كاتب الموضوع :
أحاااسيس مجنووونة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
سألها وهو يطيل النظر فى العنف الذى يفيض من وجهها : " أما زلت تنكرين الحقيقة ؟ ألا تشعرين بالندم ؟ ولا بالشفقة على ما حدث لى ؟
أجابت بصوت خفيض : " اننى أثق بالعدالة . "
قال بعنف : " وكذلك أنا ." وعاد يتأملها مرة أخرى مفكرا , وعيناه تجولان فى أوصالها المرتجفة .
وانفجرت باقتناع ناتج عن اليأس : " انها لن تصفح عنك ." وسرعان ما غمرها شعور بالعطف وهى ترى وجهه يزداد شحوبا والألم يزيد الخطوط التى تحيط بفمه , عمقا .
ولكن عليها أن تستمر فى ذلك , أن تتعمد القسوة , وذلك لأجل ديانا . وصرخت به وقد جعل القلق صوتها خشنا : " تعود على هذا الواقع . فهى ما أن تسمع اسمك , حتى تبدأ بالبكاء ثم لا تسكت قبل ساعات. انك لا تستطيع أن تتصور ذلك المشهد . يا ادوارد . "
قال بوحشية : " أيتها الماكرة الآثمة ."
قالت محتجة : " كلا . ان هذا كله صحيح . " كانت تكره ما عليها أن تقوله , ولكنها كانت تعلم من العزم الذى يبدو علي فمه المتوتر ، إنها مضطرة لذلك . فسعادة ديانا تأتى أولا ، وكل شخص آخر يأتى ثانيا . وعادت تتابع :
" إنك لم تسمعها قط تبكى وهى تصرخ بكراهيتها لك ، ومبلغ ما أنت عليه من قلة شرف وإثم وسفاله "
بدت كارولين شبه مجنونة وهى تتابع قائله :
" وبعد ـن تنفس غضبها ، تعود فتنطوى على نفسها مريضة مرهقة . وكذلك نحن . إن هذا شئ لا يطاق "
قال بصوت قد من فولاذ :
" يكفى ما قلته ، فقد أصبحت لدى صورة كاملة "
قالت ضارعة :
" أرجوك ، أرجوك ألا تصر على هذه الفكرة المجنونة فى أن تصلح الماضى . ليس لك أن تلومنى لرؤيتى موقفها أكثر وضوحا من موقفك . ثم إنها كانت بريئة ..... "
قاطعها قائلا بنظرات شاردة :
" نعم ، لقد كانت بريئة ، وتألمت ، ولهذا السبب .... "
ووقف قلبها لحظة عن الخفقان وهى تلحظ توعدا بالانتقام فى تلك العينين العنيفتين . ولكنه أرخى أهدابه قبل أن تتأكد من ذلك . ولكنها فكرت فى أنه لا يمكن أن يعتبرها مسؤولة عما حل بأمه من تعاسة .وانه بالرغم من كل تبجحاته ، كان من الذكاء بحيث يدرك ، وليس فقط يعترف ، بأن كل هذا ما هو إلا نتيجة أفعاله التى سلبته كل ما كان يحرص عليه .
وفكرت وهى تغالب دموعها ، فى أنه لا شك يتألم كثيرا . ولكنها ابتعلت الغصة التى كانت فى حلقها . عليها أن تتخذ القسوة معه ، فهو يجب ألا يواجه أمه . وعليها هى أن تمنعه من ذلك .
منتديات ليلاس
قالت :
" اننى أقدر ما كنت تتمناه من ان أمك قد قل غضبها عليك وأنك تسعى من كل قلبك إلى العودة للعيش معها ، ويمكننى تفهم مبلغ خيبة أملك . ولكن عليك ، أن ترحل عن هذه المدينة ، وأنا سأكتب إليك ، كل فترة عن أحوالها "
تمتم عابسا :
" أننى لا أثق بك ولا بدوافعك .من الواضح أن منزل أبى قد بيع . إننى أعلم أنه لم يكن بيتا فخما ، ولكن أبى بذل غاية جهده لكى يحوله إلى قصر بالنسبة إلى وإلى أمى . والآن ما أريد أن أعرفه هو ، أة خبث جعلك تقنعينها بتركه ، فى الوقت الذى كانت تعشق فيه حديقتها لتأتى إلى هنا حيث لا يوجد شئ ؟ "
ومال إلى الأمام وقد بدا العنف فى ملامحه وهو يتابع قائلا :
" ما هو مدى سيطرتك على شؤونها يا كارولين ؟ "
غاص قلبها وأجابت كارهة :
" من خلال المحامى وبموافقة أمك ..... قد منحنا ، أنا وجدى السيطرة التامة "
قال بإزدراء :
" ها قد وصلنا الآن إلى شئ ما ،أيتها الكلبة الطماعة .لقد استغللت امرأة حسنة وحيدة لكى تستولى على نقودها القليلة ، ثم ترغميها على العيش فى هذا الوضع المزرى "
قالت حانقة :
" إنه ليس وضعا مزريا فالشقة نظيفة ، ونقودها مودعة فى حساب لها بالمصرف ندفع منه نفقات الأطباء "
ترك كرسيه ، ثم أقبل عليها بخشونة وهو يقول ببطء :
" الأطباء ؟ ما الذى تشتكيه ؟ "
صعقت من الخوف ، ولكن كان عليها أن تخبره ، فقالت برفق :
" إننا جميعا نحتاج إلى نقود لتسديد أثمان العلاج الطبى ، يا إدوارد ، ألا تعلم ما الذى سببه سلوكك لأمك ؟ "
أجاب بمرارة :
" آه ، نعم ، لقد أخبرنى أبى بذلك بكل تفاصيله "
وسكت بينما كانت عيناه تتألقان كجوهرتين سوداوين . كان يتألم ، وقد أصيب كبرياؤه وغروره ، لقد كان ذلك واضحا على ملامحه المتحجرة . وتألمت هى أيضا لأجله . فقد اندفع إلى ذهنها كل ما كانت تحاول نسيانه ، ووجدت نفسها مرغمة على البوح بكل شئ ، وبكل قسوة ووحشية .
