كاتب الموضوع :
عطر@المحبة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
و تنفست الصعداء و لم تصدق نفسها انها مهتمة الى هذا الحد و لا بد انه ادرك ذلك و قالت:
(انت لا تمانع فيما اذا رأيت جاك عندما . . . )
و هز كتفيه بلا مبالاة و قاطعها قائلا:
(عندما تنتهين من عملك اليومي بامكانك يا انسة ان تقضي الليل بطوله مع جاك فهذا لا يهمني)
و اعترضت لورا على كلامه و احمر وجهها و نظرت اليه بكبرياء و هي ما تزال تضم الكتاب الى صدرها و قالت:
(و لكن يهمني . فكرتك عني خاطئة يا سيد جيرازد)
و نظر اليها بثبات و قال بهدوء:
(تماما كما ان فكرتك عني خاطئة يا انسة )
و نهض و أطفأ السيكارة بأصابعه القوية بقسوة و نظر اليها عبر الدخان و لن ثم وضع يده في جيب بنطاله و لاحظت الابتسامة على وجهه و قال برقة:
(دعينا نتفق اننا أسأنا فهم بعضنا البعض يا صغيرتي)
و خطا خطوات واسعة عبر الغرفة قبل ان تسنح لها الفرصة ان تجد جوابا مناسبا له.
و تساءلت عن سبب قدومه اصلا هل أراد التأكد من أن والدته و شقيقه لن يضيعا الكثير من وقتها ام لسبب اخر لم تنتبه له.
وعندما وصل الى الباب استدار اليها و قال:
(لا تصعدي الى الدرجات العلوية من السلم)
و أشار الى السلم خلفها و تابع قائلا:
(عندما تحتاجين الى الكتب من الرفوف العليا سأقول لروبرت او احد الخدم ان يساعدك)
و حاولت الاحتجاج بقولها:
(و لكني استطيع . . . )
و قاطعها قائلا ببرود:
(يجب ان تفعلي ما أقوله لك عندما تصلين الى الدرجات العلوية قولي لي وأنا سأجد من يساعدك)
و كان بإمكانه الاكتفاء بذلك فيخرج و لكن عندما لم ترد استدار مرة ثانية و قال بحدة:
(هل تفهمين يا انسة؟ )
و اعترتها مشاعر غريبة لا مبرر لها و نظرت الى الكتاب في يدها و شعرت بيديها ترتجافان و احست بخفقات قلبها الثابتة القوية و حاولت السيطرة على حدتهاو قالت:
(نعم يا سيدي)
و لاحظت علامات الاستغراب في عينيه و خرج من الغرفة. و بعد ان غادر بلحظات ادركت انها نسيت ان تذكر له شيئا وجدته في الصباح فبينما كانت تتناول بعض المجلدات الثمينة و القديمة جدا من الرف السفلي وجدت شريطا تسجيليا مخبأ خلفها.
و لم يكن عندها اي فكرة عما كان يحتوي و لكن يبدو انه مكث هناك خلف الكتب فترة طويلة. و مما زاد في الغموض حوله كونه مخبأ وراء تلك المجلدات حتى انها تساءلت فيما لو كان هوغو جيرارد نفسه قام بإخفائه و ستخبره عنه مجرد ان تراه ثانية.
و مر اليوم التالي بدون ان يخطر لها شريط التسجيل على الاطلاق و تذكرته صدفه بعد يومين من زيارة السيدة جيرارد للمكتبه عندما فتحت احد الادراج و وجدته صدفه . كانت العلبه المعدنية التي وضع فيها الشريط قديمة و مغبرة وشعرت بحب الاستطلاع مرة ثانيه عندما امسكتها بيدها. كان يجب ان تخبر هوغو عنها قبل ذلك و لكنها نسيت و وجدت العذر المناسب لنفسها بتبريرها بأنه ليس مهما.
