الموجة الثانية*
دخلت غرفتي...وعيني تبحث عن السرير فقط من شدة الارهاق...كانت عمتي فريده خلفي... اسمعها تهمس ببعض الايات والمعوذات... وكما كانت تفعل معي وانا طفلة صغيرة.. اجلستني على السرير واتجهت للخزانة واخرجت منها لباس للنوم
(عمتي لا داعي..ساغير ملابسي بنفسي..)
اجابتني ( لكنك تعبة )
ابتسمت لها ( لا عمتي انا بخير )
وهي تضع الملابس في يدي..( حسنا ساحضر لك كوب حليب..)
امسكت بيدها (ارجوك عمتي..لا اريد شئ... لقد اكلنا الكثير في الحفل)
لم تطيل الحديث معي... فهي تعلم ان كل ما اريده ان ابقى وحدي...كانت قلقة علي..وهذا طبعها معي منذ كنت طفله ..
انصرفت وبقيت وحدي... ابدلت ملابسي وانا على السرير..اشعر ان قدامي لن تحملني...بعدها اسلقيت على السرير..وكعادتي وضعت الوسادة على راسي كلما ارهقني الماضي.. كنت ابحث عن شئ يهدئني..يبعدني اكثر عن ما حدث... شعرت وكاني نعامة ادفن راسي في الرمل هربا مما حولي..
نهضت فجاه..وبقيت جالسه على طرف السرير...وانا انظر لشكلي في مراة الخزانه المقابله لي...كنت ارتدي فستان برتقالي من القطن به ورود صفراء... وشعري منسدل على كتفي..وخصلات قصيرة تنزل على جبهتي.. انظر الى نفسي وانا ابعد هذه الخصلات عن وجهي... لأتذكره.. واتذكر لمساته لي..وهو يلاعب شعري...
كماتذكرته وهو ممسك بيد سمر عروسته والسعادة واضحه عليه..وابتسامة كبيرة مرسومة على وجهه... ملامحه هي نفسها ما تغيرت ربما زاد وسامة... كنت اسمع البنات يتحدثن عنه ..عن خطيب سمر لكني لم اعرف انه هو.كان معي في نفس الجامعه لكني لم التقي به.. او ربما سافر فور التحاقي بالكلية بما اني التحقت بهذه الجامعه من فترة قصير..لابد ان هذا ما حدث....
تذكرت كيف كانوا يتحدثون عن
قصص ومواقف له مع طالباته اللاتي يحاولن لفت انتباهه او التقرب منه...لكنه عرف بطبعه الصارم مع الكل وخاصة الطالبات..احاديث كثيرة تتداولها البنات.. . كن يمدحن كل شئ فيه ومنهن من يتغزلن به. ..
كن يعنين ناصر..ناصر الذي سلبني اغلى ما املك وهرب عني..هو .استاذ الجامعه ..المحبوب من بين الاساتذه..لدرجة ان يرشحوه لبعثه دراسية للخارج... وان يكون قريب لافضل دكتور بالجامعه... وكما تقول صديقات سمر,,كان يستضيفه في منزله..والاكثر من هذا رحب بخطبته لابنته المدللـه..
في الوقت الذي حرمت انا من كل شئ..اخاف من الفرح..واهرب من الضحك..وترهبني
احلام الفتيات بالزواج من فارس الاحلام... وكل مرة يتقدم لي احدهم اشعر بطعنة سكين في صدري..
هل من المعقول ان تحصل على كل هذا الاحترام ومن الكبير والصغير..وانت في يوم من الايام قضيت على سعادة فتاة معاقة مشلولة...
عدت لبلادك لتعيش حياة طبيعيه..تكمل دراستك وتتفوق فيها,,وتحب وتتوج قصة حبك بالزواج... اتذكرك وقتها كنت في عمر 23 سنه..والان تكمل 32 سنه من عمرك تقريبا..اكثر من 9 سنوات مرت .. ياترى تذكرتني ولو لحظة خلالها؟؟؟
ان كنت اخطأت فيما فعلته انا هناك في بلاد غربة وعلى السرير المرض..فانا اعاقب نفسي الان ..وفي المقابل لا يعني لك ما حدث شئ..مجرد لقاء تعارف وانتهى..لا شئ جديد..ولا يهمك عواقب الامور...
هل تعلم ان نورس المعاقة عادت تمشي على قدميها؟؟؟
وهل كنت تتصور انها حظرت حفلة زواجك؟؟
ياترى لو علموا بحقيقتك مالذي سيحدث؟؟؟
كل مشكله ولها حل..ويا ترى ما هو الحل لمشكلتي؟؟؟
كيف لي ان اعيش حياتي مثله...حياة طبيعية...
