كاتب الموضوع :
نونو
المنتدى :
الارشيف
الفصل الثاني
------------
الصحوة البسيـطة اللي مر فيها مسـاعد كانت مثل اجراس العيد ومصابيح فرح كبيـر في قلب عايلته.. لكن رجوعه للنوم ترك علامة سؤال كبيـرة في نفـوسهم.. جمعتهم كلهم في الدعاء عشان يقوم من يديد.. بعضهم خاب امله وبعضهم ما زال قلبه يشتعل بهالنووور وهالأمل.. لكن مريـم كانت متوترة ومنزعجة من اللي يصير ويا اخوها.. اهي تدري مفتاح صـحوته راح يـكون في وجود فاتن لكن مشكلتين تواجهها.. امها اللي مصـممة انها تفض عقد الزواج بين مساعد وفاتن والمشكلة الثانية اهو اختفاء فاتن.. ولكن نرجع للمشكلة الاولى لانها اهي المسبب الاول للعديد من النزاعات في البيت وانقسامه الى احزاب.. ومنها حزب الام وحزب مريم.. العلاقة تهشمت كليا بين الثنتين في ظرف اسبوع.. واللي يوقف مع مريم مرده لامه الا بو مساعد اللي مصمم على وقوفه ويا بنته اللي مصممة على بقاء عقد الزواج بين الاثنين لمن اهم يفكرون بفضه
ام مساعد وصوتها يرن بالبيت من عظم قهرها : شوفي مريم.. الزواج هذا بينفض يعني بينفض.. انا وليه امر اخووج وانا ادرى بمصلحته.. من البداية ما كانت راضية على هالياهل.. والحين ولا احد بيهز رايي..
مريم وهي تهز ريلها بعصبية وهي تحاول تهدأ نفسها: يمة.. انتي تتكلمين وكان مساعد ما بيقوم في يوم وبيعصف المكان على راسنا لو درى اننا في يوم تحكمنا في شي بحياته.. خليه مثل ما اهو
ام مسـاعد: مثل ماهو ؟ لا والله .. هالشي لا بقى جمر يشعل في قلبي .. لا انتي ولا ابوج بتوقفوني.. علبالكم مرتاحة لشوفه ولدي كل يوم بهالحالة.. قبل اسبوع بس ريح فوادي وفج عيونه ورد سكـرها. هالشي خلاني احس ان لازم اسوي شي عشان ولدي.. وهالشي اهو فض زواجه من هالبنت.. ما يبيها.. انا ادرى بولدي.. بتعلميني في ولدي
مريم وهي تحس بسخف امها ولكن تحاول انها تتماسك اكثر من جذي: يمة .. حتى لو انتي كنتي تبين جذي.. انتي مو ولية امر مسـاعد. ولي الامر اهو ابوي..
ام مساعد وهي تمسك منطقة قلبها:.. تتحديني يا مريم.. انا امج يالميهودة وتتحديني عشان وحدة لا صارت ولا استوت.. وينها ارفيجتج هذي ما تعلميني.. شاللي يانا منها غير المشاكل وعوار الراس..
مريم وهي تمسك راسها من شدة الالم ولان الموضوع والكلام يوميا يتكرر على نفس المحور وهذا الشي زهقها: يممة بسنا .. كل يوم نعيد ونزيد في هالموضوع.. انا ما سوي اللي اسويه عشان فاتن مع انها عزيزة على قلبي.. لكن اخوي اعز.. يمة انتي ما شفتيه لكن انا بلى.. مساعد يحب فاتن اكثر من هالدنيا كلها ولو شنو سوت له
ام مساعد بصوت عالي يهز المكان: دوشتووونا بهالحب والله ما يسوى علينا.. حب وحب وحب؟. يابوج مافي حب بهالدنيا .. سمعي كلامي وانا امج.. ولا حب بهالدنيا يتبارك لو ام او ابوو مو راضيين على هالحب.. انا امج وماني راضية على اخوج وعلى اللي سواه
مريم وهي منصدمة: يمة مسـاعد ب عده على هالدنيا
ام مساعد والدمعة تسكب من عينها: بعده على الدنيا لكن بشنو؟؟؟؟؟ عين مسـكرة ومخ ما يدري شصير حواليه ... بهالدنيا بشنو يا حسرة قلبي.. لا ريل يشد طوله عليها ولا .. .ااااه يا قلبي ااااه يا حسرة عمري.. اتحسر على ولدي وولدي بعده على الدنيا...
قعدت ام مسـاعد وهي تنزف من الدمع الغالي على ولدها العزيـز ومريم انتهزتها فرصة انها تفر بدمعها ونفورها وكل ما فيها بعيـد عن هالمكان.. ركبت السيارة وهي تحمل الاغراض والشيلة شوي وتطيح من على راسها.. اول ما دخلت السيارة وسكرت الباب وراها قعدة لدقايق مع نفسها وهي تسترجع نفسـها بصعوبه.. لكن سرعان ما اهتزت اوداجها بموجة صياح يديدة.. كلمة من كلمات امها مزقت حشاها .. تذكر امها اكثر الاشياء حساسيه وجلبا للاحزان في قلب الواحد.. تولد الشجن في قلب الشخص.. مـساعد ماعنده ريل ولا قدم.. معوق لمدى الحيـاة.. مع ان الريل الاصطناعية اللي اتفقوا عليها زاهبة وعلى قياس طوله الحقيقي.. الا ان مجرد الفكرة ان العملاق مساعد صار انسان معاق..
مريم وهي تمسح دمعة ساخنة من على ويها: استغفر الله ربي العظيم.. الحمد لله رب العالمين.. الحمد لله انه على هالدنيا.. نتحسر عليه وهو بعده على هالدنيا؟؟ اعوذ بالله من غضب الله..
ساقت السيارة وهي تمسح دمعها اللي كل دقيقة يهمل بصمت.. توقفت عند محل يبيع ورد وزهر.. وخذت باقة حلوة تتخالط بين اللونين الابيض والاصفر.. وخذتها معاها لاخوها.. يمكن الورد اليوم يساعد في حصول معجزة..
دخلت المستشفى من غير اي تحية مثل قبل.. وسارعت لغرفة اخوها تسال عنه.. من البارحة المغرب للحين ما تعرف عنه اي شي.. دخلت المصعد وطلعت منه وفي قلبه حفوز غريب من نوعه.. يمكن راجع للمواجهة ويا امها.. لكن يالله شي متعودة اهي عليه وما راح يضيق خلقها وايد.. صح اللي تقوله امها لكن محد له الحق انه يتدخل او يتحكم في قرارات شخص.. وخصوصا لو كان غائب عن الحيـاة في الفترة الحالية..
دخلت الغرفة وهي تبتسم في ويهه.. وتخيلت للحظه انه راح يكون مفتح عيونه ويبتسم في ويهها بالمقابل.. لكنه كان نايم وعيونه متمددة على طول المنطقة.. وويهه ابيض .. يمكن بسبب اللحية اللي نامية له..
عطته ظهرها وهي تاخذ المزهرية وتاخذها الى الحمام عشان تمليها ماي وتحط الورد.. طالعت روحها لدقيقة في منظرة الحمام وابتسمت.. شكلها يرعب اللي ما ينرعب.. وطلعت من الحمام وهي تحمل المزهرية.. والباب يندق..
وهي ماسكة المزهرية حاولت انها تفتح الباب.. ويوم فتحته كان لؤي عند الباب .. ومعاه شخص ثاني..
لؤي بهمس: امي موجودة؟
مريم: لا مو هني.. في البيت ما يات اليوم.. ليش؟؟
لؤي وهو يتنهد براحة: زين وايد زين.. سمعيني.. حطي اللي في يدج وروحي الاستراحة.. وياي جراح ويبي يشوف مسـاعد..
كان لؤي داخل الغرفة ومريم واقفة وياه على الباب تحاول انها تخفي ارتباكها وفرحتها بوجود جراح..
