كاتب الموضوع :
rosi
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
9_صرخة في واد
مرت ثلاثة أيام قبل أن يخرج غلين مع كاترين لركوب الخيل ، ثلاثة أيام قضاها في فراشة ن ماعدا ساعات المساء فقط حيث كان ينضم فيها إلى بقية أفراد العائلة على مائدة العشاء ، أو في غرفة الجلوس ، وأما كاترين فكانت تجد سلوى في رفقة ماريا في المطبخ تستمع إلى حكايتها المثيرة الجميلة
غير أنها بعد ظهر أحد هذه الأيام ، رافقت بن فريزر في جولة في أنحاء الطابق الأرضي وهو يحكي لها تاريخ العائلة ، أخذا ينتقلان من غرفة إلى أخرى ، وهي في حالة من الذهول أمام فخامة وأناقة ما ترى ، والواقع أن كاترين لم تعرف عدد الغرف التي مرت بها ، ولم تستطع أن تقدر المساحات التي بنيت عليها ، وجميعها لا تقل رحابة ، وزخارفها لا تقل جمالاً عما سبق ورأته من أجزاء المبنى ، وعجبت في نفسها ، وتسألت لم كل هذه القاعات ، ولم كل هذه الغرف ؟!!منتدى ليلاس
كان بن قد قرأ أفكارها فقال وهما لم ينهيا جولتهما بعد :
في الواقع ، لم يكن من الضروري بناء جميع هذه الغرف ، ولكن ماكدونالد أراد أن يبني أكبر وأفضل بيت في الجوار ، وهذا ما فعله
مرا بغرفة خاصة للموسيقى ، مزخرفة بأجمل الزخارف وأتقنها في وسطها بيانو فخم لم يفقد رونقه ولمعانه ، وفي إحدى الزوايا قيثارة كأنما لم تمسها يد
مر بن بأصابعه على مفاتيح البيانو ، وقال وفي صوته نغمة حزن عميق :
مارغريت اعتادت أن تعزف عليه كثيراً ، ولكن بعد ولادة أنجس وجيرد، لمتعد تملك الوقت الكافي لذلك
شعرت كاترين بأن جيرد احتفظ بهذه الغرفة كما هي لذكرى أمه ، ولما نظرت إلى بن رأت ملامح أسى دفين ترتسم على وجهه
وصلا إلى غرفة المكتبة ، فكانت كبقية الغرف باتساعها وزخارفها وترتيبها وفخامة أثاثها ، ألقت كاترين بنفسها على إحدى الأرائك طلباً للراحة ووقف بن قبالتها يتكئ على حافة مكتبة تغطي الجدار صفت فيها الكتب من الأرض حتى السقف ثم قال :
في هذا المكان يقضي جيرد معظم وقته ، هذا إذا لم يكن في غرفته التي يخلو إلى نفسه فيها
سحب من بين الكتب مجلداً ضخماً وأخذ يقلبه بين يديه ، وقال :
لقد اشترى ماكدونالد هذا المجلد لأنجس ولدي الأكبر ، لقد كان صياداً ماهراً ، وكان يسعده الخروج للصيد في كل الأجواء
ومرة أخرى مرت سحابة حزن على وجه بن واستمر في الكلام ، واستمرت كاترين في الإصغاء إلى حديثه ، ولكنها فجأة لمحت جيرد من خلال النافذة
فوقفت مسرعة وتراجعت تخفي نفسها وراء الستائر المخملية ، لئلا يظن أنها أخذت حريتها أكثر مما يجب أما بن فإنه لم يلمح ولده الأصغر وتابع :
انجس قتل ، الطائرة التي كانت تقله سقطت في الغابة ، على الجهة الشمالية من هنا ، في طريق عودته من رحلة صيد ، مسكين انجس
لم يدخل جيرد إلى الغرفة ، ويبدو أنه صعد مباشرة إلى سريره ، أما هما فقد أكتفا بهذا القدر من التجول ، وافترقا كل إلى غرفته
أصبح الهواء عليلاً ، والشمس دافئة ، مع إطلالة صبح اليوم التالي ، وحالة غلين تسمح له بالخروج برفقة كاترين لركوب الخيل
كان الإسطبل قريباً من مساكن العمال ، ولكن قلة منهم كانوا قد خرجوا في ساعات الصباح ، رأت كاترين اثنين من العاملين هناك ، فصاحا يحييان غلين ، وقام غلين بمصافحتهما وتقديم كاترين إليهما ، وقال أحدهما :
لقد سمعنا بما أصابك ، ولكن يبدو أنك عوفيت تماماً ، فإن دماء ماكدونالد تجري في عروقك ، ولن يستسلم أي ماكدونالد!
