المنتدى :
المنتدى الاسلامي
مكر الشيطان وكيده
قال تعالى : ( كمثل الشيطان إذ قال لإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين 0 فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين )0سورة الحشر آية 17
قال وهب بن منبه في سبب نزول هذه الآية : - أن عابداً كان في بني إسرائيل وكان من أعبد أهل زمانه 00وكان في زمانه ثلاثة أخوه لهم أخت وكانت بكراً ليس لهم أخت غيرها 00فخرج البعث ( أي الغزو ) على ثلاثتهم ، فلم يدروا عند من يخلفون أختهم ولا عند من يأمنون عليها ، ولا عند من يضعونها قال : فاجتمع رأيهم على أن يخلفوها عند عابد بني إسرائيل وكان ثقة في أنفسهم ، فأتوه فسألوه أن يخلفوها عنده فتكون في كنفه وجواره إلى أن يقفلوا ( أي يرجعوا ) من غزاتهم ، فأبى ذلك عليهم وتعوذ بالله منهم ومن أختهم 0 قال : فلم يزالوا به حتى أطاعهم فقال : - أنزلوها في بيت حذاء ( أي جوار ) صومعتي فأنزلوها في ذلك البيت ثم انطلقوا وتركوها 00فمكثت في جوار العابد زماناً ينزل إليها الطعام من صومعته فيضعه عند باب الصومعة ،ثم يغلق بابه ويصعد في صومعته ثم يأمرها فتخرج من بيتها فتأخذ ما وضع لها من الطعام، قال : فتلطف له الشيطان فلم يزل يرغبه في الخير ويعظم عليه خروج الجارية من بيتها نهاراً ، ويخوفه أن يراها أحد فيعلقها 0قال ك فلبث بذلك زماناً ، ثم جاءه إبليس فرغبه في الخير والأجر وقال له : لو كنت تمشي إليها بطعامها حتى تضعه في بيتها كان أعظم لأجرك ، قال : فلم يزل به حتى مشى إليها بطعامها فوضعه في بيتها 0
قال : فلبث بذلك زماناً ، ثم جاءه إبليس فرغبه في الخير وحضه عليه ، وقال : لم كنت تكلمها وتحدثها فتأنس بحديثك ، فإنها قد استوحشت وحشة شديدة 00قال : فلم يزل به حدثها زماناً يطلع عليها من فوق صومعته 00قال : ثم أتاه إبليس بعد ذلك وقال : لو كنت تنزل إليها فتقعد على باب صومعتك وتحدثها وتقعد على باب بيتها فتحدثك كان آنس لها 00!!فلم يزل به حتى أنزله وأجلسه على باب صومعته يحدثها ، وتخرج الجارية من بيتها ، فلبثا زماناً يتحدثان 00ثم جاءه إبليس فرغبه في الخير وفيما له من حسن الثواب فيما يصنع بها ، وقال : لو خرجت من باب صومعتك فجلست قريباً كان آنس لها 00فلم يزل به حتى فعل !!
قال : فلبثا زماناً 00ثم جاءه إبليس فرغبه في الخير والثواب فيما يصنع بها وقال له : لو دنوت من باب بيتها فحدثتها ولم تخرج ( يعني الجارية ) من بيتها !!ففعل 00فكن ينزل من صومعته فيقعد على باب بيتها فيحدثها فلبثا بذلك زماناً 00، ثم جاءه إبليس فقال : لو دخلت البيت معها تحدثها ولم تتركها تبرز وجهها لأحد كان أحسن بك فلم يزل به حتى دخل البيت 000، فجعل يحدثها نهاره كله ، فإذا أمسى صعد إلى صومعته 00
قال : ثم أتاه إبليس بعد ذلك يزينها له 00حتى ضرب العابد على فخذها وقبّلها 00فلم يزل به إبليس يحسنها في عينه ويسول له حتى وقع عليها فأحبلها !! فولدت غلاماً 0
فجاءه إبليس فقال له : أرأيت إن جاء أخوة هذه الجارية وقد ولدت منك !! كيف تصنع ؟! لا آمن عليك أن تفتضح ويفضحوك ! فاعمد إلى ابنها فاذبحه وادفنه ، فإنها ستكتم كليك مخافة أخوتها أن يطلعوا على ما صنعت بها !!
