" لا , ليس تماما".
عبس والدها وقال مستفسرا:
" ما المشكلة أذن هل هو متزوج؟".منتديات ليلاس

" لا , لا أنه غير متزوج".
أجابها والدها وقد نفذ صبره:
" أذن ما هي المشكلة؟".

" أنه لا يرغب بالزواج مني".
" ماذا قلت , لا يرغب بالزواج منك ,لماذا؟".

" يقول أنه غير مستعد لمرافقة زوجة بيضاء الى فنزويللا حيث المناخ لا يطاق , وفي أي حال أنه يفكر بأنني فتاة مدللة لا يستطيع أن يؤمن لي مسوى المعيشة الذي تعودته".
" هذا جائز".

" لا , هذا غير صحيح, فأنا لست مصنوعة من الزبدة لأذوب في الحرارة , ولست جاهلة لأقارن الحياة في فنزويللا بمستوى الحياة في أنكلترا!".
ونفث والدها غليونه وقال:
" لا بد أن هذه هي حكمة العمر".

" بابا , أنني أحبه , لم أشعر بمثل هذا الشعور من قبل , وأنا مستعدة أن أسكن حتى في الغابات الأستوائية أذ أضطررنا لذلك ما دمت معه".
" وماذا عن مشاعره نحوك؟ بغض النظر عن رفضه الزواج بك؟".
منتديات ليلاس

" ماذا تعني".
" أعني أنه لم يقل الحقيقة , ربما يتوقع أن أعرض عليه مشروع عمل ليعود الى أنكلترا".
أجابت روث بغضب:
منتديات ليلاس
" بابا , باتريك ليس من هذا النوع".
" كيف؟ ولم تجيبي على سؤالي بعد؟".
" لا أستطيع الأجابة ,لا أدري".

" ببساطة , هل يحبك أم لا؟".
" أنه معجب بي لا شك".
وأجابها والدها متنهدا :

" هه , هل هذا كل شيء , أنه لشيء عظيم".
" آه , بابا".

ولم تحتمل روث أن تحتفظ لنفسها بما حصل يوم حضر باتريك اليها في البيت زنام هناك وأخبرته كيف كان رد فعله في الصباح وماذا قال لها قبل أن يترك البيت , وعندما أنتهت روث من كلامها , خيّم الصمت عليهما حتى قطعه صوت عودالكبريت ليشعل والدها غليونه وبينما ظنت أنه غاضب أجابها بهدوء:
منتديات ليلاس

" حسنا , روث هناك طريقتان لحل هذه المشكلة".
هزت روث رأسها موافقة لتصغي اليه يشرح حله ولكنه أستمر يدخن غليونه بصمت , ثم همهمت روث:
" نعم , أنني مصغية اليك , ماذا بأمكاني أن أفعل".منتديات ليلاس

" أما أن تنسيه نهائيا وكأنه لم يمر في حياتك , أو أن تقنعيه بالزواج".
" هل سترضى عن زواجي منه".
" أوافق بناء على شروط".

" ما هي هذه الشروط ؟".
" أن يسمح لي بأن أقدم مشروع أبحاث في أي بلد يختاره هو مقابل أن يخلي سبيلك".
" بابا , كيف تطلب منه أن يخلي سبيلي وهو يرفض الزواج بي".

" دعيني أكون صريحا معك يا بنيتي , أعجبني باتريك جدا ولولا سفري الى الولايات المتحدة لأجتمعت معه مرة أخرى ولا تنسي أن عملي ممتاز ويروق لي أن أموّل مشروع أبحاث من هذا النوع بكل سرور".
" ولكن هذا أبتزاز لعواطفه".

" أنها حيلة فقط لمعرفة أذا كان يحبك أم لا".
وبعد يومين عاد جوزيف الى لندن وترك روث في نيويورك , لقد كانت في دوامة من التفكير , لم تستطع أن تتوصل الى حل لمدة أربعة أيام حتى رجع والدها الى نيويورك , أستقبلته روث في المطار وعادا سوية الى المنزل , كانت روث متشوقة جدا لتعرف ماذا حصل مع والدها وباتريك فسألته:

" ماذا كان رده؟".
" لقد رفض".
أبتسمت روث برضى وقد لاح لها قبس من الأمل وسألت والدها ماذا قال له:

" قال لي أنه جدير بتطوير عمله وتطوير مشاريعه دون الأعتماد على أحد , وقد أنكر رغبته في الزواج منك وسألني من أين جاءت لي هذه الفكرة وقال أيضا أنه سيعود الى فنزويللا خلال أسبوعين ومن الجائز ألا يراك أبدا".
ذهب الأمل وأنقطع الرجاء لدى روث وهي تستمع الى والدها يحدثها عما قاله باتريك , ثم سألته وقد غاب صوتها من خيبة الأمل.
منتديات ليلاس
" هل هناك شيء آخر تقوله لي".
" أعتقد أن هذه ليست الحقيقة".
" لماذا تعتقد هذا وما هي الحقيقة؟".
" أن الكلام لا يدل أحيانا على ما في القلب من مشاعر".

