أقتربت مايا منها وأمسكت بيدها متأملة الأسوارة الذهبية:
" من أعطاك هذه؟".
لم تجد أنجي مفرا من الأجابة:
" أنه سيب, لكن لا تستنتجي أستناجات خاطئة , مايا , لقد طلب مني أن أجربها وهذا لا يعني أنني سأبقيها ".
" أنها جميلة على أية حال , لماذا تتصرفين بهذا البرود؟ لو قدم لي توركال واحدة مثلها لطرت من الفرح , ثم أنت تعلمين عاداتنا هنا , لذلك أنا أعتقد بأنك ما كنت سمحت له بوضعها في يدك لو لم تقبلي بالزواج منه".
" لقد فاجأني وأربكني فلم أعد أعرف ماذا أفعل , أنه عنيد على ما يبدو , ويرفض أن يسمع جوابا سلبيا مني عن موضوع الزواج , سأضع الأسوارة لبضعة أيام ثم أعيدها اليه".
" ولماذا تعيدينها ؟ أنه شاب وسيم , ألا تعتقدين؟ ثم أنتما تعرفان بعضكما منذ مدة طويلة , منذ كنا أطفالا".
خيم سكون على الغرفة فقطعته أنجي بسؤال:
" هل صحيح... أن رايك وأيزابيل سوف.... سوف يتزوجان؟".
" هذه ترتيبات عائلية أعدها والدي منذ زمن بعيد , أنت تعرفين رأيي في هذا الموضوع , لكن المهم هو رأي رايك".
" أتعتقدين بأنه يحب .... أيزابيل؟".
طرحت أنجي سؤالها والحزن يكاد يخنقها , لقد أحست بأن كلماتها تخرج من مكان بعيد .... بعيد عنها , لقد شعرت بأحساس غريب بدائي , أضعف أقتناعها بأن الحب هو الأساس لزواج ناجح وسعيد".
" لا أعتقد بأنه يحبها , لكن العائلات الأسبانية غالبا ما ترتب زيجات من هذا النوع, خاصة عندما يتعلق الأمر ببكر العائلة".
" هذا ما يحدث غالبا , أن الحب مؤلم وقد يكوم من الحكمة ألا يقع الأنسان فيه , لكنه قسم من حياتنا , أليس كذلك؟ أنا عندما أنظر الى عمتي فرانشيسكا ألاحظ أن الحياة قصيرة وتمر بسرعة آخذة معها لذة الشباب , أراقبها وهي تطرز وأتصور نفسي مكانها , حياتي أشرفت على نهايتها وزالت كل آمالي وأحلامي , هذا ما سيحصل أذا ذهب توركال وتركني , ألا تشعرين بنفس الشيء أتجاه أخي سيب؟".
" أنا معجبة به كثيرا , لكنني لا أحبه!".
" أنت تتكلمين بطريقة جدية , آه , الآن تذكرت حديثنا منذ عدة أيام , أذن أنت تحبين رايك , وهو ملك لأيزابيل , يا ألهي , يبدو أننا عاشقتان تعيستان ".
منتدى ليلاس
" قد يكون الأمر كذلك , لكن ما يواسينا هو أننا , على الأقل نعرف بأننا نحب أشخاصا جديرين بالثقة والأحترام".
" كم أتمنى أن يقتنع توركال بوجهة نظري , كم أرغب في ضمه الى صدري والعناية به , ألا ترغبين يا أنجي بأن تفعلي الشيء نفسه , مع رايك؟".
أومأت بالأيجاب ولم تجد أنه من الضروري أن تخبرها بأنها سبق وفعلت هذا عدة مرات عندما كانت تدخل الى غرفته وتجده في حالة يرثى لها من تأثير الكوابيس , فكرت أن أيزابيل ستسر كثيرا بمركزها الجديد كزوجة لأبن حاكم الجزيرة , لكنها لن تتمكن أبدا من التفاهم مع رايك , لأنها لن تستطيع أن تفهم مخاوفه وأكتئابه , أنها تحب نفسها أكثر من أي مخلوق على سطح الأرض , لقد كانت أنجي متأكدة من هذا.
فجأة قفزت مايا وهي تقول بعصبية :
" لقد قررت ألا أخضع لرأي أحد , أنا أعرف أن توركال يحتاج الي ولذلك سوف أذهب معه الى أسبانيا!".
حدقت أنجي بصديقتها بقلق وأضطراب وقالت لها:
" أنت تعرفين الظروف التي تحيط وستحيط بهذه القضية أذا أقدمت على القيام بما قلته لتوك , هل تعتقدين أن تصرفك سيكون حكيما؟".
" وهل تتصرفين أنت بحكمة , أذا عرفت بأن رايك يحبك مثلا؟".
" لا , لا أعتقد".
فنظرت مايا اليها وكان التصميم على التنفيذ باد في عينيها :
" أذن قفي الى جانبي , أن لم يأخذني توركال معه , فسوف ألحقه كظله الى أن يقبل بي , أنا أريده تماما كما تريدين أنت رايك , رغم أصابته , أن الحب يقاس بمقدار العطاء ولا يحق لأحد أن يحرمنا من هذا الحق , ألست على صواب يا عزيزتي؟".
" بلى , أنت على صواب , متى سيغادر توركال الجزيرة؟".
" أنه يخطط للسفر غدا أثناء الحفلة التي سيقيمها أبي , لقد تعرف على أحد مالكي اليخوت في الفندق حيث ينزل , وهذا الأخير سيقله ألى كوردوبا , سوف أتصل بالسيد ماكينوس وأسأله أذا كان يقبل بنقلي معه في اليخت , وأطلب منه ألا يخبر توركال بالأمر لأنني أريد مفاجأته , سأغادر الحفلة مع توركال متذرعة بأنني أرغب في توديعه على المرفأ , سوف يقيم الدنيا ويقعدها عندما أصعد الى اليخت , لكنه بالتأكيد لن يرمي بي في البحر".
وأردفت قائلة وهي تبتسم:
" على الأقل هذا ما أتمناه , تمني لي حظا سعيدا يا أنجي".
" الى اللقاء يا مايا , في أمان الله!".
وبعد لحظات أصبحت أنجي وحيدة في الغرفة , فلقد أغلقت مايا الباب وراءها , وقررت بأنها سوف تتبع توركال في السراء والضراء , أصبحت تعرف تماما ماذا تريد , فقد نضجت ووجدت الشجاعة الكافية لتواجه قدرها مع من تحب.