مريم وهي تحط المزهرية عند السرير:دقايق بس احط الورد واروح..
توها بتلتفت مريم وتطلع من الغرفة الا شي يتحرك ويجمد كل اوصالها.. وفي نفس اللحظة يدخل جراح ومعاه لؤي.. لكنهم وقفوا عند الباب يوم لاحظوا تصنم مريم..
لؤي: علامج مريم..
لكن مريم كانت عيونها متركزة على جفون مسـاعد اللي ترتجف.. وكانها تطالب بالانفتاح.. وتنشد النور انه يتخللها.. وتمت مريم واقفة وهي تماسك قلب يرتجف بالدعاء.. وبكل ثانية محسوبة في هالوقت ... ترتجف الجفون اكثر.. ومن الجفت.. الى تحرك بالراس.. ومن تحرك بالراس.. الى ضرب خفيف من الانامل على شراشف السرير.. تعقدت حواجبه لفترة بسيطة ولكنه بسطها من جديد.. ولكن ظلت جفونه ترتجف عشان انها تنفتح.. ولؤي وجراح اللي نسووو المكان اللي هم فيه للحظة وبهدوء راحو لعند السرير وهم مو مصدقين..
لؤي بصوت معانق الاثارة: مريم..
مريم :اووووش.. لا تتكلم... خله على راحته.. (قربت روحها من اذنه وبصوت مرتجف)... مســــاعد... حبيبي يا اخوي..
وكاهي الحقيقة تسطع من سواد عينه.. واخيـرا.. تفتحت الابواب واستقبلت الساحات الجماهيـر الغفيـرة.. ولكنها مردها رمشت من صدمة النور اللي كان مخفي طول هالفتـرة..
مريم سكرت ثمها من شدة الفرحة وهي تذرف دمعه ساخنة ولؤي يلمها.. وجراح الثاني اللي فرح من قلب على هالشي كابد دمع وانحنى لمسـاعد..
جراح: حيا الله الغايبين.. يا مطولين الغيبة علينا..
فتح مسـاعد عيونه بكل هدوء من يديد وهو يناظر اللي حواليه.. كل شي كان ظبابي.. ويمكن غريب او غير مألوف.. ولكنه يوم لقى جراح في ويهه.. ابتسم في ويهه لسبب غير معروف.. يمكن انه شاف ويه فاتن عنده.. التفت لقى مريم اللي ما غاب حسها ابدا عن باله طول هالفتـرة.. واهداها شي يمكن كانت ما تطلبه طول هالثمانية شهور.. ابتسامة نقيـة وصافية مشوبه بالتعب والاذهان..
مريم وهي تشد على يد لؤي: روح ناد الدكتور.. خله يطمنا.. خله يشوف..
لؤي وهو مرتبك..: ان شاء الله..
راح لؤي وتبعه جراح من محل ما يا.. والتفت اخيـرا الى مريم لقاها تتجرى وتمسك يد اخوها وتقول له شي يقطع القلب..
مريم: لا تفج عينك وترد تسكرها..
مسـاعد وهو يحاول يهمس بشي..
مريم وهي تحك يده وكانها بارده: شفيك.. امر ياخوي..
مسـاعد وهو يقرب مريم منه:.. ماي.. ابي ماي..
مريم اللي احتارت تعطيه ولا ما تعطيه.. لكن لا.. تخلي الممرضة تعطيه احسن:.. خل الممرضة الحين بتييك وهي بتعطيك.. انا اخاف اعطيك واخنقك.. مافيني شدة توك راد لي..
ابتسم مساعد وكانه يبي يضحـك.. وتمت مريم تناظر في ويهه وهي تراقب صحوته تشتد اكثر واكثـر.. وما قدرت الا انها تستبرق نظرها بالدمع اللي تخالط بالحلاوة ماهي الملوحة من شدة الفرح اللي فيـها.. وراقبت ملامح مسـاعد الهزيـلة اللي كانت في يوم تحمل عظمـة وشدة في الشخصيـة.. مسـأعد كان صارية السفيـنة اللي اهي تظن انها محمولة عليها.. توازن بين المقدمة والمؤخرة.. سبحان الله.. وكانه صحى عشان يوقف اللي قاعد ينشن ضده وضد فاتن.. رب العالمين كريم يمهل ولا يهمل.. سبحانك يا رب..
يات الممرضة وياها الدكـتور بعيلة ولؤي وراهم.. جراح ظل واقف بره ينتظر منهم خبر حلو وهو يفكر بفاتن.. ومسرع ما يات على باله اختفت الابتسامة.. فاتن مثلها مثل مساعد.. غايبة عن الحياة .. عن حياتهم على الاقل على الرغم من انها على قيد الوعي.. لكن وينها؟؟ ولا ذرة غبار او هوى تبين خطاها ويقدر الواحد يتبعها ويلاقيها بعد هالغيبة..
اتصلت بذيج اللحظة غزلان على تلفونه.. ويوم لاحظ الرقم جاوب عليه وهو يتباعد عن المكان لحد ما وصـل الى غرفة الاستراحة بالطابق..
جراح بصـوت مكتـوم: هلا غزلان..
غزلان اللي بعدها يتملكها الخجل من جراح على اللي صار بيناتهم مرة في المـاضي.. : هلا جراح.. وينكم كاهو احد من ورشة الضابط عندنا يببي واحد منكم عشان الطلبية,,
جراح يناظر الساعة وهو خايب امله.. لازم اهو اللي يروح ويخلي لؤي ويا اخوه: انا بس الي بيي لؤي ما يقدر ايي
غزلان تظايقت شوي.. ما بيي لؤي؟؟ ليش يا ترى .. بس ما حبت كالعادة انها تبين اهتمامها: اوكي بس خلني اضبط لك كل شي.. وانت تعال وباشر..
ابتسم جراح: اوكي دقايق وانا بالدرب..
غزلان: مع السلامة
جراح : يسلمج..
توه بيروح جراح الا تذكر.. لازم على الاقل يخبـر لؤي انه بيروح وما يخليه جذي.. ولكن اذا دخل.. يمكن مسـاعد يسأله عن فاتن.. ويا فشلته لو ما كانت عنده اي اجوبة على الأسـألة.. فاحتار بامره.. وقرر انه يروح واللي فيها فيها..
توه بيلتفت الا مريم واقفة وراه عن قرب بسيط ولكن كان اقر ب بالنسبة له لدرجة انه انتفض من الصدمـة..
مريم وهي فاتحة عيـونها من نفضته: خيـر؟
جراح وهو يتحاشى ويهها حيا منها: خير بويهج..
مريم وهي تتفحص الأرض ومن بعدها عقدة اصابعها: ليش واقف برع.. ما خبرناك غريب يا جراح
جراح وهو يحاول يخفف الألم اللي اجتاحه من كلامها: لا بس كان عندي خط .. خبري لؤي اني بمشي الحين
مريم وهي تناظره بخيبة: ليش؟؟ تو الناس.. مسرع ما بتروح
جراح وهو ينبذ خيبتها من نفسـه : لا عندي شغل بالورشـة.. خبري لؤي .. يالله مع السلامة
مريم وهي تودعه بدمعها الي ذرف اول ما عطاها ظهره وراح عنها..: في امان الله....
وقفت لدقيقة مكانها وهي تحس بالذنب يكتسحها .. لشي اهي ما اذنبت فيـه.. ولكن عقاب جراح كان واضح من اسلوب معاملته.. يا هو عقاب.. او هذا جفاه صوبي لانه يبي يواصل حيـاته بعيـد عني.. مسحت دمعتها الحزينـة وردت مكانها الى الغـرفة..
توها بتدخل الا لؤي في ويهها: مريم... صبري .. (بهمسـ)
مريم وهي مستغربة: ليش شفيـك؟
لؤي وهو يطالع يمين ويسار وكانه يدور احد.: وينه جراح؟
مريم وهي تتذكر اللي نسته في لحظة: راح.. عنده شغل بالورشة.
