ومضت دقيقة من الصمت الرهيب لم ينبس أحدهما بعدها ببنت شفة.
ذهل باتريك للخبر وكأنه لم يصدق ما تسمع أذناه , ثم أخذ يتأملها وكأنه يبحث على علامة تدل على ما قالت فسألها:
" هل أنت متأكدة من ذلك؟".

" بالطبع , أنني متأكدة ولو أنني غير متأكدة لما أعلمتك بذلك".
"ولكن , هكذا بسرعة".منتديات ليلاس

" لقد عملت الفحوصات اللازمة وكانت النتيجة أنني حامل , هل ترغب في رؤية أوراق الفحص".
غامرت روث في سؤالها حتى أنها أحست بقلبها يخفق من شدة الخوف , ماذا لو أجاب بالأيجاب , ولكن باتريك قال:
" يا ألهي , ما هذا الخبر , لا لا أريد أن أرى الأوراق!".

سألته روث:
" هل أنت غاضب؟".
" غاضب؟ كيف لي أن أكون غاضبا , ولكن لا أدري معنى مشاعري الآن , يا ألهي أليك ألتجىء!".
" هل أحضر لك شيئا تشربه؟".

" نعم , أريد شيئا باردا يرطب جوفي".
تهالك جالسا على أقرب كرسي , وكان الكرسي من النوع الهزاز , فأخذ يهزه الى الأمام تارة ثم الى الخلف وهو لا يزال مذهولا من هول المفاجأة ويصيح:

" يا ألهي , ما هذه المصيبة؟".
أحضرت له روث كأسا من عصير العنب المثلج وناولته أياها , فأمسك بيدها يعتصرها وسألها:
" هل أنت متأكدة أنني والد ذلك الطفل؟".

سحبت روث يدها من قبضته وأجابته بغضب:
" يا له من سؤال قذر!".
" لماذا غضبت؟ أليس هذا ما يحدث في لندن؟".
منتديات ليلاس

" ربما هذا صحيح , ولكن لا يحصل معي فأنا لا أمزح مع أحد!".
راق له جوابها , وأخذ ينظر اليها متفحصا وجهها ثم قال بخبث:
" حسنا , أنا أعتذر لسؤالي".
منتديات ليلاس
جلست روث مسندة ظهرها , وقد شعرت بالأستياء من سؤاله , وفكرت لو أنها كانت في الحقيقة حامل وكان هذا رد فعله نحوها فماذا كانتتفعل عندئذ؟ ثم أدارت وجهها له وقالت:
" هل عرفت الآن لماذا سألتك المجيء الى هنا؟".

أكمل باتريك كأس العصير ووضعه على الطاولة جانبا ثم قال:
" أعتقد أنك قلت بأن والدك لا يعلم بهذا الموضوع؟".
" بالتأكيد , أنه لا يعلم".

" أذن لماذا حضر هنا يعرض علي صفقة سخيفة لأتركك وشأنك".
" لأنني أخبرته بأنني أرغب في الزواج منك".
صاح باتريك مستفسرا:
" ماذا قلت له؟ ولماذا؟".منتديات ليلاس

" أخبرته بأنني أحبك".
حاول باتريك أن يستوعب ما قالته روث بهدوء ثم سألها:
" وماذا سيفعل لو علم أنك حامل؟".
" لا أنوي أعلامه بهذا".

" لا , لا يمكنك أخفاء الأمر عنه".
" لن أخبره ألا أذا كنت مستعدا أن.... أن......".
" أن أصلح غلطتي , هل هذا ما تقصدين؟ بالطبع هذا أبتزاز بطريقة لطيفة".
أستشاطت روث غضبا وقالت بأعلى صوتها:

" لا , أنا لا أبتزك , كيف تكلمني بهذا البرود؟".
وفجأة أحس باتريك كم كان قاسيا , وشعر بالذنب لمعاملته لها , فوقف وأتجه نحوها وأخذ يعتذر.
" أرجو ألا تظني بي سوءا , هدئي من روعك , لم أقصد أغضابك , الخبر المفاجىء الرهيب أفقدني صوابي , يا ألهي أنك تحملين طفلي , أرجو المعذرة مرة أخرى لزجك في هذا الموقف الصعب ومن الأفضل أن تخبري والدك".

