وأمسكت بشعره فأحست بالعرق يغطي يدها , كان لا يزال يرتجف كمن أصيب بالحمى , راحت تهزه وتتمتم له كأنه طفل حتى أنتفض فجأة , وبكل ما أوتي من قوة وحيوية , رماها على السرير وعانقها عناقا طويلا...... طويلا , تركته يفعل هذا وكانت قد قررت , عن تصور وتصميم , أن تبقى معه أن أراد لتخفف عنه وطأة ظلامه الدائم وخوفه وعدم ثقته.
ما أن أنتهى من عناقها , حتى دفعها بعيدا عنه بقوة , فكادت تقع على الأرض , ألتوت قدمها اليسرى من جراء هذه الدفعة , فآلمتها وصرخت , فقال :
" أرأيت , أنا لا أنجح ألا في أيذاء الناس , ولا أريد أن أحي بك هنا من أجل رغبات زائلة ! أذهبي ألى غرفتك أنجيلا , لقد تعبت فجأة وأريد أن أنام , أتمنى لك أحلاما سعيدة".
لم تناقشه , بل وضعته في سريره وأطفأت المصباح فألقى القمر نوره على وجهه الحزين , قالت له وهي تغادر الغرفة:
"أذا أردت شيئا خلال الليل , أنا في الغرفة المجاورة فلا تتردد في مناداتي , أن الممرضات ينمن كالقطط , بعين مفتوحة , تصبح على خير يا رايك".
غادرت بصمت وردت الباب وراءها لكنها تركته مفتوحا قليلا لتسمعه في حال مناداته لها , دخلت غرفتها ,جلست على حافة السرير وخلعت حذاءها , لقد أحست بأنها أفرغت عاطفيا هذا اليوم , لكنها معتادة على هذا الأمر , على كل , أن التمريض مهنة صعبة وهي مهنة أختارتها بملء أرادتها , كانت تعرف بأنها ستنام كالقطط , بحذر وبأنتظار أقل حركة أو تمتمة من المريض المكلفة بعنايته ,لذلك لم يكن بأمكانها أن تتذمر من شيء يعتبر من صلب مهمتها , أن رايك في حالة يأس خطرة أكثر مما يتصوره أفراد العائلة , بسبب صرخة صغيرة , أرتجفت , لأنها عرفت من خلالها بأن رايك ما زال في حالة صدمة , فأثر هذا الألم في أعمق أعماق نفسها , أنه الحب ولا شيء سواه , الحب المنزه عن الأهواء وعن المنافع والغايات المادية والسخصية , الحب الصافي , الحب الذي حفظه لرجل أنتفض بيأس صارخ على عاهته , شعرت أنجي فجأة بأنها تغرق في اليأس لكنها راحت تقاومه وفي نفسها أيمان كبير وأمل بالله عز وجل , لقد قررت بأنه أبتداء من الغد صباحا سوف تخرجه من الفيللا وتتنزه وأياه في ضوء الشمس الساطعة ليشعر بها على بشرته , كما قررت أن تمارس وأياه السباحة , وهي الرياضة التي يجن بها , وستأخذه أيضا ألى المدينة لتجعله يستمع ألى صخب الحياة وجيجها الهادر.
لن تسمح لنفسها بأي شكل من الأشكال بأن تتقبل فكرة الأنتحار التي تكلم عنها والتي يتكلم عنها دائما عندما يكون في حالة قنوط , كذلك لم ترغب في الأعتقاد بأن أحتمالا من هذا النوع يجب أن يواجهها في يوم من الأيام .
لقد قررت أن تعيش مع رايك كل ساعة بساعتها وكل يوم بيومه , رفع قرارها هذا من معنوياتها قليلا فتوجهت نحو كتاب الله الموضوع على وسادتها ,ففتحته وركعت وصلت طالبة منه أن يبقي عليه .
سيكون الله رحوما ويبقي على رايك دي زالدو.