طالعها لؤي بنظرة غير مفهومة.. وكانه انتبه لدمعها المخفي بعناية..
مريم وهي تحاول تتكلم بصورة اخف حزن:.. شفته وقال لي اوصل لك هالخبـر..
لؤي ابتسم لها ومرة وحدة تذكر شي.: صج.. لا تدخلين..
مريم وهي تناظر لؤي بشبه ضحكة: ليش ؟؟
لؤي وملامحه تكتسح بالجديـة: لان اخوج من بعد كلمة ماي.. قال وينها فاتن.. وانا بصراحة ما كان عندي جواب مقنع.. فقلت له بروح الحمام..
مريم وهي شوي تضحك على لؤي لكن اهم قاعدين يواجهون اللي كان لازم يستعدون له.. الاجوبــة.. اللي بعضها راح ما يعجب مسـاعد.. وبعضها راح يثوره.. لكن فوق كل هـذا.. حقيقة وضعه الجسدي الحيـن..
مريم وهي تفكر ويدها عند جبينها: الحين خلنا من سالفة فاتن... خلنا نفكر باللي صاب ريله!! لا نستعيل بردة فعله عن شي يمكن يكون اهون من شي ثاني
لؤي وهو يتكلم بثقة: صراحة لوتبين رايي.. ردة فعل مسـاعد عن اختفاء فاتن عن وجه الارض راح يكون اعظم من انه ......
سكت لؤي لان جسمه ارتعش من الاستهانة اللي مرت في قلبه على اللي صاب اخوه.. وياته صورة سريعة لو كان الحال معكوس وهو اللي كان طايح بلا قدم وساق.. وارتجفت اوصاله بمعنى الكلمة..
لؤي وهو يضم يدينه على صدره: اتراجع.. صراحة.. الله يعيننا من ردة فعله.. مادري ليش بس يمكن يتحطم..
ناظرت مريم لؤي لدقايق وهي تحاول تلاقي حل في هالشي.. ولكن ما قدرت .. تمت واقفة مكانها وهي تفكـر.. شالممكن؟؟ شنو الللي راح يخفف من وطأة الصدمة على مسـاعد في هالموضوع..؟؟ غير انهم كلهم...
مريم بسرعة في ويه لؤي: بسرعة روح البيت وييب وياك اللي هناك كلهم..
لؤي باستغراب: ليش حفلة ولا ادري..
مريم: لؤي اسمعـني ولا ترادد.. روح وهات اللي في البيت كلهم وخلنا كلنا نبين لمسـاعد اننا واقفين وياه بهالموقف.. ما نبيه يحس انه بروحه.. (وهي تفكر وعيونها هايمة في
مكان وحاجبها معقود) اصلا انا مادري شلوون فتح عيونه ولا خبرنه احد لحد هاللحظة,, (ترد للؤي) سو الي قلت لك عليه وانا اختك..
لؤي وهو ما يبي يروح يختلـق الاعذار: اصلا حتى لو ابي ما عندي سيارة
مريم: بلا عيارة سيارتي هني.. خذها وروح..
لؤي وهو يتأفاف: انا مو اخوج العود.. سمعي رغبتي ولا تجبريني..
مريم وهي تدفعه الى باب الغرفة: جدامي يالله اخوج العود.. ويا راسك هذا انا اختك الصغيرة سو اللي ابيه..
يلتفت لها لؤي: بس اختي الصغيرة اعطف عليج وانا اخوج العود وتتامريني.. انزين لا تدزين..
يوم دخلت مريم ولؤي كان مسـاعد تحت اختبارات بسيطة ويا الدكتـور.. مثل النظر.. والعد.. والأسـالة الشخصيـة.. وخلال هالاسـألة التفت مساعد الى مريم ولؤي وكانه يبيهم في سالفة او موضوع ولكنهم تجاهلوه وسحبت مريم جنطتها وطلعت ويا لؤي من الغرفة تحت عيـون مسـاعد اللي تلاحقهم بتشوش وعدم استقرار..
مريم برع الغرفة تسلم لؤي المفتاح: روح هات البيت كلهم.. نورة وريلها بعد خلهم ايوون.. وحتى ابوي دوره محل ما تلاقيـه.. لا تخلي احد ما تييبه..
لؤي: اله يهداج قبيلة سبارطه كلهم واحد مادري اثنين.. انتي بس لا تتداقلين وياه وخليه على راحته لا تجاوبينه ولا تجذبين عليه
مريم وهي متوجسة شر: مادري يا لؤي.. انا خايفة .. مساعد يحصل اللي يبيه.. لكن اللي اهو يبيه يمكن من اخر الاهتمامات اللي عليه يفكر بها.. فاتن بتنحل مشـكلتها.. اهم شي الحين انك اتييب البيت عشان نقول له الخبـر بكل هدوء..
راح لؤي وظلت مريم واقفة وهي تسحب نفس عميق وتدخل الغرفة.. ويشرد الى سمعها شي من اللي يقوله مسـاعد..
مساعد بصوت واهن وتعبان ولكن مسموع: مادري.. احس بخدر في الجزء التحتي من جسمي..
الدكتور يناظر مريم وهو عاقد حاجبينه.. ولاحظ على ويهها اشارة نفي .. يعني لا يخبـره بشي بعد..
الدكتور وهو يبتسم ويربت على جتف مسـاعد: معليه يا مساعد انت توك صاحي من الغيبوبة.. وبعض اجزاء جسمك يمكن ما تستعيد حسيتها الا بعد فترة لانك راقد اكثر من ثمان شهور.. يعني ماكو اي حركة او تفاعل فيها.. (يبتسم بحرارة) لا تعطي الهم.. خل اتكالك على رب العالمين وان شاء الله تلاقي خيـر.. (يلتفت لمريم) لكن صراحة انا اغبطك على هالاخت..
التفت لها مسـاعد بنظرة تعبانة وجفن مسود من الوهن.. ومريم تبتسم في ويـهه بهدوء ونقاء..
يكمل الدكتـور: اختك ما شاء الله عليها كانت من اكثر الناس اللي يمكن تقدر تشكـرهم.. احنا سوينا شغلنا الطبي.. واهي شغلها العائلي.. اكثر انسان يمكن تواجد معاك كانت اهي.. وبالليل حتى لو تروح يظـل خيالها يرعاااك..
ابتسم لها مسـاعد وبصوت هادئ ومجهد: اهي ملاكي الحافظ.!!
الدكتور: بالضبط.. guardian angel. يالله بو الشباب.. اخليك الحين.. وبرد لك بعد شوي.. _يكلم مريم_ لو سمحتي الشيخة تعالي معاي شوي..
مريم وهي تمسح دمعتها الخفيفة: ان شاء الله...
راحت عند مسـاعد ومسكت يده وهي تدفيها لانها كانت باردة شوي.. غطت جسمه عدل وحكمت الغطاء وهي عارفه ان عيونه عليها ...
طالعته بحنان: نور المكان.. بنور عيونك ياخوي
مسـاعد بابتسامة: بنورج يالملاك...
حاولت انها تتماسك عشان تطلع بهدوء.. وقدرت.. لمن وصلت لعند الباب ولقت الدكتور متجهم وشكله مختلف عن يوم داخل...
الدكتـور: ما حبيت اخبر اخوج عن سالفته.. عشــان ما اخليـه ينصدم.. توها الناس بس.. اهو مرده بيعرف..
مريم وهي تناظر الغرفة بخوف: ادري دكتور.. وانا خليت اخوي يروح واييب باجي هلي.. دكتـور.. (وهي تصفي حلجها ) شخباره اهو الحين؟
الدكتور وهو يرفع النظارة عن ويهه:.. والله اهو جسديا واهن وتعبان.. وفاقد اشياء وايد يعني.. بس مع العناية اللي بتعطونه اياه راح يكون قادر على الرجوع من يديد مثل ما كان.. كان رياضي اهو؟
مريم وهي تتذكر: بس سباحة.. كانت اكثر شي اهو يواصل عليـها..
