المنتدى :
القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
// راقصة ٌ في محرابك //
راقصة ٌ في محرابك ..
.........................
( وأنا ارقصُ عابثة ً .. على جمرِ عاطفةٍ مشبوبة ... أحرقني اللهبُ ورغم ذلك ما زلتُ أرقص .. )
.................
عينان بللتهما الدموع .. شفتان ترتعشان ...
ومشاعر مبعثرة شتتها اليأس ..
وأذهلها .. الخوف من الله ..
هل يسامحها ربٌ كريم لكنه شديد العقاب .. ؟
ثم هل يسامحُها .. هو .. ؟
عدلتْ من وضعية جلوسها ..وضمتْ ركبتيها إلى صدرها ..
ثم أحاطتها بيديها وهي مازالت برداء الصلاة ..
بذات الوضعية التي كانت عليها منذ أن صلتْ العشاء ..
حملها الفكر على بساطه السحري ..
حيثُ تاريخها العابث ..
فانهمر وابل دموعها ..
وتعالتْ شهقاتها لمجرد الذكرى ..
أحستْ بيدين حانيتين تربتان على كتفيها ..
ثم تضمها في شفقة أخوية ..
شعرتْ بالسكينة وصوت أختها المحب يتسلل إليها هامسا ..
( ما بك .. ما الذي بدل حالك ..
لماذا كساك الذبول بعد أن كنتِ وردة نظرة تتباهي بأريجها الفواح .. ؟ )
لم تجب إلا بزفرة حارة .. شعرت أن روحها ستخرج معها ..
استطردت أختها قائلة بحنو ..
رغم فرحنا بالتزامك ... إلا أننا نتألم .. مما حل بك ..
لم تعودي فراشتنا المحلقة المرفرفة بأجنحتها الملونة.. المتنقلة .. من قلب إلى قلب ..
( تعالى صوت زفيرها .. وهي تكاد تصرخ بأختها ..
ـ وهل قتلني إلا تحليقي من قلب إلى قلب ..
لم يردعني دين و لا خلق ...
حتى فتك بي عبثُ طفلة في الخامسة عشرة .. )
جزعتْ أختها لمصابها ..
أوقفتها ثم أوصلتها إلى سريرها ..
أحكمتْ الغطاء عليها ..
وخرجت وفكرها مضطرب على حال صغيرتهم..
ما أن أقفلَ الباب حتى رفعتْ نظرها لسقف الغرفة ..
تود اختراقه .. والتحليق عنده .. ( هو )
( آخر ضحاياها .. ثم البكاء تحت قدميه حتى يسامحها )
هو .. رجل ملتزم يلاحقه عبث مراهقة راهنتها صديقتها على أن توقعَ به ..
كشريط سينمائي مرت عليها حكايتها العنكبوتية معه ..
أحكمت تأليفها ..
و إخراجها ..
ومثلتها بكل جداره ..
طاردته .. في كل مكان .. ..
صادقتْ أخواته ..
حصلت على رقم جواله ..
و ثم ..بريده الالكتروني ..
ولكنه ظل صامدا أمام أسلحتها ( عصمه ربه )
وفي النهاية وفي داخل بيتهم تجرأتْ بعد أن خرج أخوها من عنده ..
واقتحمت عليه خلوته .. و راودته ..
قاومها .. مستنكرا .. فعلتها ..
لذا حين دخل أخوها .
صرخت مشيرة ً إليه كيف عبث مع صغيرة بريئة ..؟
وهو على أعتاب الثلاثين ...
بكتْ بشدة وهي تراه داميَ الوجهِ ..
ملقى على الأرض يتلقى ضربات أخيها .. باستسلام تام ..
وللمرة الأولى و الأخيرة رفع عينه إليها ..
وقتلها بنظرة غريبة..
يا الله كم تمنت نظرة منه تشفي تولعها فيه ..
ثم عندما تحققت الرغبة يكون هلاكها في عينيه .
( لا تنسى تلك النظرة العاتبة .. الناقمة .. المظلومة ..
المتمردة .. نظرة الهلاك .. ونقطة التحول.. )
رغم مرور سنة على تلك الحادثة لكنها نادمة .. آسفة ..
تموت كل يوم ألما و حزنا على ما اقترفته بحقه .. ( هل يسامحها ؟)
رفعت عنها اللحاف .. توجهت إلى حاسوبها فتحته ..
ثم أرسلتْ ما كتبته منذ أشهر إلى بريده .. و عندما جاءها الرد .. ( تم الاستلام .. )
تنهدتْ براحة .. لم تشعر بها منذ زمن ..
ثم أعادتْ قراءة الرسالة ..
قبل أن ترسلها إلى سلة المحذوفات ..
( راقصة ٌ في محرابك ..
على وقع تراتيلك ..
أنتَ .. تتسربل بعباءة الدين ...
و أنا .. أتمايل بثوبي الخليع ..
تعلو تراتيلك بصوتك العذب
و تزداد وقع خطواتي على الأرض ..
ترفع مقام صوتك لعل أكفُ ..
فأزدادُ صخبا وعبثا وتمايلا ..
تصمتْ ..
فيحل بي جنون الهوس والعبث ..
تحتمي بمحرابك تحصنا مني ..
فاقتحم طهر محرابك .. وأدنسه بخطواتي ..
ترفعُ يديك تدعو لي .. أن يهديني ربي..
فأرد عليك برقصة جديدة خليعة ..
تزدادُ تمنعا ..
و أزداد تمردا .. و جرأة .. علك تلين ..
ولكنك ..
ترمي سهم نظرتك .. فيصيبني في مقتل ..
أتوقف عن الرقص مجبرة ...
بعد أن أدمتني نظرتك ..
تلك .. التي شتتني و بعثرتني ..
أو .. وهي الحقيقة أنها جمعتني من جديد ..
فتبتُ و اعتزلتُ عبثي ..
فهل تغفر لي ..
هل تسامحُ طفلة ً اعتقدتْ أن الرقص فن .. ؟
....................
|