ثم وجه سؤاله لرايك:
" كيف تقضي أمسياتك في المنزل؟".
" أستمع الى بعض القصص الرومنطيقية , أن أنجيلا تحبها وتقضي ساعات في قراءتها لي".
فسألها توركال:
" هل أنت رومنطيقية , آنسة أنجي؟".
" نوعا ما , أنا أحب الأفلام والقصص الرومنطيقية لأنها تنسيني متاعب مهنتي , أعتقد أنكم , معشر الصحافيين , تفضلون النظرة الواقعية الى الحياة , أليس كذلك؟".
" هل تعتقدين ؟ أثناء وجودي في المستشفى , فكرت مرارا أن أترك مهنتي وأعود الى الأندلس للعمل في الأرض مع أبي , أنه يرحب بذلك وأنا حتى اليوم لم أصل الى قرار حول هذا الموضوع وقد......".
فقاطعه رايك بالقول:
"أعتقد أنها فكرة جيدة , أنا أتمنى لو كان مجال الأختيار مفتوحا أمامي هكذا".
" على فكرة , أنا لم أسألك بعد , ماذا قررت أن تفعل في المستقبل؟".
" لا أعتقد أن المجال مفتوح أمامي بشكل واسع".
فقالت له مايا:
"بأستطاعتك أن تدرس المحاماة كما أقترحت أنجي".
" أحقا , وكيف تريدينني أن أقرأ الكتب ما دمت كفيفا".
" أعتقد بأن بعضها مسجل على أشرطة صوتية , بأمكاننا أن نبحث عنها".
فأجابها بنبرة عالية:
"أنا لست مهتما بالموضوه الى هذه الدرجة , أذا كان الأمر يهمك فلماذا لا تبحثين عن هذه الأشرطة بنفسك ".
ثم أردف قائلا:
" أتمنى أن تكونوا قد أستمتعتم بالغداء جميعا , أنجيلا , أستدعي الخادم أرجوك , لأسدد الفاتورة".
منتدى ليلاس
ما أن وصل الخادم حاملا فاتورة الحساب حتى قال توركال لرايك :
" أسمح لي أن أسددها بنفسي , فوجودي معكم هنا جعلني أنسى مشاكلي".
لم يجد رايك سببا للممانعة , فقال له:
" حسنا , أذا كان هذا يرضيك".
بعد أن سدد توركال فاتورة المطهم سألته مايا:
" كم ستبقى في الجزيرة؟".
فأجابها :
" أنا لم أحدد ذلك بعد بصورة نهائية".
" أنا أعرف الجزيرة كراحة يدي , أنها رائعة ويجب أن أريك أياها , أتحب السباحة؟".
" لا , لا أحبها".
" أنها رياضة ممتازة , لا ريب في أنك تعلمتها عندما كنت يافعا".
فتدخل رايك وأنّب مايا بنبرة غاضبة:
" كفي عن أزعاجه! لقد أتى ألى الجزيرة ليرتاح , فدعيه يختار ما يشاء القيام به!".
فدمعت عيناها فورا وقالت وهي تهم بالوقوف والتوجه الى حمام السيدات:
" أنا.... أنا متأسفة أن كنت أزعجتك , سيد توركال! أعذراني الآن!".
ما أن دخلت مايا الى الحمام حتى لحقت بها أنجي , فبادرتها الأولى بالقول:
" ما الذي دفع رايك الى التفوه بهذا الكلام؟ هل كنت مزعجة الى هذا الحد؟".
" ليس بالنسبة الي , لكنني أعتقد بأن لرايك أسبابه , فهو يعرف توركال أكثر منا".
وساد صمت قصير , بعدها قطعته مايا بالقول:
" ألا تجدينه جذابا؟".
" بلى , أنه جذاب لكنه غامض أيضا , فخذي حذرك منه".
" ماذا تقصدين ؟ أتعتقدينه حاد الطباع مثل رايك؟".
" ربما.... لقد أصيب الأثنان بجراح بالغة لا يمكن تعويضها".
" لماذا تتكلمين بطريقة غامضة ؟ جراح وأصابات لا يمكن تعويضها؟ ما الذي أخبرك أياه رايك عن توركال ؟ هل أصيب أصابة بالغة؟".
" أعتقد ذلك ".
" أظن بأنك على علم بكل التفاصيل , فلماذا لا تطلعيني عليها؟ هل تحبين توركال؟".
فحبست أنجي أنفاسها وقالت لمايا:
" بحق السماء , مايا , كفي عن هذه التصرفات , في اليوم الأول تقعين في حب عازف غيتار , وفي اليوم الثاني تبدلين رأيك , أن الحب هو أكثر من مجرد شعور بجاذب فوري ومغناطيسي الى شخص ما".
نظرت مايا اليها بعينين مليئتين بالغيرة:
" هل تتكلمين عن خبرة , هل أنت واقعة في الحب؟".
" كفى , لقد سئمت من هذا الحوار السخيف , أنني خارجة".
فأمسكت مايا بيدها وجذبتها نحوها وهي تقول:
" أتدرين , لقد أصبحت كتومة هذه الأيام ! لماذا يجب أن تخفي عني كل هذه الأمور؟".
" هذا لأنك تتصرفين كالأطفال , أن توركال خارج لتوه من مأساة , فلا تتسرعي".
" مأساة ؟ هل هو مطلق؟".
" لقد توفيت زوجته بحادث بعد أشهر من زواجهما".
" يا ألهي! لهذا أذن بدا وكأنه يدفع بالناس بعيدا عنه رغم أرادته , كم أود مساعدته".
" أنا أفضل ألا تعرضي نفسك للأذى مرة ثانية , أن جروح توركال ما زالت ساخنة ومؤلمة".
" أن في توركال شيئا يحرك المشاعر في أعماقي , ما أن ينظر الي حتى أشعر بقشعريرة , هل تفهمين ما أعني؟".
" بالطبع , لكن لا تدعي هذا الشعور يسيطر عليك".
" أنت تعتبرينني متقلبة وقليلة الثبات , أليس كذلك؟".
" لا , لكنني أعتقد بأن لك خيالا رومنطيقيا يدفعك الى تصور توركال كبطل وسيم في حين أنه أنسان مثخن بجراح عاطفية وجسدية , لذلك أنا أنصحك بأن.....".