الدكتـور:.. بسبب هالرياضة والانقطاع عنه سبب له ضمور بالعضلات.. وفوق هذا اهو فقد جزئين من جسـمه.. فلذا العملية راح تكون صعبة..
بلعت مريم ريجها بصعوبة:.. انزين دكتور.. وال... ال...اجزاء الصناعيــة.... موجودة..
الدكتور وهو يبتسم بتخفيف:.. اذا انتي ما كنتي قوية على هالسبب.. تظنين اخوج صاحب المشكلة بيكون؟؟؟ حاولي انج ما تعتبرينها اجزاء صناعية.. هذي الاشياء اهي اللي راح تخلي اخوج يوقف على طول مرة ثانيـة..
مريم وهي تتمنى المستحيل بهذي اللحظة بما يتعلق بأخوها..:.. انزين دكــتور.. انا اتمنى وجودك معانا وقت اللي بنخبره..
الدكـتور:.. انتي لا تحطين هم.. احنا بنعطيه مهدئات اليوم.. وبنخليه علىراحته.. يمكن يرقد من تلقاء نفسه ولا يحتاج الى منومات.. لان نومه اللي كان قبل مب طبيعي..
راح الدكتـور عن مريم اللي خانتها الشجاعة بهذيج اللحظة انها تدخل على اخوها مرة ثانية.. وتمت تروح وتيي جدام الغرفة والافكار لاعبة براسها يمين ويسار. تمنت وجود فاتن بشكل فظيع.. على الاقل الشي راح يخف اكثر عليـه.. او يمكن حتى العكس بس وجود فاتن مهم بهذي اللحظة..
بعد لحظات.. قررت انها تدخل واللي فيها فيـها.. بتحاول انها ما تعطيـه الي يبيه وتخليه يرتاح.. مع انه كان براحة طول هالفترة.. لكن راحة الواعي تختلف عن راحة اللي في الغيبوبة.. يوم فجت الباب.. لقت مسـاعد مسكر عيـونه ويده مستريحة على بطنه.. ولاول مرة .. جفنيه مهدلين براحة..
قعدت يمه وهي تناظر ويهه الناعم.. وتذكرت الايام الطويلة اللي غدرت بينهم بخدعها.. وشلون انهم طاحو في وسط لعبها.. الحمد لله رب العالمين.. لكن بعدها الصورة فاظية.. والايام فيـهم.. بغياب فاتن.. السلسلة تتم غير مكتملة.. الحلقة اللي تتشابك مع القفلة.. مختفية ولازم يلقونها عشان تتسكر السلسلة..
----------------------------------------
كان الصبـــح من اجمل حلاته بهذاك الصيـف البارد من نوعه لفاتن.. مع ان الناس كلها تتحرك بتململ بسبب الحرارة المزعومة.. الا انها اعتبرت الصيف في بوسطن من اجمل الفصول.. حتى انه يمكن فصـل يديد مختلف عن الفصول الاربعة.. وبما انه اليوم الاحد.. قررت انها تحمل لها سلة خفيفة من الاكل وتمضي في دربها طول الساحل وهي تتجول في ارجاء المكان.. على وعسـى تنسى او تتناسى من الاشياء اللي تجري في حياتها..
كانت الساعة سبع الصبـح.. تماما مثل الوقت اللي يمكن اهي ومسـاعد كانو بيطلعون فيه.. او يمكن قبله بدقايق.. للحين تتذكر الاوقات اللي كان يطلع فيها ويرد من بعدها على طول للحمام.. اوقات الرياضة اللي كان يقضيها.. يمكن يحـرق فيـها شي من التوتر اللي كان يسحقهم.. ابتسمت لنفسها.. يمكن احسن شي سوته اهي انها تقطع علاقتهم.. يمكن لا ردت الديرة تنفصل عنه نهائيا.. وتترك في نفسها بقايا الاحترام لذاتها.. وتكون مستقلة بنفسها.. وتلاقي اهي ومسـاعد الحياة اللي كل واحد منهم يتمناها.. ولو كانو الاثنين اهم منية بعض.. لكن في بعض الاشياء مهما كانت موافقة الا انها ما تتناسب.. لا الوقت ولا المكان يقبلهم..
في نفسها قالتها وهي تحس بحرقان بعينها:.. يمكن في حيـاة ثانية..
طلعت من المنطقة الي هي فيها.. ووقفت بالشارع تنتظر تاكسي يمـر عليها وتروح الى المكان اللي اهي تبيه.. لكن وهي واقفة سرعان ما تابعت مشيهاا.. لمن وصلت الى بـارك وسط منطقة تسوقيه.. شبه الخالية من الناس.. الا اهي .. وكانت الشمس بعدها توتعي بكسـل.. فرشت لها بسـاط.. .. وقفت شوي وهي تتمتع بالمكـان.. ابتسمت.. وقعدت على الأرض.. وهي تحكم شالها اللي على راسها بحيث ان ولا شعرة تطلع.. قعدت.. وهي تطلع من الجنطه اللي حاملتها الرواية الخفيفة اللي كانت تقراها.. العظيم قاتســبي كان اسمها .. مع ان القصة تحمل الخراب الثقافي والاخلاقيات المنحلة محايطة قصة حب نابعة من قلب رجل عظيم الى امراه ما تستحق جزء من هذي المشاعر لان الماديات طغت عليها.. فاستغربت فاتن.. هل يمكن لرجل بهالزمان انه يكون عاشق ومتفاني بحبه؟؟
تركت القصة ببرود وهي ترجع الى نقطة بدايتها ونهايتها.. مسـاعد.. كاهو مسـأعد عاش اكثر من 12 سنة وهو يحب عمتي عالية بحياتها وبموتها.. اذا كان هناك جاي قاتسبي.. فهني .. .بحياتي.. مساعد الدخيـلي..
كانت تطارد احلام وتخيلات مع مشـعل يوم كانت بعدها تظن ان الحب بالنظرات والهمس والاحلام والكلمات العذبة اللي ما يتكرر صداها الا بداخل القلب.. لكن ويا مسـاعد عرفت ان للحب تاريخ ومعاني وتجسيد..
فاتن وهي تبتسم بحرقة ما تدري لمتى بتظل فيها:..كنت انا اللي ارفض وجودك بحيـاتي.. والحين اتمنى لو اني بس كنت عالية.. عشان اكون هالجزء اللي لا يتجزأ منك..
---------------------------------------------------
غصــة الم عميـقة للقلب.. شفتين مرتصتين بعنف من شدة الخبر اللي وقع.. يا الله.. ما كو شي اعظم من هالشي .. ان ما كان على حد.. فهو عليه.. سكر عيونه بشده وهو يقبض على شراشف السرير بقهر وغضب عنيف.. دفع الدمع الحار من دفق عيونه الى زاوية عينه فالى عارضه.. ومريم تراقب كل هذا بحسرة وهي لاصقة في لؤي اللي كان شكله علامة من علامات حزن الدنيا..
ام مسـاعد كانت لامة روحها وهي تحاول انها تهدي نفسها وتشجع ولدها..
وبعد لحظات اشبه بالرحا وهي تدور وتحك كل المشاعر معاها نطقت شفاه مسـاعد بهمس حارق للحنجرة:.... مبتــورة؟؟؟؟؟؟؟ مبــــتورة.... يا الله... عفوك....
الدكتور وهو يهز راسه اسف بخفة ويحاول انه يشرح لمسـاعد اللي ما كان في هالدنيا.. : يا مسـاعد.. لازم تكون شاكر لله عز وجل ان الضرر ما اخذ حياتك.. اخذ اعضاء مهمة من حياتك لكن انت بتتعوض والعوض عند الله.. أذكر ربك واذكر مصايب غيرك تهون عليك مصيبتك..
