5_ الحمى والمستقبل
******************************
ولدى عودة كيم وروك الى النادي , توجها فورا الى المنضدة الطويلة المزينة بالأزهار والتي صفت أطباق العشاء الخفيف عليها , ونظرت كيم حولها خلسة لتراقب أمارات الفضول التي قد تلتمع في عيون الناس , وأطمأنت أذ لا ترى شيئا من ذلك
وقال لها روك مبتسما وقد لاحظ أنها تنظر من حولها:
" أنك على ما يرام يا كيم , ولا أثر للدموع في عينيك ".
وأتجهت رافيلا نحوهما لتشبك ذراعها بذراع روك , الذي سرعان ما تخلص منها مبتعدا عنها , ولم تجفل رافيلا من تصرفه
وقالت:
" ما هذا العشاء اللذيذ؟ هل يمكني تناول عشائي معك يا روك؟".
أجاب روك مشددا على كلمته الأخيرة:
" يمكنك أن تجلسي معنا".
تطلعت الفتاة حولها وهي تسأل:
" معكم....؟ من معك؟".
" كيم , والأرجح أن السيد ناش سينضم الينا".
تجاوزت رافيلا ببصرها كتفي روك العريضتين , فلمحت كيم تقف على مسافة قصيرة منهما قرب الطاولة وهي تحمل طبقا لم تضع فيه شيئا , وتجاهل روك رافيلا وأقترب من كيم التي قالت بتشنج؟
" لا اشعر بالجوع, لذا أعذراني لأنني أرغب في الجلوس هناك, بأمكانك أصطحاب رافيلا".
لقد طغت الوقاحة على نبرة صوتها , وعرفت هي ذلك أذ آلمها رأسها كثيرا وأحست وهنا في ساقيها , أما روك , فركز بصره على رافيلا التي ملأت صحنها وتحدثت الى الشاب الواقف بجانبها
قبل أن يهمس متسائلا :
" لا أرغب أبدا بالجلوس مع رافيلا , ولكن , لماذا لا تشعرين بالجوع يا كيم؟ من المؤكد أنك تغلبت على مشكلتك , أليس كذلك؟".
حانت منها ألتفاتة دهشة نحوه ,وقالت:
" من المحتمل أن تكون قد تغلبت على المشكلة أنت , أما أنا , فأشعر بالتعب والأرهاق".
بادلها النظرات وهو يقر عابسا:
" من المؤكد أنك خجلة".
منتدى ليلاس
قطع صوت رافيلا الرنان على روك حديثه:
" لم تضع أشياء كثيرة على طبقك يا روك , ألست جائعا؟".
لم تتأكد كيم من أحساسها بأن روك أحدث قرقعة شديدة بلسانه قبل أن يجيب رافيلا بلطف :
" لا أشعر بجوع شديد , لكنني سأتناول شطيرة أو شطيرتن من تلك الموضوعة على طرف الطاولة الآخر".
ووصل بارت من دون أنفعال كثير:
" خرجنا لتنشق بعض الهواء الطلق".
هز بارت رأسه بطريقة محيرة أربكت كيم وخيل اليها في الوقت نفسه أنه سر كثيرا بأمر معين تجهله ,وقال:
" فهمت , علي أن أعترف بأن تصرفكما حكيم , فالجو في قاعة الرقص أصبح خانقا للغاية".
وسألت رافيلا كيم وهي تنظر اليها بعبوس:
" هل خرجتما الى حدائق النادي ؟ كم أتمنى لو أن أحدا عرض علي أن يصطحبني الى الخارج فقد شعرت بحر وأنزعاج بالغين".
قال بارت بلطف:
" أنا متأكد أن جون كان يود أن يصطحبك في نزهة , فهو لم يرفع عينيه عنك طوال السهرة ,لكنني لاحظت أنك لا تشجعيه , عليك أن تشجعيه يا عزيزتي , فأنا واثق من لطفه ورصانته , وبأمكانك أن تجعليه موضع ثقتك".
وعلى الأثر تبادلت كيم وروك النظرات في ما بدا أنها تقول في سرها:
" أنتبه, من الممكن أن يكون جون موضع ثقة".
وبدا هو كمن يجيب :
" حسنا , حسنا , لقد سمعت ما قاله بارت".
أمر غريب , فكرت كيم , لقد شعرت بذلك دوما , ما بالهما ,وهما العاقلان , يتبادلان الشكوك والتهم؟
عندئذ أستدارت كيم مبتعدة عن الطاولة , فسألها بارت بقلق:
"ما بالك يا عزيزتي ؟ لماذا لا تتناولين شيئا؟".
عضت كيم شفتيها , وأستدارت نحو بارت ثانية لأنها لا تريد أن تزعجه:
" الحقيقة أنني لست جائعة , ألا أنني سأتناول شطيرة".
فرماها روك بنظرة غامضة بينما قال بارت:
" فتاة رائعة , أين سنجلس ؟ آه , أرى هناك طاولة تتسع لثلاثة أشخا , أجلب لي معك شطيرة بينما أذهب نحو الطاولة وأحجزها".
وأبتعد قبل أن يتمكن أي من روك أو كيم أن يتكلم , أما رافيلا , التي أضاءت عيناها دهشة , فأدارت ظهرها لروك وكيم وبدأت تتحدث مع أحدهم , بينما قدم روك طبق الشطائر الى كيم وهو يعبس , ثم أخذ حاجته .
وقال لهما بارت عندما أنضما اليه:
" سننعم هنا ببعض الهدوء , يا للسماء , ما هذا الأزدحام الرهيب الليلة؟".
هز روك رأسه :
" لم يحضر الى النادي حتى الآن جمهور كبير مثل هذا الا في عيد الميلاد حين نقيم مهرجان رقص كبير".