فقاطعتها مايا وهي في قمة غشبها:
" أنا لا أريد نصائحك ! أنت تحبين توركال وتحاولين أخافتي بهذه الأخبار , لقد رأيتك وأنت تراقبينه على المائدة , من قال أن بعد كل هذه السنوات سوف نتشاجر من أجل رجل؟ أنا لا أريد أن نتشاجر يا أنجي . ولذا عندما يكون الأمر متعلقا بتوركال لا تتدخلي في الموضوع!".
" حسنا , كما تشائين! لكن أود ألا أراك تهرعين باكية الينا أنا ورايك في نهاية الأمر!".
" ماذا تقصدين ؟ ماذا هناك؟ بالله عليك , أخبريني!".
" هذا الأمر ليس من أختصاصي كما قلت منذ لحظات".
" أن رايك على أطلاع بالأمر , أليس كذلك؟ سوف أسأله".
فأنفجرت أنجي عندها غاضبة وقالت:
" لا , لن تفعلي , وكفي عن التصرف كطفلة مدللة , أنت تودين الحصول على كل ما يعجبك , تماما كالطفل الذي يدخل الى محل حلوى , دعي رايك وتوركال وشأنهما وتصرفي كأمرأة ناضجة !".
حدقت مايا بأنجي بذهول وقالت:
" الآن فهمت ما الأمر ! أنت مهتمة برايك! أنه رايك ".
وتابعت كمن أكتشف شيئا مهما , أنت مجنونة بحبه!".
أستجمعت أنجي أنفاسها وقالت مدافعة عن نفسها:
" أنه مريض وأنا ممرضته , لقد أحرز بعض التقدم في المدة الأخيرة ولا أريد له أن يصاب بأنتكاسة من جراء تصرفاتك".
" أن كل تصرفاتك يا أنجي تؤكد وجهة نظري , أنت مولعة برايك , يا ألهي , كيف لم ألاحظ هذا منذ البداية , لا أدري ماذا أقول لك يا أنجي , هل هو على علم بالأمر؟".
" لا , ولا يجب أن يعلم , عديني بذلك يا مايا".
" ولكن لماذا؟".
" لأنني لا أناسبه , تماما كما لا يناسبك توركال".
" تبدين متأكدة من هذا الأمر , أما زال يحب زوجته المتوفاة ؟".
" أعتقد هذا".
لقد بدا لأنجي أن هذه الطريقة هي الوحيدة المتوفرة لتجنيب مايا صدمة في المستقبل القريب".
" أنجي , لقد قلت بأنك لا تناسبين رايك , لماذا؟".
" لأن والدك يريده أن يتزوج من فتاة أسبانية , ومن ناحية أخرى , أن رايك لا يحبني , لذلك , ما أن يشفى حتى أغادر الجزيرة وأعود الى عملي في مستشفيات لندن , والآن , هيا بنا لملاقاتهما قبل أن يرسلا أحدا خلفنا".
وما أن وصلتا حتى بادرت مايا الى دعوة توركال للتنزه قرب الساحة لتريه الجامع والسوق القديمين وأستطردت قائلة:
"ستشعر كما لو كنت في المغرب".
" أذن كيف يمكنني أن أرفض؟ هل تسمح , يا رايك , بأن ترافقني مايا في هذه النزهة؟".
" بالتأكيد".
" شكرا لك".منتدى ليلاس
وفيما كانا يبتعدان عنهما , بادر رايك أنجي بقوله:
"لا يجب أن تتعلق مايا بتوركال , آمل أن يتفهم ذلك".
" أنا متأكدة من أنه يتفهم ذلك , ولكن هل تعتقد أن الأمر ينطويعلى خطورة أذا وقعا في الحب؟".
" ليس أن الأمر ينطوي على خطورة , لكن ما من رجل له الحق بأن يحب أمرأة أن لم يكن قادرا على منحها حبا كاملا , ولا تظني أنني بذلك أحكم على توركال وحده بل على نفسي أيضا".
أحست أنجي فجأة برغبتها في الأعلان عن حبها له , لكن كانت حائرة ولا تدري ماذا ستكون ردة فعله حول هذا الموضوع , هل سينعتها بالمجنونة ويبعدها عنه , أم سيطلب من والده أنهاء مهامها لأنها أصبحت مصدر أزعاج ؟ أم أنه سيتجاوب معها؟
لم يكن الأستنتاج سهلا مع رايك لأنه كان متوتر الأعصاب على الدوام لأعتقاده بأنه سيموت قريبا , كان هذا الأمر , في الواقع , أحتمالا يجب مواجهته.
" رايك, ماذا تفعل هنا بحق السماء؟".
كان هذا الصوت صادرا عن شخص طويل القامة بهي الطلعة , ويرتدي بذلة بيضاء اللون , وضع يده على كتف رايك وأستطرد قائلا:
" يا أخي , ما كنت أتوقع أن أراك هنا , هذا رائع , فعلا رائع , لماذا لم يكتب لي أحد ليخبرني بأنك أستعدت نظرك!".
" سيب ؟ أهذا أنت؟".
وقف سيباستيان دي زالدو يتأمل شقيقه , وشيئا فشيئا أبتدأ الفرح يختفي من عينيه , نظر الى أنجي فهزت برأسها , فأخذ نفسا عميقا وأحاط شقيقه بذراعيه قائلا:
" بحق السماء ! أنت تبدو بخير رايك!".
" كيف وصلت الى هنا يا سيب؟ هل كنت على متن اليخت؟".
كان سيب لا يزال يحدق بشقيقه مذهولا وأجاب:
"لا , لقد أتيت على متن طوافة الشركة , ولقد أنتهيت لتوي من تناول الغداء مع الطيار الذي أقلع عائدا الى مدريد , رايك , أنت تبدو بحالة جيدة , وأنا لا أصدق أنك لا.........".
" أنني كفيف ؟".
وتابع ساخرا كعادته :
" عليك أن تتعود على هذه الكلمة , يا أخي , لأنك ستستعملها على الدوام".
ربت سيب على كتف رايك:
" أنا... أنا لا أعرف ماذا أقول!".
" أذن لا تقل شيئا يا سيب , فقط أرضخ للأمر الواقع".
" هل عرضت نفسك على أفضل الأطباء؟".
" نعم , هل تعتقد بأن أبي سيقبل ألا أفعل؟ والآن , أخبرني هل تبدو ممرضتي جميلة؟".
أبتسم سيب فيما كان يتفحص أنجي وأجاب شقيقه وعيناه تحدقان بها:
" جميلة ليست الكلمة المناسبة ,’ أنها رائعة , هذا ما أعتقدته عندما رأيتها في لندن , وأنا الآن مقتنع تماما بهذا الأمر".
فقال رايك بهدوء:
" أنا مسرور لذلك , فأنت وأياها لا بد أنكما تشكلان ثنائيا رائعا, وأنا شديد الأسف أذ ليس بمقدوري أن أراكما جنبا الى جنب".
عندها أحست أنجي بأنقباض في داخلها , وأحست بأنها تكاد تغيب عن وعيها , كانت تصرخ في أعماقها: ( رايك, رايك , أنا لا أريد سواك , فأما أنت والى الأبد وأما لا أحد".