" يا ألهي , لماذا كان يجب أن يحدث هذا لرايك ؟ ما هو العمل السيء الذي فعلته لك يا ربي؟ لقد خاض أبني معارك طاحنة وحاز على رتبته العسكرية بالعرق والدم وحمل أوسمة الشجاعة , أن هذه العاهة التي يصارعها الآن تكاد تحطمه يا أنجيلا , أن كل الأشياء التي يفضلها تحتاج ألى قوة ومهارة بدنية ...... هل تعلمين بأنه حمل لقب أستاذ سلاح ؟ هل تعلمين كيف كان يسبح؟ وهل تعلمين أن .... يا ألي , أن ما حدث يكاد يخنقني يا أبنتي".
" لكنه ما زال قادرا على السباحة يا سيدي , أن المحيط لا عوائق فيه كحياتنا المكتظة بالبشر والآلآت , هذه مشكلة بسيطة يمكن حلها سريعا".
" نحن لم نفكر هكذا في البداية ".
وتابع بأبتسامة حزينة : " نعم يا أبنتي , لكن السباحة ليست كل شيء , لقد كنت طموحا جدا في ما يتعلق بمولودي البكر , وأنا أتساءل الآن أذا كانت هذه هي خطيئتي , وخطيئة الزهو والتباهي".
" أؤكد لك بأنك تستطيع أن تتباهى وتفخر بأولادك جميعا يا سيدي".
" تماما, ألا أن مايك كان البكر وجاء حاملا معه كل ما يتمنى الأب أن يراه في أبن سيحمل أسمه ويرث شجاعته وأندفاعه كأندفاع مصارع ثيران , أنا أحب أبني الثاني سيب كثيرا لكنه قرر الأنتماء ألى عالم الفن رغم أنني لم أحاول أبدا أن أتدخل في حياته , ألا أن ما أراه غريبا هو أن يختار أبني مهنة صناعة الأفلام ".
" لقد أثبت سيب أنه ناجح في صناعة الأفلام , وهو يتمتع بمركز مرموق جدا في هذا المجال في أنكلترا وأنا شخصيا أسر بالأفلام الناجحة , ثم , ألا تعتقد معي يا سيدي , بأن الأفلام تحتوي على قدر أقل من الوحشية الموجودة في مصارعة الثيران؟".
" آه , أنها الأنكليزية التي تكره مصارعة الثيران , لا تنسي يا عزيزتي بأنهم لا يزالون يصطادون الأيل في بلدك , أود أن أسمع رأيك حول هذا الموضوع".
منتدى ليلاس
وأجابته فيما كانت عيناها تعكسان كرها للذين يستعملون الحيوانات والناس في تسليتهم الشخصية , فقالت :
"أنا أكره هذه التصرفات , أننا نعيش في عالم قاس لا يرحم , وبعض الناس ينسى أو يتناسى أن كل المخلوقات لها شعور ".
" يبدو لي أننا ومايا أحسنا صنعا بدعوتك ألى هنا".
وأطرق ثم تابع بالأسبانية :
" أنت ملاك سماوي , هذه عبارة نستعملها نحن الأسبان في وصف أنسان رقيق القلب وأنيس المعشر , بدون شك أنت تعرفين لغتنا , ما أذكره هنك أنك تربيت , كأولادي تماما , على محبة الله ورسله وأنبيائه , أنت تؤمنين بكتبه وتعملين بتعاليمه , أليس كذلك ؟".
" تماما , وخاصة أن مهنتي كممرضة تفرض علي أن أحيا مع المرضى في أحزانهم وآلامهم لذلك فأنني أستعين بأيماني بالله عندما تواجهني متاعب ومصاعب , وصدقيني , كثيرا ما واجهتني مشاكل وصعوبات , وكنت أتغلب عليها دائما بفضل أيماني ".
" رغم كل هذا , أنا متأكد من أنك تقرين ببعض الخطايا ككل أنسان على وجه الأرض".
" آه , من هذه الناحية , أنا أوافقك الرأي , فأنا لا أحيا بأسمي تماما , وأكره أن أكذب على الناس وأظهر لهم على غير حقيقتي ".
" أنا أظن بأن رايك يوافقك على هذا الرأي , ألا تعتقدين ؟".
" تماما , سيدي".
لعدة دقائق بقيت أنظار أنجي معلقة بدون كارلوس, لقد بدت يافعة , حساسة ورفيعة القامة بعكس دون كارلوس الواقف أمامها والذي كان مثلا حيا للذكور اللاتينيين.
" تعال معي , أريد أن أريك شيئا".
أمسك بها من يدها وسار وأياها عبر القاعة ألى حيث علقت لوحة زيتية كبيرة , كانت اللوحة جميلة جدا , مرممة في بعض أجزائها , وتمثل تنينا أسطوريا ووحيد القرن وفتاة بيضاء مقيدة ألى شجرة وأكليل من الورد الأحمر يعلو رأسها .
" لقد أشتريتها منذ عدة سنوات ". وتابع وهو ينظر ألى اللوحة بعينين مغمضتين : " اللوحة تمثل البراءة المهددة , أمرأة تتنازعها عاطفتان : الرغبة والطهارة , أن التنين يرمز ألى الرغبة فيما وحيد القرن يرمز ألى الحبيب البعيد المنال , لقد أشتريت هذه اللوحة لمضمونها ولأعتقادي بأنها تشكل بتعليقها هنا مفاجأة سارة لكل من يراها للمرة الأولى , ماذا تعتقدين؟".
" هذا رائع يا سيدي".