مسـأعد وهو يفج عيونه بعجز عميـق يظهر لاول مرة بعيونه الجميلة اللي اكتسحت بحمرة الاحتراق اللي فيه:... مِشــــلول؟؟؟؟ معــــأق؟؟؟
الدكتــور وهو يخفف: مبتورة اعضاءك لكن مفاصلك سليمة ولله الحمد.. انت ما تعطل فيك وتلف اهي العضلات والاوردة.. وعشان اننا نوقف النزيف اضطرينا الى بتر الساق في اليسار.. والقدم في اليمين...
مســاعد تاوه وياليته ما تاوه لان من بعدها ناحت امه..
مريم وهي بدمعها عند الدكتور: بس يا دكتور.. يكفيه اللي فيه.. لا تزيد عليه..
الدكتور بعقلانيه: يا مريم بدل لا تبجين على اخوج لازم تيببين.. صراحة انا مادري شقول لكم.. بس يا مسـاعد .. هذا شي اشبه بالصفر بالنسبة لحادثك الخشن.. صج انها نتيجة مأساوية لكن انت بعدك تتنفس..
مســـاعد وهو يسكر عيونه بس بشكل اخف لكن الدمع ما جف من عينه:.. لا حول ولا قوة الا بالله
الدكتور وهو يمسك يده المشدودة: اي.. اي اذكر ربك يا خوي.. الدنيا بعدها بخيــر.. وبعدك على هالدنيا.. وهذي نعمة من ربك.. قول الحمد لله
مســاعد وهو يحاول يتخيل نفسه بلا ريل .. وكل ما تخيل تذوب مهجة من مهجاته:... الحم....الحمـــد للـــ لله.. الحمد لله ... الحمد لله
اخذ نفس عميق وغطى ويهه بيدينه وهو يمسح البلل اللي غطى ويهه بشكل بسيط.. مسح خشمه وهو يحاول يتناسى الحرارة العظيمة اللي اكتسحت ويهه من الصدمة.. حاول انه يتماسك بس ماقدر الا انه يلاقي فاتن بعيونه.. مرر نظره على الموجودين.. حتى مريم ما كانت تقدر انها ترضيه بوجودها.. اهي المهمة فليش اهي الوحيدة البعيدة.. ؟؟؟ ليش؟؟؟
مسـاعد بصوت هامس:.. ابي اكون بروحي....
الدكتور وهو يقترب منه: نعم؟؟
مســاعد وهو يسوي ملامحه ويتكلم بصوت مرتجف ولكن مسموع: ابي اكون بروحي.. خلوني لحالي.. ابي اكون بروحي...
ام مسـاعد: يمة لا تسكر الدنيا بويهك.. انت بعدك شباب..
مريم على طول استجابت لاخوها وحملت لؤي على انه يطلع وياها من الغرفة: يالله لؤي.. خلنا نطلع.. يمة .. خلينا نطلع..
ام مسـاعد تكلم ولدها وقلبها ذايب: يمة انت ثمن عمري اللي مابيه يروح.. لا تبعدني عنك يا وليدي..
ومساعد منهد حيله من اللي توه سمعه ما قدر انه يسمع كلام امه اكثر فحاول انه يبتسم بقتل الروح: يمة .. مافيني شي بس.. خليني بروحي واللي يسلمج.. وبناديج بعد شوي.. خليني بس....
ام مساعد: يمة اخليك وين اروح؟؟ وين اقط براسي..؟؟ يمة تدريبي روحي وولعي بك.. لا تبعدني عنك.. حملتك تسع شهور ما تظن اني اقدر احمل همك يا يمة العمر كله..
سكت مسـاعد وخارت قواه وسكر عيونه وهو يريح راسه وهد لنفسه العنان بانه يبجي... مايدري ليش قاعد يبجي.. ولاول مرة يبجي على خيبة امل بحيـاته.. مع انها مليانة بالخيبات.. لكن كلام امه كان من الالم الي خلاه يهد نصف اللي حاول يبنيه في هاللحظات من الصبر والهدوء.. ومريم اللي ما طاقت حال اخوها راحت لامها تونسها بالهداي..
مريم: يمة .. ولالي يسلم عمرج.. خليه بروحه.. لبي له هالشي.. خليه وانا بقعد وياج برع.. بننتظره لمن اهو ينادينا..
ام مسـاعد تناظر بنتها وتهمس لها بكره: كله من تحت راسها.. الله لا يوفجها محل ما حطت بريلها.. الله لا يوفجها اللي يابت لولدي السقم.. الله لا يوفجها... ويحر قلب امها عليها مثل ما حرت قلبي على ولدي..
من فظاعة كلمات ام مساعد مريم ابتعدت عنها وكانها واقفة يم كتلة من المشاعر السلبية وما تمنت بذيج اللحظة ان هالكتلة اللي كانت في يوم كلها حنان وبهاللحظة كتلة من القساوة انها تكون امها.. لمت يدينها مريم وضربت في اخوها اللي كان واقف وراها.. اللي هو الثاني حس ان امه نطقت بشي سام.. من جذي مريم تصلبت .. مسك مريم وحاول انه يطلعها وياه.. ولكن عيون مريم كانت باسف موجهه على امها اللي كانت لامه اختها الثانية ويا زوجها.. وكلها دقيقتين.. ويطلع الكل من الغرفة...
وساوس..؟؟ شياطين؟؟ عجز؟؟ قلة حيــلة... يمكن يكون كل شي.. ويمكن يكون ولا شي.. لرجل قبل لحظات من اللي يقدر يتذكرهم كان قادر على كل شي ومنها الوقوف.. ولكن الحيــن.. عاجز ومعاق ومشوه.. يالله.. في عقاب اكبر من هذا...؟؟
يمكن حتى اختفاء فاتن لحد هذي اللحظة وغياب اخبارها واسالته اللي تركوها بلا اجابات يعادل نصف هالمعاناة.... فتح عيونه وهو يحاول انه يرجع نفسه من الكابوس للي عاشه للتو؟؟ مو معقول.. انا .. اللي كنت في يوم... لا حول ولا قوة الا بالله.. لا حول ولا قوة الا بالله.. ظن انه مرتاح على السرير.. لكن ليش يحس بالتكبيل..؟؟ كل طرف وكل جهة مكبلة شي من مشاعره.. الغضب.. والقهر.. والحزن.. والاسى على حاله.. ماكو واحد مثلي بهالدنيا؟ وان جان في.. ماظن نفسي.. معاق.. معاق..
ظلت الكلمة تدور في باله مثل الطاحونة.. وبنفس الطريقة مرت الألام الا انها كانت تطحن شي بداخلها .. وفاتن؟؟ كل الاحقاد والغضب والعنف توجه صوبها.. وينج يا فاتن؟؟ لكن انتي شنو بحياتي لو ييت أسال نفسي صح.. انتي شنو بحياتي.. غير باب للألام والاحزان والجراح.. وجرح مفتوح ما يندمل.. مثلج مثل عمتج.. راحت وخلتني بعد ما كنت متيم لحد الجنون بها.. كل شي انا صرت عليه اليوم.. يرجع لها.. وييتي انتي.. وبكبر سني خليتيني مثل الطايش اللي عمره 16 سنة.. قد ما حبيتج.. ودي الحين لو اني اموتج على يديني...
بهمس قاتل وبعين دامعة نطق اسمها من بين قضبان عاجية:.. فاتن... فاتنـ ... فاتـــن..
------------------------------
مرت الايام.. والحال ما تغيــر.. الا برجوع مسـاعد الى الدنيا وتقهقر القوى الكبيـرة.. كان عاكف عن كل الانشطة.. وكان وجوده بالمستشفى تحت الاختبار فقط لا غير.. وهالاختبار بعده ما صار لانه يرفض رفض قاطع انه يلبس الاعضااء الاصطناعية ومريم ما قدرت انها تقعد معاه خمس دقايق على بعض... حتى لوقعدت.. ما راح تلاقي الا الصمت والهدوء والفراغ.. من بعد ما كان قمة في الحيوية والانشغال.. صار مساعد تمثال من العصور الحديثة..
