عقبت كيم بسخرية:
" أنك تتحدث بالألغاز , والآن , أرجوك توقف عن هذا الهراء , وأعدني الى النادي , فليست لي الرغبة بمجادلتك ومقارعتك".
قاطعها وهو يضحك ضحكا خفيفا:
" أذن, هناك بعض التغير".
ولكن, ما لبثت القسوة أن ظهرت ثانية في صوته , الذي كان مفعما بالصرامة قبل قليل:
" هل تصفين حديثي بالهراء , وتقولين أنني أتحدث ألغازا؟ كيم , أنتبهي فقد تتلقين الدرس الثاني سريعا".
أصرت كيم على مقاومة روك, الذي شدها الىه بسهولة وقوة , فيما رنت ضحكات الأنتصار التي أطلقها في الجو العابق بالشذا , ثم همس:
" أستريحي , وأطيعي رغباتك الأنثوية فقط".
" أصمت, آه , كم أكرهك يا روك لنتون , سأخبر بارت بأنك وغد لئيم".
أجاب دون أن يربه تهديدها:
" أظن أن هذه الحادثة الصغيرة هي آخر ما تتمنين نقله الى بارت أو الى أي شخص آخر".
هزىء منها وهي تتساءل أذا كان يعرف أنها تبكي , وأنه على رغم مقاومتها للدموع , فأنها ملأت عينيها , وبللت أهدابها وكادت تنهمر على وجنتيها الملتهبتين:
" أنه يعتبرك شخصا ممتازا , لكنني سأجعله يعرف الحقيقة المغايرة تماما لتصوراته".
أستجوبها وهو يضحك أذ رآها تشد على قبضتيها:
" هل ستقرين بأنك تجاوبت مع رغباتي؟".
" لم أفعل شيئا كهذا".
مخطئة , وهي عرفت أنها أخطأت قبل أن تتفوه بالكلمة الأخيرة ,وعرفت أن روك تحداها بهذه الطريقة ليثبت لها قدرته على دفعها الى الأستسلام.
" أذن , فأنت تطلبين مني تلقينك الدرس الثالث , أليس كذلك" والحقيقة أننى لا أود أن أصفك يا كيم بالتلميذة البليدة".
" لا , أرجوك..... سأستغيث".
ذرفت الدموع لكنه لم يلاحظ ذلك بسبب الظلمة , أو لعله لاحظها ولم يتأثر بها لأن الألم لم يعرف طريقا اليه
بل حرّضها على الصراخ:
" أصرخي بأعلى صوتك , هل تظنين أن أحدا سيسمعك؟ أننا بعيدون جدا عن النادي , ولم يسمح أحد صياحك لطلب النجدة بسببب الموسيقى الصاخبة".
وطوقها بذراعيه بقوة , ثم همس بصوت خفيض:
" كيم , يا ساحرتي الصغيرة .... أنني أفكر بتلقينك الدرس الرابع".
تملكها الخوف لأنها أدركت حقيقة روك.... وحقيقة نفسها , فقد أيقظ فيها روك مشاعر جديدة كليا , وهي تذكر أن ريتشارد أظهر شوقا قويا وعفويا مثل هذا الرجل الصلب, الذي قضى معظم حياته في العراء بين شعوب القارة السوداء البدائية , الذين تركوا فيه آثارا واضحة من عفويتهم , وعرفت شيئا واحدا أكيدا وهو أن سوزان أرتبكت خطأ جسيما عندما أدّعت بأن روك لنتون لم يختبر النساء , وسرعان ما قطع عليها أفكارها أذ قال بلهجة الآمر وغطرسة المستبد:
" لا , لا تحاولي المقاومة أو الرفض لأنك تعرفين النتيجة سلفا".
لم تجرؤ كيم على عصيان الأمر , الذي وجهه اليها بغطرسة , وبينما رفعت رأسها سالت الدموع على وجنتيها , فأحس بالرطوبة تداعب وجهه , فأبتعد ليلمس وجنتيها أرتعشت لما أنطوى عليه تصرفه من حنو ورقة:
" هل... هل تبكين؟".
تغلبت على الغصى في حلقها
وهمست بصوت لا يكاد يسمع:
" أجل".
" لماذا؟".
