كاتب الموضوع :
♫ معزوفة حنين ♫
المنتدى :
القصص المكتمله
يال هذا القدر الغريب!! لم تتوقع "أريج" البتة بأنها ستغرم ب "عماد" ابن عمها بعد ان تفننت في كرهه ومحاولات التخلص منه؛ وعادت بذاكرتها الى يومهما الأول معا؛ فهي لم تكتفي برفض معاشرته؛ أو باخباره بحبها لسواه ؛ بل انهالت عليه بشتائمها الفضيعة ؛ مطلقة عليه آخر الألفاظ التي يتوقعها أي رجل بيوم زواجه الأول ؛ والآن هي نادمة على ما قالت متمنية ان تستطيع ابدال كلامها بعكسه وعلى مسمع منه؛ ولكن لا !! هذا هو عقابها الذي تستحقه ؛ واخباره بما تكنه له من مشاعر ؛ هو آخر القرارات السليمة التي تنوي تنفيذها . استيقضت في الصباح الباكر وقد شعرت بانهاك كبير يفتت عظامها بعد عملها الغير عقلاني بالسهر بليلة الأمس ؛ وأعتقدت لوهلة بان الصوت الحاد الذي أيقضها ما هو الا صوت المنبه ؛ ولكنها أدركت بسرعة ان هذا الصوت ما هو الا صوت الهاتف الذي لا ينوي التنازل عن رنينه الا برفع السماعة ..( صباح الخير؛ هل أيقضتك؟!) تثائبت بانهاك متطلعة الى ساعة الحائط وقد قفز قلبها فرحا لسماع صوته ( هذا ما كنت أتوقعه منك كل صباح؛ كيف حالك ؟)
أسرع في الاجابة وكأنه بنتظر هذا السؤال ( بخير؛ وأنت ؟!) وكادت أن تقول له بأنها مشتاقة اليه بجنون؛ وان اليوم هو
أسوء يوم في حياتها ؛ ولكنها ابتلعت كل هذا بحنجرتها وقالت بيأس (بخير؛ هل باشرت قضيتك ؟) صمت لبرهة وكأنه لا ينوي التحدث عن أية قضية ومن ثم تمتم بلهجة غير مكترثة ( قابلت البارحة موكلي؛ وازداد شكي بان هناك مكيدة ما ؛
ولكنني متفائل) ومن ثم غير الموضوع قائلا ( لم أستطع النوم ليلة أمس..) ارتجفت أوصال "أريج" لا شعوريا ؛ ولكنها سرعان ما أكدت لنفسها بانه كان يفكر بحبيبته؛ ورغما عنها أقرت بالحقيقة ( وأنا أيظا ..) وتفاجئت حين استقبل "عماد" اقرارها هذا بفرحة كبيرة (أحقا "أريج" ؟؟!) وأدركت حينها لعمق الخطأ الذي ارتكبته؛ يجب أن تكون أكثر حذرا ؛ وسارعت في التبرير ( لقد.. لقد تعودت النوم برفقة أحد ما؛ الجو تغير علي فجأة ؛ بالطبع هذا ما أقلق نومك؛ أليس كذلك ؟!) تنهد "عماد" بشكل مفاجىْ ( انه كذلك؛ حسنا ؛ سأتركك الآن لتذهبي الى المكتب؛ وأنا بدوري سأتصل لأمي؛ أتفقنا ؟؟)..
( اتفقنا ) وأغلقا الخط بعد وداع قصير؛ وعادت "أريج" لبؤسها ؛ وتوجهت لخزانة ملابسها بتكاسل؛ لتغير ملابسها الى بدلة سوداء كانت قد لبستها بيوم زواجها الأول! حتما هي لم تشعر بكل هذا الشوق ل "وحيد" عندما سافرت مبتعدة عنه الى أمريكا
كما تشعر الآن نتيجة بعد "عماد" وسفره الى "فلوريدا" ؛ فبقدر الكره الذي كانت تكنه ؛ بقدر الحب الذي تكنه الآن؛ انها مجنونة!!! واستقبلها وجه "روز" الفضولي حال دخولها الى المكتب؛ وقالت مستفسرة بعد ان توجهت "أريج" لمكتب "عماد" كي تحضر الملفات المتعلقة بالقضايا التي ستباشرها بدلا عنه (كيف كان الوداع؟؟ ) ابتسمت "أريج" بخجل ( مؤثرا ) .. (هل تعانقتما ؟؟!!) ضحكت "أريج" بقوة قبل ان تجيبها وهي تعود الى المكتب وتلقي بالملفات ( انه سؤال محرج لفتاة شرقية
خجولة مثلي !!) ..( اذن تعانقتما !!!) وأعقبت ( أخبريني ؛ ألم يدفعك رحيله هذا للاعتراف بشي ما ؟! ) تنهدت بألم وضيق دون أن ترفع عينيها عن الأوراق ؛ وأجابت بصدق واستسلام ( بلى؛ أنا مغرمة بذلك المعتوه "عماد" ؛ ولكن وبنفس اليوم الذي اعترفت فيه بذلك لنفسي؛ حطمني هو بالاعتراف الي بحبه لسواي؛ أنا يائسة يا "روز" وسيئة الحظ )..( من هي؟؟؟؟!!!!!) ..( لا أعلم ؛ لقد كان الوقت قصيرا وكنا بالمطار) تفكرت "روز" قليلا قبل أن تقول مخمنة ( ربما كان يقصدك أنت بكلامه؛ وأراد اخبارك بطريقة غير مباشرة )أقطبت "أريج" حاجبيها مستبعدة الفكرة ( لقد أخبرتك مسبقا اننا لم نلتقي الا بعد عشر سنوات؛ ولا تقولي بأنه قد أحبني بعد ذلك؛ فلا أضنه أحمقا ليحب بلهاء وقحة مثلي) .
