ثم نظرت حولها وسألتها:
" لكن أين آرثر؟".
" رجع الى لندن".
" كيف يجرؤ أن يغيب وهو يعلم أنني قادمة؟".
أسرعت أليزابيت بالجواب قائلة:
"توقع ألا تتأخري حتى اليوم , لكن تأخرت فأضطر الى الذهاب وسيعودالثلاثاء".
دخل الجميع الى البيت وتطوعت كارين بأرشاد كليف وزوجته الى غرفتهما التي أخلتها هي وآرثر من أجلهما .
كانت نهاية الأسبوع متعبة بالنسبة الى كارين , في مساء السبت أتصل آرثر بالهاتف , فأخبرته كارين بمجيء أخته وزوجها وعن خيبة الأمل التي أصابت أخته بسبب تغيبه عن البيت , فقال:
" أوه , لم يكن لدي متسع من الوقت لأعلامها عن أضطراري للسفر , هل هي عندك الآن؟".
منتدى ليلاس
" كلا , ذهبت برفقة كليف في جولة قصيرة".
" هل بدأت تشعر بالضيق في دلرسبك؟".
" لا أعتقد ذلك , يبدو أنها سعيدة جدا لكونها في البيت ".
" حسنا يكفي هذا الآن والى اللقاء يوم الثلاثاء".
كان ذلك كل شيء , وضعت كارين السماعة ببطء , لم يكن لمشاعرها أية أهمية لدى آرثر ,حتى ولم يتظاهر بذلك على الهاتف أثناء مكالمته , لكن أليس من الحماقة أن تتوقع منه شيئا من هذا القبيل ؟
تغير الطقس يوم الأحد , هبت رياح شديدة وأنهمر المطر , كان كليفورد وزوجته برفقة كارين يجلسون في غرفة الجلوس عندما نظرت ليزا فجأة نحو كارين وسألت:
" كارين, هل تظنين أن أمي على وشك أن تموت؟".
" لا أعرف ... أرجو وأصلي ألا يحدث ذلك".
أستطردت ليزا بصوت مكمود:
" لم أكن أصدق حتى عندما سمعت ما قاله الأطباء , لكنني الآن بت أظن ذلك".
تخلى كليفورد عن هدوئه وقال:
" لماذا أنت متشائمة الى هذا الحد يا ليزا؟".
" لأن ما أقوله صحيح".
قفز كليفورد من مكانه وأقترب من زوجته واضعا يديه على كتفيها
وقال منفعلا:
" من الصعب أن تتأكدي مما تقولين! أصغي يا ليزا , لا شيء صحيح حتى يحدث ,ولم يحدث شيء حتى الآن , هل ترغبين في قدح من الشراب؟".
" كلا , شكرا!".
" وأنت يا كارين؟".
" أنا كذلك , شكرا".
" أذن فأنا ذاهب لأعد لي كأسا".
خرج من الغرفة تاركا ليزا تحملق في الباب بذهول , أحست كارين برعشة فزع وهي تنظر الى وجه ليزا الممتقع
فنهضت من مقعدها وأقتربت منها قائلة:
" هل أنت بخير؟".
أجفلت ليزا مستفيقة من حالة الشرود التي سيطرت عليها هنيهة وقالت:
" نعم أنا بخير , لا تشغلي بالك بي , أظن أنني بحاجة الآن الى كأس من الشراب".
هبت ليزا مسرعة وخرجت من الغرفة تاركة كارين في تفكير عميق ,لم تكن تلك المرة الوحيدة التي تخرج فيها ليزا بمثل هذه السرعة عندما تجد نفسها وحيدة مع كارين , في الواقع فأن ليزا كانت تتجنبها كأنما تخاف شيئا ... غاصت كارين في مقعدها وراحت تحدق في نار الموقد , لا شك أنها مخطئة في تخمينها , لا يمكن أن تتهرب ليزا من الأنفراد بها عن عمد, لا بد أن يكون ذلك بمحض الصدفة , بالتأكيد فأن ليزا لا يمكن أن تتصور بعد هذا الوقت الطويل أن كارين من الممكن أن... وبحركة مفاجئة تناولت الصحيفة التي كان كليفورد تركها على الطاولة , وراحت تقلب صفحاتها لتهرب من تخيلاتها وتعيد الى أعصابها الهدوء والسكينة .
منتدى ليلاس
قبل أنقضاء يوم آخر أقتنعت كارين تماما بأنها لم تكن مخطئة في تخيلاتها , وجدت نفسها وحيدة مع ليزا في مناسبتين , وفي كلتيهما كانت ليزا تختلق لنفسها عذرا للأنصراف بسرعة , فلم يعد لديها مجال للشك في أن ليزا تتجنبها عمدا.
تنهدت كارين عميقا وقررت أن تصرف تلك الحقيقة عن تفكيرها , فأنها منذ المرة الأولى التي قابلت فيها ليزا شعرت بأن هناك حاجزا غير مرئي يحول بينهما ويمنع تقرب الواحدة من الأخرى
كان بأستطاعة ليزا أن تكون حلوة دمثة عندما يتطلب الظرف , ويمكنها أن تكون لطيفة عندما تريد شيئا , لكنها لم تكن تحس بعاطفة صادقة الى أي من بنات جنسها , كانت ميولها محصورة بالجنس الآخر , تفضل أن تميل اليها قلوب الرجال , ونقطة ضعف أمها الوحيدة , أنها لم تكن ترى في أبنتها أي خطأ على الأطلاق , كانت بالنسبة لأمها أغلى ما في الوجود , مرجع ذلك أن أليزابيت فقدت قدرتها على الأنجاب أثر ولادتها لأبنتها , تلك الولادة التي كادت تودي بحياتها , والتي أيقنت من بعدها , هي وزوجها جيمس , أن الصبي الذي طالما تشوقا الى أن يرزقا به , لن يكون ... حتى ذلك اليوم الذي دخل فيه ذلك الصبي الصغير , البائس , المنبوذ الى بيتهما وقلبهما.