5- لماذا لا ترحلين الآن؟
وفي ساعة مبكرة من صباح اليوم التالي ودعوا أهالي المنطقة للبدء في رحلة العودة ألى المدينة.
وعند الظهيرة , توقفوا لتناول الغداء في منطقة خالية من الأشجار بالقرب من مسقط مياه صغير , وكان الماء يشيع البهجة في النفس , كما أن المياه المتدفقة من الشلالات كانت تخفف بعض الشيء من شدة الحرارة في ذلك اليوم .
ومثل هذا الجو كان كفيلا بأن يبعث في أعماقهم مشاعر النشوة والسرور , ولكن الذي حدث أن وقت الطعام لم يكن مرحا وغلب عليه طابع الأنطواء , فقد جلس جوي صامتا , بينما تبادل جيمس وبيتر كلمات قليلة.
أما أندريا فكانت هادئة , لم يكن لديها ما تقوله , قضت كل وقتها في محاولة تناول نصيبها من الأرز المسلوق ولحم السنجاب الشديد الملوحة , وعندما جلست للطعام , عاودها الشعور نفسه مرة أخرى.
وأثناء فترة ما بعد الظهر , كان الطريق الذي يعبرونه يفضي بهم ألى تل يبلغ أرتفاع قمته ثلاثين قدما , وقال لهم جيمس :
" أن أجتياز هذه القمة سوف يوفر لنا من الوقت نحو الساعة".
ثم ألتفت ألى أندريا وسألها:
" هل تستطيعين تسلق هذا التل؟".
وكانت هي المرة الأولى التي ينظر أليها مباشرة بعد الحادثة قرب مستجمع المياه ظهر اليوم السابق.
وردت قائلة :
" يخيل ألي أنني أستطيع أن أفعل ذلك".
وعقب على الفور قائلا :
" وسوف أحمل حقيبتك عنك".
ومد يده أليها , فأعطته الحقيبة دون نقاش وعلقها على كتفه , والواقع أن عملية الهبوط من فوق التل لم تكن صعبة كما بدا أذ كان سطح الصخرة يوفر مواضع عديدة للأيدي والأقدام , ونظرا لأن أندريا لم تكن تضيق بصعود هذه الأرتفاعات , فقد تبعته في الهبوط دون مشقة.
منتديات ليلاس
ونزل جوي بعدها ثم تلاه بيتر ألا أنه عندما أشرف شقيقها على الوصول ألى السطح , تهاوى نتوء صخري تحت ثقل جسمه فسقط وأرتطمت رأسه بالصخرة بقوة فوقع مغشيا عليه , وهرعت أندريا نحوه , وهي تصرخ منادية : بيتر ! بيتر! وصرخ جوي هو الآخر : يا ألهي , لقد سقط! أما جيمس فلم يقل شيئا بل أنزل ما كان يحمله عن كتفيه , وأبعد أندريا عن طريقه بدفعة قوية , ثم أنحنى على ركبتيه بالقرب من بيتر .
وسأله جوي في فزع :
" لم يمت , أليس كذلك؟".
ونظر جيمس نظرة مطمئنة , ولكن لم يجبه , وبدأ يفك أربطة الحذاء الذي كان يستخدمه بيتر في الغابة , وبدأ بيتر يئن ويتوجع , فخلع له جيمس جوربه وبدأ في فحص رسغ قدمه بسرعة وفي خبرة وأدرك حقيقة ما حدث , فقال :
" أنه ألتواء في المفصل , وسوف نحتاج ألى نقالة يا رامزي".
وطلب منه أن يأخذ أداة القطع الحادة الخاصة به ليقطع شريحتين طويلتين من شجرة وجزمة من نباتات معينة تشبه الكرمة , كما طلب من أندريا أن تخرج كل البطانيات وتعد أي شيء لأستخدامه كوسادة تحت رأسه.
وغاب جوي عنهم نحو ربع ساعة , وعندما عاد وهو يجر شجرتين صغيرتين , كانت الدماء تسيل من يده اليسرى بغزارة , وقال في حنق :
" لقد قطعت يدي تقريبا , أن هذه الآلة حادة جدا كالمخرطة!".
وبدت علامات الكآبة على وجه جيمس وهو يخاطبه قائلا:
" دعني أفحص يدك".
وفي هذه الأثناء كان بيتر قد أسترد وعيه تماما , لكنه عندما حاول النهوض طلب أليه جيمس في حدة أن يبقى راقدا دون حراك.
ولم يكن جرح جوي غائرا كما كان يتصور , رغم أن يده كانت تدمي بغزارة ,وحقنه جيمس ثم وضع مطهرا وطلب من أندريا أن تربط مكان الجرح بضمادة.
وقبل أن ينطلق هو للبحث عن تلك النباتات التي طلب من جوي أحضارها , فلم يفعل بسبب أصابته , قال لهم جيمس :
" لا نستطيع أن نخيم هنا , أننا بحاجة ألى مياه جارية , النهر التالي لن يكون بعيدا عن هذه المنطقة , وأستسلم جوي لأسعافات أندريا لكنه لم ينظر أليها أو يحدثها , وبمجرد أن أنتهت من ربط الضمادة , أنصرف وأشعل سيكارة.
وعندما عاد جيمس حاملا النباتات الخاصة , بدأ في أعداد حمالة قوية لنقل بيتر , وكانت أندريا ترقبه وهو يجهزها , وتتساءل في نفسها أذا كان يجب أن يظل بيتر محمولا طوال رحلة العودة ألى سونغي موسانغ , وأذا كان الأمر كذلك , فأن هذا يعني أن بقية الرحلة سوف تستنفذ ضعف الوقت الذي كان محدد لنهايتها.