ماقدرت انها تفتح معاه موضوع.. كل اللي تقدر تسويه لمن يلاقيها بعينه الابتسام اللي كان يجابلها بنظرات متسائلة.. لكن يرد يمسح ويهه بيدينه العريضتين ويذكر اسم الله في نعيم وكانه دوى قاتل للالام.. وهو مدمن عليه.. وكان اسم الله اهو اللجام الوحيد للقهر اللي يحاول يتغلغل فيه..
ولكن في يوم.. مرت الاحداث فيه بسـرعة الغيوم في نهار خريفي.. تعلن عن قدوم رياح وامطار.. من الدمع او من العواصف.. من الراحة او العذاب.. ولكن اللي فيها راح يكون الفيصـل لمعظم الامور..
بدى هاليوم في الورشة.. او بالاحرى المكتب الرئيسي لتجارة جراح ويا الشباب.. كان لؤي قاعد في المكتب وهو حامل قطعة خشب محفورة بعناية .. تعتبر كسامبل يقدمونه لنوع من انواع النجارة اللي يتخصصون فيها.. كان يناظر الضوء اللي يتخلل هذي الحفر الصغيرة.. كيف ان هالحفر على الرغم من صغرها الا ان يتخللها نووور وشعاع طويل يمتد الى الارض ويكسر الارض ويتخللها.. ابتسم لؤي بحزن.. وهو يحس كيف ان هالنور قاعد يضيع من حياتهم.. ما عادت ساكنة.. لا قبل ما يصحى مساعد ولا الحين.. ظن انه راح يرجع له اخوه من بعد وعيه لكن.. خسره اكثر واكثر.. لان وجود مساعد بهاللحظة يثير الاحزان اكثر من قبل.. فهو واعي.. ويسمع ويتنفس ومفتح عيونه.. لكن فكره مو في هالدنيا.. فكره في مكان ثاني.. في عجزه اللي للاسف الشديد خيب امال الكل .. كلهم ظنوا ان مساعد راح يقوم من هالمشكلة بقوة.. الا ان مساعد الاشبه بالصخرة اللي يركزون عليها.. بين لهم انه مجرد انسان.. عاطفي وحساس وله من عظيم المشاعر اللي يمكن تجمد الدم .. لانه بس عظيـم.. ولانه.. قليل الحظ..
دخل جراح اللي كان مشغول ومزحوم لان الاشغال بدت تكثر والظاهر انهم لازم يوظفون ناس اكثر.. لان غصون حامل وما تقدر تحظر معظم الايام.. دخل والقلم عند اذنه يسحبه ويروح عند مكتبه الا يتفاجآ بلوي اللي كان يظنه ما حظر الشغل..
جراح بصدمة: لؤي؟؟ هذا وانت هني؟؟ وينك والله ذبت انا اليوم الجوو حار وماقدرت اظل اكثر هناك بالورشة...
لؤي وهو يلوح بالخشبه بالضوء وكانها مضرب بيسبول:.. مالي خلق..
جراح وهو يكسر حاجبينه من التعب: ي.. وين لك خلق.. خلاص تعودت على الركادة.. وينها لؤية اللي كانت تشيل المكان على راسها.. راحت خلاص.. بحححححح.. يا بعد جبدي يا لؤيه
لؤي للي كانه استرد روح المرح اللي فيه..: انت تعرف شلون تردها.. شوية دلع.. وشوية دلال..
جراح وهو فاج عينه: استح على ويهك شزود دلع ودلال بعد وانت من ثمان شهور بس وجه ضاحك في المكان
لؤي يبتسم بحلاوة: بعد شتبي.. انا الصورة الحسنة اللي تحملها انت في المحل
جراح وهو يرسم على الورقة: الظاهر اني لازم احطك اعلان
لؤي وهو يتخذ وضعية تمثيليه:.. ورشتنا.. لاجمل الاثاث.. واكثره اناقة... صادقونا.. فصداقتنا.. ابدية.. هاهاهاهاي.
وطرقات على الباب ولؤي بعده في روح التمثيل..: تفضـــل.. يا صديقنا الابدي..
دخلت غزلان وهي عاقدة حاجبينها من الصوت الرخيم الي تسمعه.. ولاحظت لؤي قاعد على المكتب بوضعية غريبة بعض الشي.. وهو يناظرها اول بنظرة الوضعية لكن سرعان ما تحولت الى نظرة لؤي للي من يشوف غزلان.. تتعقد حواجبه وتعانق نظراته مراااار الى الارض..
بصوت هادئ: صباح الخير..
لؤي: مساء النور..
استغربت غزلان: لكنه صباح..
لؤي وهو يناظر الجهة الثانية: وانا ابيه مسـاء..
غزلان بصوت خافت: كيفك.. جراح.. يبيك واحد برع من وكاله الشماس..
جراح وهو يتنهد بعجز: بعد.. ولله رحموني ماقدر اطلع اكثر خست بالشمس..
غزلان بصدمة: عيل تبوني انا اطلع للريال..
هب على ريله لؤي: لا تروحين للرياييل ولا الدراهم.. خليني انا بروح له.. (يطالع جراح اللي مبتسم شوي) اي اي.. افرح.. خلاص.. يعني انا ماقدر اخذ اجازة من هالشغل.. يخترب كل شي على راسكم.. والله يايبكم وناسيكم ولا ادري... اممممف عليها من عيشه.. ويلي عليج يا رووحي..
طلع لؤي وجراح يضحك عليه وحتى غزلان اللي كانت هايمة في خفة ظله.. وجراح الي كان يضحك انتبه مرة ثانية لاوراقه وما حتى حس لوجود غزلان اللي واقفة الا بعد ما طالت وقفتها في الغرفة.. فرفع راسه وهو يناظرها.. كانت واقفة وهي تطالع المكان اللي طلع منه لؤي. واستغرب منها جراح .. فهذي طبعا مو اول مرة يشوف فيها بوادر الاهتمام من غزلان للؤي.. بس هذي المرة كانت جدامه.. ويمكن استغرابه كان ان غزلان ما هربت من المكان اللي اهو فيه.. فظل يطالعها وهو على وشك الابتسام..
انتبهت له غزلان وهي تحمل علامات ابتسام خفيفة على ويهها... : ردت الروح للمكان ..
جراح وهو يطالع الاوراق وهو يبتسم: الظاهر جذي.. (يناظرها بمكر) للمكان ول.. لنا كلنا..
تناظره غزلان بكل عفوية وتلاحظ نظراته الماكرة.. فرمت بنظراتها المليانة حيا على الارض: يعني اهو شريج .. وله مكانه الخاص وابداعه.. و... كلنا... نتمنى وجوده... و.... (وكان جبينها عرق) الجو حار الويم..
جراح وهو يبتسم بملء ثمه وعيونه على الاوراق: اي.. الظاهر ان اليوم حرارته غير طبيعيه
غزلان اللي ميتة من الانحراج: صح.. على العموم.. انا بطلع الحين.. بروح مكتبي.. عندي وايد اشغال اسويها..
جراح وهو يناظرها بحنان اخوي: انا مـتأكد من هالشي..
غزلان بحياها تنسحب:.. اشوفك على خير..
طلعت من المكتب وهي تحس بالحرارة في ويهها من الاحراج اللي تصاعد فيها.. جراح ويا هالويه الغبي.. يبتسم.. وكانه اللي يفكر فيه صح.. انا ابدا مو معجبة بلؤي.. بس احيي روحه المرحة في المكان.. له طابع خاص.. اووووف الحين انا وين اودي ويههي عن جراح.. الله يلعن بليسه بسٍسسس..
------------------------------------------
خالد اللي رد البيت يعالج جرح صابه من الورشة قاعد والمكيف يضرب على ويهه ولكن ابد .. كل هالهوى اللطيف ما يأثر على هالجو الخانق والمقطر للعرق.. لف الجرح البسيط اللي في يده باحكام.. وتوجه للثلاجة او للمطبخ.. يمكن يلاقي خالته لمختفية لكن لاء.. ما لقى احد هناك الا الماي اللي يقطر من الحنفية..
