كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
وأدارت أبرة الراديو حتى سمعت صوتا دلها على المحطة الصحيحة , أنه صوت الكوريدا السابح في الفضاء , راح رايك يدخن ويستمع وهو جالس في سريره وبدا لأنجيلا بأن لون بشرته الداكن يتناقض مع لون البطانيات الأبيض.
فجأة تمتم قائلا:
" أن هذا الثور هو شيطان ". وتابع بصوت عال : " أما زلت هنا يا أنجيلا؟ ألم تغضبي وتغادري الغرفة بعد؟".
" أنني أفكر بهذا الحصان المسكين الذي يواجه الثور وهو معصوب العينين".
فقال لها ببطء وتأن:
" أنني أعرف تماما بماذا يشعر".
منتدى ليلاس
عضت أنجي شفتها عندما سمعته , كم كان سهلا أن تنسى أنه أعمى لأنه كان يبدو قويا وكبيرا , كانت تسبح في أفكارها فأنتفضت عندما كلمها بعد صمت طويل:
" لا تحزني , يبدو أنهم قرروا ألا يقتلوا الثور".
كانت ترمقه بنظرات الأسى وأحست بحزن وغم شديدين .
كانت تصدح في الراديو , وسط زئير الجماهير المحتشدة في الملعب , موسيقى التوريدو الشهيرة , ولم تدرك ما الذي جعلها تحس فجأة بالخوف على رايك , فراحت تتضرع ألى الله من كل قلبها كي يحفظه , لقد كان رايك شجاعا , والشجعان يجب مكافأتهم.
" بأستطاعتك أقفال الراديو الآن , لقد كنت شجاعة ببقائك حتى النهاية".
أقفلت الراديو وساد السكون في الغرفة , تنهد رايك قائلا:
" أتمنى من الله......".
فقاطعته قائلة بحنان:
"أعلم , يا صديقي".
أنحنت عليه تداعب شعره بيدها ثم وعتها على جبينه فأحستأنه محموم , أنتابها القلق فسألته:
" هل تشعر بألم في رأسك؟".
" أنه ألم خفيف في هذه الجهة". وأشار ألى أصابته : " لا أريد أن أتناول أية حبة من هذه الحبوب العينة , أنها تجعلني أنام كالميت وعندها تنهال علي الكوابيس , أنت لن تحبي أحلامي يا أنجيلا, أتصور أن كل أحلامك تدور حول الحب والرومنطيقية , أليس كذلك؟".
" بالطبع , فنحن معشر الممرضات , أحلامنا حارة وجميلة".
لقد كان بأمكانها أن تتكهن ما هو نوع الكوابيس التي يتعرض لها رايك أثناء نومه , وتعلم بأن أحلام المكفوفين أغنى من أحلام المبصرين ,ولكن معالجة الموضوع الذي كان يؤرق رايك لم تكن في متناول يدها , أن عامل الوقت سيلعب دوره في هذا الموضوع , مع مرور الوقت سوف ندفن ذاكرة رايك حادثة الأنفجار المروع وتبقى في النهاية مجرد ذكرى مثل غيرها من الذكريات.
" هل لديك شخص ما بأنتظارك في أنكلترا؟ شخص عزيز تسيرين معه يدا بيد وتتكلمان وتضعان خططا للمستقبل؟ طبيب شاب, ربما".
" لا, ليس هناك شخص محدد , فقط أصدقاء عاديون مثل الجميع , نخرج ونسهر سويا".
حدقت أنجي في العينين المطفأتين اللتين لا يمكن لأحد أن يستنتج ما يدور في رأس صاحبهما , وفي الوقت نفسه أحست بنبضها يتسارع , لقد رغبت فجأة في لمس بشرته الداكنة وتقبيل جروحه الناتئة , لكنها تراجعت في اللحظة الأخيرة.
لقد كان سيباستيان أجمل من رايك بكثير , لكن رايك بالمقابل كان يتمتع بجاذبية لا يتمتع بها سيب, لقد كان بطوله الفارع ولونه الأسمر يشابه مصارع الثيران في حلبات مدريد الشهيرة.
" لا بد أنك تعبة جدا , لكن قبل أن تذهبي ألى غرفتك, هل بأمكانك أن توجهيني نحو الحمام؟".
أجابته على الفور:
" بكل تأكيد ". وأضافت ضاحكة : " رغم أنه ليس المكان الأنسب الذي يمكن أن تتوجه أليه , أن الحمامات أمكنة خطرة , أليس كذلك؟ فكثير من الأشياء الغريبة والمريبة تشاهد فيها".
|