المنتدى :
المنتدى الاسلامي
نبينا الحبيب يتفقد حال بنته
نبينا الحبيب يتفقد حال بنته فاطمة مع زوجها علي
في هذا الموقف نستجلي شيئا من الهدي النبوي في التعامل مع
الأصهار. يوضح ذلك:
ما رواه البخاري ( ١) ومسلم ( ٢) عن سهل بن سعد رضي
بيت فاطمة فلم يجد عليا في البيت رضي الله عنه قال : جاء رسول الله
قالت: كان بيني وبينه شيء «؟ أين ابن عمك » : البيت، فقال
فغاضبني، فخرج، فلم يَقِل عندي [من القيلولة وهو نوم نصف
فجاء فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم لإنسان : ،« انظر أين هو » :فجاء فقال : يا رسول الله
هو في المسجد راقد، فجاء رسول الله
مضطجع قد سقط رداؤه عن شقه، وأصابه تراب، فجعل رسول الله صلى الله عليه و سلم
.« قم أبا تراب، قم أبا تراب » : يمسحه عنه ويقول الله
ومن المسائل والفوائد التي تضمنها هذا الموقف:أن أهل الفضل قد يقع بين الكبير منهم وبين زوجته ما طبع
عليه البشر من الغضب، وقد يدعوه ذلك إلى الخروج من بيته، ولا
يعاب عليه.،
قال ذلك ابن بطال رحمه الله وعقب عليه الحافظ ابن
حجر بقوله: ويحتمل أن يكون سبب خروج عليٍّ خشية أن يبدو
منه في حالة الغضب ما لا يليق بجناب فاطمة رضي الله عنها
فحسم مادة الكلام بذلك إلى أن تسكن فورة الغضب من كل
.( منهما ( ١
قلت: ومما يؤكد ما ذكره ابن بطال رحمه الله في وقوع
الخلاف بين بعض أهل الفضل وأهلهم، أن الفاضل منهم قد تغاضبه امرأته وتخرجه عن حلمه
، كما فعل أزواجه لما طلبن منه ما ليس عنده من النفقة، وفي غير تلك المواقف،
ومنها ما رواه الإمام
أحمد( ٢) وأبو داود( ٣) بسند صحيح عن النعمان بن بشير رضي
الله عنه قال : جاء أبو بكر رضي الله عنه يستأذن على
، فسمع عائشة وهي رافعة صوﺗﻬا على رسول الله صلى الله عليه و سلم
فأذن له، فدخل فقال: يا ابنة أم رومان؟! وتناولها، أترفعين صوتك على رسول الله
قال: فحال النبي بينه وبينها، قال: فلما ، خرج أبو بكر جعل النبي يترضاها
يقول لها « ألا ترين،أني قد حُْلت بين الرجل وبينك
» : قال: ثم جاء أبو بكر، فاستأذن عليه، فوجده يُضاحكها، قال: فأذن له، فدخل، فقال له أبو بكر:
يا رسول الله، أشركاني في سلمكما كما أشركتماني في حربكما.
ويوضح ذلك أيضا ما نقل عن عمر رضي الله عنه أن
رجلا جاءه يشكو خلق امرأته، فوقف ببابه ينتظر خروجه، فسمع
امرأته تستطيل عليه بلساﻧﻬا، وهو ساكت لا يجد جوابا، فانصرف
الرجل، قائلا: إن كان هذا أمير المؤمنين مع زوجته، فكيف
حالي؟!!
فخرج عمر فرآه موليا، فناداه وقال: يا هذا ما حاجتك؟ فقص
عليه الرجل ما كان، فقال له عمر ناصحا: يا هذا إني احتملتها
لحقوق لها علي، إﻧﻬا طباخة لطعامي، خبازة لخبزي، مرضعة لولدي،
ويسكن ﺑﻬا قلبي عن الحرام، فقال الرجل: وكذلك زوجتي يا أمير
المؤمنين، فقال له عمر: إذا فاحتملها فإﻧﻬا مدة يسيرة. يريد مدة
الحياة.
