أصرت الممرضة عليها لتتناول بعض الأقراص مع الشاي , وما أن شربت روث هذه الأقراص حتى أدركت أنها أقراص مهدئة , وأرتاحت للأمر لأنها كانت متعبة جدا وودت أن تنام لترتاح قليلا.

وفي الصباح بدا كل شيء مشرقا , تذكرت روث زوجها باتريك وكيف بدا لطيفا معها أثناء نزهتهما الى الشلالات , ولكن لماذا كان لطيفا؟ هل كان ذلك لغرض ما حتى أذا ما حققه تجاهلها.....منتديات ليلاس

نهضت روث من الفراش لتذهب الى الحمام , وشعرت بضعف ساقيها , ولم يعجبها القميص الأخضر القطني الذي ألبسوها أياه في المستشفى ليلة أمس , وتمنت لو أنها ترتدي شيئا آخر عندما يراها باتريك.

وبعد أن تناولت الفطور , جاء الطبيب في الساعة الثامنة صباحا ليزورها , كان رجلا جذابا , لم يبق معها طويلا وقد قال لها:
" بأستطاعتك أن تخرجي من المستشفى خلال يومين , في الحقيقة يمكنك أن تنهضي من فراشك اليوم وتتمشي في الغرفة , فليس هناك حاجة للبقاء في السرير.

أبتسمت روث قائلة:
" أشكرك يا دكتور على كل شيء".
" لا شكر على واجب , وأرجو منك في المستقبل أن تعتني بنفسك أكثر , أن صحتك جيدة ولا بأس عليك وسوف تنجبين أطفالا صحيحين , فلا تغامري على حساب صحتك مرة أخرى".

أجابت روث بحرارة:
" لن أغامر بصحتي مرة أخرى".
وبعد أن ذهب الطبيب استوت روث في السرير وقد وضعت الوسادة وراء ظهرها وأخذت تفكر يا ترى أين باتريك الآن , ولماذا لم يأت؟ ومن المؤكد أنه لن يذهب الى عمله هذا الصباح قبل أن يمر ليراها؟
منتديات ليلاس

فتح باب الغرفة ونظرت اليه روث على أمل أن ترى باتريك قادما ليراها , وقد خاب ظنها عندما رأت ممرضة شابة تدخل اليها , كانت الممرضة لينا فورمنت , تذكرت روث أن بولين أخبرتها أن لينا تعمل هنا في وظيفة أضافية.
بادرت لينا بالتحية :
منتديات ليلاس
" صباح الخير أيتها السيدة".
أقتربت لينا من سرير روث وأخذت تحدق فيها بنظرات ثابتة وكأنها تلومها لما حصل ولكن روث أجابتها:
" صباح الخير يا لينا , كدت أنسى أنك تعملين هنا".

كانت لينا تبدو هادئة وطبيعية وهي تضع غطاء رأسها كممرضة غير أن عينيها بدتا لامعتين ثم قالت لها ببرود:
" لماذا لا تعودين الى بلدك يا سيدة , فليس لك أي علاقة مع باتريك بعد اليوم".

شهقت روث من هول المفاجأة ثم قالت:
" عفوا يا آنسة , ماذا تقولين؟".
" أقول لك لماذا لا تعودين الى بيتك في أنكلترا؟ أعلمني باتريك بأنه تزوجك فقط لأنك كنت تحملين طفله , أما الآن وبعد أن توفي الطفل , فماذا تنتظرين؟".منتديات ليلاس

لم تصدق روث أذنيها فسألتها ثانية:
"هل أخبرك باتريك بكل هذا؟".
أجابتها:

" بأنك حامل؟ بالطبع , فهمت ذلك لأنه قضى ستة أسابيع في أنكلترا , لا تنسي أنه رجل ومن الطبيعي أن.........".
صاحت روث غاضبة:
" أخرجي من هنا , أخرجي من هذه الغرفة حالا".
منتديات ليلاس

أجابتها لينا وهي تبتسم:
" وأذا لم أخرج فماذا تفعلين؟ هل ستخرجينني بالقوة ؟ لا أعتقد ذلك , فأنت مريضة ولا تقوين على عمل كهذا ,أليس كذلك يا سيدة؟".

ظلت روث تصيح بها:
" أقول لك أخرجي حالا".
ولكن روث كانت ضعيفة ومتمددة في السرير ولا تقوى على النهوض , لم تتركها لينا وشأنها , وما هي ألا لحظات حتى دخلت كبيرة الممرضات لتستطلع أمر هذا الصراخ , فرأت لينا أمامها فقالت لها:

" ماذا تفعلين هنا يا آنسة فورمنت؟ أنك تعلمين أنه لا يجوز لك أن تزوري المرضى بلا أذن".
أجابتها لينا وهي تتجه نحو الباب :
" كنت على وشك الخروج ايتها الرئيسة".

خرجت لينا بدون أن تنظر خلفها لترى روث التي كانت ترتجف من الغضب ,فجاءت اليها الممرضة تستشف منها ما حدث , وقد بدت قلقة عليها ثم سألتها:
" ما الأمر يا سيدة؟ ماذا قالت لك الآنسة فورمنت لتزعجك هكذا؟".

