سألت كارين وقد أعتراها بعض القلق:
"هل تعتقد أن لا مجال للخوف؟".
هز هيرلندنر رأسه وقال:
" لا مجال للخوف البتة , العيادة ذات سمعة عالية وأطباؤها أصحاب شهرة معروفة".
تدخلت أليزابيت قائلة:
" ـنهم يخططون كل صغيرة وكبيرة في الجسم , طبعا تختلف طبيعة الداء بين جسم وآخر , والأطباء مستمرون في أبحاثهم الهامة , غير أنهم مقتنعون بأن ما توصلوا اليه من علاج يصلح لأستئصال ذلك الداء اللعين في أكثر الحالات".
منتدى ليلاس
توقفت قليلا ثم تابعت بلهجة حازمة:
" مهما يكن من أمر , فقد عقدت عزمي على السفر , لن أخسر الا القليل لكنني قد أربح الكثير , وافقت على أقتراح هيرلندنر , سيرافقني الى هناك ويزورني من يشاء أن يأتي لزيارتي هناك , آرثر, ليزا , أنت ,وفي أي وقت كان , ذلك أن أمد أقامتي في العيادة قد يستغرق مدة ليست بالقصيرة".
أخذت كارين نفسا عميقا وسألت:
" ما رأي آرثر حول هذا الموضوع؟".
أجابت أليزابيت بشيء من الحسرة:
" أبدى أمتعاضه وعدم رضاه , غير أنه لن يجعلني أعدل عن قراري هذه المرة".
قال هيرلندنر :
" ولدك ينظر الى الموضوع بالريبة والشك يا عزيزتي , وأنا أفهم مشاعره بالنسبة الى ذلك , لو كنت مكانه لساورتني الشكوك ذاتها , لكنك أنت صاحبة القرار أولا وأخيرا , فأذا كنت ترغبين في أعادة النظر مرة أخرى , أو حتى العدول عن رأيك , فلا تتردي لحظة , سأفهم وضعك".
هزت أليزابيت رأسها بأصرار قائلة:
" كلا , أنني أعتبر أقتراحك نعمة حلت عليّ من السماء لم أكن أدري ما أنا فاعلة حتى تعرفت عليك , خاصة وأن الطريقة التي أتبعها آرثر لم تفلح في أظهار أية بارقة أمل".
نظرت اليها كارين بمزيج من الخوف
فأبتسمت أليزابيت وأردفت:
" كانت فكرة جميلة , جمع الشمل في دلرسبك , رحبت بها كثيرا مع علمي بمدى الظلامة التي أنطوت عليها , آرثر بعيد جدا من مقر عمله , ووضع كليف يدعو الى الشفقة , وأنت لا أدري مقدار ما لحق بك من ظلم,شكتت قليلا. ثم أمعنت النظر بكارين وأستطردت:
" أعرف أن الأمور ليست على ما يرام بينك وبين آرثر , على الرغم مما تبديانه لأقناعي عكس ذلك , لا أعرف طبيعة الخلاف لكنني على أستعداد تام لبذل كل ما بوسعي لتسويته
لا أطمع بالتدخل بدون موافقتكما , لكن يجب أن تسويا أموركما بعد عودتك الى البيت , كما يجب أن تفعل ليزا وزوجها ذلك , أنني لست راضية عن هذه الفوضى التي تعيشونها في دلرسبك ,وكأنكم تعدون علي الساعات تنتظرون الوقت الذي أخسر فيه معركتي مع مرضي".
توقفت أليزابيت قليلا تستعيد أنفاسها ثم تابعت:
"حسنا , سأتابع معركتي لكن بطريقتي الخاصة , ومما يجعل المعركة أكثر يسرا بالنسبة لي معرفتي أن أولادي عادوا الى بيوتهم ليعيدوا تنظيم حياتهم بأنفسهم , وبمشيئة الله سأحمل حفيدي بين ذراعي قريبا".
أنهت حديثها وأحتضنت كارين بين ذراعيها التي شعرت بحب أليزابيت الحقيقي فتمتمت هامسة:
" سأصلي من أجل في كل لحظة من لحظات غيابك , ضارعة أن تعودي الينا معافاة سالمة".
بعد قليل أنتهى وقت الزيارة , فأنصرفت أليزابيت مع صديقها الألماني وأستلقت كارين في سريرها يتملكها شعور غريب , ستسافر أليزابيت الى ألمانيا وتنتهي بذلك التمثيلية التي أكرهت على القيام بدور البطولة فيها , أذن بعد أسبوع على أبعد أحتمال
ستعود الى لندن وربما الى السيد بيجنز , وستتحرر أخيرا من هذا الجو البغيض الذي سيطر على حياتها خلال الأسابيع القليلة الماضية , ستكتب الى أليزابيت ولا شك حتى لا تسبب لها قلقا قد يعوق من فعالية معالجتها الجديدة
لن يكون من الصعب أخفاء الحقيقة عنها الى أن تشفى , وبعد شفائها لن تسبب معرفتها للحقيقة أي خطر على حياتها , لا يمكن للسر أن يظل مكتوما الى الأبد , أما بالنسبة الى ليزا.... عليها أن تخط مصيرها بنفسها...
منتدى ليلاس
ما في الأمر أنها ستحرر من آرثر خلال أيام قليلة , وبعد عودتها الى لندن لن تكون بحلجة الى رؤيته على الأطلاق , أي شيء يحتاج الى مناقشة يمكن أن تم بواسطة الهاتف , لن يكون بمقدوره أن يجرحها وبعذبها بعد الآن , لأنها ستصبح حرة!وهذا ما كانت تريده .
كان شعورها الغريب لا يزال يتملكها عندما حضر آرثر صبيحة اليوم التالي , ليخرجها من المستشفى
جلب لها ملابس نظيفة وأنتظرها في الردهة الخارجية حتى ترتديها وتودع الممرضات والمريضات , أخيرا خرجت من القاعة الى حيث كان آرثر ينتظرها بنفاذ صبر.
نظر اليها متمعنا وهو يأخذ حقيبتها من االممرضة
ثم قال:
" أرجو أن تكون الثياب التي أحضرتها لك مناسبة , لم أدر ما أحضر لك بسبب ذراعك".
أجابته بأختصار:
" أنها على ما يرام".