طلع له عصيـر بارد يشربه وحمله وياه لعند الباب الوراني عشان يطلع من البيت ويرجع للورشة.. توه بيركب السيارة الا وحركه في بيت النهيـدي.. هذا البيت اللي اتسم بالسكون طول فترة جالت فيه حركة.. بانت في بال خالد انها يمكن ايماءة من خياله .. ترجع له شي من الحنين الي فيه... لكن لاء.. ظل واقف دقايق وهو يحاول انه يتلقى شي لكن ابد... وتوه يدخل السيارة مرة ثانية.. ظل قاعد فيها وهو يتنفس الصعداء من الذكريات اللي خاض فيها.. وناظر الدبلة اللي كان رابطها عند منظرة السيارة من جدام.. نفس الخاتم اللي عطاااه لسماء يوم اللي راحت.. رابطه في السيارة.. وكل ما يشوفه يذكر سماء.. ويذكر قلب سماء الكبير المعطاء.. وفوق كل هذا.. يذكر شوقه للسماء اللي من راحت.. راحت معاها كل الحماية وكل الحنان..
طرقات خفيفة على السيارة ولكن تجفل خالد بقوة.. كان عزيز.. اللي كل ما ايي له .. يزيد بالانفجار اللحمي.. لا بل الشحمي..
نزل له الجامة: بسم الله.. كل هذا ويه.. عنبو دارك خرعتني..
عزيز اللي صوته بدى يخشن:.. هاهاهاي.. مو ناقص الا صوت الانذار
خالد يشغل السيارة: انذار.. يابوك صفارة تكفي.. وقع لاقدام اللي يهز الاول والتالي
يدفع عبد العزيز خالد الي في السيارة: هي انت قاعد تتغشمر على من؟؟ عز ودلال هذا
خالد يقلد على ويه عبد العزيز: عز ودلال؟؟ عز ودلال يا جبل الشحووم.. ارحم روحك.. ارحم شباب يا ميووع الافريكان.. والله لو يقطونك للاسود يسون عليك عزيمة لشهووور
عبد العزيز يضرب خالد مرة ثانية: يووووز لااا..
خالد يناظره بحمق: لا تطق.. خاف علي من يدك..
عبد لعزيز يبتسم وويهه محمر من الحر:.. اقول.. قطني عند راعي البريد..
خالد: بعد بريد.. ارحم روحك يا عزيز البيت بدى يظيييج علينا بسبتك..
عزيز: انت اسكت وخذني لراعي البريد.. قبل لا ايوون ايمنوه والسبال الثاني
خالد: اركب.. لكن ها.. شوي شوي على السيت .. السيارة بعدها بقراطيسها..
يدخل عبد العزيز بقوة الى السيارة ويهزها شوي بوزنه الزائد.. وخالد يمسك على قلبه
خالد: هذا شوي شوي؟؟ قلبت السيارة بيت الهزاز؟؟
عبد العزيز يضحك: اقوووول جم الدخلة ؟؟
خالد: جب لا اشوتك الحين...
قالها خالد وعيونه على عبد العزيز.. وقبل لا يوجهها جدامه.. ردت الحركة في بيت النهيدي ولكن هالمرة الباب كان ينفتح.. وصار اللي ما توقعه خالد انه يصير اليوم... مشعل طلع من البيت وهو لابس ثياب صيفية خفيفة.. وقبل لا يتوجه الى الكاراج لاحظ السيارة الواقفة عند بيت بو جراح.. كانت سيارة خالد على ما يذكر الواقفة.. واللي أكد له هالشك.. كان خالد الي طلع من السيارة وهو واقف يطالعه..
حامت في ارجاء قلب خالد الامنيات.. غياب مشعل وتواجده يمكن اخيرا راح يرد اللون للسماء بحياة خالد.. ويمكن وراه وهو طالع بتطلع بعد سماء.. لكن لا.. مستحيل.. سماء ما ترد من غربتها وما تيينا.. احنا اولى بها من كل من.. يا ربي.. لا تخليها تكون موجودة... موجودة ومأجله ييتها لنا..
وقف مشـعل وكانه ينتظر شي.. مر في خاطره ومرت معاه خيوط من الذكريات.. واتسمت اولى مهاام مشعل اللي يا عشانها.. طلب المغفرة.. والصفح .. من اكثر الناس اللي تسبب بألمهم.. يمكن خالد كان لسبب في الم من آلام مشعل.. الا وهو العلاقة اللي انفسخت بينه وبين اخته في وقت من الاوقات.. لكن يتم جرح خالد اكبر.. ليش؟؟ ليش وسماء اهي اخت مشعل وشرفه في هالدنيا؟؟؟ هل للشرف اي علاقة؟؟ الشرف شي عظيم.. لكن جرح الحب.. والابتعاد غصب.. شي مؤلم.. جربه مشعل في سن صغيرة. وجربه يوم راحت عنه فاتن.. مع انها كانت بطواعيتها.. لكن كان يخثن القلب جراحا والام.. فما بال خالد اللي اكرهووا سماء على فراقه.. من اهو مشـعل الي يقدر يجمع ولا يفرق بين الناس.. الله سبحانه وتعالى اهو المفرق والموحد في هالدنيا.. مو بني ادم اللي يتحكم بمصائر ادميين ثانيين..
تحرك – لذا- مشعل بكل هدوء صـوب خالد.. وفي نصف الدرب وقف.. لان مناير ومساهر اللي ما فاتهم وجود مشعل في المكان.. وعلى وجود مناير المربك في الساحة تراجع مشعل وهو يسرع صوب السيارة ويركب فيها.. ويمشي من غير ما انه يلقي بال على احد.. ولا حتى مناير اللي هي الثانية اللي تجاهلت وجود مشعل في المكان بامتياز وتوجهت صوب البيت بعد ما فارقت مناير عند بيتهم...
وصلت لخالد اللي كان واقف عند باب السيارة..: شفيك واقف في هالشمس..
عبد العزيز من السيارة: حريتنا ياخي لابوه بريد هذا للي نبيه منك..
انتبه خالد: اسف.. اسف عزوز.. بس ماقدر اقطك
عزيز: شنو ما تقدر.. الا حذفه حصا.. قول ما تبي تخلص البترول يالبخيل.. والله انك بينت على حقيقتك..
مناير اللي تسائلت عن اللي ينتاب خالد : خالد شفيك؟؟ ليش واقف جذي بهالشمس؟
خالد يكلم مناير بارتجاف: سماء ردت صح؟؟ ردت ولا ياتنا صح؟؟ قلبي حاس.. حاس ان في شي قاعد يصير لكن....
مناير: اشفيك يا خالد.. سماء لا ردت ولا شي.. ولو ردت مستحيل ما اتيينا لهالحزة..
خالد وهو يركب السيارة: الناس تتغير على اهلها.. شلون على الاغراب.. كل شي يتغير.. كل شي..
ركب الموتور خالد وتحرك من المكان وهو يحس بانهيار فيه.. خوفه وقلقه لا مبرر له . يعني شلون طرى على باله ان سماء ترد وما تمر عليهم قبل.. صدق ان الظنون تخيب بالناس.. وظنون خالد مخيبة لسماء.. للي يمكن لو درت.. عادي انها تطير نص عقله بالصراخ.. فابتسم خالد.. وقال في باله.. يا ترى يا سماء. انتي بعدج ما انتي؟؟ تغيرتي ولا لاء؟؟ غيرتج الايام على القلب اللي عمره ما تغير عليج الا زاد فيج؟؟؟
------------------------------------------
مريم اللي كانت كالعادة من هذا الوقت قاعدة في دار اخوها وهي ساكتة.. تناظر الفراغ اللي يحايط الجدار وهي تنتظر حركة من اخوها.. ولا شي يبين انه مستعد لخطوة يديدة.. لكن لاء.. فهو مشغول من جم يوم على تأدية ما فاته من الصلاة.. وكان دؤوب على هالشي.. يصلي صلواته القضاء اللي مر بهم في الغيبوبة.. ومن شدة حرصه على هالشي.. اهو جريب على انهاء هالشي.. لكن شي في قسمات ويهه بجانب التجلد اللي يحاول انه يمسك ملامحه به.. شي من القساوة.. وشي من التفكير.. او التهديد يمكن.. مريم تعرف لمسـاعد وخبرت ملامحه كلها وهي تراقبها طول حياتها.. اهو ما يمر بهالحالة الا لمن شي يدور في باله وهو يحاول انه يلاقي حل له..