هزت روث رأسها ببطء وقالت:
" لا شيء , لا شيء , ولكنني لا أريدها أن تأتي لهذه الغرفة أبدا , لا أريد أن أراها ".
فردت عليها الممرضة تطمئنها:
" بالطبع لن أدعها تدخل هنا ثانية و سأخبر الدكتور غونزاليس عنها ".

فردت عليها روث بحزم لأنها لا تريد أن تسبب لها أي مشكلة:
" لا , لا تخبري أحدا بذلك أرجوك , فكل ما هنالك أنني لا أريد رؤيتها ثانية".
أبتسمت لها الممرضة قائلة :

" حسنا يا سيدة , لك ما تطلبين ,ولكن أرجو أن تستريحي الآن ولا تغضبي نفسك ثانية".
أستكانت روث بهدوء لطلبات الممرضة التي ترعاها ثم سألتها:
" ألم يأت زوجي بعد؟".
منتديات ليلاس
أجابتها الممرضة :
" لا لم يأت , فلا يزال الوقت باكرا".
حدقت روث بالممرضة وكأنها تستجديها:
" أنها العاشرة".
وكأن الممرضة فهمت قصدها:
" سأسأل عنه الآن لا تزعجي نفسك أنني متأكدة أنه سيأتي , لا تخافي".

وما أن خرجت الممرضة من الغرفة حتى بدأت الشكوك تساور روث ,وفكرت لو أن كل شيء على ما يرام لأتى باتريك قبل هذه الساعة ليراها , ولكن ماذا هناك ؟ ثم تذكرت ما قالته لها لينا وأنتابتها موجة من الحزن والألم , لأنها أعتقدت بأن جون هو الشخص الوحيد الذي يعلم بأمر حملها قبل الزواج , ولم تصدق أنه من الممكن

لفتاة مثل لينا أن تجذب أنتباه زوجها باتريك فهو ليس من النوع الذي يستغل فتاة في السابعة عشرة من عمرها ولا شك أن الغيرة هي التي حملت لينا على فعلتها هذه.منتديات ليلاس

تناولت روث وجبة الغداء التي كانت من الخضار المقلية بالسمن وعليها بعض أنواع البهارات التي لم تستسغها روث , لم يأت باتريك بعد وأعتقدت بأنه لا بد ذهب الى العمل في المصفاة وسيأتي عندما ينتهي عمله بعد الظهر , وفكرت بأنه غاضب عليها لأنها خدعته مرة أخرى , والغضب في هذه الحال أقل الأيمان.

دخلت المرضة الى غرفة روث حوال الساعة الثالثة بعد الظهر وقالت لها:
" هناك زائر لك , هل أعينك لتستندي في السرير؟".

هزت روث رأسها بالأيجاب دون أن تنطق بكلمة حيث كانت الدموع تلمع في عينيها , ومع أنها خمنت بأن الزائر باتريك , لكنها أبعدت هذه الفكرة وحدثت نفسها بأنها لا بد أن تكون صديقتها بولين أو ربما جون ,وعندما دخل الزائر الى الغرفة لم تستطع الحراك بل أخذت تحملق فيه بدهشة , ثم صاحت غير مصدقة عينيها :
" بابا , آه , بابا!".

أندفع والدها نحوها بشوق وأخذ يضمها ويقبلها وهي تجهش بالبكاء , وبعد أن هدأت أبعدها والدها عن صدره برفق ثم أخرج منديله وأخذ يجفف دموعها ثم قال لها:
" أهكذا تستقبلين والدك يا عزيزتي , ألا تستطيعين أن تبتسمي لي؟".
كانت روث لا تزال تتنهد , وسألته:

" كيف ؟ ما الذي جاء بك الى هنا؟ وكيف عرفت أنني في المستشفى؟".
أجابها والدها:

ط كيف تظنين أنني عرفت؟".
" هل أخبرك باتريك بذلك؟".
" بالطبع".
منتديات ليلاس
" ولكن , كيف – و – ".
" أتصل بي باتريك ليلة أمس في الثامنة صباحا بينما كنت نائما ".
" لماذا فعل ذلك؟".

" تناقشنا طويلا قبل مجيئي الى هنا , ثم دبرت أمر مجيئي بأستئجار طائرة خاصة لتقلني بأسر وقت الى هنا".
" طائرة خاصة".منتديات ليلاس

" والفضل يعود الى صديقي دون هاملتون".
أجابت روث وقد أنتابها اليأس فجأة :
" فهمت , ولكن ماذا قال لك باتريك؟".

أجابها والدها:
" كل شيء".
أرتعدت روث خوفا ثم سألته:
" كل , كل شيء؟".

فرد عليها أبوها:
" نعم , كل شيء , علمت كيف أقنعت باتريك ليتزوجك , وماذا حصل بعد أن أكتشف خدعتك".
خبأت روث وجهها بيديها وصاحت مستنكرة:

" لا , آه لا".
أجابها والدها:
" لماذا لا , يجب أن أعلم ماذا تفعل أبنتي بحياتها , أليس هذا من حقي؟".
" ولكنك لا تعرف ......".