قالت وهى تتذكر شحوب وجه بيل تروتسكى الهائل ، والظل المرتسم أسفل عينيه ، والألم البادى على فمه المتكبر ... ثم الغضب ... الغضب الهائل ، قالت :
" كنت أظنه رفض رؤيتك "
قال بإختصار :
" لقد أرسل خبرا إلى محامى يخبرنى فيه أن لا أعود إلى البيت أبدا ، حيث أنهما قد تبرءا منى "
وأخذ يسوى من تجاعيد بنطاله عند الركبة وكأنها كانت أهم ما يشغل ذهنه . وشعرت كارولين بصدمة ، فقد كانت تعلم مقدار حبه لأبيه ، وعاد يقول :
" ولن أتمكن أبدا من تقبل فكرة أن أبى مات وهو يظن بى أسوأ الصفات"
قالت بصوت أجش :
" لقد كان رجلا ممتازا ، رجلا محترما وذا كبرياء "
قال :
" أما أنا فلم أكن كذلك "
قالت وهى ترتجف :
" ليس بعد أن ..... ليس بعد ذلك اليوم . كلا "
وعادت بذاكرتها إلى بيل تروتسكى والسرور الذى كان يضئ وجهه كلما كان ادوارد قريبا منه . وكيف كان الاثنان ، الأب والابن ، يذهبان لنزهات طويلة سيرا على الأقدام أو يستقلان قاربا صغيرا يجتازان به نهر لواسكس إلى منطقة المستنقعات حيث يجلسان ساعات يتحدثان .
وضرب ادوارد بقبضته المنضدة ،ما جعل الفنجانين يهتزان بقوة وهو يقول :
" كم من الأبرياء وقعوا ضحية ما حدث "
فأجابت وقد توترت ملامحها :
" إننى مسرورة إذ تركت هذا "
وتفجرت الدموع من عينيها . لقد مس عنفه وأنانيته حياة الكثيرون ودمرا العديد من الأشخاص .
قال :
" اننى اعتبرك مسؤولة عن كثير مما حدث "
قالت :
" ماذا ؟ أتلومنى ؟ "
قال :
" عندما رفضت أن تصدقينى ، تلاشت كل الشكوك التى كانت تحوم حول تحميلى ذنب ما حدث .لقدشهد عدة أشخاص بأنهم سمعوا صوت صفق باب السيارة وكأننى خرجت من السيارة ، كما قلت أنا تاركا جوليا وحدها لتقود السيارة ، ولكن شهادتك بأنك رأيتنى ..... "
قالت :
" لقد رأيتك فعلا "
وتملكتها التعاسة وهى تتمنى لو لم تكن رأته . او لو أنها كانت فى مكان آخر . فى أى مكان . ولكن سماعها ذلك الاصطدام المريع ورؤيتها ذلك المنظر الهائل .....
قال متوترا :
" لقد كنت سمعت شيئا ، ولكنك أخطأت تفسيره . أنت ، أنت وحدك كان بإمكانك أن توقفى ذلك المد من الكراهية والهستيريا .... لو أنك جئت إلى لتتحدثى معى عندما خرجت من السجن بكفالة . أنت بنزاهتك الحكيمة وحس العدالة الذى تتمتعين به . ولكن عندما انحزت إلى جوليا . إنحاز الجميع معك حتى أنهم ظنوا أنهم كانوا مخطئين بالنسبة إلى سماعهم صوت إنصفاق باب السيارة .كانت القضية بحاجة إلى شاهد واحد يا كارولين وسأثبت براءتى إذا أسعفنى الحظ . نعم ، إننى ألومك أنت "
|