قضت "أريج" أيامها طوال شهر كامل ؛ كجثة لا حياة فيها؛ ولم يكن يعزيها على حرقة نار الفراق التي تكويها؛ سوى تلك المكالمات القصيرة التي كانت تتبادلتها مع "عماد" بأوقات محددة من الليل والنهار. لقد تأكدت تماما خلال تجاوزها لنصف المدة المحددة لانتهاء قضيته ؛ بأنها لا تستطيع العيش من دونه ؛ وبأنها باتت تحبه بجنون. وبأوقات كثيرة؛ كاد اليأس يقضي عليها عندما تتذكر بأن عليها قضاء شهرا مماثلا؛ كهذا الشهر الفضيع الذي عاشته بمعجزة من دونه؛ وأشد ما كان يعذبها طيلة هذا الشهر؛ هو تظاهرها اليومي بعدم اكتراثها بشأنه؛ وتغيرها لموضوع كيفية قضاءها ليومها لتسأله عن القضية الموكل بها ؛ وأوقات كثيرة كانت تضعف فيها وتهم باخباره بأنها تحبه ؛ وبأنها لا تريد شيئا من هذه الحياة ؛ سوى أن يسمح لها بالعيش بقربه الى أن تفارق الحياة ؛ ولكنها تتراجع بآخر لحظة...وفي اليوم الأخير لهذا الشهر؛ وحين كانت عائدة بسيارتها لشقتها بعد ان عرجت على زوجة عمها وتحدثت معها عن مخابرات "عماد" وأحواله ؛ سمحت لنفسها بالتوجه لاحدى (استيدوهات) التصوير لتكبير صورته التي حصلت عليها أثناء خطوبتهما . وبعد ان تم تكبيرها ؛ أسرعت في العودة الى شقتها لتقوم بتعليقها
بمقابلة صورتها بالصالة ؛ بعد ان تجنبت التواجد عند اتصال "عماد" المساءي ؛ خوفا من الضعف الذي لمسته من نفسها اليوم.
وما ان انتهت من تعليقها ؛ فاجئها صوت رنين الهاتف؛ وهذه المرة لم تتوقع بأنه "عماد" ؛ ولكنه كان كذلك !! وتناهى الى مسمعها صوته الحنون القلق ( مساء الخير؛ لماذا لم تردي على اتصالي منذ قليل ؟ هل أنت على ما يرام ؟!!!) أسعدها اهتمامه؛ ولهجته الخائفة القلقة؛ فأجابت هلى الفور (أنا آسفة؛ كنت في زيارة لوالدتك؛ وبعدها.. وبعدها ذهبت الى المتجر لأبتاع
بعض الحاجيات ) تنهد عندها "عماد" براحة ؛ ومن ثم قال بمنتهى الحماس ("أريج" ؛ لدي خبران ستسرين لهما كما أضن؛ وعلى الأرجح؛ لن تكوني مكترثة بالخبر الأول كالثاني!!) سارعت "أريج" في استعجاله وهي تحاول التخمين بلهفة كبيرة (قل ما عندك يا "عماد" ؛ لقد شوقتني !!) هتف لها بسعادة غامرة (لقد كسبت القضية يا "أريج" !! لقد كانت شكوكي بمحلها؛ رجل مغرم مهووس هو القاتل؛ أراد أن يعاشرها فرفضت؛ فأطلق عليها النار؛ وأتا الزوج وأمسك بالمسدس؛ فتطابقت البصمات) تنهدت "أريج" بسعادة لا حدود لها وكأن صخرة ثقيلة قد انزاحت عن كاهلها؛ فأكمل "عماد" وقد أدرك لعمق سعادتها بنجاحه (سأعود في الغد "أريج" ؛ لا تنتظريني في المطار؛ أعدي لنا افطارا شهيا وسأوافيك بالمنزل؛ هل أنت سعيدة؟؟) وعندها كافئت نفسها لأول مرة؛ ونطقت بالحقيقة ( سعادتي بلا حدود "عماد" ؛ سأكون في انتظارك) وسادت لحظة مشحونة بالعواطف؛ قبل أن يعود "عماد" للحديث ( والخبر الذي قد يسعدك أكثر: لقد قررت أن نسافر الى الكويت للشهر القادم ؛ ما رأيك ؟!)