يحـب فاتن!!!؟
لؤي اللي عارف بهالحقيقة تظاهر بالتفاجئ.. لكن يمكن ما تظاهر لانه بالفعل تفاجئ من معرفة جراح بهالشي
لؤي: وانت شدراك؟
جراح وهو يناظر البيت:.. سمعت فاتن تكلم سمـاء ومريم بهذيج الليلة.. وتخبرها بانها تعاني مثل ما اهي تعاني.. لانها في يوم حبت مشـعل وهو عانى بعد يوم انها تزوجت واحد ثاني.. وان الدنيا مقسومة على الانسان بافراح واحزان بالتساوي.. عشان يذكر بني ادم ربه في كل الظروف..
لؤي وهو متحير من جراح: وانت شرايك في هالموضوع؟؟؟
جراح وهو يناظر لؤي: شتتوقع؟؟؟ اني اعصب؟؟ اني اتنرفز؟؟ اني اكره الدنيا اللي حوالي.. بالعكس.. انا احس اني ظلمت ناس وايد وانا اظن ان اللي اسويه صح...
لؤي وهو يمسك جراح من يده: جراح.. حسك تتكلم جذي مرة ثانية.. وحسك تفهم احد ثاني من هلك او من الناس بهالشي اللي انت عرفته.. مشـعل مات يا جراح.. والله يرحمه.. واذا بتذكره تذكره بالخيـر.. لكن لا تعود وتذكر هالشي جدامي مرة ثانية
جراح وهو مستغرب ردة فعل لؤي: لؤي علامك؟؟ شوي شوي عاد.
لؤي وهو يتمالك نفسـه: ما علامي شي.. بس... خله يرتاح .. ولا تحس بالذنب عليه يا جراح.. هذا اخوي اللي متزوج اختـك. ويحز فيني مثل ما يحز في خاطر فاتن او مسـاعد.. ولازم نكون عيال هاليوم.. لان اللي صار بالأمس يظل في الأمس..
جراح يبتسم في ويه لؤي بحلاوة الروح: صح كلامك.. اللي بالأمس يظل بالامس.. انزين.. دامنا يم البيت..خلنا ناكل شي..
مشى جراح وكانه بيروح البيت الا ويقطع عليه الدرب لؤي: شنو شنو بيتكم.. خلني انا بوقف على الباب وبطلب لك اكل..
جراح وهو مستغرب: الحين البيت بيتي وانت اللي تطلب لي الأكل؟؟
لؤي وهو يتخصر: لا عيل اخليك تدخل البيت واختي هناك مدخنة..
جراح وهو يفج عينه ويبي يقهر لؤي:.. اللاي.. مريم داخل.. يالله عيل انت اخوها وخلنا نروووح الشيخ ونعقد..
لؤي وهو يمسك جراح: لو فيني جان انا اللي اسوي هالشي لكن ... (يتنهد بحرقة وهو يتصنع الجلد) كل تأخيرة فيها خيـــــــــرة
جراح: هههههههههههه الله يعينك على ما ياك.. تخلينا نروح ناكل الحين ولا شنو؟
لؤي وهو يمشي ويا جراح: خلنا ناكل لنا لقمة شي..والله ان اللي قاعديصير يجثي المعدة عن شي.. بس يالله ربك كريم كل الامور لازم تنحل في يوم من الأيام..
دخل جراح ويا لؤي من الديوانية المفتوحة بداعي أيـام العزا.. واول ما دخل جراح البيت من المطبـخ سمع حس بنات متيمعات هناك.. فتحنن ويات له فاتن من الباب الوراني للحديقة الي فيه ممر يؤدي الى باب المجلس..
فاتن: لبيـة جراح
جراح وهو يبتسم لها: لبى قلبج.. بس ييبوا لنا شي ناكله بطني لزق بظهري.
فاتن بابتسامة تعب: ان شاء الله ياخوي.. دقايق واييك..
جراح وهو يرد من محل ما يا ويلتفت لفاتن مرة ثانية:.. مريم ويـن؟
فاتن وهي تفج عينها بويهه: عيب عليك
جراح وهو مثل الياهل مستحي: زين عاد امزح وياج.. مب زقرت انتي
فاتن وهي تدفعه: هههههههههههه اي مو زقرت.. يالله روح..
راح جراح وفاتن تلتفت عنه الا مريم في ويهها من الباب.. فضحكت لها فاتن
مريم وهي مستغربة: شفيج تضحكيـن
فاتن وهي ماعطة مريم ظهرها: ولا شي..
وبهالحركة عرفت مريم ان فاتن فيها شي.. فراحت لها ووخلتها تلتفت لها وهي تمسك بيدها: فتون حياتي علامج؟؟؟
فاتن وهي مستندة على الطاولة بظهرها وهي تبتسم بحالمية.. وكانها ردت لزمان أول:.. مادري بس.. جن الزمن عاد فينا يا مريم.. وين ما جراح يسألني عنج وهو يبوق شوفاتج وانتي في البيت.. ووين ما لؤي قاعد في الديوانية لنص الليل.. وابوي قاعد في الصـالة .. او قاعد عند زراعته... بس الفرق.. ان مشـعل راح.. ويا مكانه مسـاعد.. (تهجد صوت فاتن لحظة وعيونها ترف بقوة) ياااااااه.. مقواها... مقواااه رحيل مشـعل من الدنيا..
مريم وهي تتقرب من فاتن بابتسامة مواساة:.. عظم الله اجرج يالغاليـة..
فاتن وهي تمسـح دمعها بخجل وكان مالها حق انها تبجي: اجرنا واجرج ...
مسكت مريم يد فاتن المرتجفة اللي على ويهها ونزلتها.. والابتسامة ما فارجت ويهها لمن انهارت فاتن على جتف مريم وهي تبـجي بقوة على الخسـارة الكبيـرة.. ومريم بعد الثانية.. بجت هالمرة ويمكن تعزوا الثنتين بعزا بعضهم..
كل وحدة منهم ذكرت ايام الضنا والسهر والتعب .. ذكرت ايام الدموع ما كانت مالحة وجريانها يخط صفحة الخد ولكن يكبر ويسقي شي بداخلهم.. صج ان الدمع ما يجدم ولا يأخر.. لكن ذكراه على القلب تبين ان الانسان ظاق من الدنيا اللي ظاقه.. الحزن ما يجيس المظلوم او المحتاج.. الحزن يجيس اللي شاقي ومبتلي بهالدنيا..والمثل يقول من حبه ربه بلاااه.. فما احلاها دموع اللي تسقي من دمع العين وتبين حب رب العالمين في الأنسان..
|