الشاطئ الــ14
الموجة السادسة
استيقظت
زينة على صوت عمها ناصر
خرجت اليه بسرعه
لتراه جاهز للخروج
_(( عمي الى اين؟؟؟))
(( الى المستشفى..))
_((سأتي معك...))
((لا زينة ابقي هنا...))
_(( عمي اريد ان ارى الطفلين ارجوك...))
بقى مكانه ينظر اليها لايدري ما يقول
لا يستطيع ان يخفي خبر وفاة الطفل اكثر
اقترب منها
وهو يمسح على شعرها
((زيونه بسرعه...))
وقبل ان تتحرك امسكها من عضدها
((زيونه لابد ان تعرفي...ان بدر توفي..))
قالها بصوت مخنوق
خرج منه غصبا
بقيت مكانها
جامده
لا تتحرك
ضمها بقوة اليه
اخذت تجهش بالبكاء
وهو يحاول ان يهدئها...
(( زيونه...ارجوك لا تبكي..يكفي الالم الذي اعيشه...))
_(( اسفه عمي...))
نظر لعينيها...
(( انت اكبر من اي حزن ...اريد ان اعتمد عليك الان..))
وبهدؤ اتجهت للغرفة تستعد للخروج معه
اخذت زينة ترافق عمها عند زيارته لطفلته
تحاول ان تبعث له الامل
حاولت كثيرا ان تخفف عنه وحدته
خاصة عندما عرفت بالظروف النفسية السيئة
التي تعاني منها سمر...
في حين كان ناصر يشعر بها
وكأنها رجل بجواره
يتحمل معه كل هذه الالام
وليست فتاة برقة زينة وشقاوتها
الشاطئ الــ14
الموجة السادسة
بعد يومين من وفاة بدر...
ابو عبدلله في مكتبه
وكان معه احد موظفي السفارة
كان من ضمن عمله
متابعة المواطنين الذي يتعالجون في بريطانيا
على حساب الدولة
كان حديثهم عن بعض الحالات المهمة
وما يحتاجون من رعاية
من السفارة نفسها
فتح الموظف ملفا في يده
واخرج منه بعض الاوراق...
الموظف(( هذه التقارير الطبية التي تسلمتها عن كل الحالات التي انتهى علاجها خلال الشهرين الماضيين...))
ابو عبدالله وهو ممسك بالاوراق..(( جيد...ماذا عن الطفل محمد عبدالعزيز الــ))
الموظف..(( تعني الطفل الذي يعالج عن فتحة في القلب؟؟؟))
ابو عبدلله ..(( هو نفسه...))
الموظف...(( الحمدلله حالته مستقرة حتى الان...ولكن يحتاج لبعض الوقت...))
كانت هذه عادة ابو عبدلله
لكونه موظف في سفارة بلاده
يتابع امور المواطنين من احتاجوا للمساعدة من السفارة
وقبل ان يخرج الموظف
التفت الى ابو عبدلله
(( استاذ فهد.... تذكرت امر ما...))
واقترب من المكتب مرة اخرى
(( عندما كنت في زيارة للطفل محمد... عرفت من والده ان احد المواطنين ابنه توفي من فترة من يومين... طفل رضيع كان يعاني كذلك مشكله في القلب...))
ابو عبد الله باهتمام...
(( متأكد؟؟؟؟))
الموظف...(( نعم ..لاني تابعت الموضوع في المستشفى....عرفت ان هذه الحالة لم تمر على السفارة..ربما عائلته تعيش هنا.... او علاجهم على حسابهم الخاص...))
ابو عبدلله..(( لابد ان نكون على دراية بالامر...))
الموظف..(( نعم استاذ فهد... اخذت البيانات من المستشفى....))
فتح الموظف الملف الذي بين يديه..واعطى ابو عبدلله الاوراق المتعلقة بهذه الحاله....
كانت هذه الاوراق تحمل التقرير الطبي للحاله
ونسخة من شهادة الوفاة
وكل البيانات التي تعني بها
ليكتشف ان هذا الطفل هو
بدر ناصر الـ.....
ابن الدكتور ناصر
الذي التقى به في المطار
وبسرعه اتصل على الرقم المدون في الورقة
وكان رقم الدكتور جاسم
هو المدون في بيانات الطفل المتوفي
بما انه كان يتابع حالة ابنته وولادتها
من قبل حضور زوجها ناصر
تأكد منه ابو عبدلله ان الطفل هو ابن الدكتور ناصر
سأله ان يحتاجون مساعدة لا يترددوا ابدا
كما اخذ منه رقم جوال ناصر
شعور بالضيق الم به
تذكر لقائه به في المطار
وكيف اخبرهم انه مسافر لزوجته التي وضعت طفلين توأم
(( ياترى كيف حال الطفلة الاخرى؟؟؟))
وبسرعه اتصل على رقم الدكتور ناصر...
