" أنه يريد أخذ قسط من الراحة , ولا يفضل الذهاب بعيدا برغم أنني أؤثر ذلك ".
" ستتحسن حاله في المنزل يا كيم".
ثم رفع نظره الى بارت, الذي رجع الى غرفة الجلوس :
" كنا أنا وكيم نتحدث عنك , وأزمع أن أطلب اليك عرض نفسك على الطبيب".
" لماذا؟ أنا متعب قليلا , وهذا كل ما في الأمر".
رد روك بهدوء:
" لا بد من سبب للتعب لا سيما أذا أصاب رجلا قويا ونشيطا مثلك".
"ماذا تقصد يا روك؟".
"أن تعرض نفسك على الطبيب".
"لم أعن هذا , أنما عنيت ما يدور في فكرك".
ونظر بارت الى كيم , التي شعرت بأنه نادم على ما قال
وأكدت كلماته التالية أنطباعها:
" لا خطر عليّ يا روك, وقد يتعب الأنسان من العمل الشاق , وهذا ما حدث لي , وأنا وعدت كيم بأخذ قسط من الراحة ,وهذا ما سأفعله مدة أسبوعين على الأقل".
لم يذكر أحد هذا الموضوع في ما بعد ,ألا أن نظرة روك المعبرة بأتجاه كيم عندما غادرت مسكن كاتانيا أكدت لها أن سيطلب من الطبيب الحضور الى بارت في أقرب فرصة.
منتدى ليلاس
وفي الصباح التالي طلب بارت من كيم الذهاب الى تنغافيل لأحضار بعض الكتب التي أمل أن تكون قد وصلت الى المكتبة , وقال:
" طلبت هذه الكتب منذ بضعة أسابيع, ولذا من الجائز أن تكون قد وصلت الآن".
ثم هز رأسه وهو يرمقها بنظرة متفحصة:
" هل تريدين أن تفعلي شيئا في المدينة؟".
" أود أن أقص شعري أو أعيد ترتيبه , فقد أصبح بالغ الطول بالنسبة الى هذا المناخ".
"قصي شعرك يا عزيزتي كيم , فأنا لن أنتظر رجوعك الا عندما أراك على ظهر الحصان".
"ربما لن أتمكن من قصه من دون الحصول على موعد مسبق , ألا أنني سأجرب".
ركبت كيم سيارة بارت, وأجتازت الطريق البالغة سبعة أميال الى تنغافيل, وأوقفت السيارة في موقف النادي , لم تكن الكتب المطلوبة قد وصلت,ألا أن عاملة المكتبة توقعت أن تستلم بعض الكتب يوم الخميس, فشكرتها كيم وقالت أنها ربما عادت بعد الظهر للسؤال , ثم أتجهت الى مزين الشعر الذي أبلغها أنه ربما أستطاع قص شعرها بعد ثلاثة أرباع الساعة.
وبدأت تتجول في الشارع الرئيسي تتأمل البضائع المعروضة في واجهات المتاجر , ورأت عددا كبيرا من الأفارقة لا سيما الأولاد الذين يلعبون في الطريق من دون أن تبدو عليهم علامات التأثر بحرارة الشمس القاسية , وأحست كيم بالعرق والحر رغم أنها أرتدت تنورة قطنية قصيرة أظهرت سمرة قوامها وبلوزة بلا أكمام ذات صدر شديد الأنخفاض , فدخلت المقهى وطلبت كوب ليموناضة لتمضي الوقت الذي يفصلها عن موعدها ونظرت عبر النافذة الى أجمة من أشجار جوز الهند الباسقة التي تمايلت أوراقها الشائكة الطويلة في السماء الأفريقية الصافية الزرقة , وحضرت النادلة , بيد أن الكلمات ماتت على شفتي كيم عندما ظهر الشخص الذي كان آخر ما تتمنى رؤيته قبل برهة وجيزة , وأقترب من طاولتها بلا مبالاته المعهودة , وأستأذنها بالجلوس معها
فتكلفت الأبتسام وهي تقول:
" بالطبع يا سيد......".
وصمتت عندما لمحت السخرية والدعابة تشرقان في عينيه
وقالت بنبرة واضحة ومقتضبة:
"روك..."
" كيف هي حال بارت؟".
" أنه بخير , لكنه ما زال يبدو متعبا".
أطرق روك وقال:
"سيزور الطبيب بارت غدا صباحا ,وقد حاولت أحضاره الى عيادته اليوم , لكنه لم يكن في البيت , فأبلغت الأمر الى زوجته التي أكدت لي أن مسكن تاتيانا سيكون أول مكان يزوره في صباح الغد".
"هل يعرف بارت أن الطبيب سيزوره؟".
"سوف يعرف, سأراه بعد الظهر لأتناول معه(شراب الغروب) وحينئذ أخبره بزيارة الطبيب".
" أنه لطف عظيم منك أن تكلف نفسك كل هذا العناء".
وأنتبهت فجأة أن النادلة تقف بجانبها , فطلبت كوب ليموناضة
وقال روك:
" من فضلك كوب ليموناضة آخر".
أرتاح في مقعده متراجعا الى الوراء , وتفحص كيم عن بعد, فألتمع التحدي في عينيها الزرقاوين من دون أن تعرف لذلك سببا واضحا , ربما كان السبب علمها بأن العداوة بينهما لا تنتهي بمجرد أتفاقهما على أمر واحد مشترك هو خير بارت ومصلحته , لا, فعلاقتها مع روك لن تصل الى حد الصداقة , وقبل روك التحدي , فتكاسلت عيناه , وظنت أنه لم يجد شيئا يكلمها به, هذا غريب ... غريب للغاية.
منتدى ليلاس
وحارت أفكارها وهي تتذكر أقوال سوزان:
" أنا واثقة أنه لو أتى اليوم الذي يقع فيه في هوى فتاة ما , فأنه سيقاومها بكل قوته".
لم تعرف كيم لماذا خطر هذا على بالها , ألا أن السبب قد يعود الى ملاحظتها وسامته وأقرّت أنه من قبل الأعجوبة ألا تتعرض عزوبيته للخطر.
وتحدث متسائلا عن الغاية من زيارتها المدينة
فأجابت بصوت منخفض بدا أشد مودة من العادة:
" طلب مني بارت أحضار بعض الكتب له من المكتبة ".
أبتسم ساخرا وهو يقول:
" أننا منضبطان جدا اليوم , وأنني أتساءل كم سنستمر , على هذه الحال".
"وقتا قصيرا , أذا كنت ستجرّب علي سخريتك".