ومن فوائد الموقف السابق:
أنه ينبغي لكل من الزوجين أن يتجاوز عن هفوات الآخر، وألا
يكون سببا في استدعاء المشكلات وتعقيدها، وخاصة الزوج، لأن
بيده عقدة النكاح وله القوامة الشرعية.
وينبغي أن يتذكر كل من الزوجين أن حصول الكمال أمر
محال، وأن يتدبر قول النبي صلى الله عليه و سلم
لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر"
، وقوله «، المرأةكالضلع، إن أقمتها كسرﺗﻬا، وإن استمتعت ﺑﻬا، استمتعت وفيها عوج»
.( خرجاه في "الصحيحين" ( ٢ : » : رواه مسلم ( ١)
هكذا ينبغي أن يكون في التجاوز والتسامح، إلا إذا رأى أن
الحزم هو المطلوب وأنه هو المناسب، فيلجأ إليه بقدر معين
وبأسلوب تربوي، فإنه عليه الصلاة والسلام وهو أكمل الخلق خلقا
وأشرفهم صدرا وألطفهم معشرا، كان صلى الله عليه و سلم إذا وجد من بعض
زوجاته خروجا عن القدر الذي يعذرن فيه يوقفهن على أخطائهن
وعاتبهن وربما هجرهن.
فمن ذلك ما روته أم المؤمنين عائشة قالت: كان رسول الله
إذا ذكر خديجة لم يكن يسأم من ثناء عليها، واستغفار لها، فذكرها
يوما، فحملتني الغيرة، فقلت: لقد عوضك الله من كبيرة السن،
قالت: فرأيته غضب غضبا، أسقطت في خلدي، وقلت في نفسي:
اللهم إن أذهبت غضب رسولك عني لم أعد أذكرها بسوء، فلما
رأى النبي صلى الله عليه و سلم ما لقيت: قال
: «كيف قلت؟! والله لقد آمنت بي إذ » كذبني الناس، ورزقت منها الولد وحرمتموه مني
. قالت: فغدا وراح علي ﺑﻬا شهرا
وبكل حال فالمطلوب من الزوج أن يتحلى بالحلم وعدم
الاستعجال لدى وقوع الخطأ من زوجته، ويسعى لتقويم الخطأ
بالحكمة، ولا يتعجل إلى الإضرار ﺑﻬا أو فك عقدة النكاح بالطلاق
أو بما يؤول إليه.
وهكذا الزوجة ينبغي أن تبني لنفسها في قلب زوجها كيانا من
المحبة لتكسب وده ورحمته، وإنما يكون ذلك بحسن المعاشرة وطيب
المعاملة.
والنساء في هذا الباب متفاوتات:
فمنهن الموفقة التي تجعل من بيتها روضة ناضرة، متروحة باسمة
مهما تعثرت في ثنايا حياﺗﻬا.
ومن النساء من تجعل الدار مثل الصحراء برمالها وقيضها
وعواصفها، ومن النساء من تجعل الدار لزوجها هي القبر.
ومن المسائل والفوائد في قصة المغاضبة بين علي وفاطم ة
رضي الله عنهما :
بيان كرم خلق النبي
فإنه توجه نحو عليٍّ ليترضَّاه، ، ومسح التراب عن ظهره ليبسطه، وداعبه بالكنية المذكورة المأخوذة
من حالته، ولم يعاتبه على مغاضبته لابنته مع رفيع منزلتها عنده،
فيؤخذ منه استحباب الرفق بالأصهار، وترك معاتبتهم، إبقاء
لمودﺗﻬم، لأن العتاب والجدال قد يفضي إلى الشحناء وإخراج
المشكلة إلى طور يصعب معالجتها فيه بين الزوجين فقط.
وفيه من الفوائد: أن الولي ينبغي له أن يزور موليته
ويتحسس أحوالها وينصحها بالحرص على إسعاد زوجها وتحقيق
مرضاته ويدلها على ما ينفعها ويفيدها في حياﺗﻬا.
وفق الله الجميع لما فيه الخير.
* * *
اخذت لكم هذه الفقرة من كتاب :
لمحات من حياة النبي صلى الله عليه وسلم مع بناته
|