ابو عبدالله..(( السلام عليكم....))
ناصر((وعليكم السلام...))
ابو عبدالله...(( ناصر الـ...))
ناصر(( نعم...من معي...))
ابو عبدالله (( معك فهد ال... والد طلال الا تتذكرني؟؟؟))
ناصر (( اهلا استاذ فهد.... تشرفنا باتصالك...))
ابو عبدالله ((كيف حالك ناصر؟؟؟ يؤسفني ما حدث لطفلك.لم نكن نعلم عن حالته,,))
ناصر(( لقد حدث كل شئ بسرعة..لم اعلم بمرضهما الا بعد حضوري))
ابو عبدالله (( وكيف حال الطفلة..لاني اتذكر انك قلت توأم ولد وبنت...))
ناصر بضيق واضح عليه (( نعم... الطفلة لديها نفس المشكلة...وننتظر موعد عمليتها...))
ابو عبدالله (( دكتور ناصر ان كنت تحتاج لاي مساعدة لابد ان تخبرنا....نحن هنا لمساعدتكم.))
ناصر...(( نتشرف بذلك استاذ فهد..اشكر اهتمامك...انا الان في المستشفى منذ الصباح...والطبيب اخبرني ان الطفله تحتاج لوقت حتى اقرار العملية....))
ابو عبدالله (( هل هناك مشكلة..... اخبرني ان تحتاج لشئ...))
ناصر(( لا ..المشكلة طبية فقط..الطفلة وزنها اصغر من ان تتحمل عملية..... ما نحتاجه هو دعائكم فقط...))
ابو عبدالله ....(( ان شالله ينعم عليها بالصحة والعافية وتعوضك عن فقدان اخيها...واكرر ان احتجت اي شئ لا تتردد في الاتصال.... او الحضور للمكتب...))
انهى ابو عبدلله مكالمته وهو في غاية الضيق
ولابد ان يخبر ابنه طلال بما انه على معرفة بالدكتور ناصر
...
لحظات واتصل في ابنه طلال
الذي تفاجأ بالموضوع
كان هذا طبع ابو عبدلله دائما
تشغله هموم ومشاكل من حوله
حتى وان لم يطلبوا مساعدته
لذا هو محبوب محترم من الجميع
ما ان انهى ابو عبدلله مكالمته مع ابنه طلال
حتى حدثه السكرتير
احدهم يرغب في زيارته
رغم انشغاله الا انه لا يرد اي مواطن يطلب رؤيته
لكنه ابدا لم يتوقع هذه الزيارة
حتى انه بقى واقفا امامه
وعينيه في اقصى اتساع لها
الشاطئ الــ14
الموجة السابعة
كان ناصر في ذلك الوقت في المستشفى
وبرفقته زينه
(( عمي من المتصل؟؟؟))
(( احد معارفي يعمل في السفارة هنا.))
تغيرت ملامح زينه فجاة وبدى عليها الضيق اكثر مما قبل...
(( مابك زينة؟؟؟))
دون ان تلتفت اليه..\((كنت اظنه والدي...))
لم يعلق ناصر على حديثها
يعلم ان زينه متضايقه كثيرا من اهمال والدها بالاتصال به رغم علمه بالوضع من زينه
كذلك اخيه عبدالرحمن.. الذي لا يعلم بالامر اساسا
ولطالما كانا بعيدا عنه
فهو لا يلتقيه الا في الاعياد
ان ذهب ناصر بنفسه للمعايده...
باعتباره هو الاصغر....
اما والد زينه فابنته هي وسيلة الاتصال بينهما....
كان ناصر وقتها يتصنع القوة والاحتمال
من اجل زينة
التي لم تتحمل رؤية امل
فما ان راتها حتى انهارت في البكاء
وضع ناصر كفه على كتف زينه
((مارايك نذهب لنشرب لنا قهوة ساخنه...))
هزت راسها اشارة لموافقتها
وهي تعلم انه يرغب فقط في ان يغير الجو الذي يحيط هما
خرجا من المستشفى
نحو مقهى قريب منه
كان ناصر يرتدي معطفه الجلد
وما يشعر به اقسى من برودة شتاء لندن
وزينه
بلباسها المعتاد في الشتاء
البنطال والجاكيت الجينز
مع قبعة بناتية باللون البرتقالي
وتي شيرت باللون البرتقالي ايضا...
لطالما احبت الالوان المميزة
دخلا المقهى
اخذا مكانا على احدى الطاولات
كانت زينة تمسح عيناها كل حين
وناصر يتأملها
(( زيون حبيبتي..انت هنا لتقفي بجانبي..لا تقلقيني عليك..))
