2- ربما يؤذيها!
تركت أنجي رايك وحيدا مع أفكاره وكأس الشراب , كانت تشعر برعشة في داخلها من جراء هذه المقابلة وبسبب عناقه لها , توقفت فجأة لتتأمل لوحة زيتية كبيرة معلقة على الحائط بشرود ظاهر , وفيما أفكارها تسرح بعيدا , راحت تتساءل عن السبب الذي دعاها لمقاومة رايك رغم مشاعرها نحوه , بعد لحظات عرفت الجواب , لم يعانقها رايك لأنه يحبها , بل لأنه أراد أن ينذرها بأنه من الأفضل لها أن تغادر الفيللا وتعود ألى لندن , لكنه لم يكن يعلم بأنها أكثر منه عنادا وتهيم به.
" هل لي أن أدلّك ألى غرفتك".
أنتفضت أنجي فجأة لدى سماعها هذا الصوت , وأستدارت لتواجه صاحبته فأذا بها وجها لوجه مع أمرأة شابة عرفتها فجأة , أنها أيزابيل فراندوس التي تربطها بآل دي زالدو قرابة بعيدة والتي تبنتها هذه العائلة فيما بعد , بل تكاد تكون شقيقة لمايا وأخويها , ألا أن أنجي تعتقد أن أيزابيل تفضل أن تكون أكثر قربا من رايك , كل هذا كان ينتمي ألى الماضي , أما الآن , وبعد أصابة رايك فأن الأمور تغيرت بلا شك , أن أيزابيل من النوع البارد الذي يحسب لكا شيء حسابه وكان من الصعب القول بأنها ترغب في زوج أعمى يعتمد على حمايتها في كثير من النواحي.
ظهرت على ثغر أيزابيل أبتسامة لم تكن ودية , وقالت لأنجي :
" هل نسيتني ؟ أنا أتذكرك جيدا .... لا يزال شعرك على جماله القديم , ألا أذا كنت تستعينين بصباغ للحفاظ على لونه الأشقر ".
" لحسن الحظ , ليس علي أن أهتم بالصباغ , لم يزل على لونه الطبيعي".
منتدى ليلاس
" أذن أصبحت ممرضة , في الواقع لقد فوجئت , لعلمي أن أعصابك قد لا تحتمل المهنة , كنت تبدين دائما خجولة , وهذه صفة كانت تسلي رايك , ألم تقابليه بعد؟".
أومأت أنجي بالأيجاب , ولم تكن ترغب في النقاش مع أيزابيل حول هذا الموضوع , فتوجهت نحو السلم المؤدي ألى الطابق العلوي وهي تقول لها:
" علي أن أصعد وأستعد للعشاء , هل طلبت مايا أن تجهز لي غرفتي القديمة ؟".
" لا , لقد أقنعت دون كارلوس بأنه من الأفضل أن تكوني قرب رايك , فلربما أحتاج لشيء أثناء الليل , لذا أعدت لك الغرفة الملاصقة لغرفته , أتمنى ألا يزعجك قربك منه .... هذا أذا كان لا يزال يربككويجعلك تشعرين بالخجل!".
" سيكون سخيفا أن تشعر ممرضة بالخجل".
شعرت بأن أيزابيل تتعقبها بنظراتها فأستدارت وقالت لها :
"أذا كان رايك لا يزال ينام في الغرفة التي تطل على البحر فأنا أعرف طريقي".
أجابتها أيزابيل وفي صوتها بعض السخرية :
" ومنذ متى كنت تدخلين غرفة نوم رايك؟".
" كنا لا نزال جميعا في المدرسة عندما كنت آتي ألى هنا أيام العطل , وكان الدخول والخروج ألى كل غرف النوم في المنزل لعبة بريئة في تلك الأيام".
" أنا لا أشك بأن هذا ما كنت تفكرين به يومذاك... قلت بأنك قابلته , كيف وجدته؟".
وقفت أنجي في ممشى الطابق العلوي للفيللا وراحت تحدق بأبرابيل وهي تحاول أخفاء غضبها , فلقد بدأت هذه الفتاة المشاكل كعادتها , ورغم هذا أجابتها على سؤاها:
" لقد مر رايك بظروف مؤلمة وحرجة وسأقوم بكل ما في وسعي لمساعدته على الشفاء , أنا أعرف بأنه أصبح صعب المراس حاد الطباع , لكنني معتادة من خلال مهنتي على التعامل مع هذا النوع من الرجال , أنه لا يثير غضبي ولا يخيفني".
كانت أيزابيل تراقب رد فعل أنجي كما يراقب القط الفأر:
" أسراعك بالمجيء ألى بايلتار للعناية برايك يثير حيرتي في الحقيقة , هل تكون أنسانيتك كممرضة هي التي عادت بك ألى هنا أم أن في الأمر سرا لا أعرفه؟".
" لقد أتيت لأن مايا ووالدها طلبا مني ذلك , دون كارلوس كان دائما لطيفا معي , ورغبت في أن أرد له جميله وضيافته لي في الفترة الماضية".
تابعت أنجي طريقها عبر الممشى ألى غرفتها , لكن أيزابيل تبعتها ألى داخل الغرفة المخصصة لها , والتي لا يفصلها سوى حائط واحد عن رايك .
أضاءت أنجي النور في الغرفة , وما أن دخلتها حتى أشتمت رائحة العطر الفواحة ممتزجة برائحة المفروشات , كانت غرفة رائعة , كلاسيكية التصميم , لامعة الأثاث وأرضها مفروشة بسجاد سميك ملون , أستدارت فوجدت حقيبتها في أحدى الزوايا حيث وضعها أحد الخدم.
عادت البسمة والحبور ألى أنجي , ها هي ثانية في المنزل الذي كان يجمعها ورايك في الأيام الخوالي , رغم كل الصعاب التي تنتظرها , لم تكن أنجي لتتخلى عن مهمتها الحالية مقابل أي شيء في الدنيا.