هل اقبل باي شخص ..واخبره بجرمي ..هل استطيع ذلك؟؟وان حدث هل سيرضى بي زوجة وام لابنائه؟؟؟
فكلما رفضت شاب تقدم لي ..ليس لديهم مبرر اخر لتصرفاتي...سوى اني انسانه معقدة لفقداني اسرتي...
لست ادري ماعلي فعله..تعبت من كل شئ..قضيت سنوات عمري منذ كان عمري 16 سنه ..والان ساكمل 26 في الدراسه لا غير..لا ارغب بان يكون لي وقت فراغ ..كنت اتهرب عن التفكير بما حدث..رغم ان الحادثه راسخه بعقلي... لن انساها ابدا..
اتعبني التفكير والسهر.. والصدمة كانت كبيرة..اشعر بثقل في راسي... ارحت جسدي على السرير... واغمضت عيني...علي اخلد للراحة....
.................................................. .................................................. ..................
اجتمعت رجاء مع والدتها واخيها الوحيد حامد لتناول وجبة الغداء ... كان حامد يشبه اخته رجاء كثيرا.. ملامح وجهه قريبه منها..... ويبلغ من العمر 26 اي اكبر من رجاء وقد يبدو اكبر من عمره بما انه ملتحي وطويل القامة...انهى دراسة ادارة الاعمال في امريكا..وعاد منها قبل اشهر...
كان حامد يتناول غداء وشئ يجول في صدره اسئله كثيرة..ولكن كيف له ان ان يسال؟؟؟
وما ان انتهوا من تناول الوجبه ...وقد اختفت رجاء من امامه..حتى صار يجول بنظره يبحث عنها...
دخل حامد المطبخ حيث وجد اخته تحضر العصير...
(الم يجهز العصير؟؟)
رجاء وهي تقطع الفواكه (دقائق وكوكتيل الفواكه جاهز)
اقترب حامد منها اكثر..وجلس على الكرسي..واخذ يتصفح كتيب وضع على الطاولة لايدري ماذا يحتوي..لان باله مشغول بما حدث معهم البارحه...
حامد(متى استيقظت رجاء؟؟)
وهي تقطع الفواكه(تاخرت في النوم اليوم.. )
حامد يتظاهر بالقراءة(هل كنت قلقه على صديقتك؟؟)
بدون ان تلتفت اليه(اكيد حامد..انت رايتها كيف كانت)
حامد (الم تخبرك ما حدث؟؟)
رجاء(لا لم تخبرني...)
حامد وهو يلتفت لها (لم تساليها؟؟)
نظرت اليه رجاء(حتى لو اني سالتها نونو اذا اخفت شئ مستحيل تبوح به..)
اغلق الكتيب ونظر لاخته(نونو؟؟اسمها نونو؟؟؟)
رجاء وقد جهزت العصير(لا...... نورس)
وقف حامد في مكانه (نورس؟؟)
رجاء تحمل العصير وهي تشير لاكواب خاليه امام حامد (حامد لو سمحت احمل الاكواب )
رفع حامد الاكواب وهو يدندن بصوت منخفض (نووووورس)
.................................................. .................................................. .................
لم اشعر بنفسي الا وعمتي تحاول ايقاظي..مازال القلق مرسوم على محياها... انتبهت لها..نهضت قليلا..
العمة فريدة (صباح الخير)
وانا الم شعري جانبا (صباح الخير عمتي)
ابتسمت لي (كيف حالك اليوم؟)
بصوت مبحوح (بخير الحمدلله)
كلمتنب باهتمام(هل تشعرين بشئ؟؟ نمت جيدا)
اجبتها(نعم عمتي لا تقلقي...)
عمتي وهي تضغط على يدي(اريد منك ان تتناول غدائك جيدا...لانك لم تفطري..)
صرت التفت يميني ابحث عن المنبه(كم الساعة الان؟؟؟)
اجابتني عمتي (انها الواحدة والنصف)
وانا احاول ان اتحرك من السرير(حقا...لم اشعر بالوقت..)
ضغطت على يدي(ابقي مكانك ساحظر لك الاكل هنا..)
اجبتها (لا عمتي...)
عمتي وقد تغيرت نبرات صوتها(قلت لك ابقي مكانك)
عدت لوضعي على السرير(حسنا عمتي لكن بشرط لا اريد سوى شوربة ...)
وهي تمسح على شعري(لكنك لم تاكلي شئ)
نظرت لها بابتسامه (عمتي .....)
تحركت من مكانها وهي تقول(حسنا ابدلي ملابسك والشوربه تجهز في دقائق...)
انه النهار الاول لي بعد لقائي بناصر..ومضى كما غيره من الايام..في صمت..لم استطع ان ابوح ما بداخلي لاحد
ليس لدي ما اقوله امام تساؤلات عمتي وصديقتي رجاء...
وحاولتا معي سابقا ان ابوح ما في قلبي.. ولاني التزم الصمت دائما لم يعاودا المحاولات مرة اخرى...