" لا , لا أستطيع أن أخبره".
فأجابها باتريك بحزم:
" أنا أريدك أن تخبريه ,فستكونين وحدك هنا عندما يولد الطفل , وأود منك أن تخبري والدك ليكون بجانبك ريثما أعود.........".
" ماذا تعني؟".
منتديات ليلاس

" روث , أرجو أن تصغي أليّ , مهما كانت علاقتنا التي لم نحددها بعد , لا أستطيع أن أعيش عالة على والدك........".
" لا أحد يطلب منك.....".
" أرجوك أن تفهميني , العرض الذي قدمه لي والدك لا يهمني , وهذا الموقف لم يغيّر رأيي لأعود وأعمل في أنكلترا , عملي في فنزويللا وأنا أنوي العودة الى عملي هناك".
منتديات ليلاس
" أنني أعلم هذا و........".
" أرجوك أن تسمعيني , أعلم أنك حامل , وأنا مستعد أن أتحمل كل المسؤولية حيالك , وسوف أرتب كل الترتيبات اللازمة لزواجنا , أذا كان هذا ما تريدين , ولكنني سأعود وحدي الى فنزويللا , هل هذا مفهوم؟".
" لا , أذا تزوجتك فسأعيش حيثما تعيش أنت."

" في فنزويللا ؟ أرجو أن تفهمي شيئا آخر, كونك زوجتي يختلف تماما عن كونك أبنة السيد جوزيف فاريل المدللة , وأن تكوني زوجتي في بورتوريكو ... في الحقيقة شيء غير ممكن أما وأن تلدي هناك فالمصيبة أعظم , أرجوك يا روث حاولي أن تفهمي".

" وماذا عليّ أن أفعل ؟ أن أتزوجك وأبقى في أنكلترا؟".
" نعم".
" وأن أراك مرة كل خمس سنوات؟".منتديات ليلاس

" بالطبع لا ,سأراك كل ستة أشهر أعتدت على أخذ أجازة كل ستة أشهر أقضيها بالتجول في أنجاء أميركا الجنوبية أما في هذه الظروف فسأعود الى هنا".
شعرت روث بخيبة الأمل وكأن سهما أصابها فقالت:

"شيء جميل , لا أقبل هذه الطريقة , لن تستطيع أجباري على البقاء هنا".
نفذ صبر باتريك وهو يحاول أقناعها بوجهة نظره :

" روث , أرجو أن تكوني عاقلة ! أنك أمرأة لم تعتادي العمل في حياتك والحياة في أميركا الجنوبية صعبة وقاسية لأية أمرأة , فما بالك بفتاة مثلك , ستكون بالنسبة اليك الجحيم بعينه".
يبدو أنه من الصعب أن تربح مع باتريك ألا أذا....
منتديات ليلاس

" أذا لم تأخذني معك الى فنزويللا فلن أتزوجك".
" لست جادة , أليس كذلك؟".

" بل جادة كل الجد".
وأحست بأنها تملك أوراقا رابحة أذ ما من رجل شهم يرضى أن يولد له أبن غير شرعي , وأحست بأن باتريك كان قلقا:
" هل تعتقدين أن والدك سيوافقك على ذلك؟".
منتديات ليلاس
" والدي سيساندني".
وتمنت روث ألا يعلم والدها بالأمر حاليا , لأنه لا يوافق على سفرها الى فنزويللا , ولكن باتريك لا يعلم بهذا ولذلك عندما أصرّت روث على رأيها شعر بالضيق وقال لها غاضبا:
" تعودت أن تحصلي على كل ما تريدين".
" ليست هذه الحالة بالضرورة".

" هل تعتقدين أن والدك يوافق على سفرك الى فنزويللا أذا عرف بأنك حامل؟".
" لا , ولهذا لا أود أن أعلمه عن الحمل".
" سأعلمه أنا!"..منتديات ليلاس

" أذا أخبرته فلن أتزوجك".
شعر باتريك بالعجز أمام تصميم روث فقال بأستسلام:
" حسنا , لن أحاول أقناعك بالبقاء في لندن ولكنني لست ملوما على ما ستلاقينه هناك من العذاب ألا ما يمليه عليّ ضميري".

صاحت روث بفرح:
" هل تعني أن بأستطاعتي السفر معك الى غنزويللا؟".
أحنى باتريك رأسه مفكرا للحظة ثم قال:

" ربما ليس معي بالضبط فهناك ترتيبات يجب علي أن أنهيها قبل سفرك كالتلقيح ضد الأمراض وغيرها , وربما هذه الأجراءات تستغرق أسبوعين على الأقل وبالطبع سوف تكون مراسيم العرس هي محط أهتمامنا الأول".
" بالطبع أنني أود أن يتم الزواج في الكنيسة".

" ولكن الزواج في الكنيسة يحتاج الى وقت أكثر لأتمام الترتيبات اللازمة".
" مهما كلفنا الأمر يجب أن يتم الزواج في الكنيسة , فأنا لا أقتنع بمراسم الزواج المدني وربما والدي يشك في الأمر أذاكان زواجنا مدنيا".
" سيعرف والدك بالأمر عاجلا أم آجلا".
منتديات ليلاس

" ولكن هناك الكثير من الناس ينجبون حالا بعد الزواج".
وأحمر وجه روث خجلا لذلك ولكن باتريك علق قائلا:
" في فنزويللا ؟ سيظنون أننا مجانين".
" أرجوك , لا تعد القصة من البداية".
.منتديات ليلاس
وقف باتريك وأخذ يذرع الغرفة جيئة وذهابا ثم أجابها:
" حسنا , ولكنني أعجب كيف يستطيع الناس أن يحييوا حياة طبيعية تحت هذه الظروف".
" الناس مهيأون لقبول التطور الطبيعي للعلاقة بين أنسانين من عاشقين الى والدين".