لابد انه تسجيل موسيقي فهناك ملصق على العلبة بعنوان*انشودة الخريف*
و لكن لماذا و ضعت هناك. و قفت و العلبة بين يديها و خطر لها ان هوغو جيرارد يحب الموسيقى سرا و لكن هذا لا يفسر كون الشريط مخبأ بهذه الطريقة و في اية حال لا يمكن ان يهتم هوغو بمن يعرف عنه انه يحب الموسيقى او لا يحب.
و كانت هناك الة تسجيل موسيقية حديثة على المنضدة المقابلة قرب النافذة تأملتها للحظات و في نيتها سماع شريط التسجيل . و أخيرا قررت ان تسمعها فإذا كانت مقطوعة موسيقية فلن تسبب لأحد اي ضرر و لعلها تميز القطعة و من عنوانها قدرت ان تكون الموسيقي كلاسيكية و هي تحب الموسيقى الكلاسيكية لكنها لم تجد على الملصق اسم المؤلف.
و كان من الصعب عليها في البداية ان تكتشف كيف تعمل آلة التسجيل لكنها نجحت اخيرا في تشغيلها في البداية لم تسمع الا صوت ضجة و فجأة ظهر صوت رجولي يتكلم بوضوح و كأنه موجود معها في الغرفة و كان صوتا شابا و بدا حديثه باللغة الفرنسية قائلا:
(أخي العزيز هوغو:
كان الصوت عميقا و حزينا مما سبب تقلصا في معدتها و بدأ قلبها يدق بسرعة و بما انه تكلم بالفرنسية فلم تميز الا المقدمة و النهاية عندما قال:
(هنا فيليب)
و أسرعت لورا بإغلاق الالة و وضعت يدها على فمها و احتبست انفاسها .فيليب جيرارد هو الاخ الذي لم يرغب برونو بذكره . و الابن الذي تكلمت عنه السيدة جيرارد بحزن . الابن الاكبر و الذي ذكر برونو بأنه مات شابا و لكن بدون ان يذكر كيف .و صوته الحزين الواضح جعل لورا تقشعر لسماعه .
و وقفت للحظات ثنقل الشريط بين يديها و قلبها يخفق بشدة ،فكرت _انه من الحماقة ان تكون خائفة من صوت شاب حزين متوف منذ سنوات طويلة بحادث مؤلم. و لكن بعض خوفها كان بسبب ترقبها لقدوم احدهم و قد يراها و هي تسمع الشريف الذي لا يحق لها سماعه.
و مع ذلك فبعد دقيقة او اثنتين ادارت الالة من جديد . بالطبع لم يكن لها الحق بأن تسمع اكثر و لم تفهم الا الاسماء و لكن هناك سر في الصوت يجعله لا يقاوم بالرغم من الحزن المحيط به .كانت بقية الحديث مقتضبة عبارة عن بضع كلمات واضحة قيلت بحرص و بعدها ساد الصمت. و بينما همت باغلاق الاله بدأت الموسيقى فجأة و وضعت يديها على وجهها لدى سماع الموسيقى بلا شعور و بدون سبب واضح شعرت بالتشوش و لكنها لم تقاوم سماعها لذلك الصوت الحزين. فقد كانت الموسيقى متشابهة جدا مع الصوت .
كانت مقطوعة البيانو رقيقة و مؤثرة و شعرت بتقطع في انفاسها . و برغم عدم جودة العزف وجدت انها مؤثرة جدا كانت بعض المقاطع ارق من عيرها و لكن بشكل عام كانت حزينة و مشابهة لصوت الرجل.
و كانت مستغرقة بسماعها بحيث لم تميز صوت الباب عندما فتح خلفا و لم تدرك وجود احد في الغرفة معها الا عندما انتهت الموسيقى . و تكلم هوعو جيرارد قائلا:
(من اين اتيت بهذا يا لورا؟)
و استدارت بسرعة و اطلقت شهقة تعجب و عضت على شفتها . فظهوره المفاجئ بعد سماع تلك الموسيقى سبب لها الدوار و قالت اخيرا:
(انا . . . انا اسفه)
و اقتربت لتغلق الاله و تناولت العلبة المعدنية و سألها مرة ثانية:
(اين وجدت هذه؟)
|