" طبعا , فأنا نادرا ما أحضر الى هنا بمفردي يا سيد لنتون".
خلعت كيم عباءتها على الفور وألقتها على ذراعها بينما تأمل روك حركتها بشيء من الأهمال وهو يقول:
" لا أرى سببا لعدم حضورك الى هنا بمفردك , فأنت تعرفين عددا كبيرا من الشبان الذين يدعونك لمراقصتهم طبعا, وأذا لم أكن مخطئا فأن فال هدسون ينتظر أنتهاء حديثي معك حتى ينقض ويخطفك".
ثم أضاف بسخرية واضحة:
" ولكن, يا له من أحمق".
فصرفت أسنانها وهي تحملق فيه بحنق وتقول:
" هل ترى ضرورة لوقاحتك الشديدة؟ ما هي السعادة التي تغمرك حين تتصرف بطريقة كريهة تثير الأشمئزاز؟".
ولشد ما أشمأزت حين قهقه وهو يجيبها بهزء :
" كم أرغب أن أرى المرأة تظهر ضعفها".
فعبست في وجهه الأسمر وهي تستفسر عن معنى قوله , فكشف لها أنها أظهرت عن ضعفها حين غضبت
ألا أنها قاطعته:
" لست غاضبة على الأطلاق".
" أذن , أرجو الله ألا أراك غاضبة يا آنسة مايسون".
منتدى ليلاس
تنفست كيم الصعداء وهي تتنبه لمن يحيط بها من الناس الذين قد يستمتعون برؤيتها تجذب أنتباههم اليها وهي ترفع صوتها , ألا أن روك قرأ أفكارها بسرعة بديهته وضحك ضحكا خفيفا مرة أخرى
فألتفتت اليه وهي ترتجف بكبرياء:
" لن أبقى هنا أهان".
رفع روك حاجبيه ممازحا وهو يقول:
" لا شك أن بأمكانك الرد عليّ, فأنا لا أتصورك تتراجعين من دون أن تكون لك الكلمة الفصل".
فعبست مستغربة أذا كان يمازحها , ولو كان ذلك صحيحا , فما الدافع اليه؟ لا ريب أن هناك سببا فهو لا يتصرف من دون منطق
وقالت بعد تردد:
" أذا كنت تريدني أن أرد عليك حقا , فأسمع جوابي , أنك لا تطاق , فأنت تتحامل بعصبية على بنات جنسي , وتعلق أهمية زائدة على بني جبسك , ألم يخطر ببالك يوما أنك لم تكن لتقف هنا لو لم تحبل بك أمرأة؟".
ولكنه لفرط أشمئزازها تقبل كلماتها بهدوء وعدم أكتراث وشعور بالتفوق أثار حفيظتها أكثر من السابق
وقال:
" أنك تستعملين نعوتا قاسية يا آنسة مايسون ,وقد لاحظت ذلك من قبل , وكم أرجو مخلصا أن لا يخدع بارت ويترك لك حرية التصرف في مخطوطاته".
فشحب لون كيم لشدة غضبها , ألا أنها بقوة أرادتها وأنضباطها حافظت على كبريائها وهي ترمقه بنظرة أستخفاف من دون أن تنبس ببنت شفة , ثم أستدارت متجهة الى القاعة المجاورة لدورة المياه المخصصة للسيدات حيث تركت عباءتها قبل أن تخرج للقاء فال
وكان أهتمام فال بها وأعجابه الظاهر بمثابة البلسم لأعصابها المشدودة وخاطرها المكسور , فأستعادت توازنها ومرحها ,وسرعان ما نسيت روك لنتون , وركزت أهتمامها على فال , الذي تعرفت عليه بعد وصولها بمدة قصيرة والذي شابه خطيبها على نحو لافت أذ حاكاه في الطول والهيئة وزرقة العينين المرحة وشقرة الشعر وأتساع الفم المبتسم ,وبعد أن ألتقت كيم فال بضع مرات, وجدت نفسها مشدودة اليه, فسألت نفسها السؤال المحتوم : هل تكمن جاذبية فال فقط في أنه يشبه خطيبها ؟ لقد أمكنها أن تطرح هذا السؤال بتجرد لأنها تخلصت من الآلام والعذاب منذ فترة طويلة.
بيد أنها عجزت عن الأجابة على سؤالها ,وفجأة لم يعد يهمها الأمر وذلك لأنسجامها مع فال , الذي جمعتها به أمور كثيرة جعلتهما يتبادلان الأحاديث المفيدة والمسلية , ففال يعمل في مزرعة والديه مع أنه أعرب لكيم عن رغبته في تعاطي عمل فكري ,وظن أن بأستطاعته تأليف كتاب , وذات مرة دعاه بارت الى مسكن كاتانيا ألا أن كيم لم تعرف ما دار بينهما لأنها شغلت نفسها بأمور الحديقة.
قطع صوت فال تأملات كيم:
" كم تبدين رائعة الليلة".
فأبتسمت له:
" أشكرك يا فال".
ثم تقدمها الى البار حيث أنضم اليهما بارت وأصر على شراء كوبي شراب لهما ,وبعد قليل رقصت كيم مع فال , ثم جلسا على طاولة صغيرة في زاوية يتناولان عشاءهما الخفيف, ولاحظت كيم أن روك تصرف بلباقة مطلقة أذ راقص السيدات المتقدمات في السن والفتيات على حد سواء , وفيما أعربت على حد سواء , وفيما أعربت عن أمتنانها لعدم أبدائه رغبة في مراقصتها , رأته يتجه نحوها بخطوات رشيقة ويطلب اليها أن ترقص معه.
منتدى ليلاس
وتعليقا على قوله أنها صامتة , أجابت بأن ليس لديها ما تقوله
فهمس بصوته الهادىء العميق:
" غريب , أما زلت غاضبة؟".
تجاهلت كيم ملاحظته , وشغلت نفسها بأتباع خطواته المعقدة أحيانا ,وتكون لديها أنطباع بأنه يسعى الى أرباكها , فتظهر بمظهر الحمقاء ,ولم ترد حدوث مثل هذا الأمر خصيصا أن كثيرين قالوا لها أنها ترقص جيدا , لذا كان من الطبيعي أن تثق بقدرتها على أن لا تخطىء في أي خطوة , وأخيرا توقفت الموسيقى , ألا أن الجميع ظلوا في حلبة الرقص ينتظرون تجدد العزف , ووجه اليها روك نظرة فاحصة , فرأى الرضى في عينيها الزرقاون الكبيرتين , فأضاءت عيناه مرحا
وقال مبتسما:
" أؤكد لك يا آنسة مايسون أنني لم أحاول أرباكك أبدا , لكن بارت أخبرني عن مهارتك في الرقص , فسمحت لنفسي بأتباع خطوات غير مألوفة , والحقيقة أنني أعجبت برقصك كثيرا".