" كلا , لم أكن متأكدة , بل لم أكن أريد أن أصدق نفسي , لكنني متأكدة الآن , كارين , أنا خائفة , من الألم , من تأثير الحمل على شكلي , من أن يتمخض الحمل عن أنثى , ومعنى ذلك أن أحمل مرة أخرى , لأن كليف يريد ذكرا , أن له أخا غنيا لم يتزوج, ولا يريد أن يتزوج , وكليف يريد وريثا له ولأخيه , يا ألهي ليتني لم أتزوج! لم أتزوج كليف!".
نسيت كارين مشاكلها وأخذت ليزا بين ذراعيها
وتمتمت تهدىء من روعها:
" لا بأس يا عزيزتي , أنت خائفة لأنها المرة الأولى , ولأنك كنت مريضة بتلك الحمى ... لكن لا تفزعي , الأمر لا يستدعي كل هذا الخوف".
أجهشت ليزا باكية وقالت:
" لكنك تجهلين مشاكل الحمل...لم تمري بهذه التجربة بعد".
" لا تزعجي نفسك بهذا الأمر الآن , فكري فقط بنفسك وبالسعادة التي سيجلبها هذا النبأ الى أمك التي طالما تمنت أن ترى لك طفلا, أنها تحبك أكثر من أي أنسان آخر في الوجود , ومن يدري , فقد يطيل هذا من عمرها!".
كفكفت ليزا دموعها المنسابة على خديها , وقالت:
" حدثت نفسي بذلك ,آه كم أنا أنانية يا كارين! لكن ما العمل؟ أنا لا أستطيع تحمل هذه المعاناة".
منتدى ليلاس
أدهش كارين أعتراف ليزا بأنانيتها , لكنها قالت بهدوء:
" الأنانيون الحقيقين لا يعترفون بأنانيتهم".
قالت ليزا بأنفعال:
" ثقي بأنني أحاول تحمل ما أنا فيه ,لكنني أشك في قدرتي على الأحتمال... الجميع كانوا ينظرون الي نظرة خاصة , أحبني والدي حبا شدبدا , وكنت في عيني أمي معصومة عن الخطأ , قدم لي آرثر وكليف الحماية والرعاية , ومع ذلك فأنا لا أستطيع أن أظل ليزا التي يعرفونها , تفهمينني يا كارين؟ أنا لا أستطيع أن أعيش التقاليد التي أعتادوا عليها , مثلا أنا أحب أمي , لكنني لا أستطيع أن أكون مثلها , لا أستطيع أن أسلك الطريق ذاتها التي سلكتها وتسلكها , أن أحافظ على التقاليد ذاتها التي تتمسك بها , الأخلاص لرجل واحد حتى ساعة الموت , الطلاق منسوخ من قاموس العائلة , أما بالنسبة لعائلة كليف فالمسألة أدهى وأمر , أن مجرد التفكير بالطلاق غير مسموح به على الأطلاق".
أحست كارين بقشعريرة باردة تسري في أوصالها للكلمات الثائرة التي كانت تنطلق من فم ليزا , سألت هامسة:
" هل يعني هذا أنك ترغبين الأنفصال عن كليف؟".
" كيف أستطيع ذلك الآن؟ بعد أن حملت".
" لكنني متأكدة من أن كليف يحبك".
" يحبني؟ قولي يمتلكني , يحاول ما لا يمكن أن أكون... زوجة مثالية ,المشكلة أنني لا أملك الشجاعة الكافية لأتركه وأحصل على حريتي , لأعيش الحياة التي أريدها أنا , لا التي تريدني عائلتي أن أعيشها , لا أستطيع أن أحطم الأوهام التي بنوها من حولي , يا ألهي ,حاولت أن أكون كما أراد أبي وأمي وآرثر وكليف أن أكون , ولكن.......".
أغرقت رأسها في الوسادة شاحبة منهكة , مرت لحظات طويلة وكارين صامتة , ثم تنهدت قائلة:
" آسفة يا ليزا , لا أدري ما أقول ".
" لا يوجد ما يقال , وقعت في الشرك وأنتهى".
كان لكلمات ليزا صدى حزين في قلب كارين , هي نفسها وقعت في شرك الظروف , أحست بأن المسافة التي كانت تبعدها عن ليزا بدأت تتقلص , قالت بهدوء:
" لا تعتقدي أن الأمر خطير الى هذا الحد , ستعتادين على فكرة الطفل ... عديني أنك ستخبرين أمك عاجلا".
نظرت ليزا الى كارين بعينين دامعتين وهمست:
" أشعر بالراحة الآن لأنني أخبرتك".
مدت يدها وتناولت شطرة , وأخذت تأكلها بشهية , ثم قالت:
" كارين , لا تخبري أحدا بما حدثتك".
" بالتأكيد لن أفعل".
" ولا حتى آرثر , خاصة آرثر , عديني".
" أعدك".
هدأت ليزا أخيرا ومالت جفونها للنوم , أخذت كارين تهبط درجات السلم بخطوات ثقيلة متجهة نحو المطبخ , كانت الساعة تدق الحادية عشرة معكرة صفو السكون في البيت المعتم , عندما أنهت عملها في المطبخ , وراحت تصعد من جديد بأتجاه غرفتها.