" هل أنت بحاجة للسؤال؟".
" أنت التي حرضتني يا كيم".
" ليس الى ... ليس الى هذا الحد".
وساد الصمت , فتساءلت أذا كان توبيخ الضمير قد أخرسه , ألا أن أبتسامة ساخرة أرتسمت على شفتيها لأن روك لنتون المتعجرف لا يشعر بالندم أو بتوبيخ الضمير , ولا مكان لهما في قلبه المفعم بنشوة الأنتصار
وأخيرا تكلم برقة وهو يعيد كلماتها:
"ليس الى هذا الحد".
" أرجو..... أرجو أن تكون فخورا بنفسك".
سيطر عليهما الصمت ثانية , وتحكم التوتر بالجو قبل أن يقول روك بفضول:
" أنك تتوقعين أن أعتذر اليك , أليس كذلك؟".
" أعرف أنك لن تتنازل عن كبريائك , وستدهشني أن أنت تنازلت عن كبريائك بحيث تقدم أعتذارك".
لما ظل يضغط على ذراعيها؟ ثم تساءلت أذا كانت تجرؤ أن تستدي وتبتعد هاربة , ولكن لا, فهو قد يكون الآن صامتا , الا أن تصرفا صغيرا وبسيطا كفيل بأثارة مشاعره الجموحة ثانية
وما لبث أن قال:
" أذن, سأدهشك , أنني أعتذر يا كيم , صحيح أنك أثرتني , لكن هذا ليس مبررا كافيا لسلوكي , فلو أنا شددت أذنيك حتى أنتزعتهما , لكان عملي مبرر بأنك تستحقين ذلك".
" هل يمكن أن نعود الآن؟".
" هل ترغبين بذلك؟ بيد أن الناس سيرون أنك كنت تبكين".
أرتجفت شفتاها , وخشيت أن تسيل دموعها مجدا:
" أرغب في الذهاب الى البيت , أرغب.... فأنا أشعر ببعض التوعك".
من الواضح أنه لم يعر أهتماما لجملتها الأخيرة , بل تجاهلها , وقال بأنه لا يمكن أن تعود الى المنزل , وأضاف:
" سيتساءل الجميع عما حدث , فيما يشعر بارت بقلق عظيم لا لزوم له".
" ماذا يمكنني أن أفعل أذن؟".
منتدى ليلاس
ماذا جرى لها ؟ صحيح أن هذا الشعور بالشفافية قد يكون نتيجة حادث عنيف وأن أيقاظ مشاعرها قد أجهدها قدر ما أجهدتها مقاومتها الجسدية لروك , ألا أن كيم شعرت بأنها كانت تتوق الى شيء مجهول.
" جففي دموعك أولا قبل أن نسير قليلا , وسرعان ما ستشعرين بأنك أستعدت صفاء نفسك".
قالت متهكمة:
"أنك لطيف للغاية".
" هل تحملين منديلا؟".
" كلا , لا أحمل منديلا , أنه في حقيبتي المسائية التي تركتها....".
" أذن, سنستعمل منديلي".
أخرج روك منديله , وفتحه, ثم ثنى المنديل وقدمه اليها لتجفف عينيها ووجنتيها:
" هل تشعرين بالتحسن؟".
" قليلا , أن تجفيف عيني لم يغيّر شعوري".
" لا يا كيم , فأنا آسف ياحبيبتي , هيا لنسر قليلا".
سارا مسافة قصيرة مبتعدين عن النادي قليلا , ألا أن كيم أعربت عن رغبتها بالعودة الى النادي قبل أن تطول المسافة.
" سيستغرق منا الوصول الى النادي بضع دقائق تكفي لأن تعيدني الى حالتي الطبيعية".
" سنعود أذا كنت واثقة يا كيم مما تقولين".
هل ندم؟ لقد قالت في نفسها أنه لا يشعر بتوبيخ الضمير ,وعلى رغم ذلك أعتذر اليها , لكنها لم تعلق أهمية على أعتذاره , لكنه أظهر الأعتذار في سلوكه بالتأكيد , وسواء كان نادما أم لا, فأن ذنبه لن يغفر , فهي ستكرهه طالما بقيت حية.
نهاية الفصل الرابع