وهي تنظر للخارج من الواجهة الزجاجية(( اسفه عمي...))
ابتسم لها ناصر..اريني ابتسامتك الان
بصعوبة ارتسمت ابتسامة على وجه زينه...
كان كل منهما يحاول ان يطمئن الاخر
كانت هذه طبيعة علاقتهما
ليست علاقة عم وابنة اخ
فهي اقرب للاخوة
كان ناصر يرى زينة اخته الصغرى
التي تصغر باكثر من عشر سنوات
ولكن تحمل عقل واهتمامات اكبر من سنها
كان يخشى عليها من اهمال والدها بعد وفاة والدتها
ومع انشغال اخوها مراد بالسفر بحجة الدراسة
لذا قربها منه كثيرا
حتى انها اعتادت على السكن معه
عندما تبقى وحدها في المنزل مع الخادمات
التفتت اليه فجاة
((عمي...سمر كيف حالها..لم التقيها؟؟؟))
ناصر وهو ياخذ نفسا عميقا..
(( سمر في منزل والدها.... ترغب في الانفصال))
لم تعلق على كلامها
كانت صدمتها اكبر من اي كلام
اكمل ناصر حينها
(( سمر لم تحتمل مرض الطفلين..ولا وفاة بدر...))
بحدة وواضح على زينه الضيق,,
(( سمر لم تعتاد الا على الدلال ..ولا تقوى على تحمل المسؤلية.... اعذرني عمي..... كما قلت لك مسبقا سمر لم تناسبك ابدا))
لم يعلق على كلامها
بقى ساكتا
تذكر كيف كانت زينه تغار من زوجته سمر
والعكس كذلك
ودائما كانتا على خلاف
وهو بينهم وكأن اب لطفلتين تغاران من بعضعهما
كانت سمر مجرد طفله امام زينة التي تصغرها باعوام
سمر وحيدة والدها ترتبت على الدلال وعدم الاكتراث لاي شئ
في حين زينه تربت وحيدة هي اخرى وفي المقابل تحملت مسؤلية تربيتها لنفسها
وضعت خطة لحياتها
قد تظهر بعض الاستهتار
في بعض تصرفاتها لانها لا تجد من يرشدها
لكنها تعرف جيدا ماتريد
ينظر لابنة اخيه ويفكر
في ان ما تحتاجه لفت الانتباه لامور اخرى
لباسها واستهتارها في القيادة
في حين هي مواصلة تفوق في دراستها...
(( عمي...نحن هنا....بماذا تفكر...))
لم ينتبه لما تقوله ابنة اخيه
ولكن نبهه رنين الجوال
(( الو....))
(( السلام عليكم...))
(( وعليكم السلام...))
(( كيف حالك دكتور ناصر؟؟؟))
(( الحمدلله... عفوا من معي؟؟؟))
(( انا طلال..طلال فهد...))
(( نعم..نعم تذكرتك..كيف حالك طلال؟؟؟))
(( الحمدلله... لتو علمت من والدي لما حدث معك..كيف حالك الان؟؟ .))
(( انا بخير...يشرفني اهتمامكم طلال... ))
(( نحن اخوة في الغربة دكتور ناصر... ))
(( شكرا طلال... ))
((دكتور ناصر ان كنت في المستشفى لوحدك يمكنني ان اتي اليك...انا قريب من المستشفى ))
(( خرجت لتو..انا في المقهى القريب للمستشفى...))
(( هل لي ان اقابلك الان؟؟؟))
(( بالطبع طلال....))
انهى ناصر المكالمة
وقد ارتسمت ابتسامة حقيقية على وجهه
(( عمي من المتصل؟؟؟))
(( احد معارفي هنا....سوف ياتي للقائي..))
(( ولم كل هذه الابتسامة لم ارها منذ وصولي...))
وهو يغمز لها..(( تغارين من معارفي....))
لحظات وكان طلال امامهم
يشاركهم جلستهم
اخذوا يتبادلون الحديث
ناصر وطلال
بكل ما يخص دراسة طلال
وطبعا كانت زينة تشاركهما الحديث بعفوية
اخذهم الوقت في الحديث
كان وقتها ناصر يشعر بشئ من الارتياح
ان يكون هناك من فكر ان يسأل عنه ويكون بجانبه
حتى وان كانت علاقته به بسيطه
هكذا كانت
علاقة بسيطه
لكنها تعمقت الان بينه وبين طلال
كان ينظر لعيني طلال
يرى فيها بريق يعرفه
لمحه مسبقا
انه يشبه نورس
ابنة عمه
هل هذه حقيقه انهما يتشابهان؟؟
ام يرى في عينيه ما يرغب فقط؟؟
ولم يشعر بالراحة معه الان؟؟
وبالحديث المشترك بينهم؟؟