..( طبعا موافقة؛ ولكن المكتب...) قاطعها وكأنه قد توقع لما ستقوله ( سنتركه ل "روز" ؛ وسنعين مساعدة لها ؛ انه شهر يا "أريج" ؛ لن يكون طويلا بالنسبة لك وأنت تشعرين بالاستقرار و السعادة بجوار عائلتك ؛ أليس كذلك؟؟) وبعد مجادلة قصيرة؛ تمكن "عماد" من اقناعها؛ وأقفلا الخط بعد لحظة قصيرة؛ تبادلا فيها سعادتهما بقرب اللقاء......
--------------------------------------------
وما ان وضعت "أريج" سماعة الهاتف؛ حتى نهضت ودارت بسعادة حول نفسها عدة مرات؛ قبل أن تعود لرشدها وتقرر تنظيف الشقة؛ بعد ان بدت لها فكرة الخلود الى النوم فكرة غير مرغوب بها!! وفي أثناء ترتيبها لغرفة المكتب؛ ولمكتب "عماد" بالتحديد باحدى الأدراج؛ سقط منها احدى الكتب العريضة الخاصة به ؛ وهمت بادخاله فورا الى الدرج بنزاهة ؛ غير ان صورة فوتغرافية قد سقطت منه أثناء ذلك؛ وما رأت فيها هو الذي حرك فضولها وألهب مشاعرها .. انها صورتها التي أرسلتها ل "عماد" !!! ورغم عنها؛ تصفحت ذلك الكتاب الذي بدى من الواضح انه لا يخص العمل؛ وصعقت بما يحتويه؟؟؟؟ انه دفتر مذكرات "عماد" !!! وليس هذا ما أذهلها تحديدا؛ بل الكلمات التي كتبت بأول صفحة ( أحبك "أريج".. هذا هو شعوري نحوك والذي طالما تهربت منه) وفورا رفعت "أريج" عينيها الى التاريخ؛ فصعقت بأن هذه الكلمات قد كتبت قبل عشر سنين تقريبا!!!!!! وحين أكملت قراءة الصفحة وقد بدأت دموعها بالتساقط دون أن تحس بها ؛ تبين لها بأنه قد اعترف بهذا الحب ؛ بأول يوم له بأمريكا بعد ان توفى عمها رحمه الله وسافر ليعيش بقرب والدته المريضة؛
وطبعا ليكون مستقبله وحياته ومكتب المحاماة الذي كان صعب المنال بالنسبة اليه ؛ مع العلم انه كان حلمهما _ هي وهو_ والذي شاء الله أن لا يتحقق في الكويت .. وأخذت تتصفح بنهم؛ لتؤكد لنفسها انها لا تعيش حلما ورديا قريب الانتهاء؛ فعرفت أشياء كثيرة ؛ مهمة وغريبة عن "عماد" وعن علاقته بوالدها تحديدا ؛ فقد كان والدها _ سامحه الله_ على علم بحب "عماد" من البداية ؛ وكان قد وعده وعدا صادقا بأن يزوجها اياه ما ان يطمأن على مستقبله من جهة ؛ وما ان تتخرج هي من الكلية من جهة أخرى ؛ وهذا ما حصل فعلا ؛ فقد كان زواجهما بعد تخرجها مباشرة؛ وهي آخر من يعلم ؛ بفضل عادات والدها المتشددة طبعا !!! وأكثر الكلمات التي أسعدتها وآلمتها بنفس الوقت ؛ هي كلماته الأخيرة قبل أن يسافر الكويت ليتزوجها ؛ فقد بينت لها عمق حبه ودماثة أخلاقه والتي _ وللأسف_ لم تكتشفها الا متأخرة ( أحبك "أريج" !! وغدا سأقولها أمامك لأول مرة؛ بليلة زواجنا التي طالما حلمت بها طيلة تلك العشر سنين!! مجنون أليس كذلك؟؟؟ ولكنني على ثقة بأنك تشاركيني جنوني هذا ؛ لأنك وافقت على زواجنا السريع؛ دون آبهة بتلك الشكليات السخيفة التي تسمى بالخطوبة ؛ نحن لسنا بحاجة لفترة من التعارف؛ فأنا معك وأنت معي بقلبك طيلة تلك السنين؛ وها أنا ذا قد تمكنت من تحقيق حلمي بالزواج بك دون الحاجة للتفوه بعبارات جوفاء؛ ووعود فارغة كما يفعل الشبان في مثل سني ؛ وبمثل مجتمعي الرديْ هذا .. أنا فرح برؤيتك مجددا؛ تماما كمثل فرحتي برؤية الكويت!! أعلم بأنني أثرثر؛ فأنا لا أستطيع النوم من شدة شوقي ؛ وأردت أن أقول لك ان صورتك التي ظلت عالقة بقلبي لم تتغير؛ فهذا الوجه الملائكي الباسم الذي أراه بصالة شقتنا_ وأنا سعيد لهذا اللفظ_ هو نفسه الوجه البريْ الذي ظلت ملامحه عالقة بذاكرتي منذ وداعنا الأخير ؛ وحتى هذه اللحظة.. مجددا والى الأبد أحبك "أريج" !!!!!!!!!!!)
أعادت "أريج" الكتاب الى مكانه ؛ ومن ثم نهضت مغادرة المكتب الى صالة " شقتهما" ؛ ووقفت تشهق بالبكاء أمام صورته التي يشبك خلالها يديه حول صدره مستندا على باب الشقة؛ ورافعا وجهه المتفائل الى الأعلى متأملا السماء بمنتهى السرور والسعادة؛ وبتلقائية؛ استعادت عبارته التي تفوه بها حين رافقها الى الحديقة مذكرا اياها بما قد نسته من أيام طفولة جميلة عاشت معظمها برفقته
( أتذكرين حين أوسعت أولئك الشبان ضربا حين تحرشو بك ....؟؟؟؟) ورده حين اتهمته بأنه يتزوجها تقربا من عائلته ليس الا؛ فقد قال لها ضاحكا انقادا لكرامته ( انك لرائعة !!!) يالها من حمقاء أنانية حقيرة !!! لقد استحقت كل ما جرى لها من عذاب؛ فهي كادت تموت حزنا لفراق دام شهر كامل؛ فما كان حاله هو طيلة تلك السنين العشر التي كان يضن خلالها بأنها تبادله شعوره؟!! وما هو موقفه وهو يستقبل ثورتها تلك الليلة ؛ وتجبره ببجاحة على مرافقتها لمقابلة حبيبها بنفس الحديقة التي اختزنت ذكرياتهما أطفالا وصبية ؟؟!! ولم تجد نفسها الا وهي تصرخ منتحبة وهي تمرر أصابعها على وجهه الضاحك بالصورة ( ياالهي؛ أحبك "عماد" ؛ أنا مجنونة بك؛ عاقبني كما تريد؛ ولكن أرجوك؛ لا تقتل الأمل بقلبي بعد ان أحييته؛ كن كريما ولا تفعل ما فعلته أنا بك؛ أتوسل اليك!!) واندفعت في نحيبها بقوة؛ ولم تغادر مكانها الى أن أشرق نهار يوم جديد؛ نهار يوم عودته.....