لكن وين السبيل انها تمتلك شي من كلامه؟؟ وهو ما يفتح ثمه الا بذكر الله ولا لين شرب شي او اكل .. الحالة صعبة وياك يا مساعد وانت ابد ما تمد العون لنا.. هل كونك معاق شي يعيق مخك بعد؟؟ ما هقيتك جذي يا خوي .. والله ما هقيتك جذي...
كان مساعد منهي احد الفروض للي فاتته يوم انتبه لمريم اللي سرحانه في الدريشة... كان نور الشمس يعاين ملامحها بعناية فبانت سمرتها وعيونها اللي صارت شبه الشفافه وهي تراقب ضوء الشمس اللي يخبو... فحس بالفقدان اللي تمر فيه مريم.. وحس لوحدتها من الكبر اللي مغطي كل انحائها.. فلانت قسمات مساعد ونزل عيـونه.. وهو يفكر بذيج البنت.. صاحبه العيون الشفافة والنظرات المتسائلة.. فاتن... طيف من اجمل الاطياف اللي يمكن تمر في بال احد.. ولا مخيلة الشاعر تقدر انها تستوعب مثل هذاك الطيف.. اللي الظاهر انه ضايع.. ولا احد يدري عنه..
رفع عيونه بصمت لويه مريم.. ونطق الصوت:... عيل محد يدري اهي وين..؟؟
انتبهت له مريم بهدوء ولكن العجب كان في نظراتها:.. من؟؟؟؟
من هدوء ويهه ووضح الاسم بعيونه عرفت.. ونزلت عيونها بالخيبة..
مريم: لا.. محد فينا يدري اهي وين.. حتى اهلها... انتقلت .. من الشقة اللي كانت فيها لمكان ثاني.. وكل اللي يلاقونه منها اهي مكالمات...
تكور ثم مساعد بصمت.. ولكن قبضه يده كل ما يا لها تشتد في ثبانه.. وهو يفكر باستقلالية فاتن اللي تجلب الشياطين في باله!!
مسـاعد: يعني محد يدري اهي وين؟؟ ولا حتى اهلها؟؟؟ (يناظر مريم) متاكدة ان .... ام جراح ما تدري؟؟؟
مريم: لا ولله ما تدري.. كل مرة يتسنى لي اروح ازورها.. واهي على نفس الحال.. مريضة على غياب فاتن... والكل زعلان عليها... حتى ان جراح راح وراها لكن.. ما لقى لها اثر...
مسـاعد وهو يناظر جدام : ما درى وين يدورها.. فاتن مو بهذاك الغموض اللي ما تنعرف امكنتها..
مريم: بس ... اهي تغيرت مساعد!!
مساعد وهو يكبت صرخة في نفسه: تغيرت؟؟ يمكن... او يمكن زادت.. في غبائها..
مريم وهي تبلع ريجها من كلام مساعد...: بس ماظنها.. تعرف.....
مسـاعد ينتبه لها: تعرف عن شنو؟؟؟؟ (ناظر روحه بسخرية) عني انا؟؟ صدقيني.. لو ابي اخليها تعرف.. لكن الظاهر ان حتى اهلها كانو اذكياء.. (بنبرة ألم) او يمكن اهي ما حاولت انها تعرف.... ال... جاحدة..
سكرت مريم ثمها بقسـوة وهي تكبت دفاع في قلبها على فاتن... حبيبة قلبها وصديقة عمرها اللي ما يضاهي غلاها حتى اخوها الكبيـر.. لكن احتراما لمشاعر مساعد تمت مريم ساكتة.. وهي تترجى رب العالمين من خفة الموقف..
مساعد وهو يناظر مريم بحذر: اقدر الاقيها مريم... لو ابي.. واقوم... اروح لمحل ما اهي فيه.. والاقيها واطلعها من جحرها اللي متخبية فيه...(يناظر للفراغ اللي جدامه) لو بس الظروف كانت ثانية.. لو بس كانت لي...... (الاسف كسى عيونه) لو بس... ارد مســـاعد.... لو...
الطاولة اللي جدامه نالت العقاب ... من عصيبته والهيجان اللي مر فيه رمى باللي عليهها على الارض.. وتم يرتجف مكانه والدم متجمع في ويهه مثل كتلة اللهب واللافا.. ومريم اللي من طاحت الاغراض انتفضت من مكانها.. وكان غضب مساعد بيرتد عليها اهي بعد...
مسـاعد: لكن.... انا اللي راح اردج يا فاتن... انا اللي راح.. ارد مخج لج.. وان كان هالشي يعني ... خسارتي لاحترامي لنفسي.. بردج للمرة الاخيــرة.. عشان تكووونين انتي اللي تظلين... وانا اللي اروح.... اروح يا فاتن... اروح .. وللابد...
وقفت مريم وهي ماسكة ثمها من الصدمة.. مساعد ما عاد اهو نفسه.. حنقه على اللي صابه وكل اللي يمر فيه انصب على فاتن مثل ما توقعت.. مو لانه يلومها على اللي صابه.. لكن على عدم تواجدها.. وقله اهتمامها .. وانانيتها.. والله العالم باللي راح تواجهه فاتن.. لان ان صمم مساعد على هالشي .. انه يقوم مرة ثانيةز. راح تكون مجبرة على المواجهة معاه.. وما راح يكون الشي هادئ...
طلعت مريم من الدار من بعد ما سكر مساعد عيونه وهدأت أعصابه.. لمت جنطتها الى حظنها واهي تمشي.. وتحس بقرب نهاية الاشياء.. صحوة مساعد اشبه بالبركان الثائر.. الي بلهيبه راح يحرق كل شي واقع تحت خط الانتباه... كل شي راح يكون مكشوف.. كل الاوراق ملعوبة.. وما بقت الا اوراق فاتن.. اللي محد بيكشفها.. غيرمســاعد نفسه...
حست مريم بالاختناق.. لان عيون مسـاعد كانت لاول مرة خالية من النظرات اللي تجلب اللمعة لا ذكر فاتن.. كان فيها شي.. شي من الوحشية والجماح.. اللي يمثله حيوان بري.. مساعد ما عاد يتمتع بالحب اللي كان يكنه لفاتن.. كل شي ضاع في غيبوبته وصحوته الأليمة.. وما ينلام.. ما ينلام مساعد...
شلي ينتظرج يا فاتن –قالت مريم في قلبها- شلي ينتظرج من ريال تمنى وجودج في لحظه ضعفه.. وما كنتي موجودة عشانه.. رجل ضحى باشياء عشانج.. وانتي ما كنتي قادرة انج تتناسين مشاعرج ولا احاسيسج والتفكير فيه لدقايق واهو اللي مضى عليج واهو عارف باللي يتملكج.. يمكن هذا انتقامج الللا حسي يا صديقتي الغالية.. يمكن هذي نهاية البراءة اللي كنتي تتمتعين بها انتي ومسـاعد على الرغم من كل شي... يمكن هذا هو نهاية ايماني بالحب.. وان المحبين لهم نهاية سعيدة... مو كل شي له النهاية السعيدة.. مثل ما ان الاحلام مو لازم تتحقق بهالزمن.. والا الاحلام اللي تكون مجانية.. لا تحققت .. يندفع هالثمن الغالي.. والمليئ بالاحزان والآهات.. اذا الحب جذي.. فليش الناس يحبون؟؟؟ ليش ؟؟!!!!
|