ثم تطلع صوب أنجي عله يجد لديها الدواء الشافي للعذاب الذي يعيشه أبنه منذ مدة.
" رايك , يا بني , آه ’ لو كنت أستطيع أن أقدم لك عيني! ".
بدت هذه الكلمات وكأنها تخرج مباشرة من القلب ألى القلب , فأبتسم رايك وقال :
" هذه أجمل كلمات أسمعها منك يا أبي , أرجوك أن تسامحني أن كنت أبدو فظا في بعض الأحيان , لكنني لا أستطيع أن أحيا على الكذب , حتى ولو كان كذبا أبيض ويهدف للخير , أنا لا أعيش في غباشة وأنما في ظلام , فالضوء مفقود تماما من عيني!".
عند سماعها هذه الكلمات أحست دونا فرانشيسكا بأنحباس في أنفاسها , فدفنت رأسها في منديلها وأجهشت بالبكاء.
" عمتي , لا!".
منتدى ليلاس
لقد تكهن رايك فجأة بأن عمته هي التي تنتحب , فتابع موجها كلامه أليها :
" تذكري ما قلته لي عندما عدت ألى المنزل , لقد أخترت الذهاب ألى حيث تستعر الحرب , لقد أخترت طريقي وهذا ما سأفعله دائما , فكفكفي دموعك , أرجوك!".
قامت أيزابيل ولم يكن في عينيها أي أثر للدموع , فبدا لأنجي أن هذا الموقف لم يؤثر بها , وتوجهت نحو رايك وأمسكت بيده وقالت :
" هيا , يا رايك ,سوف أرافقك ألى غرفتك".
ونظرت ألى أنجي كمن تقول هذا الرجل ليس بحاجة ألى ممرضة , أنه بحاجة ألى حبيبة".
" تصبحون على خير ".
قالها رايك وخرج من غرفة الجلوس ترافقه أيزابيل , ففكرت أنجي بأنه كان من الأفضل لها لو بقيت في أنكلترا مع ذكريات عنه , لقد بدا لها واحا أن رايك الرجل لم يكن يريدها هنا , كانت جروحه وأصابته فقط بحاجة لمعالجتها هي , أما مشاعره فقد كانت تنتظر أمرأة أخرى , قد تكون هذه المرأة الأخرى أيزابيل , على سبيل المثال , فلقد كانت فكرته عنها واحة بعكس ما يتذكره عن أنجي التي غادرت الجزيرة في سن صغيرة نسبيا.
أنتفضت عندما أمسكت يدا دون كارلوس بيديها , حدق في عينيها للحظة بدت لها وكأنها دهرا ثم قال :
" تحمّليه , أنجيلا ,من أجلي أنا".
" من أجلك أنت , يا سيدي؟".
" نعم ".
ورفع يديها ألى شفتيه وقبلهما قائلا:
" أذهبي ألى سريرك الآن , فلقد كان يومك متعبا , أتركي أيزابيل تتصرف معه".
" حسنا , يا سيدي".
لم تجرؤ على سؤاله ماذا يقصد بما قاله , لكنها أستنتجت من خلال كلماته ما يعزز تصورها السابق , أذ كانت تفتر بأنه يناسب دون كارلوس أن يتم زواج أبنه رايك وربيبته أيزابيل.
" تصبح على خير".
" تصبحين على خير , يا صغيرتي , نامي جيدا".
فأومأت برأسها وهي تغادر غرفة الجلوس يخالجها شعور بأن ليلتها الأولى في الفيللا كممرضة لرايك , لن تكون مريحة على الأطلاق".
صعدت ألى الطابق العلوي وما أن سارت في الممشى حتى شاهدت أيزابيل وهي تخرج من غرفة رايك والعبوس يعلو وجهها مرت مسرعة قربها دون أن توجه أليها أية كلمة , توجهت أنجي مباشرة نحو غرفة رايك وعندما وصلت وجدت الباب لا يزال مفتوحا وشاهدت رايك متشابك اليدين ومنحني الرأس كمن يود أن يوجه ضربة ألى الظلام الذي يلفه لفا , ومتمنيا أن يجد ثغرة ينفذ منها ألى النور.
ترددت أنجي ثم دخلت ألى الغرفة على رؤوس أصابعها , فأستدار رايك كمن سمع جة وقال :
" أخرجي أيزابيل , وأذهبي ألى شخص يستحقك أكثر مني".
" هذه أنا , أنجي".
" آه , لقد أتيت لتعيني في السرير ؟ لقد وصلت في الوقت المحدد فلقد أرتديت لتوي ثياب النوم".
قالت له بلهجة آمرة:
" أدخل ألى السرير".
" أن لهجتك تشبه لهجة المدربين العسكريين , تعرفين هذا ؟". وتابع مستطردا : " هل تهدفين ألى جعلي آداة طيعة بين يديك ؟ هل هذا هو برنامجك أيتها الممرضة ؟ هل تخططين لأقناعي بنظريتك؟".
" أنا أخطط لأقنعك بالعودة ألى أنسانيتك , لكن تصرفاتك لا تجعلني أتفاءل بالنتيجة , لقد شاهدت خلال ممارستي للمهنة كثيرا من المرضى والأطباء ذويالأطباع السيئة , ولكنني لم أشاهد مثلك أبدا".
" أنا مسرور لأنه ما زال بأستطاعتي الفوز بأن أزعج البعض".