نهضت من مكانها بسرعة؛ فهي لم تجهز شيئا حتى الآن؛ و"عماد" قد يصل بأية لحظة؛ واندفعت تكمل تنظيف شقتهما بمنتهى السعادة والخوف لكيفية استقبالها له بعد ان علمت بالحقيقة؛ وبعد ان انتهت من ذلك؛ أعدت لهما افطارا شرقيا شهيا ؛ وتوجهت مباشرة بعدها الى الحمام ؛ وحين انتهت من حمامها؛ فتحت دولاب ملابسها لتختار ما ستلبس؛ فتذكرته على الفور وهو يقول لها بالكويت ( وهذه الثياب السوداء وكأنك بجنازة!!) فابتسمت ملىْ فاهها قبل أن تتناول بدلة بيظاء أنيقة كانت قد قامت بشراءها برفقة "سهام" قبيل الزفاف. وما ان انتهت من تصفيف شعرها البني منسدلا؛ حتى أسرعت بنقل الصحون الى الصالة وتوضيب المائدة بمنتهى التوتر والقلق؛ وما ان انتهت من فعل ذلك ؛ حتى سمعت الرنين المدوي المتعجل ؛ فوجدت نفسها تعدو دون وعي لفتح الباب؛ وما ان فتحته؛ حتى استقبلها وجه "عماد" المسرور فاتحا ذراعيه القويتين لاستقبالها ؛ فارتمت بينهما ؛ وصرخت بقوة ودموع السعادة تنحدر على خديها ( "عماد" ؛ لقد اشتقت لك كثيرا !!!) وأجابها صوته الذاهل المرتعش وقد أدرك صدقها ( وأنا أيظا "أريج"؛ ولكن بالله عليك؛ لا أتحمل رؤيتك تبكين بهذه الطريقة) وبعد عناق طويل أفرغت به "أريج" كل اعتذاراتها الداخلية عن طريق الدموع؛ قادته لمائدة الطعام وهي تحاول تجفيف دموعها بظاهر يدها... وفي فترة ما بعد الظهر ؛ انصرف "عماد" لتصريف شؤونه ؛ ولتدبر مساعدة "روز" بغيابهما الذي سيستغرق الشهر؛ وعندما عاد في المساء؛ ذهل بالمفاجأة التي كانت بانتظاره ما ان فتحت "أريج" له باب الشقة؟؟؟ وتنقل بنظراته مصدوما ؛ ابتداء بتسريحة شعرها التي كانت هي نفسها التي صنعتها بالصالون بليلة زفافهما .. بل ان كل شي كان تماما كليلة زفافهما .. التسريحة والفستان الأبيض_ والذي اطلقت عليه حينها "الثوب المشؤوم" _ وحتى الحذاء ؛ كان هو نفسه!!! انتظر منها تفسيرا؛ فقادته للجلوس على الكنبة المجاورة وقد أحست ان رجليه تكادان لا تحملانه لهول المفاجأة؛ واندفعت قائلة وهي تأخذه بين ذراعيها بسعادة غامرة وبين دموع الندم التي تحرقها ( أحبك "عماد" ؛ أرجوك سامحني واقبل بي كزوجة!!) ابتعد قليلا عن أحضانها ليواجه عينيها ( هل أنا أحلم؟؟ هل تقولين انك تحبينني يا "أريج"؟؟!!) ..... ( بل أنا متيمة بك ) ... ( منذ متى؟؟) ....( لم أدرك ذلك الا باليلة التي رافقتك فيها الى المطار؛ كنت سأخبرك حينها؛ ولكنني تفاجئت باعترافك بالحب لمرأة غيري...) قاطعها بسرعة مبررا وكأنه يخشى ان تهرب منه ؛ وتأخذ حبها معها( كنت أعنيك أنت يا "أريج"؛ أنا أحبك منذ الطفولة؛ وتوقعت انك...) قاطعته وقد انكست رأسها خجلا لما فعلته ( علمت بكل شي البارحة؛ كل شيْ؛ اتفاقك مع أبي؛ وحبك لي؛ وكل شيْ) ...( من أخبرك؟؟؟ والدك؟؟؟؟!!) ... ( لا ؛ لقد قرأت دفتر مذكراتك بالصدفة؛ سامحني؛ لقد تملكني الفضول حين وقعت على صورتي مخبأة فيه) أوقفها "عماد" بمواجهته بسعادة غامرة؛ ودموعه تتساقط من عينيه الزرقاء تأثرا ( أتتأسفين؟؟ لولاه لما اعترفت لي بحبك أبدا.. ) وضحك فجأة بقوة وكأنه تذكر أمرا قد غاب عنه ؛ وقال بلهجة مؤنبة وهو يلامس وجنتها بحنان وحب كبير ( لقد أجدت التمثيل وأنت تحادثيني عبر الهاتف؛ أقتنعت فعلا بأنك غير مكترثة البتة لغيابي!!
كدت أجن وفكرت..) قاطعته مازحة ( فكرت بقتلي؟؟) ضحك ثانية ؛ وبقوة أكبر من سابقتها ؛ وبادلها المزاح ( لقد بدأت باتخاذ الاحتياطات بالفعل!!) تطلعت اليه بخجل ( والآن؟؟) بادلها نظراتها المحبة الماكرة (والآن صبري قد نفذ!!) وحملها لغرفة نومهما؛ فدفنت نفسها بصدره الدافىْ المحب وهي تردد بهمس ( يال سخرية القدر!!) التفت اليها "عماد" ( ماذا تقولين يا حبيبتي؟؟) ضحكت متمتمة
(لا شيْ؛ كنت أقول بأنني سأعوضك بأجمل شهر عسل نقضيه بالكويت) ...!!!
(تمت بعون الله)
|