"وهل أفهم منك أنك ترحبين بهذا الموقف؟".
شعرت روث بتجمد أعضائها ثم أجابته:
"ماذا تعني يا باتريك , هل تعني أنك لم ترغب في الزواج مني تحت أي ظرف لو ما حصل....".

فزع باتريك من لهجة اليأس في حديث رو ,وقال لها برقة:
"لماذا لا تفهمين قصدي بعد يا روث , لم أقل هذا ألا لصالحك , فأنا أشعر بأن مجيئك الى فنزويللا هو أنانية مني".
أصيبت روث بالعجز أمام لهجة باتريك وقد عبّر عنها بكل صدق وحرارة.منتديات ليلاس

" لقد عجزت عن مقاومة مشاعري نحوك منذ أن رأيتك في بيت جيمس".
" ولكنك كنت قاسيا جدا في معاملتك لي حتى في ذاك اليوم".
" أعرف ذلك , قررت أن أقاوم خطط ماريون لتزويجي , وعندما عرفت من تكونين فكرت يومها أنه مهما كان مدى أعجابك بي فلن يتعدى الأعجاب........".

"لماذا؟".
" لا تسأليني لماذا ,فأنت أدرى بالجواب , لم أحلم في حياتي بأن والدك ممكن أن يقبل بي زوجا لأبنته ,عدا أن مركز عملي في أحد بلاد العالم غير المتطور ,حيث أعتقدت أنني لا يمكن أن أجد فتاة تقبل الزواج بي وتعيش معي هناك , وبالتأكيد لم أحلم بأن أبنة فاريل تقبل هذا الوضع , ولذلك قررت أن أبتعد عن طريقك ولكنني فشلت".

" فكرت أنك تكرهني".
" ليتني أستطيع ذلك".
" هل تحبني حقا؟".

" روث , يجب أن أحذرك , أذا قبلت الزولج بي فتأكدي بأنه ليس هناك رجعة , حتى لو أنك لم تحتملي الحياة في غنزويللا , فلست متأكدا بأنني سأتركك تذهبن , ولا أشعر بأنني سأتركك حتى منذ اليوم".
ونظر باتريك الى بطنها بحنان ,وقد سرت موجة من المشاعر في كيان روث وأحمرت وجنتاها ثم قالت:
" لا تتكلم هكذا !".

" ولكن يجب علينا التفاهم على هذه الأمور منذ الآن , فأنت تحملين طفلي ,وعلى وشك أن تصبحي زوجتي , وأرغب أن أبين وجهة نظري بأنني لا أجد الطلاق حلا للعلاقات غير المتكافئة".
" لماذا تناقشني بهذه الأشياء؟".
منتديات ليلاس

" لأنني خائف أن تعتقدي بأن هذا الزواج مغامرة تحمست لها لأنك تحملين أبني , عشت ورأيت أن من يرتبط بسهولة من الممكن أن ينفك بسهولة , ولكن هذا لا ينطبق على علاقتنا , وليكن في علمك بأن زواجنا معاهدة مدتها العمر كله".

أصيبت روث بتجمد وهي تستمع اليه ,لقد هوّل الأمر وجعله يظهر وكأنه عقد عمل بلا عواطف , أين عواطفه ؟ وماذا يشعر حيالها؟ بلعت ريقها وقالت:
" وماذا عنك بماذا تشعر؟".
منتديات ليلاس
" ببساطة , أنك ستصبحين زوجتي , وأم أبني , وأ‘دك بأن أفعل كل ما بوسعي لأسعادك".
ردت روث لو صرخت لتسأل باتريك هل تحبني , أذا كانت هذه مشاعرك وتصرفاتك , وأنت تعرف أنني سأصبح زوجتك وأحمل طفلك , ماذا لو يكتشف الحقيقة بأنني غير حامل ,هل سيصدق بأنني أخطأت الحساب؟ أو أنه سيغفر لي ما فعلت من أجله؟

أو أنه سيظن أنها مؤامرة لأجبره على الزواج؟ أخذت روث ترتجف , لم تفكر بأن في أستطاعتها أن تفعل هذا , ومن أعماقها شعرت بأنه أحبها , كل تصرفاته تشير الى حبه لها لو أن الأمور سارت كما يرام , وعاشا بسلام ومحبة فلن تخيب ظنه فيها أبدا.......