ألا أن كيم لم تفهم شيئا بالطبع , وظل تصرف رب عملها يحيرها , لكنها في نهاية المطاف نسيت كل ما يتعلق به وهما يقتربان من النادي , وكان عدد من السيارات قد توقفت فيه , نظرت كيم حولها آليا , ووجدت أن روك لم يكن قد وصل.
وسرعان ما أنفصل بارت , الذي أكتسب شعبية بين أعضاء النادي , عن كيم التي جذبتها سوزان نحوها , وقدمتها الى (قنبلة الموسم الشقراء),التي كانت قد أخبرتها عن زيارتها , أتسعت حدقتا كيم لشدة ما شابهت الفتاة صاحبات الصور الجذابة على أغلفة المجلات , واللواتي تحسدهن القارئات على حسنهن الفائق والفاتن , ويتمنين لو يشبههن ,ولكن , يقسمن في نهاية المطاف أن هذه خدعة تصويرية أذ يستحيل أن يبلغ أحد مستوى الكمال.
منتدى ليلاس
وصافحتها رافيلا وقد تلألأت عيناها كنجمتين براقتين , وأدهشت كيم أهداب الفتاة الطويلة ,وعنقها الشبيه بعنق البجع يزينه عقد نفيس من الماس والياقوت الأزرق , أما ثوبها الضيق, فكان بالخيوط الذهبية التي تخللته والشق الجانبي الممتد من أسفله الى الركبة نموذج يحتذى وأعتبرته كيم مغريا , ثم أنتقلت عينا كيم الى يدي الفتاة الكاملتي الجمال بأصابعهما النحيلة الطويلة المزينة بخاتم ماسي نفيس , وفي اليد اليسرى خاتم من الياقوت الأزرق طعم ببعض الماسات الصغيرة , في حين صبغت أصابعها بمهارة بطلاء الأظافر , وطابق صوتها شكلها بأنخفاضة نبرته والبحة الضئيلة التي تشوبه , فكان مثيرا ومغريا كالفتاة نفسها , لكن كيم لم تحسدها , ولم تعجب من قول سوزان أن عددا كبيرا من الشبان الممتازين تقدموا لطلب يدها , ولما أحاط الشبان والشابات برافيلا , وأختلت سوزان بكيم هنيهة
همست:
" أنني أستمتع كثيرا بمراقبة الأثر الذي تتركه رافيلا على من يدخلون النادي الليلة".
ولاحظت كيم وهي تنظر الى حيث وقفت رافيلا:
" لا بد أنكما حضرتما باكرا , ويخيل لي أنها تعرفت بالجميع".
" صحيح أننا حضرنا باكرا , لكن رافيلا لم تتعرف الا على بعض أعضاء النادي".
تلفتت رافيلا حولها قبل أن تتجه نحو أبنة عمتها لتوبخها قائلة:
" أذكر أنك قلت أنه يوجد هنا بعض الشبان الوسيمين فأين هم؟".
فضحكت سوزان :
" ما رأيك بديكي فارمهاوس؟ فهو طويل , أسمر وأنيق , ماذا تريدين أكثر من ذلك؟".
" لا يرجى منه أي خير , لماذا يقلد الرجال النساء هذه الأيام؟".
" وماذا عن فال؟ فأنه لطيف- آه, لكنني نسيت أنه مولع بكيم الى حد ما".
فكرت كيم بفال , الذي أحبته , في الوقت الذي فكرت فيه ببارت , الذي لن تتخلى عنه ألا حين يبلغها أن حاجته اليها والى خدماتها أنتهت.
عبست رافيلا وهي تتأمل كيم ثم أضافت كمن يرثي لحال كيم:
" لا بأس به".
وسألت سوزان :
" ما قولك بجون باترسون؟ فطلعته البهية ترضي كل الفتيات".
لكنها أستطردت تقول بصوت خفيض ينم عن الخجل:
" آه , لقد فهمت, أنك تريدين شابا أسمر قويا طويلا يمتاز برجولته الأصيلة , وصوت عميق, أليس كذلك؟".
فما كان من رافيلا ألا أن ضحكت:
" أنك مرحة وممتعة يا سو, وهذه طبيعتك منذ الطفولة".
أجابت سوزان بشيء من الجفاء:
" أشكرك".
ثم أضافت:
"حسنا يا آنسة الذوق الصعب , هاهو ذا أقرب شيء الى الكمال الذي تطلبينه ... فهو... الرجل ذو الصوت الرخيم الحاد أحيانا كالسوط".
ونادت سوزان روك بهدوء بعد أن دخل الردهة ووقف ينظر حوله:
" روك, أرجو أن تقترب منا أقدم لك رافيلا سبالدنغ ... أعرفك بروك لنتون".
راقبت كيم روك بأهتمام , فلم تلاحظ تغيرا في عينيه اللتين تفحصتا الفتاة من أعلى رأسها الى أخمص قدميها , ثم عادت تحدقان الى وجهها في ثوان قليلة , مد يده ليصافح يدا بيضاء صغيرة
وقال ببرودة بينما أرتسمت الصلابة في عينيه:
" يسعدني لقاؤك يا آنسة سبالدنغ".
منتدى ليلاس
ورأت كيم الحزن يرتسم في عيني رافيلا الجميلتين أذ وقف أمامها رجل لم يتأثر بفتنتها على الفور , وطرفت أهدابها وهي ترفع رأسها لتنظر الى وجه روك, وتلفت روك
فرأى كيم تقف بجانبه فخاطبها ببرودة:
" مساء الخير يا كيم, هل حضر بارت برفقتك؟".
" أجل ,ها هو ذا يقف هناك يتحدث مع السيد والسيدة هولت".
" هل هو بخير أذن؟".
خيّل الى كيم أن روك يظهر قلقا زائدا لا مبرر له في ما خص صحة رب عملها , فعلى رغم قول الطبيب بأن الأمر ليس خطيرا , فأن روك لم يرها مرة ألا وسألها عن بارت ,وشدد كثيرا عليها بأن لا تسمح له بأرهاق نفسه في العمل.
" أجل , أنه على ما يرام".
" حسنا".