ففعل وقتل الطفل 0فقال له : أتراها تكتم إخوتها ما صنعت بها ؟ وقتلت ابنها ؟!
خذها فأذبحها وادفنها مع ابنها 00فلم يزل به حتى 00ذبحها وألقاها في الحفيرة مع ابنها ، وأطبق عليها صخرة عظيمة ، وسوى عليها التراب 000
وصعد صومعته يتعبد فيها!! فمكث بذلك ما شاء الله به أن يمكث 00حتى قفل ( رجعوا من الغزو ) إخوتها من الغزو ، فجاءوه وسألوه عنها 00فنعاها لهم وترحم عليه ، وبكى لهم وقال : كانت خير أمة ، وهذا قبرها فانظروا إليه ، فأتى إخوتها القبر فبكوا وترحموا عليها وأقاموا على قبرها أياماً ثم انصرفوا إلى أهليهم 0
فلما جن الليل وأخذوا مضاجعهم أتاهم الشيطان في صورة رجل مسافر، فبدأ بأكبرهم فسأله عن أختهم ، فأخبره بقول العابد وموتها وترحمه عليها وكيف أراهم موضع قبرها ، فكذبه الشيطان وقال : لم يصدقكم أمر أختكم ، إنه قد أحبل أختكم وولدت منه غلاماً فذبحه وذبحها فزعاً منكم ، وألقاها في حفيره احتفرها خلف الباب الذي كانت فيه عن يمين من دخله !! فانطلقوا فادخلوا البيت الذي كانت فيه عن يمين من دخله فإنكم ستجدونهما هناك جميعاً كما أخبرتكم !!
قال : وأتى الأوسط في منامه وقال مثل ذلك ، ثم أتى أصغرهم فقال له مثل ذلك 00فلما استيقظ القوم استيقظوا متعجبين لما رأى كل واحد منهم ، فأقبل بعضهم على بعض ، يقول كل واحد منهم : لقد رأيت البارحة عجبا فأخبر بعضهم بعضا بما رأى 00قال أكبرهم : هذا حلم ليس بشيء ، فأمضوا بنا ودعوا هذا 0
قال أصغرهم : لا أمضي حتى أتي ذلك المكان فأنظر فيه
قال : فانطلقوا جميعاً حتى دخلوا البيت الذي كانت أختهم فيه ففتحوا الباب وبحثوا عن الموضع الذي وصف لهم في منامهم فوجدوا أختهم وابنها مذبوحين في الحفيرة كما قيل لهم 00فسألوا العابد فأقر على نفسه ، فأمروا بقتله 000
قال ابن عباس رضي الله عنه :- فلما صُلب
قال الشيطان : أتعرفني ؟
قال : لا والله !
قال الشيطان ك أنا صاحبك الذي علمك الدعوات ، أما اتقيت الله! أما استحيت منه وأنت أعبد بني إسرائيل !!ثم لم يكفك صنيعك حتى فضحت نفسك ، وأقررت عليها وفضحت أشباهك من الناس فإن مت على هذه الحالة لم يفلح أحد من نظرائك بعدك !!
قال : كيف أصنع ؟
قال له الشيطان : تطيعني في خصلة واحدة وأنجيك منهم وآخذ بأعينهم 0
قال العابد : وما ذاك ؟
قال له الشيطان : تسجد لي سجدة واحدة !
فقال : أنا أفعل 0
فسجد له من دون الله 00
قال له الشيطان : هذا ما أردته منك ،كان عاقبتك أن كفرت بربك ، إني بريء منك ‘ني أخاف الله رب العالمين ففيه نزلت الآية:
قال تعالى : ( كمثل الشيطان إذ قال لإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين 0 فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين )0
ومن أعظم العبر في قصة هذا العابد أن الشيطان قد يأتي الإنسان من باب النصيحة والأمر بالخير والبر !! ويجعل ذلك وسيلة إلى طاعته ومخالفة أمر الله عز وجل الذي يوجب خسران الدنيا والآخرة 00نعوذ بالله من سوء الخاتمة 00
نفعني الله تعالى وإياكم بهذا ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعل آله وصحبه أجمعين00
|