وأرتجفت شفتاها متسائلة:
" ماذا تعني؟".
" أحيانا يقول الأنسان كلاما لا يعنيه , فمنظره لا يدل على ما صرّح به ,فقد ظهر لي أنه حزين كئيب وآثار التعب بادية حول عينيه من كثرة السهر , وقد شحب لونه لقلة الطعام , يبدو لي أنه يحبك فعلا".

" يا ألهي!".
تابع والدها حديثه:منتديات ليلاس

" هذا رأيي فقط عندما تحدثت اليه كان منصتا اليّ بشغف , وعندما عرضت عليه المشروع , رفضه بشدة بدون تفكير في النتائج , مما يبرهن لي أنه مهتم بك كثيرا , فلو لم يهتم فلماذا يضيع مثل هذه الفرصة التي ربما لن تتاح له مرة أخرى؟".
" قلت لك يا والدي أن باتريك رجل شريف".

" أعتقد أن هذا صحيح".
" وما العمل الآن؟ هل أخبرته أنني لم أنم معه؟".
" لا , لم أخبره , لماذا تريدينني أن أخبره؟".

" هل قلت أنه يبدو وكأنه لا ينام الليل؟".
" أنه حي يرزق أذا كان هذا يهمك , ولن يموت حبا بالرغم من آلام الفراق والبعاد , يا بنيتي العزيزة , لماذا لم تختاري واحدا من عشرات الرجال الذين يتمنون أن تتاح لهم فرصة مصاهرتنا , لماذا لم تختاري سوى هذا الأنسان الذي يرفض الزواج منك؟".

" صدقني يا والدي أنني سألت نفسي هذا السؤال مئات المرات , حتى تمنيت لو لم أذهب الى ويلتشاير ذاك الأسبوع عندما قابلته".
ولكن الشوق الذي ظهر في عينيها يروي قصة أخرى.
أنهمك والد روث ببعض الأعمال والمقابلات التي تراكمت أثناء مدة سفره الى لندن وفي المساء وبعد أن تناولا العشاء سوية قالتله روث:

" أفكر بالعودة الى لندن غدا".
" لماذا؟".
" بالطبع لرؤية باتريك".
" توقعت هذا , ولكن ماذا لو رفض أن يراك؟".

" هل تعتقد أنه يرفض؟".
لا , لا أعتقد هذا , ولكنني أفكر لماذا لا تحاولين نسياه , فهو جاد في أعتقاده بأنه من الجنون أن يأخذ زوجته الى فنزويللا وأنا أميل الى موافقته على ذلك".
" أذا أستطعت أن أقنعه بالزواج , لن تقف في طريقي أليس كذلك؟".

" لا يمكن أن أفعل هذا , ومع ذلك لا أكاد أرى أي أمل في أقناعه".
نهضت روث ومشت نحو النافذة محاولة أخفاء ما أعتراها من مشاعر:
" لا أدري , لا بد أن هناك طريقة وسأجدها".
منتديات ليلاس
نفض والدها غليونه وقال:
" حسنا , مهما كانت النتيجة , يجب أن تخبريني ماذا يحصل , فأنا أصر على حضور عرس أبنتي الوحيدة".
" حسنا , والآن هل لديك مانع أذا أتصلت بالمطار لأسألهم أذا كان هناك مقعد على الطائرة المسافرة الى لندن؟".

هبطت الطائرة قبل المساء في مطار هيثرو في لندن , فأستقلت روث سيارة تاكسي الى البيت حيث أستقبلتها السيدة لوسون وكانت سعيدة جدا لعودتها حتى أنها أصرت على روث لتعد لها وجبة العشاء , ولم تقتنع عندما أخبرتها روث بأنها تناولت بعض الطعام في الطائرة.

