كاتب الموضوع :
نيو فراولة
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
7- سأقتلعك من الجذور
كان بأمكانها الرد عليه بقسوة جارحة , ولكنها سيطرت على أعصابها أنقاذا لماء الوجه . فما من معركة تخوضها ضد أندريه كونورز , ألا وتنتهي بفوزه ... وخسارتها . مهما بلغت حدة جوابها , فلن تكون كلماتها كافية لمواجهة تلك الملاحظات الشريرة الاخيرة . فضلت الرد على تعليقه الخبيث بالأحتقار الصامت الذي يستحقه .
أنها في الوقت الحاضر رهينة هذا الرجل الفظ , والذي يبدو من تصرفاته القاسية المتعجرفة أنه لا يعرف معنى المدنية المتحضرة. ستبوء جميع محاولات التصدي له بالفشل الذريع , لأنه سيقتلعها من جذورها كما تفعل الرياح العاتية مع شجيرة صغيرة ضعيفة . لم يعد أمامها الآن الا أن تأمل في عودة جون المبكرة , كي تتمكن من نسيان هذا الكابوس المزعج وتبدأ في التأقلم مع حياتها بهدوء وسكينه .
الصمت التام ! يا له من دواء ناجح في مثل هذه الحالات المزعجة ! لم يقل لها أندريه شيئا عن المسافه التي تفصلهما عن مزرعته , ولا هي سألته . ماذا ينفع السؤال , عندما يكون الأنسان مجبرا على أطاعة الأوامر دونما أعتراض أو مناقشة . أنها الأن بين يديه ..... بالمعنى المجازي فقط . ولكنها لن تسمح له أبدا بعد اليوم بأي شيء اخر . ستقف له بالمرصاد , حتى ولو كلفتها المقاومة الضارية حياتها ... ومهما طالبت عواطفها بالاستسلام له !
ركزت نظراتها وأهتمامها على المناظر الطبيعية الخلابة , فأنستها بعض أحزانها وجعلتها تفهم ألى حد كبير هذا الجمال الساحر الذي جذب جون الى منطقة كحوض التماسيح .أنه ليس جمالا عاديا بالمعنى التقليدي , أو كما يظهر في البطاقات السياحية الملونه , ولكنه وحشي مثير يسلب العقل ويفعم الخيال والنفس بالحيوية والبهجة .هذه هي أدغال أفريقيا كما كانت منذ مئات السنين , وقبل أقتحام المدنية لمعاقلها وأسوارها . لا حياة هنا ألا للقوي القادر ... أنها معركة البقاء !
منتدى ليلاس
تعهدت سالي لنفسها بأنها ستكون من الأقوياء . وستثبت لأندريه أنه مخطئ تماما في أعتبارها فتاة ضعيفة مدللة .ولكنها تساءلت بأنفعال شديد عن سبب هذه الرغبة الجامحة , طالما أنها تريد طرده من حياتها وأفكارها ... وطالما أنها تحتقره وتزدريه ! ألم تعد قادرة على التفكير بهدوء وروية , وبأمور لاعلاقة لها أطلاقا بهذا الرجل اللعين ؟
تحولت الشاحنة ألى الطريق العام , فشعرت سالي أنها تدخل عالما آخر . عادت مناظر الحقول والبساتين , وغابات الاشجار المخصصه لصناعة الاخشاب .لاشك في أنهما أصبحا الآن على مقربة من منزل أندريه , ومكان عمله . لم يقل لها شيئا عندما أنعطف عن الطريق الرئيسية الى أخرى ترابية . وتؤدي ألى بوابة حديدية ضخمة تحمل الأسم الجميل ... أرض الصنوبر .
تأملته سالي وهو ينزل من الشاحنة ويفتح البوابة على مصراعيها , فتأكد لها عندئذ بوضوح تام انه يعمل في مجالي التشجير وصناعة الاخشاب . تأملت طريقة مشيته القوية , التي توحي بثقة كبيرة في النفس ,وبقدرة فائقة على تحمل الصعاب ومجابهة الأخطار.
أدخل الشاحنة ألى أرض الصنوبر , ثم أقفل البوابة الكبيرة وتابع طريقة نحو المنزل ..... دونما أي تعليق أو كلمة , أحست سالي برغبة قوية لتوجيه عدد كبير من الاسئلة , ولكن عزة نفسها منعتها من ذلك ... مع أنها لم تمنعها من مراقبة هذه المنطقة التي تضج بالنشاط والحركة .
هنا شاحنات مختلفة الأحجام والأوزان محملة بكميات ضخمة من جذوع الاشجار , وهنامجموعة من الحطابين والحمالين يشربون الشاي . وهنالك كلاب حراسة تقوم بدوريات منتظمة للمحافظة على المنطقة والمقيمين فيها . ولاحظت سالي كيف يلوح الرجال بأيديهم ويرفعون قبعاتهم تحية وأحتراما ... للسيد كونورز .أتضح لها أن تلك الابتسامات العريضة التي ترحب بوصوله , أن أندريه رجل يعرف كيف يجمع بين المقدرة والأنصاف .... وكيف يمسك بزمام الأمور بطريقة تضمن له نتائج باهرة , وطاعة عمياء مبنية على المحبة وليس على الخوف .
تساءلت مرة أخرى عما أذا كان بأمكان النساء أيضا التمتع بأطاعة أوامره . شأنهن في ذلك شأن الرجال ! ربما .... ولكنها لن تكون أحداهن ! لن تعيش مرتاحه على الأطلاق , أذا أضطرتها ظروف معينة للعمل بموجب أوامره أو تعليماته ! ما بالها تعود الى التفكير به وبأوامره !
فلديها جون الذي تعرف أن حياتها معه ستكون سهله وهادئة ومفعمة بالحب والحنان ... تماما كما كانت عليه منذ ايام الطفولة .
|