أني مسرور لسماع ذلك ، هل فو قريب من هنا ؟ أريد أ، أعرفه على فالنتينا
رأت كاترين أنهما كانا مولعين بغلين ، وبعد أن ودعهما ، قادها إلى مبنى وجدا فو في المطبخ فتبادلا معه التحية ، وبينما كانت كاترين تلقي نظرة على الغرفة التي يتناول الرجال فيها طعامهم ، أخذ فو يشرح لها بعض الأحداث التي تجري هناك ، فقال :
يسكن هنا خمسون عاملاً ، بعضهم يعيش مع أهله
تعجبت كاترين :
كنت أحسب أن جميعهم يعيشون مع عائلاتهم في هذه البيوت
قال غلين :
كانوا يفعلون ذلك منذ سنين ، لكن جيرد حفاظاً على سعادة وراحة عماله ، ترك لهم حرية العيش أينما يريدون ، كي يتمتعوا بأوقات فراغهم على فراغهم على النحو الذي يشاؤون
أن جيرد يقدر على ذلك
قال فو باعتزاز :
جيرد رجل بكل معنى الكلمة ، فهو يستحق أن يكون حفيد ماكدونالد
قال غلين معلقاً :
فو يحب جيرد ويخلص له ، فقد أنقذ حياته ذات مرة من الغرق
وأضاف فو :
فعلاً ، أنقذ حياتي من الغرق ، أو الموت برداً ، وخاطر بحياته من أجلي ، مع أنه كان من الممكن أن يتجمد مثلي
لم يرض غلين بالحصان الذي قدمه له تروي ، ذلك الشاب اليافع الذي لاقاهم في المطار ، وألح على ركوب حصانه برنس ولكن تروي قال :
إن جيرد هو الذي حدد لي أي حصان أعطيك ، وللآنسة فالنتينا
أنا لا أبالي بما يقوله جيرد ، أريد برنس ، أين برنس ؟
لقد ركبه جيرد هذا الصباح
قال غلين غاضباً :
لا بأس ، سوف أركب بيكر ، ولكن أخبر جيرد ، أنني لست مبتدئاً ، ولو كنت أعمىمنتدى ليلاس
كان الصبح رائقاً ن والشمس ترتفع تدريجياً إلى كبد السماء ، تلوّن الجبال البعيدة بريشتها الذهبية ، فتبدو كسلاسل من الذهب الخالص
قال غلين لكاترين وحصانهما يسيران جنباً إلى جنب :
آسف على تصرفي ، لكن مثل هذه الأمور تقلب كياني
لا تبالي غلين ، والآن أعلمني إلى أين نذهب ، فالمساحات شاسعة ، ولا أستطيع أن أقرر وحدي
حسناً ، هل ترين تلك الجبال التي تقع على يسارنا ؟ إنها تبدو قريبة ولكنها في الواقع بعيدة جداً
إنها تبدو غاية في الجمال ، أليس كذلك ؟
وتمنت كاترين لو قُطع لسانها قبل أن تعطي مثل هذه الملاحظة ، ولكن غلين أخذ الأمر بروح طيبة وأضاف :
أظن أنها أجمل جبال في الدنيا ، ولكن إضافة إلى بعدها فهي خطيرة جداً
إني أتوقع ذلك ، إلى أين نذهب ؟
حوّل غلين رأسه وقال :
من جهة اليمين ، - إذا لم أكن مخطئاً – هناك غابات كثيفة الأشجار ، شاسعة المساحة ن ثم تنحدر بشدة إلى واد ضيق عميق ، وهناك تشاهدين الشلالات التي أعطت منطقتنا اسم شلالات موز
ولكن غلين ، أليس هذا خطراً علينا أيضاً ؟ ألا يمكن أن نتجول فقط في هذه المراعي الفسيحة ؟
ماذا ؟ أميال وأميال من المراعي ، و الآف من المواشي ، فهل هذا كل ما تريدين رؤيته ؟
لا ليس هذا كل ما أريد رؤيته ولكن هذه أول مرة نخرج فيها ، وأمك
قاطعها بغضب :
أمي ، أمي متى تحافظ على وجودي إلى هذا الحد ؟ كل ذلك من أجل جيرد ، هو يريدها أن تعنى بي ، ولذا فهي تفعل ما يريد ، وهذا كل ما في الأمر
آه غلين , أنا متأكدةمنتدى ليلاس
متأكدة من ماذا ؟ أنها أم صالحة ؟ أنها تهتم لما يحدث لي ؟ فالنتينا ، هي فقط تريد جيرد ، وهي مستعدة لتفعل أي شيء ممكن لتتزوج منه ، دعينا نمضي الآن
حرك غلين حصانه إلى الأمام ، وتبعته كاترين ثم تقدمته تشق الطريق ، فرأت الأرض تزداد وعورة كلما توغلا إلى داخل الإحراج ، ثم إلى المنحدرات التي تؤدي إلى الوادي ، كما كانت الأشجار تزداد كثافة فضاق الممر الذي يعبرونه
|