وفي المساء أتصلت بشقة باتريك , أقتنعت بفكرة الأمس حتى ملأت رأسها وحواسها ولم تفكر روث بكيفية تنفيذها بل كان كل همها تنفيذها بأقصى سرعة قبل أن تغير رأيها , أجاب باتريك على الهاتف وعندما سمعت صوته غاب صوتها ولم تجد الكلمات التي ستقولها له فحيّته :منتديات ليلاس

" ه.... هالو , كيف حالك؟".
" روث؟ هل أنت روث؟".
" نعم ,هذه أنا , هل سرك سماع صوتي؟".

" أعتقدت أنك في أميركا ,لأن والدك.....".
" بالفعل كنت في أميركا لقد عدت لتوي من هناك".
" هل هذا صحيح؟".

" هل أنت مشغول؟".
" مشغول؟ لا أعتقد ذلك , ولكنني كنت على وشك أن أعد بعض العجة".
" هل ستدعوني لعشاء أذن؟".

صمت قليلا ثم سألها:
"لماذا أتصلت بي يا روث؟ فكرت بعد أن تحدثت مع والدك...".
" مضت ثلاثة أسابيع منذ أن رأيتك آخر مرة".

" أعرف ذلك , فلم يبق لي سوى أسبوعين وأسافر ".
" أعتقد أن وقتك محدود لذلك أرغب في رؤيتك".
كانت روث عازمة بشدة على ما نوته.
منتديات ليلاس

"هل هناك فائدة من هذا اللقاء , أذ أننا في كل لقاء نسيء لبعضنا؟".
أجابت روث بعزم وتصميم:
" يجب أن أراك يا باتريك".
" لماذا؟".

" لا أستطيع أن أقول لك على الهاتف".
صمت مرة أخرى حتى أن روث فكرت أنه أعاد السماعة مكانها , ولكنه نطق أخيرا:
" حسنا سآتي اليك".
" أفضل أن آتي أنا اليك".
منتديات ليلاس
" لا".
تملكت روث الغيرة ,وأخذت تجرحها كالسكين , فقالت له:
" هل هناك أحد معك؟".
" بالطبع لا يوجد أحد".

" حسنا , فأنا بأنتظارك أذن , أترك العجة التي عملتها وسأطلب من السيدة لوسون أن تحضر لنا بعض الشطائر".
" شكرا , لا أريد أن آكل".منتديات ليلاس

سمعت روث صوت السماعة تعاد الى مكانها بسرعة , فوضعت سماعة الهاتف أيضا , ثم نهضت ونظرت الى نفسها , لا زالت ترتدي طقم الجلد البيج الذي كانت ترتديه في السفر , صعدت الدرج لتخلع السترة وترتدي كنزة من الصوف ثم تمشط شعرها وتصلح هندامها وماكياجها.

عندما وصل باتريك أدخلته وأعلمت السيدة لوسون بوجوده , ثم بدأت تستشف من نظراته لترى أذا كان سعيدا بلقائها.
كان والدها على حق عندما وصفه بالقلق عديم النوم والهدوء , ولكن هذا لم يقلل من وسامته وجاذبيته , كان شعره مصففا بترتيب , أما لونه فقد شحب قليلا من برودة طقس هذا البلد , جلسا في الصالة الصغيرة بصمت يواجه أحدهما الآخر .

لم تستطع روث أن تقرأ ما تخبئه العينان الرماديتان العميقتان , وبحركة تنم عن عصبية وقلق أومأت اليه بأن يلحقها الى الصالة العليا ,كما أحست أنها تقاوم لتستجمع شجاعتها.
في الصالة سألته روث:
منتديات ليلاس

" هل ترغب في خلع معطفك؟".
" هل سيطول بقائي ؟ هل هناك ضرورة لذلك؟ عندما أعلمني والدك بأنك سافرت أكدت لنفسي أنني لن أراك ثانية قبل سفري من أنكلترا ,وقد هيأت نفسي لهذا , لماذا أردت رؤيتي؟".

" أجلس أولا وبعد أن تتناول شيئا سأخبرك , ماذا تريد أن تشرب؟".
تعجبت روث كيف أنها كانت تتكلم بكل هدوء ,ثم سمعته يقول:

" لا أرغب في شري أي شيء , وأرجوك يا روث ,أن تخبريني لماذا طلبت مني المجيء الى هنا , فأنني غير مستعد للجلوس لتبادل أحاديث المجاملة , فلا طاقة لي عليها , أرجو أن تعجلي بما ستقولينه لي ودعيني أذهب ,ولكنني أحذرك أذا كان الموضوع يتعلق بما قاله لي والدك............".
منتديات ليلاس
" والدي لا يعلم بما سأقوله لك".
" لا يعلم عن ماذا قولي؟".
بللت روث شفتيها ثم قالت بتردد:
" أنا... أنا حامل".