صاحت كارين :
" لكن لم أفعل!".
" لم تفعلي ماذا ؟ لم تخوني الوعد الذي قطعته على نفسك لليزا بأن تحافظي على سرها القذر ,وحتى ولو على حساب زواجك ! أستحلفك بالله يا كارين , أخبريني الحقيقة ! أخبريني ما حدث ؟ كيف ورطتك ليزا بتلك القصة ؟ لماذا بقيت صامتة طيلة تلك المدة تتحملين كل هذا العذاب؟".
" ألم تخبرك بكامل القصة؟".
" قالت أنها لم تكن تعرف شكوكي , وأعتقادي بأن اللوحة لك , وبالتالي ظننت أنك أنت عشيقة فينيس كاين , وهي لم تعرف ما حل بيننا بسبب ذلك , قالت أنها لم تستطع مقاومة أغراء فينس كاين ,ورضيت أن يرسم لك تلك اللوحة بعد أن وعدها بألا يبيعها لأحد , ذلك كل ما أخبرتني به , والآن أخبريني ما علاقتك بتلك القصة القذرة؟".
شعرت كارين بالأعياء , وأخذت أطرافها ترتجف , لم تستطع أن تصدق أن آرثر توصل أخيرا الى معرفة الحقيقة , ولكن متى؟.
بعد سنتين طويلتين من العذاب المرير ... تمالكت نفسها وقالت:
" لم يبق ما أخبرك به , أظنك أدركت أن ليزا كانت على علاقة مشينة بفينس كاين , وأنه تمكن من أغرائها فوافقت على رسمها شبه عارية , وأخذت تتردد عليه من أجل ذلك , في المرة الأخيرة وقبل مقتله بيوم واحد ,نسيت عنده ساعتها , تلك الساعة الثمينة التي أهداها أياها كليف , وكان أسمها محفورا عليها , تملكها رعب شديد خشية أن يعثر أحدهم عليها , لم يكن بوسعها الذهاب بنفسها لأسترجاعها , لأن كليف كان يرغب في أصطحابها معه لموعد هام , لذلك أضطرت أن تتصل بي هاتفيا ترجوني أن أذهب الى شقة فينس كاين , حيث ألتقي هناك بستفان أسي الذي كانت قد أتصلت به وطلبت منه أن يسلمني الساعة".
منتدى ليلاس
" يا لتلك الخبيثة , كيف رتبت الأمور!".
أرتاحت كارين قليلا ثم تابعت:
" ذهبت تلبية لطلبها , فأخذت الساعة وقميص نوم لها كانت تحتفظ به في غرفة فينس , ولسوء الحظ وصل المصور الصحفي في تلك اللحظة فألتقط لي صورة وأنا أخرج مسرعة من هناك , وفي اليوم التالي كانت الصحف تنشر الصورة مع بعض التفاصيل عن مقتل فينس , وعن عشيقته الغامضة... يا ألهي ! ما كنت أحسب أن تلك الصورة ستنشر , وأن تراها أنت ,وتعتقد أنني أنا تلك العشيقة الغامضة!".
صاح آرثر بصوت محموم:
" لكن لماذا لم تخبريني بكل ذلك؟".
" لأنني وعدت ليزا , وجعلتني أعدها بألا أخبر أحدا , رجتني , توسلت الي ألا أخبرك أنت على وجه الخصوص ,كانت تخاف.....".
ومجر آرثر قائلا:
" ليزا تخاف! يا رب السموات ! أمن أجل تلك الكلبة الأنانية التافهة تجعلينني أعتقد بأن زوجتي أنا ... لماذا يا كارين تركتني أتعذب كل ذلك العذاب ؟ لماذا يا كارين تركتني أتعذب كل ذلك العذاب؟ لماذا يا كارين؟ كيف أمكنك أن تخلصي لتلك الحقيرة أكثر من أخلاصك لي ؟ أنا لا أفهم كل هذا.".
أصفر لون كارين , لكن صوتها بدا هادئا عندما قالت:
" أنت لا تفهم؟ كنت على أستعداد لأن تصدق كل شيء عني يا آرثر , عندما دخلت ذلك اليوم ثائرا تنظر اليّ بعينين يملؤهما الشك والغضب , ورحت تكيل لي الأتهامات جزافا , لم تصغ الي أي كلمة من كلماتي , لقد دمرت ثقتي بك , كنت أعتقد أنك لا يمكن أن تشك بحبي وأخلاصي تحت أي ظرف من الظروف , لم تصدق أنكاري أية علاقة لي مع فينس , لم تصدق أنكاري أية صلة لي بستيفان , أقسمت لك بشرفي فلم تصدق , أكدت لك بأنني لم أخنك في أي يوم من الأيام , فلم تقتنع , عندها علمت أنك لم تكن تثق بي وبالتالي لا تحبني , أية فائدة أجنيها أذن من الفضيحة التي كنت سأثيرها حول أختك , وكشف سرها الذي أئتمنتني عليه؟".