" كيف تقولين هذا؟ فأنني لم أحكم عليه بعد؟".
" أعرف ,ولكن......".
هز السيد فاريل رأسه ثم قال:
منتديات ليلاس

" ما فعلته لا شيء بالنسبة لما فعله هو , ألم تدركي بأنك خاطرت بحياتك وحياة الطفل أيضا؟".
وأومأت روث برأسها موافقة ثم قالت:
" أردت أن أرضي باتريك".

أجابها والدها بيأس:
" ولم تنجحي في أرضائه , أليس كذلك؟".
أجابته وهي ترنو اليه بنظرات أستعطاف:

" لا , هل باتريك غاضب مني؟".
صاح والدها بغضب:
" باتريك ,يا ألهي ألم تدركي ما حصل لك؟".

نظرت اليه والدموع في عينيها قائلة:
" بالطبع أعرف هذا!".
ولكن والدها كتم غيظه وقال:
منتديات ليلاس
" حسنا , حسنا سنترك مناقشة هذا الأمر لحينه , والآن فأنا أتيت لأسألك ماذا تريدين أن تفعلي؟".
" أجابته روث وقد أعتراها خوف ما:
" ماذا تقصد بسؤالك؟".

" بعد كل ما حصل لك , تحتاجين لبعض الوقت من الراحة والأستجمام لتستطيعي أن تقفي على قدميك".
" لماذا؟ لا أشعر بشيء البتة".
" جسديا ربما لا شيء هناك أوافقك , أما نفسيا فلا بد أن هناك شيء ما؟".

استندت روث الى الوسادة ثم قالت:
" لماذا تخبرني بكل هذا؟ لماذا جئت الى هنا فعلا؟ هل طلب اليك باتريك ذلك؟".
اجابها والدها بلا تركيز:

" هل هذا يهم؟ جئت لأصطحبك معي الى أنكلترا".
حملقت روث في والدها مستنكرة:
" لا , ولكنك كنت في نيويورك......".منتديات ليلاس

" في الواقع كنت في فيلادلفيا عندما وصلني الخبر فتركت كل شيء وجئت حالا ولكننا سنعود الى بيتنا في أنكلترا".
" هل ستعود من أجلي؟".
" أذا كان هذا لا يعجبك فبأستطاعتنا أن نذهب الى أي مكان آخر".
" ولكن باتريك.............".

" أفضل أن تتركي لي موضوع باتريك".
" لماذا؟ لماذا؟ ماذا قال لك؟".
" أنه يوافقني على أنك بحاجة لفترة راحة بعيدا عن هنا".
" بابا , ولكنني زوجته".

تنهد والدها مهدئا اياها:
" قلت لك بأن باتريك موافق".
ثم تابع حديثه:
منتديات ليلاس

" حسنا , حسنا لم يكن من السهل ما حصل , فبالرغم من الطريقة التي خدعته بها ليتزوجك , ولكنه أعترف بأنه جاء تلك الليلة وفي نيته أن يغريك وربما فعل كما كان ينوي".
وأخذ والدها يحدق فيها بأسى ثم تابع:

" ولكن ما يهمني هو معاملته لك منذ زواجكما فأنها لم تعجبني ابدا , فتصرفه كان لا أنسانيا , وأنا أعلمته برأيي هذا".
صاحت روث مستنجدة:
" يا والدي , لماذا فعلت هذا؟".
" كان عليّ ان أوقفه عند حده , لا بد أن يدرك نتيجة فعلته , أصغي الي يا بنيتي , سنذهب في رحلة الى أوروبا , الى اليونان مثلا فالطقس رائع في هذا الوقت من العام".

رفضت روث ما قاله والدها قائلة:
" لا أريد أن أعود الى أنكلترا , ألا تعرف أن بيتي هنا , بجانب باتريك؟".
نهض والدها وقال:

" لا يمكن أن أقبل ما تقولين".
تمسكت روث بالغطاء فوقها وقالت بحزم :
" أريد أن أرى باتريك لماذا لم يأت؟".
هز والدها رأسه مستعطفا:

"روث أذا كان لي عندك مودة أرجو أن تطيعيني".
فدنت اليه يائسة:
" لماذا تطلب مني هذا , لماذا؟".
" لنني أعتقد بأنك أخطأت بزواجك من باتريك , وأذا جئت معي الى أنكلترا سأبرهن لك ذلك".
هزت روث رأسها نافية:
منتديات ليلاس
" رجائي عندك يا والدي , دعني أرى باتريك الآن , أريده أن يأتي حالا".
أنحنى والدها وقبّلها , وكانت نظراته تنم عن فشله في أقناعها بترك باتريك ثم خرج من الغرفة بدون أن ينبس بكلمة , أما روث فتمددت في فراشها وأخذت تنظر قدوم باتريك , حل الظلام ولم تسمع عن باتريك ولم يأت لزيارتها.