8- نحيا مع أو....
أنشغل خدم الفيللا طوال النهار بالتحضير لحفلة الأستقبال المسائية التي سيقيمها دون كارلوس بمناسبة زيارة سيب , كانت عملية الأعداد هذه مرهقة بالفعل للجميع وكانت الأثارة تضفي على الجو نكهة خاصة , لأن الحفلات التي يقيمها دون كارلوس هي أجمالا حفلات كبيرة , يزينها رقص الفلامنغو والطعام الممتاز.
أبتدأت الشمس تغيب في الأفق وما هي ألا لحظات حتى تضاء الأنوار ويبدأ المدعوون بالتوافد.
ووقفت أنجي في غرفتها , تتأمل أمام المرآة فستانها الحريري الأزرق , لقد أشترته في صبيحة هذا اليوم بالذات من أحد متاجر الساحة ناسبها تماما وكأنه صنع خصيصا لها , بطوله الذي يلامس الأرض وأكمامه القصيرة , تعطرت بعطرها المفضل : شانيل رقم 5, ثم سرحت شعرها القصير بسرعة , أطفأت النور وجلست تفكر كعادتها , كانت مأخوذة بأفكارها الى درجة أنها لم تلاحظ أن شخصا ما قد دخل الى غرفتها.
فجأة لامست كتفها العارية يد , فأنتفضت كمن أصيب بمس :
" لا تنتفضي هكذا , أذا كنت أخفتك فهذا يعني أن الغرفة مظلمة".
" فعلا".
أعادتها لمسة رايك الى الواقع , وقفت لتضيء النور فقال لها:
" يبدو لي أنك تتحضرين للسهرة".
ثم أنحنى عليها ليشتم رائحة العطر على بشرتها , فلفحتها أنفاسه الحارة , وتابع قائلا:
" ألست أنت من قال لي , بأن عليّ أن أعوض بيدي وببقية حواسي عن فقدان البصر؟".
منتدى ليلاس
" بلى , تماما".
كان الراديو الى جانبها يصدح بأغنية قديمة لشيرلي باسي عنوانها ( أنت تسكن في مسام جلدي).
" غريب هو شعور المرأة عندما يتلمسها أنسان غير قادر على رؤيتها , ما هو لون ثوبك , أنجيلا؟".
" أزرق , أزرق غامق".
" يبدو لي أن هذا اللون يحبه الأنكليز كثيرا , فأنت ترتدين ملابس زرقاء في أغلب الأحيان .... أن رائحة الهواء البحري المختلط بأريج الياسمين تبدو فواحة هذه الليلة , أنا سعيد لأن هذه الأمسية ستكون ممتازة بالنسبة لسيب..... هل تحبينه كثيرا؟".
أحست بأمتعاض من السؤال , فهي تفضله هو على كل رجال الأرض , لكنه لا يعلم ذلك , عندما طال أنتظاره ولم يسمع جوابا , أستطرد مستفهما:
"هل تدخلت في أمور لا تعنيني , أنجيلا ؟ أنا أحترم صمتك ". وتابع وهو يبعد يده عنها:
" ولكن كوني على ثقة بأن علاقتكما هذه ستحظى بدعمي وتأييدي أذا واجهتكما مشاكل مع العائلة , أنا لن أتخلى عنكما لأنني أحبكما وأريدكما أن تبقيا معا".
أحست أنجي أن كلماته تنفذ كالسكين الى داخلها , لكي تنسى ألمها وجدت ملجأ لها في الثرثرة :
" أني أضع الآن الأسوارة التي قدمها لي سيب , لذا أتمنى أن يحظى هذا الزواج على موافقة والدك , ألا تريد أن تتحسس الأسوارة؟".
" حسنا , ما دمت تصرين".
ثم تمتم بعد أن فعل:
" أهي من الذهب؟".
" وماذا غير ذلك؟".
أمسك بساعدها وقال لها:
" أنت تريدين أن تتزوجي من سيب , أليس كذلك؟".
" تماما , أنه بهي الطلعة , كريم النفس وحنون القلب , وأية فتاة لا تتمنى أن تجد كل هذه الصفات في رجل واحد ؟ ثم , ألم تقل لي أنت , منذ أسابيع , بأنني كنت دائما أفضل سيب عليك , ألا تتذكر؟".
أمسك بكتفيها وأدارها لتواجهه قائلا:
" أنجيلا , ما الذي حصل بالضبط؟".
" لا , كل ما في الأمر أنني أرتبطت بشخص جذاب وساحر , فلماذا تريد أن يكون في الأمر شيء؟".
أنها ما تزال تحبه بصدق , لكنها تحاول أن تدافع عن كرامتها وكبريائها أمامه , فهو لم يترك لها المجال لكي تعبر عن مشاعرها , بسبب عدوانيته المفرطة.
" أن أيزابيل قد صورت لك بدقة دون شك , عناقنا أنا وسيب تحت النخلة , أليس كذلك ؟ نحن بالكاد نقوى ". وتابعت ببرود:
" على أنتظار عقد القران , من حسن الحظ أن سيب ليس أبن العائلة البكر , وليس بالتالي مضطرا للزواج من فتاة أسبانية , ألا توافقني الرأي؟".
فأجابها بسخرية :
" أهذا ما يفعله الأبن البكر دائما , أذا كان أسبانيا؟".
وأردف قائلا بعد هنيهة:
" أحس بأنك ترتجفين يا أنجيلا , أنه الشوق الى سيب , أليس كذلك؟ يجب أن تتزوجا في أسرع وقت , سأتدبر الأمر , فأنا لا أريد أن يفوتني الزفاف".