أنهت حديثها ... وراحت الدموع تتساقط من عينيها لتغمر خديها الصفراوين , فمال آرثر اليها وأحتضنها هامسا:
" لا تبكي يا كارين وحاولي أن تفهميني , لقد تعرضت للخيانة مرات كثيرة في حياتي , أحببت فتاة قبل ثلاث سنوات من لقائي بك , جعلتني أثق بها وبحبها وأخلاصها , وأذ بي أجد فجأة أنها كانت طيلة الوقت عشيقة رجل آخر بدأت أعتقد أن من المستحيل وجود تلك التي أتجرأ فأمنحها قلبي ,قابلتك قبل فترة وجيزة من الزواج لم تكن كافية لتمحو من رأسي ما قاسيته من خيانة الآخرين .... في ذلك اليوم , اليوم الذي شاهدت فيه صورتك كنت أريد أن أنتقم ... أنتقم لكل ما أصابني من أذى ولحق بي من قسوة منذ أيام طفولتي , أنتقم لكل ذلك منك أنت!..".
أحست كارين بالعطف عليه , تذكرت ما قالته أليزابيت لها فوق الجسر , يوم أن قدمت لدلرسبك لأول مرة عن طفولته المعذبة وما قاساه من ألم ومرارة في حياته , وسمعته يقول بألم ظاهر:
" كارين , هل تصفحين عني , هل تغفرين لي عدم ثقتي بك وما سببته من أذى وأساءة؟".
" لا تقل هذا يا آرثر ! كان كابوسا وأنقضى".
" نعم , أنقضى يا حبيبتي , لا أستطيع أن أصدق بأنني أستعدتك ثانية , وأنني لست في حلم".
نظرت بعينين حالمتين الى وجهه المبلل بالدموع وقالت:
" أنك لست في حلم يا حبيبتي , لكن أخبريني , هل لا زلت تحبني؟".
لم يجبها بالكلمات ,لكنه طوقها بشدة , وبعد قليل كان الحب يرخي عليهما عباءته الحريرية.
بعد ستة أشهر أقام آرثر وكارين حفلة خاصة أقتصرت على الأقرباء فقط ,كانت ليزا هناك يرافقها كليفورد ومعهماطفلاهما التوأمان , وهما أبن وبنت , لكن الشيء الذي أسعد كارين كان أليزابيت , التي رجعت الى البيت أمرأة متفتحة للحب والحياة , مع هيرلندنر زوجها! جلست سعيدة تتحدث عن بيتها الجديد في ألمانيا , مع الرجل الذي لم يبخل بشيء ليحقق لها أمنيتها بالشفاء.
منتدى ليلاس
أنقضت الحفلة , وطلبت أليزابيت محفظتها التي كانت تركتها في غرفة الطعام , دخلت كارين لتأتي بها ,وراحت تعيد النظر في اللوحة الثمينة التي كان آرثر قد علّقها هناك
, اللوحة المثيرة...
فاجأها آرثر وهو يقول:
"هل لا زالت تقلقك؟".
أستدارت كارين قائلة:
" كلا يا حبيبي , أنها لا تقلقني ألا عندما أتذكر المبلغ الباهظ الذي دفعته ثمنا لها , آرثر , قل لي , لماذا أشتريتها ؟".
" أشتريتها لأشعر دائما بالنعمة التي أعادتها الي , النعمة التي هي أنت يا حبيبتي , وكذلك لأنني أرى شيئا حبيسا في تلك اللوحة".
أتسعت عيناها من الدهشة لكلماته المبهمة , فقال موضحا:
" الجانب المعتم من زواجنا كاد أن يدمرنا , أنه سجين في اللوحة".
تمتمت كارين قائلة:
"على أية حال , لا أحد يعرف صاحبة الصورة ألا ليزا".
ضمها آرثر الى صدره وقال:
" لا تظني يا حبيبتي أنني أشتريتها , لأني أكن لصاحبتها عاطفة هوى عميق في صدري".
أبتسمت كارين بحرارة قائلة:
" لن يخطر ذلك على بالي أبدا , لأني متأكدة من العكس يا حبيبي".
النهاية